أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

تقرير: هل يستغل الأسد تضامن الدول العربية للتطبيع معها؟

تلقى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربيّة منذ وقوع الزلزال المدمّر، في تضامن قد يجد فيه “فرصة” لتسريع عملية تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي.

وفي حديث لوكالة “فرانس برس”، قال الباحث في معهد “نيولاينز”، نيك هيراس، إن “المأساة المروعة التي عصفت بسورية وتركيا هي فرصة واضحة للأسد من أجل محاولة دفع عملية تطبيع نظامه مع بقية العالم العربي، والتي إن كانت تسير ببطء لكنّها تتقدم”.

لكن الأزمة الإنسانية، وفق هيراس، “لن تبرأ نظامه”. وسارع قادة وملوك دول عربية عدة إلى التواصل مع الأسد وإبداء تضامنهم مع محنة الشعب السوري الذي أنهكته سنوات الحرب الطويلة، قبل أن تحط طائرات المساعدات تباعًا في مطارات دمشق وحلب واللاذقية.

وإلى جانب حلفائه التقليديين، روسيا وإيران، تلقى الأسد، الثلاثاء، اتصالاً من نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، أكد فيه “تضامن” بلاده واستعدادها “لتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة”.

وهذا الاتصال هو الأول من نوعه بين الأسد والسيسي منذ تولي الأخير السلطة في مصر العام 2014، رغم محافظة البلدين على علاقات أمنية وتمثيل دبلوماسي محدود.

وتلقى الأسد كذلك اتصالًا من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقد.

وقد استأنفت البحرين علاقاتها مع دمشق العام 2018، بعد خطوة مماثلة من الإمارات التي تقود جهود الإغاثة الإقليمية إلى سورية، وتعد بتقديم مساعدات لا تقلّ عن مئة مليون دولار.

كما نقل وفد وزاري لبناني مكلف من رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، إلى الأسد، استعداد لبنان لفتح مطاراته وموانئه لاستقبال مساعدات ترد إلى سورية من أيّ دولة أو جهة.

ويعد هذا أول وفد وزاري رسمي يزور دمشق خلال سنوات الحرب، رغم توجه وزراء إليها بمبادرات شخصية سابقًا، بعدما كانت الحكومات المتعاقبة قد اتبعت سياسة “النأي بالنفس” عن النزاع في سورية.

من جانبها، تعهّدت السعودية التي قطعت علاقاتها مع نظام الأسد في العام 2012، وقدمت دعمًا بارزًا للمعارضة في مراحل النزاع الأولى، تقديم مساعدات إلى مناطق متضررة تتضمن مناطق تحت سيطرة النظام.

وبدأت قطر تقديم مساعدات تشمل البلدين المنكوبين. ويرى هيراس أن لدى الأسد “فرصة كبيرة لمحاولة تحويل هذه المأساة إلى قناة واضحة ومفتوحة أمام مشاركة دبلوماسية مستدامة”.

في المقابل، يقلل باحثين آخرون من أهمية تداعيات التضامن الحاصل مع سورية، على المستوى السياسي.

ويقول الباحث في مركز “سنتشري إنترناشونال”، آرون لوند، “إنها رسائل روتينية سيقدّمها هؤلاء القادة لأي رئيس دولة بعد حصول كارثة طبيعية كبرى”.

ويضيف أنه “علينا أن ننتظر ونرى؛ هل سيكون هناك المزيد من هذه الاتصالات وهل ستستمر إلى ما بعد الأزمة الحالية؟”.

لكن ذلك لا يحول دون أن “يحاول الأسد أن يستغلّ اللحظة”، خصوصًا أن الكارثة قد تقلّص المساحة بين النظام في دمشق، وبين الدول المترددة في تطبيع علاقاتها معها.

ويرى لوند أن المأساة قد تعزّز خصوصا العلاقات بين دمشق وأنقرة، الداعمة الرئيسية للمعارضة، بعدما برزت خلال الأشهر القليلة الماضية مؤشرات تقارب بينهما. ويقول: “يتشارك البلدان حاليًا مشكلة تتخطى الحدود والخلافات السياسية”.

وبعيدًا عن العالم العربي، يبدو أن جهود النظام في سورية لفكّ عزلته على الساحة الدولية تصطدم بحائط مسدود.

ودرجت دمشق على توصيف النزاع الدامي التي تولد عن قمعه لثورة عام 2011 ويقترب من بدء عامه الثاني عشر، بوصفه “مؤامرة” غربية للإطاحة بنظام الأسد، الذي بدوره يلقي باللوم في الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها بلاده على العقوبات الغربية.

وتفرض دول غربية على رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عقوبات اقتصادية صارمة على سورية.

 

لكن سفير النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بسام الصباغ، أكد استعداد بلاده للعمل “مع كل من يرغب بتقديم المساعدة للسوريين”، غداة إعلان وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، “تقديم كل التسهيلات المطلوبة للمنظمات الأممية في سبيل تقديم المساعدات الإنسانية” إلى بلاده في أعقاب الزلزال الذي يفوق قدرة النظام على احتوائه.

وطالب رئيس منظمة “الهلال الأحمر” السوري، خالد حبوباتي، من دمشق، دول الاتحاد الأوروبي، رفع العقوبات عن بلاده. وناشد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن تقدّم في ظل “الوضع الصعب الذي نعيشه (…) مساعدات إلى الشعب السوري”.

وتقدّمت النظام السوري رسميًا، بطلب مساعدة من الاتحاد الأوروبي، وفق ما أعلن المفوض الأوروبي، يانيز ليناركيتش، الأربعاء.

وقال إن المفوضية الأوروبية “تشجّع” الدول الأعضاء على الاستجابة لطلب دمشق للحصول على معدات طبية وأغذية، مع المراقبة للتأكد من أن أي مساعدات “لن يتم استخدامها لأغراض أخرى” من قبل حكومة النظام الخاضعة للعقوبات.

من جهتها، أكدت الولايات المتحدة، الثلاثاء، أنها تعمل مع منظمات غير حكومية محلية في سورية لمساعدة ضحايا الزلزال.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، للصحافيين، “نحن مصممون على تقديم هذه المساعدة من أجل مساعدة الشعب السوري على تجاوز هذه المحنة”.

وشدد على أن “هذه الأموال ستذهب بالطبع إلى الشعب السوري وليس إلى النظام” في دمشق.

أما فرنسا، فقد أعلنت اليوم، الخميس، تقديم مساعدات طارئة لعموم المناطق السورية، مؤكدة أن ذلك لن يغيّر “نهجها السياسي” تجاه نظام بشار الأسد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى