أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

نقاط ساخنة

ساهر غزاوي

جغرافيا، فإن نقاط الأحداث الساخنة تتوزع على طول خريطة بلادنا وعرضها ومن شمالها إلى مركزها وجنوبها، وحقيقة فإن هذه الأحداث المزدحمة تضعنا أمام أسئلة صعبة بحاجة لإجابات وحلول واقعية وموضوعية، لا سيّما ونحن نعيش في مرحلة بالغة الأهمية تضعنا أمام تحديات راهنة ومستقبلية. وليس من المبالغة بشيء إذا قلنا إن هذه الأسئلة صعبة جدًا، لكن في الوقت نفسه، فإنه من غير المستحيل أن لا تكون لهذه الأسئلة إجابات وحلول وحتى لو أن تكون إجابات وحلول جزئية ومرحلية ممكنة وغير منفصلة عن الواقع.

ينشغل مجتمعنا الفلسطيني في الداخل في هذه الأحداث الساخنة المتوزعة على الكثير من المناطق الجغرافية في بلادنا، ويُعذر على انشغاله، في مقتل الصحفي نضال اغبارية ابن مدينة أم الفحم على يد العصابات الإجرامية، الذي شكل مقتله حالة من الصدمة والحزن والأسى، خاصة وأنه رحمه الله تعالى لم يتسبب لأحد بأذى، وحقيقة وليست من المبالغة بشيء، أن الكل يشهد له بذلك ولم يُعرف عنه إلا كل خير وكل صدق. ليكون المغدور نضال مع 72 أخرين من أبناء مجتمعنا هم ضحايا جرائم القتل في البلدات العربية، منذ مطلع العام الجاري ولغاية الآن. مع أهمية الإشارة في مكان، أن معظم جرائم وحالات القتل في المجتمع العربي يتحكم في خيوطها جهاز الشاباك الإسرائيلي، كما صرح بذلك مسؤول كبير في الشرطة.

وينشغل قسم من مجتمعنا في الاستنكار وفي إبداء المواقف وردود الأفعال الغاضبة على إقامة حفل غنائي صاخب في مسجد بئر السبع، ويُعذر على انشغاله، لأن هذا الحفل أقيم تحت رعاية بلدية بئر السبع بالتعاون مع شركة إسرائيلية متخصصة في تنظيم الحفلات، حيث تخلل هذا الحفل الغنائي الصاخب الرقص والغناء وشرب الخمور وغير ذلك من التصرفات المشينة والفاضحة التي لا تليق أن تكون في مكان من المفترض أن تُصان حرمته وقدسيته لا أن تنتهك وتطمس معالمه وهويته الإسلامية!!

وليس بعيدًا عن مسجد بئر السبع، فإن المؤسسة الإسرائيلية لا تزال تواصل التضييق على الفلسطينيين في النقب، ولا تزال المؤسسة الإسرائيلية تنفذ حملات مداهمة تستهدف مصادرة الأراضي وتجريف المحاصيل الزراعية وهدم المنازل كما تهدم مساكن ومنازل قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف مرة تلو المرة حتى هدمت قرية العراقيب إلى الآن 206 مرة. هذا كله إلى جانب مصادقة وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، على استمرار حملة التشجير بهدف “الحفاظ على الأرض من الغزاة” لغاية أواخر العام 2023. الذي بطبيعة الحال يستهدف نحو 30 ألف دونم بملكية خاصة لأهالي من قرى عربية مسلوبة الاعتراف.

ومع الانشغالات الكثيرة في الأحداث الساخنة المتوزعة على الكثير من المناطق الجغرافية في بلادنا، يجب على أبناء مجتمعنا وقيادته وأحزابه وكل من ينشط في المجال السياسي والاجتماعي والإعلامي وكل من يرى لنفسه دورًا مهما كان صغيرًا في مناهضة الظلم التاريخي والاضطهاد الديني والتمييز القومي ضد أبناء مجتمعه ومصادرة حقوقهم وحريتهم، أن لا ينسوا معتقلين “هبة الكرامة” الذي كان أخرهم اعتقال 7 شبان من مدينة عكا، هذا علاوة أن عدد المعتقلين من عكا في السجون الإسرائيلية بلغ 33 شابًا منذ أيار/ مايو 2021 على خلفية أحداث الهبة الشعبية التي اندلعت نصرة للقدس والأقصى والشيخ جراح وقطاع غزة.. نعم في عكا إحدى المدن الساحلية التي أقلقت المؤسسة الإسرائيلية والتي تعاملت مع الشباب العرب في الأحداث من باب الأمن القومي والهاجس الديمغرافي، في الوقت الذي يُتاجر ويسوق بعكا أنها “مدينة التعايش المشترك”.

لربما أن هذه التحديات الكبيرة والأحداث الجسام تجعل الحليم منا حيرانا وتضعه أمام سؤال: من أين نبدأ وكيف ننتهي؟ ولربما أيضًا تضع أمامنا قاعدة الأسئلة الخمسة التي تجيب عن الخبر الصحفي (ماذا ومن ومتى وأين ولماذا)… ولكن بالرغم من أن مجتمعنا الفلسطيني في الداخل عرضة للاعتداءات وإمعان الظلم والملاحقات السياسية وممارسة التمييز العنصري ضده، وبالرغم من انشغاله بحالات العنف والقتل المتفشية فيه، وبالرغم من كل الأحداث الساخنة التي أضحت تشغل أبناء مجتمعنا الفلسطيني في الداخل وتؤرق معيشتهم وحياتهم اليومية، إلا أن ذلك لا يعني أبدا الاستسلام والتسليم ورفع الراية البيضاء، ولا يعني ذلك أيضًا الدخول إلى مربع اليأس والإحباط، فمجتمعنا قادر ولديه مكامن القوة ليعيد ترتيب أوراقه على مواجهة التحديات المفروضة عليه فرضًا بشموخ وعزة نفس وإباء وكبرياء، وليس مجتمعنا مجتمع مهزوم وضعيف كما يحب أن يصوره دعاة وأنصار مشاريع الأسرلة الاندماج وتدجين فلسطينيي الداخل حتى يكونوا لقمة سائغة لحساباتهم ومشاريعهم الخارجة عن قاعدة الإجماع الوطني في مسيرة شعبنا الفلسطيني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى