أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

ما الأسباب التي دفعت أنقرة نحو مقاربة جديدة مع الأسد؟

تربك التغيرات في السياسية التركية من الملف السوري، المعارضة السياسية السورية ممثلة بـ”الائتلاف”، وتضعها أمام خيارات صعبة، لا سيما وأن تركيا تعد الحليف الوحيد للمعارضة السورية.

ومنذ دعوة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إلى إجراء “مصالحة” بين النظام والمعارضة والحوار مع النظام السوري، والتصريحات الصادرة عن مسؤولين أتراك بخصوص الانفتاح السياسي على النظام السوري مستمرة، وآخرها إعلان نائب رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم حياتى يازجي، أن العلاقات مع النظام السوري قد تصبح مباشرة، وقد يرتفع مستوى تمثيلها.

وفي تعبير واضح عن مخاوف الائتلاف (مقره إسطنبول)، قال في بيان؛ إنه أجرى العديد من التواصلات مع الجهات التركية الرسمية حول التصريحات الأخيرة، وأكدوا دعمهم الكامل لتطلعات الشعب السوري المشروعة وتنفيذ القرار 2254.

وتثار تساؤلات حول موقف الائتلاف السوري في حال بدأت تركيا مسار التطبيع مع النظام السوري، وعن الخسائر المحتملة نتيجة المضي في هذا التوجه من جانب أنقرة؟

وفي هذا الصدد، يؤكد عضو من الائتلاف السوري أنه رغم كل التصريحات التركية الصادرة عن الحكومة والمعارضة بخصوص فتح الحوار مع النظام السوري، إلا أن الموقف التركي لا زال داعما للائتلاف والمعارضة السورية.

ويؤكد، طالبا عدم الكشف عن اسمه، أنه لا وجود لتغيير في السياسية التركية من الملف السوري، معتبرا أن “من المبكر الحديث عن خيارات الائتلاف، خاصة وأن التصريحات التركية تبدو تكتيكية”.

 

موازنة بين التوجه التركي والشارع الثوري

من جانبه، يرى الباحث في مركز “الحوار السوري” الدكتور محمد سالم، أن ردود فعل الائتلاف ستختلف باختلاف ردود فعل الشارع الثوري والقوى الوطنية المعارضة، وما يتم طرحه من حلول أو وساطة.

في حديثه يعتقد سالم أن الائتلاف سوف يحاول أن يوازن بينهما، معتبرا أن “أهم ما يجب ذكره هنا، هو الضعف الشديد للائتلاف في التأثير على توجهات الشارع، بسبب ما تراكم من ضعف الثقة به خلال السنوات الماضية”.

وبذلك، يذهب سالم إلى ترجيح خيار أن يتناغم الائتلاف مع التوجه التركي الجديد، لكن مع الموازنة والتماهي أيضا مع الموقف العام للقوى الوطنية والرأي العام الثوري.

أما رئيس “حركة العمل الوطني من أجل سوريا”، أحمد رمضان، فيؤكد ضرورة وضع سيناريوهات عديدة لتطور الوضع وإيجاد حلول، تستند إلى الحد من خسائر أي توجه نحو علاقات بين تركيا والنظام، وهو ما بدأته حركة العمل، على حد تأكيده.

ويضيف، بالإشارة إلى ضرورة السعي لتوحيد الموقف السياسي لقوى الثورة، ورفض أي مصالحة مع النظام، والتأكيد أن مفاوضات جنيف وقرارات مجلس الأمن، هي الطريق الوحيد للحل السياسي، وأي محاولة لتطبيع العلاقات مع النظام أو إعادة إنتاجه ستبوء بالفشل، ولن تؤثر في قناعة الشعب السوري برحيل النظام ورموزه الفاسدة والمجرمة.

 

ما أسباب تغير الموقف التركي؟

وحسب رمضان، تواجه تركيا تحديات داخلية كبيرة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في العام ٢٠٢٣، مما ينعكس على سياستها الخارجية وطبيعة مقاربتها للملف السوري.

ويوضح أن تركيا محكومة بملفين أساسيين، موضوع اللاجئين، وهي لم تنجح حتى الآن في تغيير المعادلة على الأرض لتوفير بيئة آمنة تساعد على عودة مهجري الشمال السوري، وخاصة تل رفعت ومنبج، وشرق سوريا، وهو ما يزيد من الضغط الداخلي، مع استخدام المعارضة التركية لهذه الورقة، ورفض الروس لإتمام اتفاق ٢٠١٩ حول المنطقة الآمنة بعمق ٣٠ كيلو مترا.

ويشير رمضان إلى ملف حزب العمال الكردستاني وفروعه في سوريا، موضحا أنه “عادة ما يتم استخدامه من أطراف عدة، منها النظام وروسيا وإيران، ولذلك تسعى أنقرة للحصول على تنازلات مقابل عدم إحداث قطيعة مع الشعب السوري، وهي معادلة صعبة”.

ويتابع بقوله: “لا يسود تفاؤل كبير لدى صانعي القرار بأنهم سينجحون في الحصول على صفقة ناجحة؛ لأن النظام والحلفاء (روسيا، إيران) لا ينوون التراجع عن سياساتهم المضرة لتركيا، ولذا فإن “مدة اختبار هذه السياسيات لن تكون طويلة”.

وفي الحديث عن أسباب تبني أنقرة بمقاربة جديدة للملف السوري، يلفت مدير معهد “إسطنبول للفكر” الدكتور باكير أتاجان، إلى التغييرات الجذرية التي طرأت على المنظومة العالمية بعد جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا.
ويقول، إن هناك حالة من التحديث تسود المنطقة، ولا بد لتركيا أن تنخرط في صلب هذا التغيير، ولذلك تحرص تركيا على أن تُوازن سياساتها الخارجية، والأولوية لحل المشاكل مع دول الجوار.

ويوضح الكاتب والمحلل السياسي التركي أتاجان، أن لدى تركيا حاليا مشاكل مع دول الجوار مع العراق وسوريا وإيران واليونان، ومع بعض دول الطوق العربي، ومن ثم هي تسعى الآن لتحويل قائمة الدول المعادية إلى حيادية، والحيادية إلى صديقة.

وفي ما يخص الملف السوري تحديدا، يقول أتاجان: “في السياسة التركية يعد نظام بشار الأسد من الأعداء، وحاليا تحاول أنقرة جعل الأسد على الحياد، وتحديدا في ملف محاربة التنظيمات الإرهابية الانفصالية، ولكن لا يعني ذلك أن أنقرة ستتعامل مع الأسد معاملة الصديق”.

ويختم أتاجان بقوله: “لا تستطيع تركيا أن تتخلى عن الشعب السوري؛ لأنه يشكل العمق الاستراتيجي والأمني لتركيا، وليس سوريا الجغرافيا، أو سوريا بشار الأسد”. أما بخصوص تداعيات اللجوء السوري في تركيا وتأثيرات هذا الملف على سياسة أنقرة في سوريا، يعتبر الكاتب أنه “رغم تأثير هذا الملف، إلا أنه يبقى من الملفات الثانوية”.

لن يكون على حساب الشعب السوري

ويترك كل ما سبق، ليشدد على تمسك تركيا بدعم المعارضة السورية، ويقول: “لن تتخلى تركيا عن دعم الشعب السوري والمعارضة، لكن مواقفها لن تكون صارمة كما كانت”.

ويختم أتاجان بقوله: “لا تستطيع تركيا أن تتخلى عن الشعب السوري؛ لأنه يشكل العمق الاستراتيجي والأمني لتركيا، وليس سوريا الجغرافيا، أو سوريا بشار الأسد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى