أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرالقدس والأقصىومضات

“كمينتس” يهدد منازل القدس بالهدم… وجبل المكبر في المواجهة

موطني 48

يخشى المقدسيون أن تؤدي التعديلات التي أعقبت مصادقة الحكومة الإسرائيلية على ما يسمى بقانون “كمينتس”، قبل بضع سنوات، إلى مزيد من عمليات الهدم لأعداد كبيرة من منازلهم، بسبب ما يفرضه هذا القانون من تقييد لعمل القضاة في استصدار قرارات تمديد تمنع هدم منازلهم.

وقد أوجد هذا الأمر حالة من الحراك الشعبي الذي يقوده المتضررون من عمليات الهدم، والذي بدأ يتصاعد لمواجهة عمليات الهدم، خصوصًا في بلدة جبل المكبر جنوب القدس المحتلة.

ويحذّر الناشط الحقوقي رائد بشير، في حديث معه، من المخاطر التي تحيط بمئات منازل الفلسطينيين في القدس المحتلة، خلال العام الحالي، أكثر من نصفها في بلدة جبل المكبر، لصالح شق الشارع الاستيطاني المعروف بـ “الشارع الأميركي”.

يأتي هذا التحذير في وقت سجل فيه يناير/ كانون الثاني من العام الحالي، هدم 34 منزلًا ومنشأة في القدس المحتلة، وفق معطيات عدة مراكز حقوقية، من أبرزها مركز معلومات وادي حلوة، وبيتسيلم، ووحدة العلاقات العامة في محافظة القدس، وهو عدد كبير من المنازل والمنشآت يهدم في شهر واحد فقط.

هدم عدد كبير من المنازل بعد “كمينتس”

ويؤكد بشير أن هذا العدد الكبير من المنازل، التي هدمت في غضون شهر واحد، إضافة لما يتهدد المئات الأخرى من الهدم في القدس، جاء بعد أن صادقت الحكومة الاسرائيلية على قانون “كمينتس” أواخر العام 2017 (تعديل رقم 116 لقانون التنظيم والبناء).

ووضع القانون شروطًا تعجيزية لتمديد أوامر الهدم للمنازل غير المرخصة، ما سرّع في غضون السنوات الخمس الماضية من هدم آلاف المنازل في القدس والداخل الفلسطيني. وبدأت آثار كارثية لهذا القانون بالتجلي، مع تزايد كبير في هدم المنازل والمنشآت، وباتت المخططات والنتائج في القدس واضحة.

واستنادًا إلى قوائم الملفات المنظورة في محكمة الشؤون المحلية الإسرائيلية (محكمة بلدية الاحتلال في القدس)، والتي سترفض التمديدات بحكم نصوص هذا القانون، من المتوقع أن تشهد الشهور المقبلة أرقامًا قياسية مذهلة للهدم، تتراوح بين 500 و600 منزل ومنشأة، ثم تتضاعف الأرقام خلال السنوات المقبلة.

التعديل لتنفيذ سياسة تهويد القدس

يقول بشير إن “هذا التعديل، الذي أجري في العام 2017، كان هدفه بامتياز هدم أكبر عدد ممكن من المنازل تحت ذريعة البناء غير المرخص وغير القانوني، لكنه في الواقع يهدف إلى تنفيذ سياسة التهويد الدائمة للقدس، وبالتالي تم وضعه لغايات سياسية”.

ووفقًا للتعديل الأخير على هذا القانون، فإن كل مواطن تعرض للمخالفة من قبل محكمة الشؤون البلدية في القدس، سواء كان في أرض خضراء (يمنع البناء عليها)، أو أرض مصنفة سكنية، يجب عليه استصدار رخصة، وإذا لم يستصدرها تتولى البلدية هدم منشأته.

بمعنى أنه لو أن مواطنًا تعرض لمخالفة بناء من دون ترخيص، أو استعمال للبناء دون ترخيص، وصدر قرار بحقه في العام 2019 مثلًا، فقد جرت العادة أن يمنح مدة سنة لتمديد أمر منع الهدم أو الحصول على ترخيص، لكن بعد انقضاء ذلك العام سيكون من الاستحالة الحصول على تمديد أمر منع الهدم، ما يهدد بهدم منازل أعداد كبيرة جدًا من المقدسيين.

جبل المكبر: الاستهداف الأكبر

على الرغم من أن الهدم يطاول معظم منازل البلدات والأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة، إلا أن بلدة جبل المكبر تحظى بنصيب الأسد من عمليات الهدم المتوقعة والوشيكة.

ويرتبط واقع هذه البلدة، الواقعة إلى الجنوب من القدس القديمة، إلى وضع سلطات الاحتلال عدة مشاريع هيكلية وتنظيمية غرضها ترحيل الأهالي، من أبرزها مشروع ما يعرف بـ “الشارع الأميركي”.

وتحدد الخريطة المقترحة لـ “الشارع الأميركي”، الممتد من مفترق عين اللوزة وحتى مفترق الشيخ سعد في القدس، تقسيم الأرض إلى قطع جديدة، وتحديد الاستخدامات للتقسيم الجديد للمنطقة، للطرق والمباني العامة، وللمساحات العامة الطبيعية. كما تحدد قطع للاستخدامات المدنية، وتحديد نسبة البناء على الأرض وتحديد ارتفاع المباني ما بين 6 و8 طوابق فوق مستوى “الشارع الأميركي”، وتحديد خط بناء صفر على امتداد الشارع لأجل خلق استمرارية في الواجهة التجارية.

في حين، تحدد الخريطة الهيكلية لعرب السواحرة أن يكون على امتداد “الشارع الأميركي” في كلا الجانبين منطقة غابات مدنية متعددة لأغراض التجارة والتشغيل والسكن والفنادق، بغية تكوين محور تجاري رئيسي ومكثف، ليكون مركز الحياة والهيكل التجاري والتشغيلي للحي السكني الجديد.

يذكر أن الوضع الراهن في المنطقة، التي يخترقها “الشارع الأميركي”، يوجد فيها بنايات، بعضها يقع في مناطق مصنفة للسكن والبعض الآخر يقع على أراضٍ غير مخصصة للسكن (مناظر طبيعية) خاصة على الجانب الشرقي من الشارع.

وفي الواقع، فإن هذا المشروع يتحدث عن إزالة جميع الأبنية القائمة حاليًا، سواء برخصة أو بغير رخصة، ويزيد عددها على 120 منزلًا، علمًا بأن هناك منازل مشيدة قبل العام 1967.

وتقول بلدية الاحتلال في القدس للمقدسيين إنه إذا أردتم الحصول على تراخيص بناء فعليكم أولًا أن تهدموا ما هو قائم، وهناك 62 ملفًا لمواطنين تنظرها المحاكم الإسرائيلية لم يعد أمامهم إلا أن يهدموها بأيديهم.

يذكر أن هذا المشروع يمتد على ما مساحته 360 دونمًا من أراضي جبل المكبر، من ضمنها “الشارع الأميركي”، بعرض 32 مترًا. وجميع البيوت الواقعة بمحاذاة الشارع عرضة للهدم، والمنظورة ملفاتها في المحاكم الإسرائيلية معرضة للهدم، ومن ثم إعادة البناء. لكن الحديث هنا يدور عن بناء تجاري في غالبيته، ولا تغطي النسبة المخصصة للسكن الأعداد الحالية للوحدات السكنية في جبل المكبر.

فعاليات احتجاجية لأهالي جبل المكبر

هذا الواقع الصعب الذي يعيشه أهالي جبل المكبر دفعهم إلى إطلاق فعاليات احتجاجية، تشهد في الآونة الأخيرة زخمًا كبيرًا من قبل أهالي البلدة، الذين ينتظمون أسبوعيًا في تظاهرات حاشدة في الساحة الرئيسية لمقر بلدية الاحتلال في القدس، يقرعون طبول التحذير وينظمون المهرجانات الخطابية التي تطالب بلدية الاحتلال بالتوقف عن سياسة الهدم بحق منازل الأهالي.

ويقول أهالي بلدة جبل المكبر إن رسالتهم من التظاهرات الاحتجاجية هي في الواقع مطالبات طبيعية من سلطة احتلال تمارس سياسة الترحيل التدريجي المقنن.

ووفقًا للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية، فإن سلطات الاحتلال مجبرة على احترام حقوق الإنسان الأساسية، ومنها الحق في السكن. وإذا لم تعلن بلدية الاحتلال في القدس عن وقف حملات الهدم فستتواصل الفعاليات المطلبية في كل المؤسسات، وفي كل مكان، وبزخم أكبر، رافعين عدة مطالب، من أبرزها وقف الهدم والاعتراف بالأبنية القائمة، وتسهيل إجراءات تنظيم الأراضي وتخفيض تكلفة التراخيص الباهظة.

ويأمل القائمون على الحملات المطلبية هذه أن تؤسس احتجاجاتهم لواقع جديد يفرض على الاحتلال، خصوصًا أن من يقود هذه الاحتجاجات متضررون، وقد أعلنوا أخيرًا أنهم لن ينصاعوا من الآن فصاعدًا لأوامر بلدية الاحتلال في القدس بهدم منازلهم ذاتيًا بأيديهم. علمًا بأن هناك أوامر هدم ذاتي فورية طلب من أصحابها هدم منازلهم تحت طائلة تدفيعهم رسوم الهدم.

سابقة في القدس

هذا التوجه الجديد من قبل أهالي بلدة جبل المكبر يشكّل سابقة في القدس، وقد لاقت دعمًا وتأييدًا من قبل المقدسيين باعتبار ما يجري من عمليات هدم أمرا متعلقا بالأمن الحياتي وأمن وجودهم. وقد خلق هذا الأمر حالة جديدة من الوعي والإدراك لأهمية معرفة القوانين التي تطبقها بلدية الاحتلال بحقهم، ومواجهتها من خلال هذه القوانين وصولًا إلى التغيير المنشود.

وكانت بلدة سلوان جنوب القدس في التظاهرة الأخيرة، التي نظمت في ساحة مقر بلدية الاحتلال في القدس، حاضرة من خلال ممثلين عن أهالي البلدة، الذين يدركون أن بلدتهم هي الأخرى مستهدفة من عمليات الهدم خاصة الهدم الذاتي، حيث لا يمر يوم دون أن يجبر الأهالي على هدم منازلهم بأيديهم.

ويقول رئيس لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات بلدة سلوان، مراد أبو شافع، في حديث صحفي: “نحن نرفض عمليات الهدم هذه، ولن نقبل بها، سواء كانت من قبل جرافات بلدية الاحتلال أو من خلال إرغام مواطنينا على هدم منازلهم بأيديهم”. ويؤكد أبو شافع: “لن نسمح لهم بأن يستغلوا عمليات الهدم هذه لدفع شعبنا إلى ترك القدس، والرحيل عنها، في إطار سياسة التهجير والطرد الصامت”.

ويضيف: “اليوم جبل المكبر وغدًا القدس بكل أحيائها. والفعاليات المطلبية التي بادر إليها أهالي جبل المكبر خطوة في الطريق الصحيح، نأمل أن تعم كل أحياء القدس المهددة منازل أبنائها بالهدم”.

بدوره، يقول راسم عبيدات، المحلل السياسي والإعلامي وأحد أهالي جبل المكبر، في حديث معه: إنه “من الواضح أن هناك حربًا شاملة تشن على أبناء الشعب الفلسطيني المقدسي، من قبل دولة الاحتلال في مدينة القدس، خصوصًا في قضايا الطرد والتهجير القسري والاقتلاع والتطهير العرقي، كما يجري في حي الشيخ جراح وسلوان، وكذلك المجازر التي ترتكب بحق الحجر المقدسي، وتحديدًا في جبل المكبر”.

ويتابع عبيدات: “لقد أطلقت وحركت العديد من المبادرات الشعبية للدفاع عن الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، ولكي تقول للمحتل كفى هدمًا لبيوتنا وطردًا وتهجيرًا بحقنا من خلال الاستيلاء على بيوتنا وممتلكاتنا. هذه المبادرات من شأنها أن تجعل الجماهير التي تمس مصالحها واحتياجاتها بشكل مباشر تشارك في مثل هذه الأنشطة والفعاليات”.

ويشدد عبيدات على أن “هذا يحتاج إلى قوى مبادرة تعمل على التحشيد والتأطير لهذه الجماهير، بحيث تكسر حاجز الخوف مع جنود الاحتلال ومستوطنيه، وكذلك من أجل رفع الصوت عاليًا للقول لدولة الاحتلال وبلديتها ومستوطنيها كفى بلطجة وعربدة”. ويعتبر أن “ما يحصل من بروفات للتحركات والفعاليات الشعبية والجماهيرية سيخلق المقدمات الضرورية نحو هبات شعبية أكثر اتساعًا وشمولية، محلية ومناطقية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى