أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

بطانة تنظير المواقف والعزلة الاختيارية

ساهر غزاوي

القائمة العربية الموحدة الذراع السياسي للحركة الإسلامية الجنوبية والتي يقف على رأسها د. منصور عباس، سلوكها السياسي وتصريحاتها وأقوالها ومواقفها باتت تثير جدلًا واسع النطاق على صعيد المجتمع في الداخل بمختلف مركباته وتوجهاته الفكرية والسياسية، وتثير جدلًا على صعيد الأهل في مدينة القدس وعلى صعيد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وأيضًا على صعيد عالمنا العربي والإسلامي، وبات نهجها الخاطئ يثير رأيًا عامًا داخليًا وخارجيًا يُجمع كله على إدانة هذا السلوك وهذه التصريحات والمواقف التي صارت أقرب إلى الانحدار السياسي الوطني والانحياز إلى الرواية الصهيونية من التمسك بالثوابت القيّمية والوطنية بأبعادها الإسلامية والعربية والفلسطينية.

لا شك أن بطانة وحاشية القائمة الموحدة التي يقف على رأسها د. منصور عباس، من مستشارين إعلاميين وسياسيين ومُنظرين استراتيجيين، (قسم كبير منهم بعيد أشد البُعد عن أي انتماء حركي وتنظيمي ولا يربطهم بالحركة الإسلامية إلا اسمها والمنفعة المصلحية الذاتية التي تأتي من ورائها)، باتت تشكل جدارًا عازلًا للحركة الإسلامية الجنوبية يحجب عنها الرؤية الحقيقية لما يدور حولها وينسيها تداعيات واسقاطات هذا النهج على المدى القريب والبعيد ويعزلها عن شعبها في الداخل والقدس وعن امتداداها الفلسطيني العربي والإسلامي، وحتى لو أن هذه الحركة ادّعت أن قادتها (قادة ملهمون) وتحمل (رؤية ثاقبة ونفسا طويلا).

وعلى الطرف الآخر، فإن هذه الحركة التي أعطت التفويض الكامل لذراعها السياسي (القائمة الموحدة) أن تواصل سيرها في هذه الطريق وهذا النهج دون أن تلتفت إلى أحد (بحسب تصريحات سابقة)، لن ينفعها استرضاء الشارع اليهودي وسيبقون في أعينهم عربًا وينظرون إليهم بنظرة دونية، وإن كانوا “عرب جيدون” يمكن سلخهم عن شعبهم وحملهم على تقديم المزيد من التنازلات من خلال توظيفهم للنظرية الواقعية، هذه النظرية التي لا تفسير لها إلا بالتنازل والاعتراف للآخر المحتل بحق ليس ملكه أصلا.

يقول الشيخ حماد أبو دعابس؛ الرئيس الحالي للحركة الإسلامية الجنوبية في مقال له تحت عنوان “مسئوليَّةٌ واستقلاليَّةٌ لا اختباءٌ وراء الشِّعارات” نُشر في تاريخ (10/6/2021) – أي بعد أيام قليلة من دخول القائمة الموحدة إلى حكومة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بقيادة زعيم الحزب اليميني الديني المتشدد، نفتالي بينيت-: (… وتؤكِّد الحركة الإسلاميَّة في الدَّاخل استقلالية قرارها ومرجعتيها الفقهيَّة والشَّرعيَّة. مع عدم استغنائها بالتَّأكيد عن كلِّ الموروث الثَّقافي والفكري الإسلاميَّين، القديم والمعاصر. وذلك لخصوصيَّة الزَّمان والمكان والمرحلة التَّاريخيَّة الَّتي نعيشها).

الآن، وبعد مرور أكثر من ستة أشهر من عمر حكومة بينيت-لبيد-منصور، لا بدّ أن يُبين لنا الشيخ حماد أبو دعابس: هل القائمة الموحدة التي أثارت جدلًا واسع النطاق على الصعيد المحلي الداخلي والعربي والإسلامي الخارجي والتي سجلت رقمًا قياسيًا في سلوكها السياسي وتصريحاتها وأقوالها ومواقفها (بدون الخوض في تفصيلاتها) التي تصطدم مع قضايا مجتمعنا وشعبنا ومع ثوابته القيّمية والوطنية بأبعادها الإسلامية والعربية والفلسطينية وتلتقي من ناحية ثانية مع أجندات وفكر المشروع الصهيوني، تندرج تحت (استقلالية قرار الحركة الإسلامية الجنوبية ومرجعتيها الفقهيَّة والشَّرعيَّة)؟؟

لأهمية الأمر وللتأكيد على خطورة الموقف والعزلة الاختيارية التي فرضتها الحركة الإسلامية الجنوبية على نفسها بسبب سلوك وتصريحات ومواقف القائمة الموحدة، تعالوا نعود مرة أخرى إلى بطانة وحاشية القائمة الموحدة التي يقف على رأسها د. منصور عباس، من مستشارين إعلاميين وسياسيين ومُنظرين استراتيجيين وتساندهم أيضًا أقلام وحناجر مستأجرة منتفعة التي باتت تشكل جدارًا عازلًا للحركة الإسلامية الجنوبية يحجب عنها الرؤية الحقيقية، وبعيدًا عن شعارات (قادة ملهمون) و (رؤية ثاقبة ونفس طويل).. فإن هذه الحاشية والبطانة قد غررّت الحركة الجنوبية بمعطيات انتخابية برّاقة مبنية على مصالح ومنافع ذاتية لا أساس متين لها وسرعان ما تعصف بها الرياح وتهوي بها في مكان سحيق.

هذه الحاشية والبطانة غررّت بالحركة الجنوبية وقالت لها إنها هي القوة الأكبر في التنافس الانتخابي على أصوات التيار المؤيد لانتخابات الكنيست الذي كانت نسبته في الانتخابات الأخيرة ما يقارب من 47% وحصلت يومها (الموحدة) من هذه النسبة على 16.38%، أي ما يقارب من 170 ألف صوت. ولم تتوقف هذه الحاشية والبطانة عند هذا الحد، بل واصلت تغرير هذه الحركة بقولها: “إذا توجهنا إلى انتخابات خامسة سنحصل على 20% مقاعد إضافية”، أي بعبارة أخرى فإن هذه الحاشية والبطانة ومعها الأقلام والحناجر المستأجرة المنتفعة التي باتت تشكل جدارًا عازلًا للحركة الإسلامية الجنوبية يحجب عنها الرؤية الحقيقية، تواصل تغرير الحركة الجنوبية بالاستمرار في الانحدار السياسي والوطني والانحياز إلى الرواية الصهيونية ضاربة بعرض الحائط التمسك بالثوابت القيّمية والوطنية بأبعادها الإسلامية والعربية والفلسطينية!!

الأمر غاية الأهمية الذي يجب أن تتنبه له جيدًا قيادة ومناصرو الحركة الإسلامية الجنوبية الذين ما زال عندهم فتحات وشقوق كثيرة يرون من خلالها الحقيقة من الجدار العازل الذي وضعته بطانة وحاشية القائمة الموحدة من مستشارين إعلاميين وسياسيين ومُنظرين استراتيجيين والأقلام والحناجر المستأجرة المنتفعة، والتي من المؤكد أنها لن تصارح الحركة الإسلامية الجنوبية بالحقيقة التي أخفوها وراء الجدار العازل، الحقيقة التي تقول إن سلوك القائمة الموحدة السياسي وتصريحاتها وأقوالها ومواقفها، جعلت الحركة الإسلامية الجنوبية من نفسها وباختيارها معزولة عن مجتمعها الفلسطيني في الداخل والقدس وعن قضاياه وطموحاته برفع الظلم عن نفسه، لا بل إنها تعين الظالم على ظلمه تحت مسمى “اتفاقية الائتلاف الحكومي”، وجعلت من نفسها معزولة عن شعبها الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وعن عالمها العربي والإسلامي، ولتحذر هذه الحركة أن يغرنّها بريق المعطيات الانتخابية المتقلبة المزاجية ولتحذر أن تركن إلى الذين ظلموا فإنهم زائلون وراحلون عن هذه الأرض طال الزمان أو قصر، فقد كُتب على هذه الأرض الوقفية التي لا تباع ولا تشترى أنه لا يعمّر فيها ظالم.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لم تات اخي لا بجديد ولا بببديل ، ولا بحلول لاي ضائقة عربية داخلية ، بل ما تلبث ان تردد ما يعلو صوته من ادعاء لثوابت وشاعارات لم تُمس على الاقل ليس على يد الموحدة .
    وما تدعيه لقطع الاوصال بين الاسلامية وشعبها بفهو لا يتعدى الاعداء الذي يخلو من اي دليل محسوس ، بل لربما تستند في ذلك على اصوات منافسي الموحدة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى