تونس..قوى سياسية واجتماعية ترفض قرارات الرئيس سعيّد

أعلنت قوى سياسية واجتماعية هامة في تونس رفضها قرارات الرئيس قيس سعيّد التي أعلنها الاثنين معتبرة إياها انفرادا بالرأي وتكريسا لسلطة الفرد الواحد.
والإثنين، أعلن سعيد، في خطاب له قبل أيام على ذكرى ثورة 17 ديسمبر/كانون أول 2010 التي أطاحت بنظام حكم بن علي (1987 ـ 2011)، استمرار تجميد اختصاصات البرلمان لحين تنظيم انتخابات مبكرة في 17 من الشهر نفسه عام 2022.
وأفاد بأنه سيتم “عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها يوم 25 يوليو/تموز (تاريخ إعلان الجمهورية)، وإصلاحات أخرى تهم تنظيم الانتخابات دون تدخل من أي جهة كانت وبعيدا عن القوانين السابقة”.
وشدّد على أنه ستتم “محاكمة كل من أجرم في حق الدولة التّونسية وشعبها، وعلى القضاء أن يقوم بوظيفته في إطار الحياد التام”.
حركة النهضة… قرارات تلوم سعيّد وحده
حركة “النهضة” أكبر كتلة برلمانية في تونس (53 نائبا/217) اعتبرت، أمس الثلاثاء، أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيد، “خطوة أحادية لا تلزم سواه”، مؤكدةً رفضها “للإجراءات الانقلابية” التي أقدم عليها.
وقال رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس الحركة، في تصريحات صحفية: “لا زلنا نرى أن رئيس الجمهورية الذي علق الدستور يعمل خارج الشرعية الدستورية وبمعزل عنها، وتماديه في وضع خارطة للمرحلة القادمة دون استشارة الفاعلين السياسيين بما في ذلك مجلس النواب يعتبر خطوة أحادية ولا تلزم سواه”.
وأضاف: “نحن لا زلنا نُعبِّر عن رفضنا للإجراءات الانقلابية، وعن دعوتنا للرفع الفوري لتعليق الدستور وعمل مجلس النواب، ولا نرى حلا خارج ما يفرضه القانون والدستور من إجراءات”.
قلب تونس.. قرارات أكدت الانقلاب..
أسامة الخليفي رئيس الكتلة البرلمانية لحزب “قلب تونس” ( 28 نائبا) اعتبر أن قرارات سعيد ليوم الإثنين “أكدت الانقلاب والانفراد في السلطة وهو الذي اختار كل شيء”.
وأضاف في تصريحات لفرانس 24 “نحن سنعارض هذا التمشي ومعارضة الانقلاب لابد أن تكون قوية والسلطة القائمة ألغت الدستور.”
واعتبر الخليفي ” أن هناك اغتيال ممنهج للحياة السياسية بإلقاء الاتهامات بالفساد تجاه الجميع وتقسيم الشعب التونسي ونعتهم بالحيوانات “.
أحزاب اجتماعية.. التظاهر ضد القرارات
وفي سياق متصل عبرت أحزاب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والحزب الجمهوري والتيار الديمقراطي بالعاصمة، في مؤتمر صحفي مشترك، عن رفضها لقرارات سعيد داعية أنصارها الى التظاهر يوم 17 ديسمبر ضد خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس.
من جهته، أكد غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي ( 22 نائبا) ، أن حزبه “يرفض تماما رفقة بقية الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، قرارات الرئيس وأنها (الأحزاب الثلاثة) ستعمل بكل جهودها لمواجهة هذه القرارات والتّصعيد والتّحرك بما في ذلك الخروج إلى الشارع والاحتجاج”.
وقال الشواشي: “سنكون في شارع الحبيب بورقيبة (وسط العاصمة تونس) احتفالا بذكرى انطلاق الثورة ودفاعا عن الديمقراطية المهددة في تونس ورفضًا لكل حكم فردي أو انفرادي بالسلطة كما يقوم بذلك سعيد”.
“مواطنون ضد الانقلاب”.. اخترنا مواجهة الانقلاب
حراك “مواطنون ضد الانقلاب “الذي نظم احتجاجات شارك فيها الآلاف ضد قرارات 25 يوليو عبر عن رفضه لخطاب سعيّد مؤكدا أنه اختار “مواجهة الانقلاب”.
وقال جوهر بن مبارك، عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الديمقراطية “مواطنون ضد الانقلاب” ، في مقطع فيديو نشره، عبر صفحة المبادرة على فيسبوك، تعليقا على خطاب لسعيد “رئيس البلاد عاد في كلمته الأخيرة إلى خطاب التخوين والترهيب والملاحقات التي شملت جميع الأحزاب والمنظمات الوطنية”.
وأضاف بن مبارك ” سعيّد أوغل وواصل الانقلاب بتحديد تواريخ لإجراءاته”.
وشدّد بن مبارك “اخترنا مقاومة الانقلاب وسنواصل نضالنا. الشعب التونسي يجب أن يثور لاسترداد المسار الانتقالي والإصلاحي ببلادنا”.
واعتبر ابن مبارك، أن “فترة 17 ديسمبر وحتى 14 يناير/كانون ثان المقبل، ستكون تكرارا لمشهد ثورة التونسيين على نظام زين العابدين بن علي، لكن هذه المرة ضد الانقلاب”.
اتحاد الشغل.. لا يصطف مع من يريد الانفراد بالسلطة
وفي تعليقه على قرارات سعيّد شدّد الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي (أكبر منظمة عمالية بالبلاد) نور الدين الطبوبي على أن “الاتحاد لا يصطف مع من يريد الانفراد بالسلطة لأنه مستقل ولا يمكن لأحد أن يقوده”.
وأضاف الطبوبي، الثلاثاء، في كلمة بافتتاح مؤتمر للاتحاد الجهوي بصفاقس: أن “الاتحاد أعلن أنه مع مسار 25 يوليو/تموز الماضي، لكن لا يمكن أن نعطي صكا على بياض ولا بد أن نكون شركاء في الانتقال الديمقراطي”.
وتابع الطبوبي “لكن عندما يقول الرئيس (قيس سعيد) أنا ولا أحد معي نقول إننا لن نقبل هذا الأمر ونحن لا نتهكم على أحد”.
مع الرئيس ..
على الجانب الآخر عبرت أحزاب صغيرة عن مساندتها لقرارات سعيّد منها التيار الشعبي ( لا نواب له- ناصري) الذي اعتبر، في بيان له، أن الاجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية هي “خطوة أخرى متقدّمة في مسار 25 يوليو لتحقيق أهدافه وتفكيك منظومة الفساد والإرهاب وفتح المجال أمام الشعب لإعادة بناء وطنه على أسس سياسية سليمة.”
ومنذ 25 يوليو الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، حين بدأ سعيد اتخاذ إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، وتوليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ “نجلاء بودن” رئيسةً لها.
وترفض غالبية القوى السياسية في تونس إجراءات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها “انقلابا على الدستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا)..