أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالضفة وغزة

بدأت فكرتها عام 2012، وهكذا يتم تهريبها من السجون!.. قصة “النطف المهرَّبة” من الألف إلى الياء

أعاد الجدل المُثار حول فيلم “أميرة”، الذي يتناول قضية تهريب النطف المهرَّبة للأسرى الفلسطينيين من داخل السجون الإسرائيلية، تسليط الضوء على هذه القضية من جديد.

ويتضمَّن العمل السينمائي، قصة خيالية بطلتها فتاة اسمها “أميرة”، وُلدت عبر نُطفة مهرّبة لوالدها، القابع في سجن إسرائيلي، لتُفاجأ في فترة لاحقة أن هذه النُطفة تعود لضابط إسرائيلي، قال الفيلم إنه مسؤول عن التهريب من داخل السجن، والذي قام باستبدال العينة قبل أن يتم تسليمها للعائلة.

وأثار الفيلم انتقاداً كبيراً وحالة استياء واسعة، إذ اعتبرت فصائل وهيئات ومؤسسات فلسطينية معنية بشؤون الأسرى أنه يُشكك في نسَب أبناء الأسرى، الذين تم إنجابهم عبر “النطف المهربة”.

ووصف الفلسطينيون الفيلم بـ”الخيال الهادف لتحقيق مكاسب فنية على حساب تضحيات الأسرى”.

كما أعربت زوجات عدد من الأسرى اللاتي أنجبنَ عبر النطف المهربة، عن استيائهنّ من الفيلم، وعبّرن عن فخرهن بالتجربة، والاستعداد لتكرارها مجدداً.

وتم تصوير “أميرة” بشكل كامل في الأردن عام 2019، وهو للمخرج المصري محمد دياب، وإنتاج مشترك بين الأردن ومصر وفلسطين.

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، رُشِّح الفيلم، لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار للتنافس عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة 2022؛ قبل أن تعلن الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سحب ترشيحه بعد الجدل الواسع الذي أثاره.

وعزت الهيئة قرارها إلى حالة “تفسير الفيلم من طرف البعض بأنه يمس بالقضية الفلسطينية، واحتراماً لمشاعر الأسرى وعائلاتهم”.

 

الفكرة والحاجة

تتمثل فكرة الإنجاب عن بُعد، في تهريب نُطف منوية للأسرى من داخل السجون الإسرائيلية، وتلقيح زوجاتهم بها لإنجاب الأطفال.

وبرزت الفكرة ابتداءً، لدى المتزوجين من الأسرى المحكومين بالمؤبد ومدى الحياة؛ في مسعى لتحدي الواقع الذي فرضه الاعتقال بافتراض الحرمان الأبدي من اللقاء الشرعي بالأهل، وحق الإنجاب.

لكنّ الفكرة المبتكرة اصطدمت بمحاذير واعتبارات دينية، ومجتمعية، إذ كانت غريبة وغير معتادة في المجتمع الفلسطيني المحافظ، بأن تحمل الزوجة وتضع مولوداً بينما يقبع زوجها خلف القضبان منذ سنوات.

ومع تفهّم المجتمع للظروف الاستثنائية التي يعيشها الأسرى وذووهم، خاصة أصحاب المحكوميات العالية، تمَّ كسر الحواجز المجتمعية، وتَشكّل رأي عام شعبي مُساند لهذه العملية، ومحتضن لها.

 

أول تجربة ناجحة

وفي 14 أغسطس/آب لعام 2012، سُجلت أول حالة ناجحة لولادة طفل من النطف المهربة، للأسير عمّار الزِبِن، من مدينة نابلس بالضفة الغربية، والمعتقل منذ يناير/كانون الثاني 1998، ويقضي أحكاماً بالسجن المؤبد 26 مرة، إضافة لـ25 عاماً بتهمة تنفيذ عمليات خلّفت قتلى إسرائيليين.

وأنجب الزِبِن، طفله مهند (9 سنوات حالياً)، ثم أعاد الكرّة بعد عامين بالطريقة ذاتها، لينجب طفله الثاني صلاح الدين (7 سنوات حالياً)، فيما كان لديه قبل الاعتقال بنتان، إحداهما ولدت بعد اعتقاله بثلاثة أشهر.

لاقت العملية فيما بعد استحساناً مجتمعياً وشعبياً، واعتبرها الفلسطينيون فصلاً جديداً من النضال والتحدي للاحتلال الإسرائيلي وسياساته، كما أُسندت بفتوى شرعية لم تخلُ من اشتراطات مُعينة لإباحتها.

 

الرأي الشرعي

مرّت الفتوى الشرعية لإجازة هذه العملية بمراحل عدة، حيث اقتصرت في البداية على زوجات الأسرى اللواتي دُخل بهن، ثم أُجيزت لمن لم يُدخل بهن.

واستندت الفتوى إلى الخشية من عدم قدرة الأسرى على الإنجاب بعد الإفراج عنهم بسبب تقدمهم وزوجاتهم في العمر، وأولئك المحكومين بالمؤبد ومدى الحياة، ويُخشى أن ينقطع نسلهم.

ففي أكتوبر/تشرين الأول لعام 2019م، أصدر الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، فتوى بأنه “لا مانع شرعاً من إجراء عملية التلقيح للزوجة، سواء كانت مدخولاً بها أم لا”.

واشترط الشيخ صبري لذلك، توفّر شروط مُجتمعة في عملية التلقيح، وهي:

– وثيقة عقد الزواج بين الزوجين.

– موافقة الزوجة على إجراء عملية التلقيح.

– أن يكون الحيوان المنوي من الزوج، وأن تكون البويضة الأنثوية من زوجته فقط.

– إجراء العملية في مركز طبي معروف ومرخَّص، لإجراء هذا النوع من العمليات.

– حضور شاهدَيْن، أحدهما من طرف الزوج، والآخر من طرف الزوجة.

– حضور أحد المحامين الثقات للتوثيق.

– ثم اشترط لبراءة الذمة ودفعاً للشبهات، إشهار العملية عبر وسائل الإعلام، أو أي وسيلة أخرى.

 

وسائل التهريب

عادة ما يُخفي ذوو الأسرى الفلسطينيين، والمؤسسات المعنية، أساليب ووسائل تهريب النطف المنوية من داخل السجون؛ تخوفاً من إجراءات إسرائيلية محتملة لمنع تكرار العملية مع أسرى آخرين.

وبرغم ذلك، أوضح مختصون في شؤون الأسرى لوكالة الأناضول، أن عمليات تهريب النطف تتم بوجه عام عبر زيارات ذوي الأسرى لأبنائهم، وبالتزام تام بالضوابط الشرعية والإجراءات الطبية الكاملة.

وما إن يُعلن عن نجاح عملية تلقيح بنطف منوية مُهربة، حتى تتخذ إدارة السجون الإسرائيلية، بحسب المختصين، إجراءاتٍ انتقامية من صاحب النطفة المهربة داخل السجن.

وفور نجاح تهريب النطفة، تُرسل إلى مركز طبي مختص لإجراء الفحوص اللازمة، وتُحقن داخل البويضة المجهزة سلفاً من زوجة الأسير.

وتعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4600 فلسطيني، 544 منهم يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو أكثر، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

وبلغ إجمالي الأسرى الفلسطينيين الذين نجحوا في الإنجاب عن طريق النطف المهربة 71 أسيراً، 53 منهم من الضفة الغربية، و11 من قطاع غزة، إلى جانب 6 أسرى من القدس المحتلة، وواحد من فلسطينيي الداخل (المناطق العربية داخل إسرائيل)، بحسب رياض الأشقر المختص بشؤون الأسرى.

وقال الأشقر، في حديث خاص لوكالة الأناضول، إن الأسرى المذكورين أنجبوا 102 من الأطفال، منهم عدد من التوائم.

وكشف أن عدداً آخر من الأسرى ينتظرون إنجاب أطفالهم عبر النطف المُهربة خلال الشهور القادمة، وذلك بعد نجاح عمليات التلقيح، دون مزيد من التفاصيل.

وأضاف أن الإعلان عن عمليات التهريب، لا يتم إلا بعد نجاح عملية التلقيح، تحسباً لإجراءات أمنية وعقابية من السلطات الإسرائيلية بحق الأسرى.

ولفت إلى فشل العديد من حالات تهريب النطف للأسرى لأسباب عديدة، والتي تبقى طي الكتمان؛ لذات الاعتبارات.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى