أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

“هالوطن يلي من تلا هيك ثقافة ما بدنا إياه”

توفيق محمد
أشعل الاعتداء الفظ والوقح على مسجد ومقام النبي موسى هذا الأسبوع مواقع التواصل الإجتماعي وأثار الشارع الفلسطيني والإسلامي قاطبة بسبب فظاعة الجرم والجريمة التي تمثلت بإقامة حفل موسيقي صاخب فاجر تخللته كبائر المنكرات من خمرة ومخدرات وعري، وأكد قسم من المشاركين في هذا الحفل أنهم أقدموا على فعلتهم المنكرة بعد إذ أخذوا التراخيص من الجهات المختصة في السلطة الفلسطينية.
وقد حاول بعض المدافعين عن مجموعة المعتدين على المسجد الذين أموا هذا الحفل الخليع التقليل من الجرم والجريمة، فمرة حاولوا إنكار وجود المسكرات، ومرة حاولوا إنكار وجود المخدرات، ومرة حاولوا القول إن الحفل أقيم في الساحة المحاذية للمقام، وفي التالي حاولوا جعل سما عبد الهادي منظمة الحفل ضحية، وأن الذنب كله يقع على من أصدر لها التراخيص من السلطة الفلسطينية ووزاراتها ذات الشأن.
غني عن التبيان، أن من أعطى التراخيص لمثل هذا الحفل الماجن في هذا المكان المقدس تتساوى جريمته مع جريمة من قام بالفعل المنكر، فهو المسؤول عن الحفاظ على المساجد والمقامات وسائر المقدسات التي تقع تحت إدارته، والمقدس ليس فقط حجارة المسجد والمقام، فهي جزء من المقدس، أما أجزاؤه الباقية فيخطئ من يظن أنها يمكن أن تتجاوز الحلال والحرام لتجيز الخمرة والمخدرات والعري والشذوذ وغير ذلك.
أمامنا في المسألة العديد من الاعتداءات، ففي المبتدأ وقع الإعتداء على مسجد وهو لوحده كاف ليكون كبيرة من الكبائر المنكرة، ثم كان إتيان الكبائر من المنكرات والآثام داخل هذا المسجد من الموسيقى الخليعة والخمرة والمخدرات والعري، وكل واحدة منها مدعاة لغضب الله وسخطه، ولذلك فان محاولة التقليل من مجمل الجرائم بإنكار واحدة أو نفي أخرى ما هي إلا محاولات بائسة لا تقل عن الجرم والجريمة بكل بند من بنودها منفردة ومجتمعة.
إلى هنا حول جريمة الإنتهاك الحسي لحرمة مسجد ومقام النبي موسى، ولكن في المسألة ما لا يقل أهمية وجرما وجريمة عنه، وهو الإنتهاك المعنوي ومحاولة مسخ مفاهيم ومقدسات المجتمع الفلسطيني وإحلال قيم الإنحلال والرذيلة مكان قيم العفة والفضيلة، فكما تبين لنا من الصور الواردة إلينا أن مجموعة من اعتدوا على المسجد والمقام كان قسم منهم حسب تلك الصور من الشاذين والشاذات، بل وربما من عبدة الشيطان، وهم من يسعون لجعل مكان لهم فوق الأرض وتحت السماء الفلسطينية، وهم من يجدون من يدافع عنهم بحجة حقوق الإنسان والحريات الشخصية والإعتقادية، وإلقاء اللوم فقط على السلطة الفلسطينية مَن أعطت التراخيص لهذا المجون- وهي ملامة أشد اللوم- وجعل هؤلاء المعتدين على المسجد ضحية عملية إجرائية هي اصدار التراخيص وحصر المسألة في الخلاف الدائر بين وزارتي الأوقاف والسياحة الفلسطينية حول المسؤولية عن إدارة المكان دون الخوض في التفاصيل المهمة، بل المهمة جدا التي تتنافى مع عقيدة، ودين، وعادات، وقيم هذا الشعب الأصيل، بل إن السلطة الفلسطينية وحتى تجد ضحية تحملها مسؤولية الجريمة فقد اعتقلت سما عبد الهادي منظمة الحفل، وجعلت منها المذنب الأوحد- وهي مذنبة ومعتدية على المسجد- وقد أرادت بذلك إيجاد ضحية تلبسها الملف الكبير، وتسكت غضب الشارع بهذا الإعتقال، ثم لتجد سما بما تمثل من قيم دخيلة على مجتمعنا حملات تضامن من أدعياء حقوق الإنسان والحريات، بل إن هناك من كبار المثقفين من أرسلوا عبر مواقع التواصل الإجتماعي عريضة للمطالبة بإطلاق سراح سما عبد الهادي “المسكينة” وادعوا أنها حصلت على الترخيص اللازم لحفلها في المسجد لتعريف العالم بـ “الفن” و “الثقافة” و “الحضارة” !! الفلسطينية وهم كما كتب أحد المخنثين الذين كانوا في الحفل “…. وكان معنا ناس من برا البلد عشان نفرجيهم حضارتنا وثقافتنا يلي منعتز فيها في شباب تهجموا علينا وهم مش فاهمين انو احنا في عمل لاجل البلد وبنقاوم بتراثنا وبنحييه من انو يندثر والحمد لله ما حدا فينا تأذى واحنا بخير وكل شخص خرب سهرتنا الوطنية راح يتحاسب وانا على فكرة اول ما دخلو الشباب خشنت صوتي وصرت احكي برا برا عشان ما انضرب….”
هذه عينة من أولئك الذين أحيوا تلك السهرة الماجنة وهم من منتجات اتفاقية “سيدوا” التي انضمت إليها السلطة الفلسطينية في نيسان من العام 2014 وتضم هذه الإتفاقية العديد من البنود التي تضرب القيم الإسلامية والمجتمعية الفلسطينية في العمود الفقري، منها عدة مواد تتعلق بالزنا والشواذ جنسيا وزواج المسلمة من غير المسلم.
كما أسلفت فإن الإعتداء على المسجد خطير جدا، وليس أقل خطرا منه الإعتداء على الدين والقيم والحضارة الفلسطينية العربية المستقاة من الشريعة الإسلامية وليس من برامج الجمعيات النسوية وغير النسوية الخاضعة للتمويل الأوروبي والأمريكي والصهيوني والتي تسعى لإحلال قيم الرذيلة والخنا والشذوذ الجنسي في مجتمعنا. وهالوطن يلي من تلا هيك ثقافة ما بدنا إياه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى