أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

نتنياهو بين حظر الحركة الإسلامية واحتضان الحركة الإسلامية (4)

توفيق محمد
في الواقع كنت أريد أن أكتب هذا الأسبوع عن هاوية المغرب بشأن التطبيع مع إسرائيل والسير في ركب من يخضعون للسياسة الامريكية الجديدة التي شعارها: من يريد مساعدة امريكيا فعليه بالتطبيع مع إسرائيل أولا، وإن كنت أعلم جيدا أن القرار المغربي في التطبيع مع إسرائيل ليس قرارا حكوميا وأنه مفروض على العثماني وحكومته، ولكن يصدق بالحكومة ومن يقف على رأسها القول إن لم يكن بمقدورك التأثير في المسائل الفارقة في حياة الأمة فلا أقل من الاستقالة وستكون هي خير من أن يحوي سجلك مثل هذا الإذعان المرفوض الذي يتجاوز مصالح الامة، فالقضية الفلسطينية ليست قضية الشعب الفلسطيني بقدر ما هي قضية الأمة الإسلامية جميعها بعربها وعجمها، بأسيويها وأفريقيها وأوروبيها وكل العالم، والقدس والأقصى والقيامة ليستا ملكا خاصا بالشعب الفلسطيني أبدا، إنما الشعب الفلسطيني هو المؤتمن عليها، ولذلك فقد قدم الآلاف من الأسرى والشهداء، وقدم التضحيات الجسام نيابة عن الأمة في الدفاع عن قضية يدرك تماما أنها قضية أمة وليست قضية شعب فحسب، كما وأعلم وأدرك أن المشاركة في حكومات الأنظمة العربية على اختلافها تستجلب معها تنازلات معينة، ولكن هذه التنازلات تكون في الممكن وليس في غير المكن، لأنه في غير الممكن كالمسألة التي نحن بصددها لا يليق فيها سوى تقديم الاستقالة والرجوع إلى الشعب الذي لم ولن يفرط فيها وحي المغاربة الملاصق للحائط الغربي للمسجد الاقصى شاهد على التصاقهم بالمسجد الأقصى والقدس وفلسطين ودفاعهم عنها، وإن دعت الحاجة العدول عن المشاركة البرلمانية برمتها على أن يقال إن حزب العدالة والتنمية بما يمثّل أعطى الشرعية للتطبيع مع إسرائيل، وعطفا على ذلك فإنني تقريبا لم أكتب عن اتفاقات الإمارات والبحرين والسودان لأني لم أتوقع منها خيرا من أصله، على خلاف الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
أقول كنت أود أن أكتب بإسهاب عن هذا الموضوع، ولكن عضو الكنيست الدكتور منصور عباس يأبى أن يسمح لنا بالخروج إلى الفضاءات الأوسع، وكنت أنوي التوقف عند المقال الثالث من سلسلة “نتنياهو بين حظر الحركة الإسلامية واحتضان الحركة الإسلامية” ولكن الدكتور منصور عباس يأبى إلا أن يستمر في تصريحاته المثيرة والمستنكرة والمستهجنة، والغريبة عن عادات وتقاليد وقيم شعبنا، بل والغريبة عن الفهم الإسلامي والتي يقع آخرها صراحة في المحظور والحرام.
حرصت دائما ألَّا أقحم الحلال والحرام في النقاش السياسي، وهو الموقف الصحيح الذي لا بد منه، لأن الدخول إلى الحلال والحرام لا يترك للنقاش والحوار سبيلا ويدخل الأطراف بابا يصعب الخروج منه إلا ان يتراجع أحدهما عن الخطأ أو الخطيئة التي وقع بها.
بعد السقطات السياسية المختلفة التي وقع بها الدكتور منصور عباس سواء تلك التي كانت في قبة الصخرة يوم اعتبر أن اليهود كانوا الأكثر فرحا بالفتح العمري وهو ما يعتبر افتراء على التاريخ، أو تلك التي قال فيها لمن لا يريد أن يصوّت أن يسلّم هويته، وهو ما لم يقله عتاولة اليمين الإسرائيلي، أو تلك التي دافع فيها عن شرطة إسرائيل لما قال أنها منعت جرائم قتل في كابول وطرعان لما كان مقياس الجريمة القاتلة في مجتمعنا قد تعدى الرقم تسعين، وهو ما يجعل حكومات وقيادات في الشرطة تستقيل لو كانت تعتبر أنها مكلفة بتوفير الأمن والأمان لهذا المجتمع النازف، وليس تفكيك نسيجه، وسواء تلك التي قال فيها عن نتنياهو “يستغلنا ونستغله” وسواء في عدم التصويت على قانون حل الكنيست وإسقاط نتنياهو وهو الشعار الذي “سلبت” من خلاله القائمة المشتركة التي هو جزء منها أصوات العرب، ثم قال إن هذا كان مجرد شعار انتخابي، ثم تصريحه لما قال “نحن نريد السلام ونتنياهو لا يريد الحرب” وكأن غزة ليست شاهدة على جرائمه وحروبه فيها، أم أن عضو الكنيست الدكتور منصور عباس أصبح يصدق رواية نتنياهو ويكذب رواية أهل غزة، ودماء غزة، وشهداء غزة، وغير ذلك من التصريحات والمواقف.
لكن الأهم والذي جعلني أعود للسلسلة بهذا المقال هو تصريحه الداعم للشواذ والذي قال فيه: “نحن لم ولن نعلن الحرب على المجتمع المثلي (الشواذ- المصطلح الصحيح ت.م) من حقهم العيش كما يرغبون ومن قال إنني أعلنت الحرب (عليهم) فقد افترى عليَّ افتراء دمويا كما وأنني أعلنت وصرحت أكثر من مرة أننا ضد أي استخدام للعنف سواء كان لفظيا أو جسديا ضد أي انسان …. كما وأنني ضد علاجات التحويل الجنسي وأعتقد أن كل إنسان يجب أن يحيا بالأسلوب الذي اختاره لنفسه وأن يحافظ على هويته الجنسية”. في الحقيقة لو كانت سقطة واحدة أو خطأ واحدا لكان من الممكن أن ينساه الناس، لكن الأمر يتكرر في كل صباح ومساء، وآخر هذه التقليعات كما أورد راديو الناس هو اقتراحه على مكوّنات المشتركة أن يطالبوا نتنياهو بميزانيات واعتراف بقرى مسلوبة مقابل دعمه، وملخص الاقتراح يعتمد على أن تطالب المشتركة بخطة خمسية مكونة من 25 مليار شيقل للسلطات العربية و5 مليار شيقل لمكافحة الجريمة والاعتراف بقرى مسلوبة الاعتراف في النقب مقابل دعمه، وكأن نتنياهو التزم بوعد حتى لمقربيه من الليكود حتى يلتزم لـ “نستغله ويستغلنا”!!! وكأن الدكتور منصور لا يرى أن نتنياهو لم يلتزم لشريكه غانتس بما وعد به بل إنه استغل غاتس لتفكيك حزبه وها هو يلقيه إلى ذاكرة التاريخ السياسي الإسرائيلي كما فعل بغيره من الليكوديين أو غيرهم.
وعودة لموضوع الشواذ، فغني عن البيان أن مسألة الشواذ، وليس المثليين، فهذه التسمية تهدف إلى القول إن فلانا مثل فلان في الميل الجنسي واستبعاد كلمة الشذوذ لما له من معنى سلبي يصف الفعل المقرف، على كل فإن مسألة الشذوذ واضح فيها الرأي ولا مجال فيها للاجتهاد، كما وواضح فيها رأي العادات العربية الأصيلة التي تمج هذا الفعل وأهله، فكيف للدكتور منصور أن يصرّح بما صرّح به أعلاه؟ وما هو سنده من الشرع والأخلاق والعروبة حتى يقدم على ما أقدم عليه؟ أمّا إنكاره بعد يوم من نشر المقابلة الصحفية معه فبحاجة لإنكار أيضا فهل يكفي أن تصرّح صباحا بشيء، ثم تعود مساء لتقول “فهمتوني خطأ أو “وقع مني تصريح فيه لبس”.
يا دكتور منصور هذا الكلام لا يجوز، أنا أدرك أن من تبعات اجتياز عتبة الكنيست إلقاء الكثير من الأحمال (مبادئ وثوابت وقيم لا تتوافق مع الحياة الكنيسيتية) من على كاهلك عند أول خطوة، لكن أن يكون ذلك بهذه السرعة وهذا الكم وهذا النوع فهذه كارثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى