محللون عن “اتفاق ابراهام”: ترامب جنّد حلفاءه لتسجيل أنجاز ونتنياهو تنازل عن “ارض إسرائيل الكبرى”
طه اغبارية
تناول محللون إسرائيليون ما يسمى “اتفاق ابراهام” الموقّع، الثلاثاء، في واشنطن، بين الإمارات والبحرين والمؤسسة الإسرائيلية، باعتباره حركة سياسية للرئيس الأمريكي ترامب، تعزيزا لموقفه الانتخابي، فيما رأى فيه البعض تنازلا أيديولوجيا لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن فكرة “أرض إسرائيل الكاملة”.
ونقل الصحافي في جريدة “هآرتس” ألوف بن، جملة عن محرر الصحيفة، الراحل دفيد لنداو، حين قال: التاريخ سينظر إلى كل مناسبات السلام كمسألة واحدة مفادها قبول إسرائيل في الشرق الأوسط، بدأت بعد “حرب الغفران” (حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973) وهي مستمرة، حتى لو توقفت لفترات قصيرة. وأشار بن نون أنه ظن أن ربّ عمله الراحل كان متفائلا في نظرته وأن عملية “التطبيع” توقفت لأسباب كثيرة، منها: الجمود في العملية السياسية مع الفلسطينيين، وسعي حكومة اليمين المتطرف برئاسة نتنياهو إلى ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وضعف الأنظمة العربية والمخاطر التي تهددتها بعد “الربيع العربي.
وأضاف، أنه حين تابع بالأمس، توقيع “اتفاقيات ابراهام”، تذكر ما قاله محرر “هآرتس” الراحل وأراد أن يقول له: لقد صدقت في نهاية الأمر، فمصالح إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما العرب، أقوى من أيديولوجية “أرض إسرائيل الكاملة” أو من التضامن العربي مع الفلسطينيين ولقد أدت بالإمارات والبحرين إلى إعلان السلام مع إسرائيل وإقامة علاقات كاملة وعلنية معها، كما أدت بنتنياهو أن يهجر دعاة الضم وأمناء جبل الهيكل (الأقصى) في اليمين المتطرف، وأن يعود إلى المسار الذي سار به أسلافه منذ عام 1973، بعضهم بحماس والبعض الآخر تحت الضغط، ولكنهم حققوا ذات النتيجة: التنازل عن أحلام كبرى مقابل تسويات عملية واقعية تجعل من إسرائيل جارا مقبولا”.
وبحسب بن نون، تبدو طقوس التوقيع كأحداث تكررت في الماضي، مثل اتفاق السلام مع الأردن، ورأى أن خطاب نتنياهو يبدو “نسخ لصق” للخطابات التي كتبت لرئيس الحكومة الراحل رابين، ووسط كل ذلك، لم تغب حقيقة وجود الفلسطينيين والاحتلال والصرع على اقتسام الأرض، لمن نسوا ذلك!! كما قال.
واعتبر أنه “في الانتصار الذي تحقق أمس هناك 3 خاسرين: الأول محمود عباس بمقاطعته ترامب ونتنياهو فقد أراحهما من مجرد التفاتة رمزية إلى الفلسطينيين، واليسار الإسرائيلي الذي يدعم مقاطعة إسرائيل كهدف لإنهاء الاحتلال، والطرف الخاسر الثالث هم المستوطنون الذين اضطروا مؤقتا للتنازل عن حلم الضم. وختم بالقول “ولكن من المبكر الاحتفال كثيرا أو الاعتقاد أن الاحلام الايدلوجية للمستوطنين قد تلقت ضربة قاضية أمس الثلاثاء، فالمعارضون سيجدون طرقا جديدة لحرف قاطرة السلام عن مسارها، ورؤية محرر صحيفة هآرتس الراحل ستمر بالعديد من التقلبات والصعوبات قبل أن تتحقق بكاملها”.
من جانبه قال المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، في مقاله له، اليوم الأربعاء، إن “الفلسطينيين شاركوا، “بطريقتهم الخاصة”، في المراسم بواشنطن ويقصد إطلاق المقاومة لعدد من الصواريخ باتجاه عسقلان وأسدود.
وأشار إلى أن “الفرحة الاضطرارية في ظل الانتشار الواسع لكورونا في البلاد تبعتها مشاعر القلق والخطر الداهم جراء القذائف الصاروخية”.
واعتبر ما جرى في البيت الأبيض بمثابة مسرحية أخرجها ترامب، وجند لها أصدقاءه بسبب سعيه إلى تسجيل إنجازات سياسية عشية الانتخابات الرئاسية وحلمه بالحصور على جائزة نويل للسلام!!
إلى ذلك رأى الصحافي الإسرائيلية بن كسبيت، في مقال له بصحيفة “معاريف” أن “اتفاقيات إبراهام” يمكن أن تسجل باسم الإيرانيين أيضا إلى جانب ترامب ونتنياهو، لما يلقونه من رعب في محيطهم أدى إلى التقارب العلني مع الإمارات والبحرين.
وادعى كسبيت أن “نتنياهو وقع أمس على اتفاق مكمل لأوسلو. واعترف، مرة أخرى، بحل الدولتين، وانسحب من نيته ضم أراض في يهودا والسامرة وجمّد الاستيطان. وفي المقابل لم يوقف الحرب، لأنه لم تكن هناك أبدا حربا مع الخليج، لكنه وضع اصبعه في عين الفلسطينيين، الذين أطلقوا أمس أيضا مقذوفات باتجاه أشدود وأشكلون، في ذروة الاحتفال في البيت الأبيض، ليقولوا: أنتم تحتفلون في الحديقة الجنوبية، ونحن سندخل إسرائيل الجنوبية إلى الملاجئ”.
وحسب كسبيت، فإن “نتنياهو الحقيقي كان يفضل ضم يهودا والسامرة على فتح سفارة في أبو ظبي. لكن نتنياهو الحقيقي هو أيضا ذلك الذي يسير مع الأحداث، ويستنفذ الحد الأقصى من الوضع وبعد ذلك يحقق مكسبه منه له لوحده. ويوجد له تراث الآن. وهو يواصل سلسلة الأجيال، ويواصل تراث الاتفاقيات، ويتنازل عنن الأحلام الخلاصية ويمد يده للسلام. وهذا على الأقل لن يأخذه أحد منه”.



