أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرمحليات

تحرير “مقبرة الاستقلال” من مخاطر الحجز والمصادرة وأهمية العمل الشعبي في مواجهة المخططات

المبالغ المتبقية من حجم الدين على “مقبرة الاستقلال”، بعد حملة لجمع التبرعات من أجل سداد كامل الدين وهو مليون شيقل، وذلك بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث تم توكيل الأستاذ عبد الحكيم مفيد، عضو “المتابعة” للإشراف على الحملة.
صحيفة “المدينة” تستعرض في هذا التقرير، مسيرة حملة التبرعات وتسلط الضوء على التفاعل الشعبي معها، وأهمية هذا التفاعل في مواجهة مخطط بيع “مقبرة الاستقلال” وأهمية توظيفه في ملفات أخرى تفرضها المؤسسة الإسرائيلية على الداخل الفلسطيني.
يعتبر الأستاذ عبد الحكيم مفيد، أن اهم سبب لنجاح الحملة كان قوة العمل الشعبي، وأنها حين تنجر المهمات وتواجه التحديات بنجاح وتخطيط ومثابرة، تشكل دافعا مهما لإخراج الداخل الفلسطيني من حالة التشتت التي يعيشها أحيانا في مواجهة ما يفرض على الداخل الفلسطيني.
وقال مفيد في حديث لـ “المدينة”: “تولينا المهمة قبل أقل من عام، حيث كان علينا سداد الدين المتراكم على “مقبرة الاستقلال” لشركة “رونين” حتى تاريخ 1/7/2017، ونجحنا بفضل الله والتعاضد الرائع من أبناء شعبنا في أن ننجز المهمة”.
وفي الخلفية التاريخية للمسألة، فقد قام متولو “وقف الاستقلال” السابقون، في التسعينات، بعقد صفقة مع “شركة رونين” لإقامة مشروع وهمي عبارة عن ” بناء مساكن شابة للمسلمين” وجلبوا “فتوى” لتحويل أرض المقبرة من أرض لدفن الموتى إلى أرض عادية للبناء، وأقيمت من اجل ذلك مناقصة تلقى بموجبها متولي الوقف السابق مبلغا ماليا قدره 200 ألف دولار من الشركة المذكورة، وبعد أن تصدى أهالي حيفا لهذا المشروع، تم تجميده، فرفعت الشركة المذكورة دعوى قضائية بإعادة الأموال التي دفعتها للمتولي السابق، وقضت المحكمة بذلك ثم وصل الدين إلى دائرة الإجراءات والحجز إلى أكثر من 3 مليون شيقل، وتمكن محامو لجنة متولي الوقف الحالية من الوصول إلى تسوية حول مبلغ الدين من اجل رفع الحجز على المقبرة، وهو مليون شيقل، تم سدادها كاملا الأسبوع الأخير، في إطار الحملة الشعبية بإشراف منسقها الأستاذ عبد الحكيم مفيد، ورفع الحجز عن المقبرة.
أئمة المساجد وتفاعل الناس
يقول الاستاذ عبد الحكيم مفيد، إن البعض وقبل انطلاق الحملة، نظر إلى المسألة بأنها “مستعصية” وفي غاية الصعوبة، وأضاف: “استنادا إلى تجربتي الشخصية في متابعة ملف انهيار المبنى في عكا عام 2014، وملف “معتقلي شفاعمرو” كنت ادرك أهمية التفاعل الشعبي في مثل هذه الموافق، وكنت على يقين أن شعبنا لن يخذلنا، وهذا ما حدث والحمد لله، حيث شهدنا تفاعلا رائعا من قبل كل من توجهنا إليهم وأخص بالذكر ائمة المساجد في الداخل الفلسطيني، وقد وصلت الحملة إلى المساجد في النقب والمثلث والمدن الساحلية والجليل، وكان التجاوب رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولقد عتب علينا الكثير من الاخوة ائمة المساجد، ممن لم نصلهم بعد ان انجزنا المهمة، كذلك من المهم الإشارة إلى وقفة أهالي حيفا، مسلمين ومسيحيين مع الحملة، هذه الروح الشعبية المعطاءة كانت في ذهني منذ اللحظة الأولى لأنني عشتها في الملفات التي أشرت إليها آنفا”.
وتطرق مفيد إلى مواقف مباركة رافقت الحملة، حين كان العديد من أهل الخير، يحولون الأموال إلى حساب لجنة “متولي الوقف”، دون أن يعلنوا عن هوياتهم، كما كانت بعض المساجد تعلن انها جمعت مبلغا معينا، ليتبين لاحقا أن المبلغ هو أكبر مما اعلن عنه.
وتابع عبد الحكيم مفيد “المواقف التي تثلج القلب وتعبر عن تفاعل الناس، كانت مرافقة للحملة منذ أول يوم حتى نهايتها”.
حملات الخير مقابل حملات “الإحباط”
يؤكد الاستاذ عبد الحكيم مفيد، ان نجاح الحملة وغيرها من الحملات التي عالجت ملفات كثيرة في الداخل الفلسطيني، مهمة في مواجهة حملات “النضال الإلكتروني” التي يقودها البعض وعنوانها “الإحباط” من الحالة الشعبية العامة لأهل الداخل الفلسطيني، منوّها “هناك من “يبدعون” في الهجوم على القيادات ويصورون الحالة الشعبية لأبناء الداخل وكأنها “خارج الخدمة”، ربما لأنهم لم يلتحموا ويتواصلوا فعلا مع الناس، شعبنا معطاء جدا ولكن عليك أن تستثير همته وتستنهض طاقاته وتعرف كيف تتوجه إليه، وانا على يقين أنه إذا أحسنا التواصل والتعامل مع الناس، يمكن أن نحقق الكثير جدا، في مواجهة التحديات والسياسات الإسرائيلية، علينا التركيز دائما على الحاجة إلى العودة إلى الجماهير، لأننا بدون ذلك، سنبقى نتحدث ونكتب دون ان نصل إلى نتائج، مع تأكيدي على أهمية الدعوات الإيجابية التي تصدر من مواقع التواصل والاعلام والتي تثير همة الناس أيضا ولا تتحدث فقط عن الجوانب السلبية”.
وتوجه الاستاذ عبد الحكيم بالشكر الخاص إلى هيئة متولي “وقف الاستقلال” وهم السادة: فؤاد أبو قمير، رشاد ابو الهيجا، سهيل بشكار، خالد دغش، سامي شريف، فريد حسين، على دورهم وجهودهم ومتابعتهم للحملة، كما خص بالشكر السيد عروة سويطات، ابن المرحوم عيد سويطات، عضو لجنة المتولين، على دوره وجهده المبارك في الحملة، وأشار مفيد إلى دور السيد جمال أبو شعبان، عضو اللجنة الشعبية في جديدة المكر، على دوره ونشاطه المبارك طوال فترة الحملة.
ونوّه كذلك إلى دور السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة، مشيرا إلى حرصه المتميز على متابعة الملف ومسيرة الحملة.

وقف الاستقلال الأكبر فلسطينيا بعد “أوقاف القدس”
بدوره اعتبر السيد فؤاد أبو قمير، عضو هيئة متولي “وقف الاستقلال” أن نجاح الحملة ما كان ليحصل لولا الجهود المباركة لكافة اعضاء الهيئة والاستاذ عبد الحكيم مفيد الموكل من قبل المتابعة برعاية الملف، وكافة الفاعلين في الحملة ومن بينهم: السيد عروة سويطات والسيد جمال أبو شعبان.
وفي الحديث عن ممتلكات وقف الاستقلال، أكد أبو قمير أن “وقف الاستقلال” يعتبر ثاني أكبر الأوقاف الإسلامية بعد أوقاف القدس في البلاد، وانه كان قبل عام 48 يشمل المساجد والمقابر والمدارس الأهلية والمنازل وكان مستقلا بإدارته وكانت إيراداته تغني الناس عن السؤال والحاجة.
وتابع أبو قمير: “بعد عام 48، أدير الوقف من قبل جهات متماهية مع المخططات الإسرائيلية عملت على تضييع الأوقاف وبيعها، فمقبرة القسام التي تبلغ نحو 43 دونما، تم تصفيتها بالكامل وصودرت عام 53، وتم تقسيمها من قبل المؤسسة الإسرائيلية إلى 3 قسائم: “47” و”48″ و”49″، حيث تحولت قسيمة “49” إلى شارع تعبر عليه السيارات وهو مقبرة تضم رفات أموات حيفا، كذلك تم إغلاق العديد من المساجد التابعة للوقف واغلاق المدارس وتحويلها لمرافق اسرائيلية، حتى مسجد “الجرينة” وهو تابع لوقف “الاستقلال” عملوا على بيعه وهدمه لإقامة مرافق عامة، ولكن تصدت مؤسسة “الاقصى” المحظورة إسرائيليا لهذا المخطط وتم تحرير المسجد عام 2009″.
وقال أبو قمير إن “لجنة المتولين” السابقة عزلت من قبل المحكمة الشرعية بعد التلاعبات التي جرت في الوقف، وتم تعيين اللجنة الحالية.
وأضاف أن اللجنة الحالية رفعت دعاوى ضد اللجنة السابقة، وهي تخوض معركة معها في المحاكم، لتحرير باقي “وقف الاستقلال” مشيرا إلى أن المحكمة الشرعية قضت بإعادة العديد من الممتلكات التي وضع المتولي السابق يده عليها إلى “الوقف” وان المحاكم المدنية تنظر في عدة قضايا بهذا الخصوص.
ولفت إلى أن اللجنة تمكنت من تحرير العديد من المحال التجارية وتبلغ نحو 10 محلات وإعادتها إلى “الوقف” للاستفادة من ريعها لخدمة الأهالي.
وأشار إلى أن هيئة المتولين تخوض معركة مهمة أخرى من المعارك القانونية، ضد صفقة تسويق 10 دونمات من “مقبرة القسام” لإقامة مشروع تجاري عليها، وان “جمعية الميزان” رفعت دعوى بهذا الشأن في المحكمة المركزية من أجل إبطال الصفقة والمصادرة لأنها غير قانونية.
واعتبر أن تحرير “مقبرة الاستقلال” من الديون المتراكمة والحجز، يعيدها إلى وضعها الطبيعي كمقبرة، وأنه “لا يمكن أن نسمح بتحويلها إلى أرض للبناء كما أريد لها من خلال الصفقات المشبوهة التي أبرمت في السابق”.
وشكر أبو قمير أهالي حيفا من المسلمين والمسيحيين، على التفافهم المبارك حول هيئة المتولين، مؤكدا “لولا دعمهم الدائم لنا في كل المحطات لما تمكنا من فعل شيء، فبارك الله بهم جميعا وجزاهم خير الجزاء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى