فوائد في زمن الكورونا!!
عصام تليمة
لا تسير الحياة في وتيرة واحدة، فهي تدور بين صحة ومرض، قوة وضعف، تلك سنة الله في هذه الحياة، لا تتخلف لا مع المسلم ولا غير المسلم، ومنذ أول يوم طرق فيه وباء كورونا أبواب الأفراد والشعوب، تساءل الكثيرون ـ وبخاصة المسلمين ـ هل وباء كورونا محنة من الله للناس، أم منحة؟ وهل يأتي من ورائه فوائد أم مصائب فقط؟
في بادئ الأمر تناول الخطاب الديني السطحي أمر كورونا من خلال أنه عقاب من الله وانتقام يصيب به الظلمة والطغاة من أهل الصين، لما فعلوه مع أهل تركستان الشرقية، ولأنهم حبسوا المسلمين وعذبوهم في الصين، فكان الجزاء من جنس العمل، فعاقبهم الله بالحبس داخل بلادهم.
ولكن سرعان ما اكتشف الناس أن الوباء عالمي وليس خاصا بالصين وحدها. ولا يمنع أن يكون ابتلاء الله لنظام ما يظلم الناس، بأي عقاب، لكن حصر العقاب فيه ببلاء معين، جزاء على فعل ما، ليس تفسيرا يوافق الصواب دوما، فالله عز وجل وضع في كونه سننا لا تتخلف، من يأخذ بها يستمر، حتى ولو كان كافرا، ومن يتخلف عنها ويتركها يضعف ولو كان مسلما.
ثم انتشر الوباء، وأصبح وباءً عالميا كما أعلنت ذلك منظمة الصحة العالمية، ونتج عن ذلك إجراءت، أولها: كان منع التجمعات لأنها تسبب الإصابة بالفيروس عن طريق انتقاله من المريض به للآخرين، فخرجت الفتاوى بمنع الجمع والجماعات حرصا على صحة المسلمين، وأغلقت المساجد، وحرم الناس من صلاة الجمعة والجماعات.
بدأت تنتشر فكرة أن الله عز وجل عاقبنا بإغلاق المساجد، وهي فكرة خاطئة، لا تنطلق من صحيح الدين، إذ أن المساجد أغلقت لعلة الخوف من المرض، وأغلقت عمن كانوا يرتادونها، فكيف يعاقب الله عز وجل محبيه بإغلاق باب بيته في وجوههم؟ وهي نفس الفكرة الخاطئة التي انطلقت عن عقاب الله للصين، ومصدر هذه الأفكار النظرة العاطفية للابتلاء الذي يكون اختبارا من الله للإنسان، فالطائع يحوله لطاعة ومصدر حسنات ومغفرة من الله، والعاصي يكون الابتلاء عليه وبالا، وغرقا في معصيته، فلا يرده بلاء، ولا يرجعه إلى ربه ابتلاء.
أقعد وباء كورونا الكثيرين من الناس في البيوت، وجاء شهر رمضان، وحُرم الناس من المساجد، وصلاة التراويح، والأعمال الاجتماعية التي كانت تصحب الشهر الكريم، لكن الله عز وجل منح المسلمين فرصة مهمة لعودة الطاعة إلى البيوت، فإن خوت بيوت الله من العمار، فلم تخل بيوت الصالحين من عبادته وذكره.
لقد عادت صلاة التراويح إلى أصلها ـ كما عبر الدكتور أحمد الريسوني ـ فهي سنة كان يؤديها صلى الله عليه وسلم في بيته، وقام بصلاتها جماعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليجمع الناس على الطاعة، فلما جاءت كورونا اضطر الناس لصلاتها في البيوت، وهنا طبق المسلم سنة كانت غابت لفترة في بيوت المسلمين، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: “اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا”، وكان من سنته صلى الله عليه وسلم صلاة السنن والتراويح في البيوت.



