أخبار وتقاريرمقالاتومضات

بمناسبة مرور 35 عامًا على انطلاقة صحيفة المدينة.. من هنا بدأت

ليلى غليون

في زمن خربطة الأوراق واستبدال القيم وتغييب الحقيقة بالعناوين الصاخبة، في زمن تلاطم أمواج التضليل وضياع البوصلة بين السبق الصحفي والمسؤولية الأخلاقية، تظل الصحافة النزيهة هي المنبر الحر للكلمة الصادقة الشفافة التي لا تعرف التلون ولا الرتوش، المنبر الذي يحترم عقول قرائه وتطلعاتهم، المنبر الذي رضي أن يكون دليلًا بل عنوان الباحثين عن الحقيقة، الذي حمل هموم الناس وآلامهم وآمالهم وتبنى قضاياهم بكل أمانة ومسؤولية.

البداية كانت هنا… نعم هنا في هذا المنبر (صحيفة المدينة) حين بدأتُ أول خطوة في رحلتي الصحفية والكتابية قبل خمس وثلاثين سنة، كطفل صغير يخطو خطواته الأولى، لا يعرف أين سينتهي به المشوار ولكنه سعيد ببراءته أن بدأ يخطو، يوم حركت يدي وجرّدت قلمي من غمده ليخط أولى كلماتي ومقالاتي، لتكون المدينة تلك الصحيفة التي كانت لا تزال صحيفة محلية، هي وجهتي وعنواني بلا تردد، فقد وجدت فيها صدى لكتاباتي وتطلعاتي وتوأمة لمبادئي وما أؤمن به، فقد تبنت الكلمة الصادقة ولا تزال، لأنها آمنت أن الكلمة أمانة عظيمة، فالكلمة ممكن أن تعمر وممكن أن تدمر، وأمانة الكلمة أمر عظيم يجب أن يُعض عليه بالنواجذ مهما كانت التحديات والمتغيرات، والثبات على أمانة الكلمة في هذا الزمان من العملات النادرة.

نعم لقد احتضنت صحيفة المدينة ومنذ نشأتها الأولى أصحاب الأقلام الحرة الذين يدورون مع المصداقية والموضوعية حيث دارت، ويرفضون التلون مهما كانت المغريات، رفضت، بل لم يكن في منهجها أن تكون بوقًا أو وسيلة تسيرها الرياح بما تشتهيه سفن المصالح أو سفن التضليل.

حرصت كل الحرص على أن تقدم للقارئ مادة إعلامية رصينة، فالنزاهة والمصداقية لم تكن مجرد شعار، بل كل مقال فيها وكل خبر وكل تقرير وكل تحقيق يشهد على رسوخ مبدئها بأنها كانت ولا تزال المدافع الشرس عن الحق والعدالة.

على مدار خمس وثلاثين سنة، وأمام كل التحولات السياسية، والتحديات الاقتصادية، والتقلبات الإعلامية، والمتغيرات القيمية الرهيبة، أمام كل شيء في هذا الزمان يتغير بسرعة غير مسبوقة، ظلت صحيفة المدينة على نهجها وفية لثوابتها لا تحيد عنها ولا تفرط فيها مهما كان الثمن ومهما كانت الظروف، تقدم لقرائها الكرام وجبة إعلامية أسبوعية تلامس صميم واقعهم، أعطت مساحة واسعة لصحفييها وكتابها للتعبير عن آرائهم وأداء رسالتهم دون ضغط أو توجيه، لتظل كما هي الحصن الحصين لكل الآراء الحرة التي تبحث عن عنوان.

وكما كانت بدايتي الصحفية في هذا المنبر منذ سنوات خلت، فإنني اليوم وبعد مرور خمس وثلاثين سنة من عمر الصحيفة، وهي السنين التي مضت من عمر مشواري الكتابي، فإنني اليوم أقف ولي الشرف أن أكون أحد كتاب صحيفة المدينة والتي أصبحت صوتًا قطريًا لكل الأقلام الحرة، وأجدد اعتزازي بالانتماء لهذا المنبر الإعلامي النظيف، أتناول فيه موضوعات ومقالات أسرية واجتماعية وتربوية وزوجية تمس واقع حياتنا اليومية.

الشكر والامتنان لكل من تعب وسهر وساعد وساند وساهم في استمرار المسيرة.

الشكر والامتنان لكل من ظل يقود هذه السفينة بكل حرفية ومهنية رغم الأمواج العاتية التي تضربها من كل الجوانب.

وكل التهاني والتبريكات الموقعة بمداد القلب لكل الزملاء العاملين، من إدارة وتحرير، وإخراج فني وكتاب كانوا هم الشريان الذي يمد الصحيفة بمادة الحياة.

وإن كنا ننسى فلا ننسى القراء الكرام الأوفياء والذين هم الاكسجين الذين منحوا الصحيفة من دعمهم وتشجيعهم معناها الحقيقي.

كل عام وصحيفة المدينة عنوان للحق ومنبر للفضيلة.

كل عام ونحن نكتب ما يرضي ربنا وضمائرنا.

كل عام ونحن نكتب ما يثبّت جذورنا ويحفظ هويتنا.

وأخيرًا الكلمة الصادقة لا تموت مهما مرت عليها أزمنة، بل تبقى لتزهر ثم تثمر… وتبقى تثمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى