أخبار رئيسية إضافيةأخبار وتقاريرمقالاتومضات

وانتهت قمة البيانات الإنشائية

توفيق محمد

وما يزال الاحتلال الإسرائيلي يشنُّ حربه المتوحشة على غزة، وما تزال الدبابات والطائرات والصواريخ الإسرائيلية تقضي على كل معلم حياتي وحضاري في غزة.

ما يزال قطاع غزة يباد على مرأى ومسمع من العالم أجمع، بل من الأمة الإسلامية والعالم والعربي، وهماالأولى به.

وما يزال المجوَّعون في قطاع غزة يتساقطون صرعى يشكون الى الله ظلم الظالمين، وتخاذل المتخاذلين، وتآمر المتآمرين.  

وما تزال إسرائيل تقصف العواصم العربية إذ في أسبوع واحد قصفت في لبنان واليمن وتونس وسوريا وقطر.

وما تزال القمم العربية والإسلامية تجتمع من أجل أن تجتمع، وتلقي عن كاهلها حمل القضية بالاجتماع ثم التنديد والاستنكار، وكتابة الخطب الرنانة والتفنن في “الرد” الإنشائي، فما يزال الرد في المكان المناسب، والزمان المناسب هو سيد الموقف، رغم الانتهاك الإسرائيلي الصارخ لخمس عواصم عربية في أقل من أسبوع.

وما يزال الحليف الأمريكي هو الحليف الموثوق به رغم أن أمريكا رأس الشر، هي راعي العدوان على غزة، وعلى كل العواصم العربية آنفة الذكر، وبسلاحها قصفت إسرائيل عاصمة أكبر حليف لأمريكا في الشرق الأوسط والذي على أرضه “تربض” أكبر قاعدة عسكرية أمريكية”العديد”، ورغم التسريب الإسرائيلي بأن نتنياهو أخبر الرئيس الامريكي دونالد ترامب بمكالمة هاتفية بنيته قصف الدوحة الحليف الأكبر لأمريكا في المنطقةوالوسيط الأبرز في عقد صفقات وقف إطلاق النار قبل القصف بخمسين دقيقة، ولم يبد الأخير معارضة، ولم يمنع نتنياهو من ذلك، رغم ذلك، بقيت أمريكا هي الحليف..!!

يجتمع قادة العرب والمسلمين في الدوحة، على دوي أصوات قصف الطائرات الإسرائيلية لقطاع غزة، وعلى دوي أصوات حرب الإبادة المجرمة، ويُخَيَّلُ للناس أن هذا الاجتماع في هذه المرة سيكون مختلفا عن سابقاته من اجتماعات، لأنه يأتي في ظل حرب إبادة مجرمة يشنها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وفي ظل قصف خمس عواصم عربية، إحداها في منطقة الخليج العربي(الدوحة) والنتيجة ديباجات الإنشاء المعهودة. 

يجتمع قادة الدول العربية والإسلامية في الدوحة وفي نفس الوقت فإن ماركو روبيو وزير خارجية أمريكاونتنياهو يقتحمان معا في خطوة استفزازٍ وتحدٍ حائط البراق والقادة يتداولون فيما بينهم صيغ الاستنكار والشجب!!! 

لست في معرض التحليل إن كان الرئيس الامريكي قد علم في الهجوم مسبقا إم إذا كانت الرادارات الأمريكية في قاعدة العديد قد شاهدت الطائرات المعادية تحلق في سماء الحليف الدوحة لتقصفها، أو إذا وكيف تعطلت أجهزة الدفاع الجوي القطري فجأة عن العمل ولماذا؟

أو لماذا لم تقم الدفاعات الجوية الأمريكية في الدوحة بالدفاع عن حليفها الأكبر، فإجابات كل هذه الأسئلة معروفة وواضحة، يلخصها أن أمريكا وإسرائيل تخططان سويا، وليس أن أمريكا كانت على علم مسبق بالعدوان على قطر، إنما كان دور أمريكا ورئيسها هو التضليل كما فعلت ذلك سابقا عدة مرات سواء في الحرب على غزة أو على إيران، ناهيك عن دورها بتزويد إسرائيل بالسلاح والغطاءالسياسي الداعم سواء في مجلس الأمن أو في كل المؤسسات الدولية ذات الصلة، والدفاع عن السياسات الإسرائيلية دفاعها عن نفسها، أما دور إسرائيل فهو الذراع الضارب.  

لم تتعد القمة المنعقدة في الدوحة مسألة البيانات والشجب، ولم تتجن على نفسها بقرارات جديدة ومختلفة عما سبق من قرارات لقمم عديدة وكثيرة سابقة، وكيف تفعل ذلك جامعة (جامعة الدول العربية) جاءت بإيحاء من وزير خارجية بريطانيا “انتوني ايدن” في العام 1943؟ كيف يمكنها أن تتجاوز الدور المنوط بها؟ ولذلك فإنها لم تظلم نفسها بأن تطلب من دول التطبيع أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية، ناهيك عن الأمنية التنسيقية، ناهيك عن الاقتصادية، التي باتت ترسل آلاف الشاحنات المحملة بكل البضائع التي أصبحت تركيا لا تتعامل مع إسرائيل بها، وأكثر من ذلك إذ هناك روايات إعلامية تتحدث عن نقل أسلحة عبر دول عربية، عن طريق المعابر البرية وغير البرية ومن ضمن هذه الدولِ دولُ اتفاقيات الدفاع المشترك مع قطر (الخليج) ولم تُفَعِّلْ هذه القمة وسائل الضغط الدولية التي يمكن أن تفعلها، وناهيك عن عدم إلغاء اتفاقيات الاستثمار الاقتصادي لثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات وقطر المعنية بالإعتداء عليها وقعها ترامب في جولة مكوكية من ثلاثة أيام وكانت حصيلتها 3.2 تريليون دولار – قد تصل إلى 3.6 تريليون دولار، فإذا كان قصف دولة ذات سيادة بعلم الحليف الأكبر لها لم يقد إلى وقف هذه الاتفاقيات مع دول الخليج فإن السؤال المطروح هو هل هذه اتفاقيات تجارية واقتصادية أم هي أتاوات مافياوية؟!  

وبعد… فإن أوجب واجبات العصر والتي أكدها العدوان الإسرائيلي على الدوحة هو بداية مرحلة جديدة من السعي نحو استقلال الدول العربية والإسلامية تسعى من خلاله إلى تطوير صناعاتها وانتاجها على جميع المستويات حتى لا تضطر مرة أخرى إلى الضغط على مفاتيح الدفاعات الجوية فتجدها معطلة.

كيف لأمة أن تفلح وهي ما تزال تستورد قمحها من أمريكا، وهي تدرك ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مباحثات “كامب ديفيد”: من هنا تحكم أمريكا العالم وكان يشير إلى مزارع القمح.  
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى