أخبار رئيسية إضافيةمقالات

هل تحولت مراكز الشرطة وكرا للابتزاز والإسقاط؟! 

ساهر غزاوي

من أكثر من زاوية يمكننا أن نقرأ مضامين ومحتوى ما كشفه التقرير الإخباري الذي نُشر في الأيام الأخيرة حول توثيقات خطيرة كشفت عن فضائح ومخالفات جنسية وتصرفات غير أخلاقية لمحققين في سلك الشرطة الإسرائيلية مع نساء عربيات!! لكننا بالمحصلة حتمًا سنصل إلى نتيجة واحدة، مفادها أن جهاز الشرطة الذي من المفترض أن يكون مصدرًا وملجًأ للمواطن وحماية حياته وممتلكاته وتوفير الأمن الأمان والاستقرار وسلامة العيش في المجتمع، بات عكس كل ذلك وأصبح محلا للابتزاز والإسقاط الوطني والأخلاقي.

إنّ جهاز الشرطة في حالتنا الفلسطينية اتبع منذ قيام الكيّان الإسرائيلي عام 1948 حتى يومنا هذا، سياسات التمييز العنصرية واستعمل العصا الغليظة لمعاقبة العرب الفلسطينيين، وخلال المظاهرات تصرف هذا الجهاز- ولا يزال- بعدائية واستعلائية تجاه المواطنين الفلسطينيين في الداخل، إذ يعمل جهاز الشرطة لصالح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في سياق الصراع الدائر على هذه الأرض، ما يعتبره المواطنون الفلسطينيون تهديدًا مباشرًا لهم، وغدا جهاز الشرطة الإسرائيلية يُعتبر بالنسبة للكثيرين مؤشرًا لحالة غياب الأمن والأمان والقانون في المجتمع العربي وعاملًا رئيسيًا لتفكيك المجتمع وهدم القيّم والمبادئ والمعايير الأخلاقية عند المواطن الفلسطيني في الداخل، إلى جانب الوصول إلى قناعة قاطعة أنَّ ارتفاع معدلات الجريمة لدى المجتمع العربي تعود أهم أسبابها إلى تقاعس الشرطة عن أداء عملها والقيام بواجبها، وهذا ما يفسر انعدام ثقة العرب الكبير بها.

وفي العودة إلى ما كشفه التقرير الخطير الذي نشره موقع “واينت” العبري عن فضائح ومخالفات جنسية في مراكز الشرطة الإسرائيلية في بعض البلدات العربية، فإن ذلك يقودنا إلى أسئلة كثيرة، فماذا يعني أن يستغل ضباط من الشرطة الإسرائيلية (عرب) منصبهم أثناء استقبالهم في مكاتبهم لنساء عربيات مشتكيات من أزواجهن لابتزازهم للعمل على اسقاطهن في مستنقع الرذيلة المجتمعية ووحل الفاحشة وخلع رداء الحياء وستار الفضيلة، ومواعدتهن على الالتقاء في أماكن بعيدة عن الأنظار من خلال “محادثات ساخنة”!! وماذا يعني، بحسب التقرير، أن يتم توثيق ضابط شرطة (عربي) وهو يقوم بتصرفات فاضحة داخل محطة الشرطة مع إحدى النساء العربيات المشتكيات عن طريق مكالمة فيديو عبر إحدى تطبيقات الهاتف، في الوقت الذي كان ينتظره مواطنون لتقديم شكاوى، وفي إحدى المرات قال للمشتكي الذي انتظره “لدي جلسة الآن وستستغرق وقتا طويل”… وللعلم هذا حدث كله في مركز شرطة الناصرة (المسكوبية) كما أنَّ المحقق الخاص المدعو عزيز أبو رجب الذي كشف عن هذه الحالات، أعلن أن لديه توثيقات أخرى خطيرة تُظهر تصرفات مشينة لعناصر وضباط الشرطة توعد بكشفها في القريب العاجل. يعني ما خفي أعظم!!!

وللتذكير، فإن فضائح ومخالفات جنسية لضباط وعناصر من الشرطة الإسرائيلية ليست جديدة وليس ما كشفه تقرير “واينت” هو الأول، بل إن قضايا فساد وفضائح الشرطة الجنسية تتوالى قضية تلو الأخرى دون توقف، فقبل عدة أشهر قدَّمت وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحاش) إلى المحكمة لائحة اتهام ضد الشرطي عربي، لارتكابه مخالفات جنسية خطيرة وتهديدات وخيانة الأمانة، بسبب مخالفات ارتكبها ضد فتاة قاصر تبلغ من العمر 15 عامًا. وقبل عدة سنوات كُشف عن فضيحة لضابط شرطة صاحب منصب رفيع في منطقة الناصرة كان قد استغل منصبه أيضًا لابتزاز زوجة رجل قام بمخالفة قانونية سُجن بسببها وأقام علاقة جنسية مع الزوجة مقابل وعودات بتخفيف العقوبة عن زوجها السجين.

يضيق المقام ولا يتسع لسرد قضايا فساد وفضائح جنسية وأخلاقية وغير مهنية في مراكز الشرطة الإسرائيلية، ولا يتسع المقام كذلك لسرد قصص كثيرة لضباط وعناصر شرطة يستغلون مناصبهم لابتزاز النساء واسقاطهن في مستنقع الرذيلة المجتمعية ووحل الفاحشة وخلع رداء الحياء وستار الفضيلة، وهذا يدل على أن مراكز الشرطة الإسرائيلية، لا سيّما المقامة في البلدات العربية، صارت وكرًا لوحل الرذيلة والعمالة والإسقاط الوطني والقيّمي الأخلاقي والتفكك الاجتماعي، فهي لم تقم لحل ومحاربة الجريمة ومحاصرة العنف، بل إن الصورة عكسية تمامًا، ففي غالبية البلدات العربية التي أقيمت فيها محطات للشرطة خلال السنوات الأخيرة، ازداد عدد جرائم القتل بدل أن ينخفض، كما ترتكز مهمة ووظيفة محطات ومراكز الشرطة في البلدات العربية على تجنيد أبناء المجتمع العربي للانخراط في سلك الشرطة وفي قوات الأمن والخدمة القومية (المدنية).

ثم إن السؤال الأهم، وفقًا لما كشفه تقرير “واينت” ووفقًا للحالات الموثقة، متى يدرك المجتمع أن النساء العربيات المشتكيات على أزواجهن أو غير أزواجهن في مراكز الشرطة وخاصة في البلدات العربية بتن عرضة للابتزاز والاسقاط في مستنقع الرذيلة المجتمعية ووحل الفاحشة، وبغض النظر عن سؤال ضرورة ذهاب النساء إلى الشرطة لتقديم الشكاوى ضد أزواجهن من عدمه، لماذا تترك المرأة لوحدها فريسة للضباع لتصير فيما بعد علاقة الرذيلة بينها وبين الضابط الساقط أخلاقيًا ومهنيًا بالموافقة والتراضي والتواعد من خلال “محادثات ساخنة”؟؟ ثم إن هذه المرأة المشتكية، هل ذهبت إلى مركز الشرطة لتُحَصِل حقها وتحفظ نفسها وبيتها وكيانها من أي اعتداء غير مبرر عليها، أم أن الوقوع بالرذيلة من أجل الحاجة الشهوانية صار أسهل عليها من الحفاظ على العفة والطهارة الفضيلة والالتزام بالضوابط والحدود القيمية والاخلاقية والدينية التي تحافظ على أواصر العلاقة بين الزوجين والبيت والأسرة والمجتمع؟!

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى