لماذا تصر روسيا على دعم بشار الأسد وتتمسك بدورها في سوريا؟
تتطرق الكاتبة عايدة العلي سري الدين في الفصل الرابع من كتابها “البوابة السورية والعودة الروسية” إلى العلاقات السوفييتية العربية، خلال مرحلة الحرب الباردة، فلم يكن أحد يتوقع أن تتحسن العلاقات بين الاتحاد السوفييتي وبين الأنظمة العربية المعادية له من مواقعها السياسية والطبقية قبل منتصف الخمسينيات، كما أن حركات وطنية خارج السلطات بدأت تتلمس إمكانيات الاستفادة من علاقات أفضل مع الاتحاد السوفييتي لصالح القضايا العربية..
تعرض الكاتبة عايدة العلي، مواقف مختلف الأحزاب الإيديولوجية القائمة في المنطقة العربية، خلال حقبة الخمسينيات ، فتقول: “في كلمة ألقاها زعيم حزب مصر الفتاة الذي قال: “علينا أن نزيد صلاتنا الاقتصادية بروسيا ولقد حان الوقت الذي نفرّق فيه بين الشيوعية كمبدأ وبين التعامل مع روسيا كدولة عظمى لأنها نفسها تفرق بين الاثنين” وطالب بإبرام معاهدة صداقة مع السوفييت لحمل الإنجليز على الجلاء.
وأصدر ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار في عام 1944 كراساً عن “البعث والحزب الشيوعي” قالا فيه: “لسنا ضد الاتحاد السوفييتي ولا يجد العرب ضرورة في معاداة دولة كبيرة مثله وهو الذي قام منذ نشوئه بإظهار العطف على الدول التي تناضل من أجل استقلالها، إن هدفنا هو إقامة علاقات صداقة معه بوساطة المعاهدات الرسمية بين الحكومات وليس بواسطة أداته الحزب الشيوعي المحلي”.
وصرح زعيم الإخوان المسلمين في سوريا في آذار/ مارس 1950 بالقول: “نعتزم التوجه إلى المعسكر الشرقي إذا لم ينصفنا الديمقراطيون ونجيب أولئك الذين يقولون إن المعسكر الشرقي هو عدونا، متى كان المعسكر الغربي صديقاً لنا؟ إنا سنربط أنفسنا بروسيا ولو كانت الشيطان نفسه”(ص 57).
وصل المجتمع السوفييتي عشية موت ستالين إلى مرحلة متقدمة باتت فيها الأساليب البيروقراطية القديمة غير مجدية في إدارة البلاد، مما دفع الحكام الجدد بعد التخلص من الإرهاب الستاليني، إلى إجراء بعض الإصلاحات على المستوى الداخلي، تكرست في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي (1956) الذي أكد في مجال السياسة الخارجية على سياسة التعايش السلمي وعلى أن الحروب العالمية ليست محتومة وأنه يجب السعي لتحويل الانفراج الدولي إل سلم دائم في ظل توازن الرعب النووي وطرح شعار المباراة الاقتصادية مع المجتمعات الرأسمالية الغربية بدل الحروب وأن هناك إمكانية للانتقال السلمي للاشتراكية.
بدأ الاندفاع السوفييتي باتجاه الشرق الأوسط منذ عام 1955 بصفقات الأسلحة التشيكية، إلى مصر وسوريا وبدعم سياسي واسع لهذه الدول وللحركة الوطنية ضد سياسة الأحلاف الغربية ـ التي روّجت لها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ـ ولتزويدها بالسلاح بعد امتناع الغرب عن ذلك.
أما عل صعيد العالم الثالث فقد عمل خروتشوف على إسقاط النظرية التي تمثلت في الشعار (الستاليني): “من ليس معنا فهو ضدنا” إلى شعار جديد “من ليس ضدنا فهو معنا” وبخاصة بعد مؤتمر باندونغ عام 1955 الذي مثّل منعطفاً حاسماً في تطور بلدان العالم الثالث ومنها البلدان العربية، إذ بدأ الشعور بأن الاستقلال السياسي منقوص إن لم يستكمل باستقلال اقتصادي عبر تنمية وطنية مما أدى للصدام مع قوى الإمبريالية العالمية التي أرادت إبقاء هذه الدول تحت هيمنتها اقتصادياً وسياسياً ودفعها للمشاركة في أحلافها إثر اندلاع الحرب الباردة، من هذه النقطة وجد الاتحاد السوفياتي فرصته المثلى التي توافرت بعد تغيير سياسته إذ أصبح يقدّر أهمية الحركة الوطنية رغم قيادتها البورجوازية التي مالت للحياد.
وتقدم الكاتبة عرضا موجزًا لتطور العلاقات السوفييتية ـ العربية إبان الحرب الباردة، حيث بدأ الاندفاع السوفييتي باتجاه الشرق الأوسط منذ عام 1955 بصفقات الأسلحة التشيكية، إلى مصر وسوريا وبدعم سياسي واسع لهذه الدول وللحركة الوطنية ضد سياسة الأحلاف الغربية ـ التي روّجت لها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ـ ولتزويدها بالسلاح بعد امتناع الغرب عن ذلك.
جاء الاندفاع هذا، ليس بمبادرة سوفييتية فقط، بل بمبادرة من مصر وسوريا لخدمة مصالحهما في الحصول على دعم الشرق لمواجهة الغرب، فلقد أيقظت خطط الغرب الدفاعية في المشرق العربي اهتمام السوفييت بالمنطقة، واستغل الروس أخطاء الغرب الذي غدا غير مقبول كحليف بسبب صعود جيل من العرب القوميين الراديكاليين بعد الحرب العالمية الثانية ، الذين اتهموه بخلق الكيان الصهيوني والاستمرار في مساعدته، واستمرار وجوده العسكري والسياسي في أجزاء عديدة من العالم العربي ومساندته أنظمة الرجعية وأنه العقبة الرئيسة ضد استقلالهم ووحدتهم، وأن حلفاً من الغرب ضد السوفيات سيبعدهم عن معركتهم مع “إسرائيل”، فعندما ضغط عليهم الغرب للانضمام إلى حلف بغداد تراجعوا لموقف الحياد الذي شجبه الغرب ورحّب به السوفيات كوسيلة لإحباط الحصار الغربي وإضعاف نفوذه في المشرق العربي.
فقد وقف الاتحاد السوفييتي في مجلس الأمن إلى جانب سوريا عام 1954 ضد الكيان الصهيوني في مسألة تجفيف بحيرة الحولة، كما أعلن مولوتوف وزير الخارجية السوفييتي عن دعم سوريا وحماية استقلالها في آذار/ مارس إثر الحشود التركية على الحدود السورية كرد فعل على أنباء الحلف المصري ـ السوري ـ السعودي ووصفت الانتخابات السورية خريف عام 1954 بأنها تمثّل نقطة تحوّل لنجاح أمين عام الحزب الشيوعي السوري خالد بكداش فيها لأول مرة.
تم تبادل الاتحاد السوفييتي العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا عام 1955 ومع تونس والسودان عام 1956 ومع العراق عام 1958 ومع الصومال عام 1960 وعرض الروس عام 1955 إعادة العلاقات مع الملك السعود مقابل دعم مادي ومعنوي له ضد الإنجليز في الصراع على واحة البريمي، فضغطت الولايات المتحدة الأمريكية عليه فلم يقبل المبادرة، وخففت لهجة الدعاية ضد الإسلام بعد عام 1954 وأطلقت دعاوى جديدة حول الحرية الدينية للمسلمين في الاتحاد السوفييتي وحول حرية العبادة واعتبار أن اضطهاد المسلمين فيه شائعات معادية وسمح لعدد محدود من الروس بالحج.
إلا أن ذروة الاندفاع السوفييتي في العالم العربي، جاء بعد تأييده تأميم قناة السويس عام 1956، وإرساله مرشدين روس للقناة وإنذاره إنجلترا وفرنسا وإسرائيل (أثناء حرب السويس) بسحب قواتهم من مصر وإلا سيضطر لاستخدام القوة لسحق المعتدين، وتهديده بتحويل حرب السويس إلى حرب عالمية ثالثة، ولمح إلى أن كيان إسرائيل قد أصبح موضع شك بعد أن تبين أنها أداة للدوائر الإمبريالية، وصار متوقعاً أن يرسل قواتاً، إلا أنه هدد بإرسال متطوعين ولا يمكن الجزم بأنه كان يعد لعمل عسكري جدي لصالح مصر، لكن ساد شعور في العالم العربي أن الإنذارات السوفييتية عملت أكثر من التحذيرات الأمريكية، على رد العدوان، واتهم الاتحاد السوفياتي الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ترمي إلى طرد البريطانيين للحلول مكانهم وهذا ما حاولته الولايات المتحدة الأميركية بالفعل بطرح مبدأ آيزنهاور عام 1957 لملء الفراغ في الشرق العربي ولحماية المنطقة من تهديد سوفياتي مزعوم.
لقد أثبتت مشكلة السويس أن الاتحاد السوفييتي قد أصبح قوة يحسب حسابها في الشرق العربي، بعد أن منحه اهتماماً خاصاً يأتي بعد موقع دول أوروبا الشرقية مباشرة ولم يتورط السوفيات عسكرياً بشكل مباشر، كما تورطت الولايات المتحدة الأميركية في فيتنام، فقد كان تأييده للعرب في مناهضتهم للغرب، ضمن حدود عدم انجراره إلى صدام مباشر مع المعسكر الغربي.
ذروة الاندفاع السوفييتي في العالم العربي، جاء بعد تأييده تأميم قناة السويس عام 1956، وإرساله مرشدين روس للقناة وإنذاره إنجلترا وفرنسا وإسرائيل (أثناء حرب السويس) بسحب قواتهم من مصر وإلا سيضطر لاستخدام القوة لسحق المعتدين، وتهديده بتحويل حرب السويس إلى حرب عالمية ثالثة، ولمح إلى أن كيان إسرائيل قد أصبح موضع شك بعد أن تبين أنها أداة للدوائر الإمبريالية،
وتعدد الكاتبة عايدة العلي أهم أسباب نجاح الاتحاد السوفييتي في المشرق العربي: فتقول: “إنه لم يكن فريقاً مباشراً في أي نزاع فكان بمنأى من الصدام مع المصالح العربية، أما العرب فقد وجدوا في الاتحاد السوفييتي حامياً دولياً قوياً من جهة، ومن جهة ثانية العداء للغرب هو ما جعلهم يؤيدون السوفييت وهذا ما ينطبق على البعث وعلى خالد العظم وعلى أنصار التقارب معه كصبري العسلي وفاخر الكيالي من الحزب الوطني، ومعروف الدواليبي من حزب الشعب وقد أنكر عام 1957 مزاعم الغرب “فليس في سورية ما يدعى بالمشكلة الشيوعية وأن مزاعم أمريكا تسيّرها المكارئية”.
وفي تصريح لأكرم الحوراني “ليس ثمة من دليل واحد على وجود تسلل شيوعي إلى سوريا.. إن ما يوجد فعلاً هو إرادة الشعب السوري في قتال الاستعمار حتى النهاية”.
وورد في بيان الحكومة السورية في أنها تعارض مبدأ الفراغ وفكرة أن المصالح الاقتصادية تعطي أية دولة حق التدخّل في المنطقة وتنكر أن الشيوعية تشكل أي خطر على العالم العربي فالإمبريالية والصهيونية هما الخطران الرئيسان اللذان يظل العرب عرضة لهما، وكان لتمويل الولايات المتحدة الأميركية الصراعات في سورية والعالم العربي إلى نزاعات مباشرة بين الغرب والشيوعية، قد أفقد دبلوماسيتها قدراً كبيراً من المرونة”(ص 62).
واستقبل الاتحاد السوفييتي وحدة مصر وسوريا عام 1958 دون حماس وكانت بداية التبدل في موقفه من الجمهورية العربية المتحدة منذ قيام ثورة العراق، فقد توافق مع الولايات المتحدة في منع وحدة العراق مع الجمهورية العربية المتحدة، كانت سياسته تتحدد في مصلحته في تصفية النفوذ الغربي في المنطقة العربية وفي تقوية الجمهورية العربية المتحدة ولكن ليس إلى الحد الذي يجعلها تشعر أن حاجتها إليه يمكن أن تتضاءل بازدياد قوتها، ووجد أن من مصلحته قيام عراق يحتله الشيوعيون المرتبطون بالسياسة السوفييتية مكاناً بارزاً يمكّنه من الحصول على قاعدة مأمونة للضغط على الجمهورية العربية المتحدة عند اللزوم رغم استمراره في التزاماته الاقتصادية، ففي كانون الأول/ ديسمبر 1958 أبرم اتفاقاً بشأن بناء سد أسوان.
وأثناء الأزمة التي نشبت إثر إعلان عبد الكريم قاسم أن الكويت جزء من العراق في عام 1961 عارضت الحكومة السوفييتية قبول دولة الكويت في الأمم المتحدة لإرضاء القيادة العراقية ولكن عندما سقط نظام قاسم في شباط 1963 غيّرت موقفها بسرعة ووافق مجلس الأمن بالإجماع على قبول عضوية دولة الكويت ثم أقامت علاقات دبلوماسية معها، وبهذا تكون دولة الكويت أول دولة خليجية تقيم علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي لحاجتها لكل دعم ضد أطماع الحكومة العراقية.
واتهمت الحكومة السوفييتية النظام البعثي العراقي 1963 بأنه أقام نظاماً وحشياً ضد الشيوعيين والتقدميين وشن حرب إبادة ضد الأكراد ثم تحسنت العلاقات إثر حكمي الأخوين عارف واستمرت في التحسن بعد عودة البعث إلى الحكم الذي عقد معاهدة صداقة مع السوفييت عام 1972 ولكنها عادت للتراجع بعد انقلاب البعثيين على حلفائهم الأكراد ثم الشيوعيين منذ عام 1975، وكان الاتحاد السوفييتي قد اعترف باليمن الجنوبي بعد استقلاله وسرعان ما تحوّل هذا البلد إلى حليف له بعد اتجاه قياداته نحو اعتناق الماركسية، فقبل عضواً مراقباً في الكوميكون لكنه لم يكن ذا أثر كبير لكونه دولة صغيرة وفقيرة وكان اليمن الجنوبي قد أعطى تسهيلات للأسطول والطيران السوفييتيين في ميناء ومطار عدن منذ بداية استقلاله ورغم صراعات القوة فيه فإن جميع من حكمه تعاون مع السوفيات ولم يرتح السوفيات لوحدة اليمنيين الجنوبي والشمالي ولكنهم لم يعرقلوها.
وكان الدور السوفييتي في اليمن الشمالي من خلال مصر بين عامي 1962 و1967 فأنجز بناء ميناء الحديدة عام 1961 وأقام جسراً جوياً إلى صنعاء أثناء حصارها من الملكيين في كانون الأول 1967 قبل انسحاب المصريين وفي صراع الحدود مع الجنوب عامي 1972 و1979 دعم الروس الجنوب مع سعيهم للمحافظة على علاقاتهم بالشمال الذي بدأ بالاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية.
وانقسمت الدول العربية في علاقاتها مع الاتحاد السوفييتي إلى ثلاثة فرق:
الفريق الأول ـ يضم الدول التالية: مصر وسوريا والجزائر والعراق واليمن الجنوبي وليبيا، انحاز هذا الفريق إلى الاتحاد السوفييتي وأقام علاقات قوية وصلت إلى حد شبه التالف معه، مع السعي لتنمية وطنية مستقلة غير منقطعة نهائياً مع السوق العالمية وتعتمد دوراً كبيراً لنشاط الدولة الاقتصادي تحت تأثير جاذبية النموذج السياسي والاقتصادي والاجتماعي السوفياتي الذي اتسم بظواهر خاصة منها: نظام الحزب الواحد، وتدخّل الدولة في الاقتصاد والتصنيع المعجّل وعسكرة المجتمع.
الفريق الثاني ـ يضم لبنان والأردن واليمن الشمالي وتونس والمغرب والكويت وهو الذي حافظ على علاقات طيبة مع الجانبين الأمريكي والسوفييتي واعتمد على القطاع الخاص في التنمية مع الاندماج بالسوق العالمية والتحول إلى سوق استهلاكي لمنتجات الدول الصناعية وتصدير المواد الأولية إليها.
الفريق الثالث ـ ويتمثل في الموقف السعودي الذي اعتمد النموذج الاقتصادي للفريق الثاني واختلف عنه بسياسته المعادية كلياً للاتحاد السوفييتي.
الخاتمة
تنهي الكاتبة عايدة العلي كتابها، بتأكيدها أنَّ الروس يعتبرون سوريا مفتاح المنطقة، ولهذا حصل التغيير من البوابة الدمشقية، وهذه الاعتبارات قد تكون خلف ظنون موسكو بأن القضية السورية هي فرصتها الوحيدة لاستعادة دورها الإقليمي في الشرق الأوسط.
كانت سوريا على الدوام مركزاً لصراع الدول الكبرى وقد تمدّدت إليها الحرب الباردة فور انقسام أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحصل الصراع على سوريا بين الشرق والغرب بعد قيام حلف بغداد في العام 1954، ثم أصبحت سوريا اللاعب الأساسي في المنطقة بعد دخولها العسكري إلى لبنان عام 1976.
حكم حزب البعث العربي الاشتراكي سوريا منذ العام 1963، وفي العام 2000 توفي حافظ الأسد وخلفه ابنه طبيب العيون بشار الأسد واستمر على نهج والده في السياسة الداخلية المتشددة مع انحياز لجانب الطائفة العلوية التي ينتمي إليها خصوصاً داخل صفوف الجيش وأجهزة الأمن وهو يستند إليهما في حكم البلاد.
أرسى الرئيس بشار الأسد علاقات وطيدة مع إيران تجاوزت ما كان عليه الأمر أيام والده الذي أقام شبه توازن بين العلاقة مع هذه الأخيرة وبين علاقته مع الدول العربية خصوصاً مع المملكة العربية السعودية ومع مصر.
تقول الكاتبة: “هذه العلاقة الوطيدة مع إيران خلقت له مجموعة من المتاعب الدولية والعربية والداخلية، لأن الحساسية بين المذهبين الإسلاميين (السنِّي والشيعي) زادت بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وما خلّفه من صراع مذهبي بعد إعدام الرئيس صدام حسين، والشعب السوري بغالبيته ينتمي إلى المذهب السني بينما الأقلية العلوية محسوبة على المذهب الشيعي الاثني عشري.
تفجّرت الاعتراضات الشعبية على نظام بشار الأسد في مدينة درعا الجنوبية في 15 آذار 2001 متأخرة عن سابقاتها العربية، النظام اعتبر الانتفاضة مؤامرة خارجية فقمعها بالقوة، بينما الأغلبية الشعبية اعتبرتها ثورة من أجل الحرية ولقمة العيش وإسقاط الحكم الفردي ولم تثق المعارضة بوعود الأسد الإصلاحية واعتبرتها متأخرة.معظم المجتمع الدولي الغربي والدول العربية (ما عدا اليمن والسودان والجزائر) أدانت تصرفات النظام القمعية بينما أيّدت إيران وروسيا مواقف النظام منذ اللحظة الأولى وإلى جانبهم بعض الدول الأخرى لا سيما الصين”(ص 275).
طالبت روسيا الرئيس بشار الأسد بتنفيذ الإصلاح في النظام السياسي وقد دعت أكثر من مرة وفود من المعارضة لزيارة موسكو وصرّح الرئيس بوتين عدة مرات: إن روسيا لا تربطها علاقة خاصة مع الرئيس بشار الأسد وهي تعتبر أن مسألة تغيير النظام موضوع داخلي يقرّره الشعب السوري.. بالمقابل وعلى أرض الواقع، كانت السياسة الروسية تعمل على تدعيم ركائز النظام في سوريا ومدّه بالأسلحة وتحشيد التأييد الدولي له في المنتديات العالمية خصوصاً في الأمم المتحدة وفي لجنة حقوق الإنسان، وكانت تعرقل أية محاولة لإسقاطه بالقوة العسكرية وقد أعلنت عن موقفها المعارض للتدخّل العسكري في سوريا سواء من قبل مجلس الأمن أو من قبل الجامعة العربية، ولم تخجل موسكو من موقفها المؤيد للديمقراطية والتعددية السياسية على المستوى الدولي، وبين دعمها لنظام لا يمكن بأي حال من الأحوال انتزاع صفة الشمولية عنه وموقف موسكو ازداد تشدداً مع الوقت.
الكتاب: “البوابة السورية والعودة الروسية”
الكاتب: عايدة العلي سري الدين
الناشر: الدار العربية للعلوم – ناشرون، بيروت، 2016
(عدد الصفحات 335 من القطع الكبير)
العلاقات السوفييتية ـ العربية