أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لعبة الكنيست ورئاسة الشيخ رائد صلاح لبلدية أم الفحم

عبد الإله وليد معلواني
ليس سرا أن الشيخ رائد صلاح، فك الله أسره، شغل منصب رئاسة بلدية أم–الفحم ثلاث دورات انتخابية متتالية، منذ عام 1989م فصاعدا. وليس سرا أن كل دورة انتخابية فيها هي خمس سنوات؛ أي أنه كان من المفروض أن يُمضي خمس عشرة سنة، إلا أنه قدّم استقالته في السنوات الثلاث الأخيرة منها طواعية، وتفرغ لشؤون الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا بعامة، ولشؤون القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة.
وليس سرا أن الشيخ رائد خلال فترة رئاسته لبلدية أم –الفحم شغل كذلك منصب نائب رئيس لجنتي المتابعة والقطرية؛ حيث كان رئيس اللجنتين في تلك الفترة المرحوم إبراهيم نمر حسين رئيس بلدية شفا-عمرو.
وليس سرا أن السلطات المحلية العربية؛ سواء كانت أم – الفحم أو شفا-عمرو أو الناصرة أو الطيبة أو كفر-مندا أو كفر قاسم أو سائر هذه السلطات المحلية العربية، مرتبطة رسميا مع وزارات الداخلية والمعارف والإسكان والصحة والرفاه والمواصلات والزراعة.
وليس سرا أن كل هذه الوزارات هي وزارات إسرائيلية لها ارتباطها المباشر مع المؤسسة الإسرائيلية، ومع مكتب رئاسة الحكومة، ومكتب رئاسة الدولة الإسرائيليتين، وأن كل الوزراء فيها هم من المجتمع الإسرائيلي (اليهودي).
وليس سرا أن هذه الوضعية من الارتباط الرسمي مع هذه الوزارات جعلت كل رئيس سلطة محلية عربية، بمن فيهم الشيخ رائد صلاح (فك الله أسره)، على ارتباط رسمي مع هذه الوزارات ووزرائها، ومع مكتبي رئاسة الحكومة والدولة الإسرائيليتين، من أجل الحصول على كافة حقوق كل سلطة محلية عربية؛ على صعيد الخرائط والتنظيم والميزانيات والتعليم والصحة والمواصلات والرفاه والبنى التحتية والرياضة … إلخ.
ولذلك كان الشيخ رائد صلاح، كغيره من رؤساء السلطات المحلية العربية، يتواصل رسميا مع تلك الوزارات والمكاتب للحصول على كل حقوق بلدية أم – الفحم. وفي نفس الوقت كان يتصل بهذه الوزارات والمكاتب كجزء من وفود لجنتي المتابعة والقطرية للحصول الجماعي-بناء على جهد جماعي ونضال جماعي-على كل حقوق السلطات المحلية العربية المختلفة والكثيرة.
ولا شك أن السلطات المحلية العربية كانت، ولا تزال، تعاني من سياسات التمييز العنصري، وشح الميزانيات، ومصادرة حقوقها اليومية، وهدم بيوت مواطنيها، ومصادرة أرضهم، وعرقلة مسيرتها في قضايا التخطيط والبناء والتعليم والصحة والرياضة… إلخ.
ولا شك أن هذه الأجواء أوجدت حالة صدام دائم بين السلطات المحلية العربية وبين تلك الوزارات والمكاتب الإسرائيلية، بموازاة الاتصال الرسمي مع ذات هذه الوزارات والمكاتب الإسرائيلية.
وعلى هذا الأساس فليس سرا أن الشيخ رائد صالح، كغيره من سائر رؤساء السلطات المحلية العربية، ومن سائر أعضاء وفود لجنتي القطرية والمتابعة، كان له، أو أنه شارك في أكثر من لقاء مع رؤساء حكومة أو رؤساء دولة أو وزراء إسرائيليين، وكانت كل هذه اللقاءات – دون استثناء- تحت سمع وبصر وسائل الإعلام المختلفة وكاميراتها وتلفازاتها، ولذلك جرى خلال هذه اللقاءات الرسمية التقاط مئات الصور للشيخ رائد صلاح، كغيره من سائر رؤساء السلطات المحلية العربية، وسائر أعضاء وفود لجنتي القطرية والمتابعة، ولم ينكر ذلك في يوم من الأيام. وحتى الآن لم نأت بأي جديد حتى هذا السطر من هذه المقالة.
ولكن الشيء الجديد، والمضحك بالتأكيد، أن قلة قليلة-وهي معروفة لدينا-تعمل في هذه الأيام على نشر بعض الصور للشيخ رائد صلاح عبر بعض مواقع التواصل أو صفحات التواصل، مع رئيس حكومة أو رئيس دولة أو وزير إسرائيلي، عندما شغل منصبه الرسمي كرئيس بلدية أم – الفحم، وكأن هذه الصور كانت سرا حتى نجحت هذه القلة القليلة بالكشف عنها!!
ومما يثير الضحك أكثر على هذه القلة القليلة، ومما يجعلها محطا للسخرية والإشفاق عليها (لأنها في الحقيقة في حالة يرثى لها وتستحق الشفقة) أنها باتت تسول لها نفسها المسكينة، أن تبني روايات خرافية خيالية بناء على هذه الصور الرسمية الفوتوغرافية الجامدة-والتي ما كانت سرا في يوم من الأيام، ولم تكن حكرا على الشيخ رائد صلاح، حيث أنه التقطت مئات الصور الرسمية الجامدة لكل رئيس سلطة محلية عربية، ولكل عضو في أي وفد من وفود لجنتي القطرية والمتابعة.
وعلى سبيل المثال، نشرت تلك القلة القليلة المتلهية، صورة يظهر فيها الشيخ رائد صلاح مع إيهود براك ويوسي بيلين، ثم راحت تستنطق هذه الصورة الرسمية الجامدة وتدَّعي –سذاجة-أن هذه الصورة الرسمية الجامدة تقول لهم: إن الشيخ رائد صالح سعى لإنجاح إيهود براك وإسقاط بيبي نتنياهو في إحدى دورات لعبة الكنيست السابقة!!
وما هو دليل هذه القلة القليلة المسكينة على هذه الفرية؟ّ! دليلها هذه الصورة!! يا للعجب! وكأن هذه القلة القليلة تجهل أو تجاهلت عن سبق إصرار أن إيهود براك كان ذات يوم وزيرا للداخلية قبل أن يكون مرشحا لرئاسة الحكومة، وأن يوسي بيلين كان وزيرا من ضمن وزراء حكومة رابين، وأن الشيخ رائد صلاح كان قد عقد لقاء أو أكثر مع هذين الوزيرين، كغيره من سائر رؤساء السلطات المحلية العربية وأعضاء وفود لجنتي المتابعة والقطرية!! إلا أن هذه القلة القليلة المسكينة تجاهلت كل ذلك، عن سبق إصرار، من أجل أن تبرر ادعاءها الذي تقول فيه: بما أن الشيخ رائد صلاح سعى لإنجاح براك وإسقاط نتنياهو فإنه يحق للقائمة المشتركة اليوم أن تجرّ جماهيرنا الكادحة خلفها بادعاء أنها تريد إسقاط نتنياهو حتى لو كان البديل غانتس!!
والعجيب أن هذه القلة المسكينة تلتقي في ذات الخندق مع نتنياهو تحديدا وبالذات، وهو الذي استخدم تلك الصورة في دعايته الانتخابية في نيسان الماضي لمناكفة منافسيه، ولتضليل المصوتين في الشارع اليهودي!! ولا ريب أنها محاولات رخيصة لخداع جماهيرنا الكادحة والضحك عليها، وتمرير شطحات أيمن عودة الباطلة المرفوضة، التي بات يحاول فيها شرعنة مبدأ التحالف مع ما يسمى بيسار -الوسط الصهيوني، وشرعنة الانخراط في مظاهرات حزب أزرق-أبيض وبقايا حزبي ميرتس والعمل!! إلى جانت تمرير شطحات د. منصور عباس الذي أعلن عن اكتشاف “الصهيونية لايت”، وعن إمكانية عقد لقاءات مع حاخامات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، وعن إمكانية العمل المشترك مع الحاخام ملكيئور!! إلى جانب شطحات المرشح وليد طه وهو يتحدث عن دعم نتنياهو وحكومة اليمين مقابل أوهام، إلى جانب تمرير شطحات عايدة توما ودعوتها إلى مناصرة الشذوذ الجنسي!! إلى جانب شطحات الطيبي الخليجية وسائر شطحات القائمة المشتركة!!
• ولا أدري لماذا تتجاهل هذه القلة القليلة أن الشيخ رائد صلاح، الذي يلصقون به هذه الخرافة هو الذي كان قد عرض عليه كل من سفير مصر وسفير الأردن وممثل عن منظمة التحرير السعي إلى إنجاح براك وإسقاط نتنياهو، إلا أنه رفض كل عروضهم. وقد كتبتُ عن ذلك بالتفصيل في مقالة بعنوان: جدلية العلاقة بين لعبة الكنيست والحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، خلال دورة لعبة الكنيست رقم واحد وعشرين!!
ولذلك أنصح هذه القلة القليلة التي تخترع الأوهام لتضليل بسطاء الناس وأقول لهم: إذا بتم توقنون أن جماهيرنا الكادحة في الداخل الفلسطيني قد ملّت كلَّ شعاراتكم الكنيستية الوهمية المستهلكة فإن هذا ليس عذرا لكم حتى تفتروا على الشيخ رائد صلاح!!
أتمنى عليكم أن تنافسوا غيركم بشرف وصدق وشفافية، ودون اختلاق أوهام ما أنزل الله بها من سلطان!! حتى لو خالفكم ورفض لعبة الكنيست؛ لعبة السيد الإسرائيلي!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى