أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

كل عام وأنت بخير يا قدسُ

طه محمد اغبارية
كل عام وأنت بخير يا قدس! كل عام وأنت بخير أيها المسجد الأقصى المبارك! كل عام وأنتم بخير أيها المرابطون والمرابطات في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس!
ها هو الاحتلال الإسرائيلي، كعهدنا به، لا يزال يتميز بغباء مفرط وغرور سمج فاق بهما كل أقرانه من محتلين في الماضي، ومن محتلين اليوم، ومن محتلين في المستقبل. وها هو غباؤه قد خدعه، وها هو غروره قد أتعبه، إذ بدافعٍ من هذين المرضين الخبيثين العضالين ظن هذا الاحتلال الإسرائيلي الظلوم الغشوم أن أهلنا المرابطين والمرابطات في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس قد أرهقتهم عبادة الرباط، وقد فترت همتهم عن نصرة القدس والمسجد الأقصى المباركين، وقد أرعبتهم بنادق الاحتلال الإسرائيلي وهراواته وجلاوزته، وأن الظرف قد بات مواتيا له كي يستفرد بالمسجد الأقصى، وكي يفرض سيادته الباطلة عليه، وكي يبيح لنفسه ولسائر رعاعه أداء طقوسهم التلمودية في كل مصليات المسجد الأقصى وساحاته ومصاطبه، ففرك يديه فرحا، واستنفر كل رعاعه من كل شبر استوطنوه في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس في فجر اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، الذي مر علينا قبل بضعة أيّام، وراح يطقطق ويقعقع ويهملج ويرطن رطنَ سجْعِ الكُهّان مزبدا مربدا، وواعدا متوعدا، وزافرا شاهقا، وجائحا مهددا، ومثرثرا مبربرا، ظانا أنه بذلك سيلقي الفزع في قلوب المرابطين والمرابطات في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، وأنه سيفرض عليهم الاختباء في غرف نومهم في فجر اليوم الأول من هذا العيد المبارك، وإنْ صلوْا صلاة العيد، فسيصلونها وهم يرتجفون من الهلع مع أطفالهم في بيوتهم أو في مساجد أحيائهم القريبة من بيوتهم!! ولكن كانت المفاجأة الشريفة المشرّفة، وما أكثر مفاجآت المرابطين والمرابطات الشريفة المشرفة! كانت المفاجأة أن احتشد عند بزوغ صباح اليوم الأول من هذا العيد المبارك مائة ألف من هؤلاء المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك، نافرين مستنفرين من النقب والمثلث والجليل ومن المدن الساحلية؛ عكا وحيفا ويافا واللد والرملة ومن كل حارات القدس المباركة، ومن رحاب الضفة الغربية المحتلة، وهم يرددون على ألسنة كبارهم وصغارهم ورجالهم ونسائهم، والفرحة تشرق من وجوههم: بالروح بالدم نفديك يا أقصى! فغاب الاحتلال الإسرائيلي عن وعيه أكثر مما هو غائب عن وعيه، وصدمته المفاجأة، والتصق لسانه بحلقه، وسرى الشلل في جسده من رأسه حتى أخمص قدميه، وضرب أخماسا بأسداس وهو لا يدري ماذا يفعل، وفكر وقدر، فقتل كيف قدر، ثم عبس وبسر وقال إن هذا إلا سحر يؤثر. ثم راح يخاطب نفسه كمن أصابه مس من الجن، وراح يقول لها هامسا تارة، وصارخا تارة أخرى، ومتلعثما تارة ثالثة، ومتسائلا تارة رابعة، ومتشككا بما ترى عيناه تارة خامسة، وراح يتمتم وشفتاه ترتجفان بعد أن انقلب سحره عليه: أحقا ما تراه عيناي؟! أم أنا في كابوس مشؤوم؟! أو لعلني نائم وما أراه حلم أسود؟! أحقا ما يقع بصري عليه الآن؟! مائة ألف من المرابطين والمرابطات تركوا فرحة العيد خلفهم في النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية عكا حيفا ويافا واللد والرملة، وفي حارات القدس والضفة الغربية المحتلة، وتركوا أطفالهم رقودا في فراشهم ونفروا واستنفروا إلى المسجد الأقصى منذ ساعات الليل الأخيرة التي سبقت فجر اليوم الأول من عيدهم؟ّ! من ألَّف بين قلوب هؤلاء؟! ومن ربط على قلوبهم؟ ومن شحذ هممهم؟ ومن أفرغ عليهم الصبر والمصابرة والثبات؟! ومن زودهم بالشجاعة والمناعة والقناعة؟! ومن أجرى في دمائهم حب التضحية وصفاء النية ونقاء التجرد؟!
ومن حيثُ لا يشعر هذا الاحتلال الإسرائيلي الغبي المغرور راح يضرب بيده على رأسه، وكاد أن يضرب بحذائه على رأسه لولا ضيق الوقت، وتورم أنفه محمرا، وتراقص حاجباه غضبا، وعادت شفتاه ترتجفان من نفَسه، وواصل يتمتم بلهجة الساخر بنفسه على نفسه: لتذهب مخابراتنا إلى الجحيم؟! لقد ادعوا طوال الوقت أنهم يعرفون ماذا تأكل النملة في أودية اليمن؟! وماذا تشرب الجمال في صحراء موريتانيا؟! وأين تبيت القرود في غابات السودان؟! وماهي كل أصناف الطعام والبوظة والعصائر والحلويات في برج خليفة؟! وكم عدد الذين يحششون ليلا على ضفاف النيل؟! وكم عدد الأسرى والجرحى والشهداء من اللاجئين الفلسطينيين في سجون بشار الأسد؟؟! وكم عدد من يزورون مقام أبو لؤلؤة الفيروز الذهبي يوميا في إيران؟! وما هو الرقم الأخير حتى الآن للعلماء والدعاة وحفظة القرآن وأئمة المساجد الذين زج بهم محمد بن سلمان في سجونه؟! ثم سكت هنيهة هذا الاحتلال الزائل عما قريب، ثم واصل يتمتم صارخا: مخابراتنا أغبياء.. كذابون… جاهلون.. دجالون.. قالوا لنا: لقد أخمدنا أنفاس المرابطين والمرابطات، ولا رباط بعد اليوم في المسجد الأقصى، لا سيما بعد أن حظرنا الحركة الإسلامية… ولكنهم يخدعوننا! فهاهم مائة ألف مرابط ومرابطة اليوم يحتشدون أمام عيني في المسجد الأقصى المبارك!! تبا لهذه المخابرات التي استباحت كل وسائل القمع، ورغم ذلك ظلت القدس والمسجد الأقصى المباركان في قلب كل مرابط ومرابطة، ولا يزيدهم من بأساء وضراء وزلزلة إلا حُبا لهما وإصرارا على عبادة الرباط فيهما!! نعم وألف نعم! هكذا كان حال الاحتلال الإسرائيلي صبيحة اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك. لقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وكسا وجهه الغبرة والقترة، فكان باسرا خاسرا حاسرا. فبوركتم يا كل أهلنا يا من رابطتم في المسجد الأقصى المبارك وصليتم صلاة العيد فيه، مؤكدين أن المسجد الأقصى المبارك حق إسلامي عروبي فلسطيني فقط، ولا حق للمشروع الصهيوني ولا للمجتمع الإسرائيلي ولا الاحتلال الإسرائيلي ولو في ذرة تراب من المسجد الأقصى المبارك، ولو اقتحمه ألف أو ألفان أو ألوف من رعاع الاحتلال الإسرائيلي. فسيقتحمونه محتلين ويخرجون منه محتلين، وما كل محتل إلا إلى زوال، ولن يعترف مرابطٌ بشرعية وجود لهم أو سيادة لهم ولو على متر مربع من المسجد الأقصى المبارك. فهُم باطلٌ، ووجودهم في السجد الأقصى المبارك باطل، وتأديتهم لطقوس تلمودية في المسجد الأقصى المبارك باطلة، وادعاؤهم أن لهم سيادة في المسجد الأقصى المبارك أو أدنى حق فيه باطل. لذلك ولأن الاحتلال الإسرائيلي ورعاعه كذلك، فهم إلى زوال قريب بإذن الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى