أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

ليس المهم فقط من خسر أو ربح في لعبة كنيست (9/4/2019)

عبد الإله وليد معلواني

ليس المهم فقط مَنْ خسر ومَنْ ربح في لعبة الكنيست، وليس المهم فقط كم كانت نسبة المشاركين في هذه اللعبة من جماهيرنا في الداخل الفلسطيني وكم كانت نسبة المقاطعين لها من هذه الجماهير، وليس المهم فقط كم كانت نسبة الألعاب البهلوانية التي مارسها البعض في آخر ساعة من يوم انتخابات الكنيست، والتي جعلت من غير المصوت مصوتا في هذه الانتخابات رغم أنفه، وليس المهم فقط من سيقود مجلس الكنيست الذي هو امتداد لمجلس حاخامات الكنيست التي ورد الحديث عنها في (المشناه) إحدى المراجع الدينية اليهودية، هل هو يمين نتنياهو أم يمين غانتس، وهل هي فاشية نتنياهو ام فاشية غانتس، وليس المهم فقط ما هو مصير من ربح في لعبة الكنيست من أعضاء كنيست عرب او قوائم كنيستية عربية، بل الأهم من كل ذلك ما يلي، وكان وسيبقى هو الأهم قبل نتائج لعبة الكنيست وبعدها:

1. لا نعترف بالسياسة التي تدفع أصحابها إلى خوض لعبة الكنيست والتي قامت أصلا على تجاهل الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية وعلى مصادمة هذه الثوابت بذرائع لا لون لها ولا طعم ولا رائحة في ميزان فهمنا العقائدي السليم، وفي ميزان فهمنا القومي الصافي، وفي ميزان فهمنا الوطني الأصيل، ولذلك لا بد من مواصلة السعي بأدب القلم وأدب اللسان لإنقاذ جماهيرنا في الداخل الفلسطيني من لوثة هذه السياسة التي شرعنت باطلا لعبة الكنيست.

2. لا نعترف بالسياسة النابعة من اجتهادات مزاجية فردية ضيقة، دفعت أصحابها إلى خوض لعبة الكنيست، وقدّمت القول على العمل، والشعار على التنفيذ، والوهم على الواقع، والسراب على الحقيقة، والوعود على العطاء، وباعت كل هذه البضاعة الكاسدة لجماهيرنا في الداخل الفلسطيني على مدار سبعين عاما، وأصرت على بيعهم هذه البضاعة الكاسدة في يوم انتخابات الكنيست الأخير بتاريخ 9/4/2019. ولذلك إن حملة الوعي التي خضناها بأدب القلم وأدب اللسان يجب أن تتواصل قبل هذا اليوم المشؤوم وبعده كيما ننقذ جماهيرنا في الداخل الفلسطيني من فتنة لعبة الكنيست، ومن فتنة هذه البضاعة الكاسدة، حتى تدرك هذه الجماهير عن وعي لا ريب فيه أنه ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس كل سراب هو ماء، وما أصدق المتنبي حين قال:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم.

3. لا نعترف بهذه السياسة الرجعية في عمرها، والخائبة في سعيها، والصفرية في نتائجها، والتي أعطت لنفسها تجربة سبعين عاما فما زادتها هذه الأعوام إلا رجعية وخيبة وصفرية، ومع ذلك ورغم أن أصحابها يعرفون حقيقتها، ويعرفون حقيقة ما أوصلتهم إليه إلا أنهم ظلوا يتعاملون مع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني كأنها تلك الجماهير ذات (الوعي المفقود)، وكأنها تلك الجماهير التي أصبحت (معجونة أطفال) يمكن صياغتها فقط على شكل يحقق المصالح النفعية الشخصية ولا أقول الحزبية لأصحاب هذه السياسة الرجعية الخائبة الصفرية!! ولذلك نحن مطالبون من باب الوفاء لهذه الجماهير التي قمنا لخدمتها أن نواصل قرع الجرس، وأن نواصل دعوة هذه الجماهير الحرة أن تتحرر من لعبة (معجونة الأطفال) التي أرادها لها أصحاب هذه السياسة الرجعية الخائبة الصفرية!! وأن نواصل خطاب أصحاب هذه السياسة بأدب القلم وأدب اللسان قائلين لهم بلهجة المستنكرين، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا!! ثم أن نواصل تنبيه هذه الجماهير حُبّاً لها ونصحا وحرصا على وعيها ودورها حاضرا ومستقبلا: احذروا أن يمرر عليكم البعض لعبة الانحياز لليميني غانتس لدحر اليميني نتنياهو!! أو لعبة الانحياز للفاشي غانتس لدحر الفاشي نتنياهو!! أو لعبة تقمص أضحوكة (الجسم المانع) بادعاء أنه ليس من أجل تأييد غانتس بل من أجل إسقاط نتنياهو!! أو لعبة الانخراط الكلي في كل لعبة الكنيست والانضمام الصريح إلى الحكومة اليمينية الفاشية برئاسة غانتس كي يكون وزن لعضو الكنيست العربي!! أو لعبة تأييد غانتس إضطرارا من باب اختيار أخف الشرين لدفع عجلة السلام والمساواة إلى الأمام!! او لعبة (قربط بالمنحوس قبل ما يجيك أنحس منه)!!

4. إن من الواضح لكل عاقل أن المرحلة التي ستعيشها جماهيرنا في الداخل الفلسطيني بعد يوم انتخابات كنيست (9/4/2019)، هي أخطر مرحلة ستعيشها جماهيرنا بعد نكبة فلسطين، فهي ليست فقط مرحلة نهب أوقاف وانتهاك مقدسات ومصادرة أرض وهدم بيوت وسلب حقوق ومطاردة أمنية ولغة اعتقال وتكميم أفواه وسجن إداري وإبعاد متواصل وحظر متواصل، بل هي مرحلة ما بعد ذلك، هي مرحلة ما بعد إقرار قانون القومية الإسرائيلي وفرض يهودية الدولة الإسرائيلية، وهي مرحلة إسقاط صفة الاحتلال عن القدس والمسجد الأقصى المباركين، وعن غزة العزة والضفة الغربية والجولان العربي المحتل !!، باختصار هي مرحلة العلو الكبير الإسرائيلي ومحاولة ترحيلنا من الداخل الفلسطيني!! لذلك المطلوب فورا تبني سياسة الصمود بكل ثمن في أرضنا وبيوتنا ومقدساتنا، وانتخاب مباشر للجنة المتابعة العليا، وتعزيز النضال الشعبي على المحور المحلي والدولي حتى يأتي أمر الله تعالى.

لعبة الكنيست والصعود إلى القمر

أما وقد انجلى غبار لعبة الكنيست، وظلت القوائم العربية التي خاضت هذه اللعبة هي الخاسر الدائم، لأن السبعين عاما التي مضت على هذه اللعبة أثبتت أن وجود أعضاء كنيست عرب باسم هذه القوائم وعدم وجودهم سواء، لذلك فمن حظي من هذه القوائم العربية الكنيستيه بوجود أعضاء كنيست باسمه على أثر لعبة انتخابات الكنيست (9/4/20416) فهو خاسر، ومن لم يحظ منها بوجود أعضاء كنيست باسمه على أثر هذه اللعبة فهو خاسر كذلك، وسينتهي الحال بجميع هذه القوائم لما قلناه ولكل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني: إن محصلة كل جهود أعضاء الكنيست العرب منذ سبعين عاما لا تزال تساوي صفراً، وسواء كان الصفر واحدا ، أو كان عشرة أصفار فستبقى القيمة واحدة لا تتغير، ستبقى صفرا، ولذلك كم تمنينا على القوائم العربية التي خاضت لعبة انتخابات الكنيست أن تكون صريحة مع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني، وألا تبيعهم الوهم، خلال حديثها أو كتابتها لهم عن الوعود العتيدة التي ستنجزها تحت سقف الكنيست، ولكن مع شديد الأسف فقد باعت كل هذه القوائم العربية الوهم لجماهيرنا الموجوعة عندما صَوَّرت لها خلال وريقاتها التي وزعتها عليها والتي تحدثت فيها بلهجة شطحات (دون كيشوت) ما هي الوعود العتيدة التي قطعتها على نفسها كيما تنجزها تحت سقف الكنيست،!! وكم سيتعجب من يقرأ هذه الوريقات، لدرجة أنه يخرج بانطباع أنه لم يبق إلا أن تقول هذه القوائم العربية انها إذا خاضت لعبة الكنيست فستصعد إلى القمر ثم المريخ بجماهيرنا في الداخل الفلسطيني، ثم ستصعد بها إلى الثقب الأسود، وأنها ستضع بين يدي هذه الجماهير سر صناعة القنبلة الذرية، ثم سر صناعة القنبلة الهيدروجينية، ثم سر صناعة القنبلة النيتروجينية!! قد يقول لي قائل: لماذا تسخر من غيرك؟! ولماذا تضحك عليه؟! فأقول جازما غير حانث: أنا لا أسخر من أحد، ولا أضحك على أحد، وحاشا لله تعالى أن أكون من الجاهلين، بل بات واقع حالنا المتردي ينطبق عليه قول الحكيم: شر البلية ما يضحك!! وإلا هل يصدق عاقل أن القوائم العربية التي لا تزال تخوض لعبة الكنيست منذ سبعين عاما، والتي لا تزال رهينة خانة الصفر في محصلة جهودها، يمكن لها أن تحقق كل هذه الوعود التي قطعتها على نفسها في وريقات دعايتها الانتخابية للعبة الكنيست، بل هل يمكن لها أن تحقق ولو وعدا واحد منها ، فلماذا لا يزال الاستخفاف بعقول جماهيرنا المعذبة هو سيد الموقف لدى كل هذه القوائم العربية الكنيستية، وحتى أقيم الدليل على ذلك بعيدا عن المزايدات، فقد قرأت هذه الوريقات التي وزعتها هذه القوائم العربية قبيل أيام على لعبة انتخابات كنيست (9/4/2019)، فوجدت أنها قد وعدت هذه الجماهير الصامدة بهذا الكم المنفوخ من الوهم، وهاكم عناوين هذه الوهم التي وردت في وريقات هذه القوائم العربية:

1. العمل على توسيع مسطحات بلداتنا العربية وتطويرها عمرانيا وثقافيا وصناعيا
2. العمل على بناء مجتمع آمن وقادر
3. العمل على مواجهة ظاهرة العنف تحت سقف الكنيست ومن على منبرها
4. العمل على تحقيق الأمن السياسي والأمن الاقتصادي والأمن المجتمعي
5. العمل على تعزيز مكانة وحضور اللغة العربية في الحيز التعليمي والعام
6. العمل على مأسسة لجنة المتابعة العليا!! ولكن ليت شعري لو يخبروننا ما هي تلك العلاقة الحميمية بين لعبة الكنيست وتضحيات لجنة المتابعة
7. العمل على ضمان حق الجماهير العربية بتنمية وتطوير هويتها الوطنية والقومية وإدارة شؤونها التعليمية بذاتها!! ولكن ليت شعري: ألا يوجد تناقض صارخ بين هذا الوعد الثقيل وبين لعبة الكنيست
8. العمل على دحر اليمين الاسرائيلي والفاشية الإسرائيلية!! ولكن ليت شعري هل غاب النهج اليميني الفاشي عن الكنيست منذ سبعين عاما سواء كان بقبعة يمينية إسرائيلية أو بقبعة يسارية إسرائيلية؟! وهل البديل عن يمين وفاشية نتنياهو إلا يمين وفاشية غانتس
9. العمل على الانتصار للمسجد الأقصى وقضاياه الساخنة مثل باب الرحمة وإبعاد الأهل المرابطين في المسجد الأقصى!! ولكن ليت شعري ليتني لو أفهم ماهي العلاقة بين لعبة الكنيست ومعاناة المسجد الأقصى وأهله؟! ألم يغب أعضاء الكنيست العرب بالمطلق عن المسجد الأقصى عندما منعهم نتنياهو عن دخول المسجد الأقصى، ثم دخلوا إليه عندما أذن لهم نتنياهو بالدخول إلى المسجد الأقصى، ومن هي الكنيست بجانب عظمة المسجد الأقصى.
10. العمل على تدويل قضايا الجماهير العربية وإيصالها إلى مختلف المحافل الدولية!! ولكن ليت شعري إذا أصبحت هذه الخطوة مشروعة فلماذا عَطَّلت بعض القوائم العربية الكنيستية دور لجنة العلاقات الخارجية في لجنة المتابعة العليا، حيث كانت تهدف تلك اللجنة إلى تدويل قضايانا.

على أثر ما كتبت في هذه المقالة فإنه لا يقلقني فقط من خسر أو ربح في لعبة الكنيست الأخيرة، بل الذي يقلقني أن لعبة الكنيست دفعت هذه القوائم العربية الكنيستية إلى بيع الوهم لجماهيرنا الصابرة في الداخل الفلسطيني، وإلى صناعة حياة وهمية لها لا توجد إلا في العالم الافتراضي حيث الخيال الجامح لمواقع التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى