أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

أبشروا!! لن يكون إلا خيرا

د. أنس سليمان أحمد

إن أبناء المشروع الإسلامي يحبون الحياة، ويحرصون أن تكون حياتهم في سبيل الله تعالى، كما يحرصون أن يكون موتهم في سبيل الله تعالى، ويعون جيداً أن الحياة في سبيل الله تعالى قد تكون أصعب على المسلم من الموت في سبيل الله، لذلك فهم يدركون سلفاً أنهم يحيون في الأرض للقيام بمهمة خلافة الأرض التي ورثوها عن أبيهم آدم عليه السلام، ملتزمين بملة نبي الله إبراهيم عليه السلام ومقتدين بخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مما دفعهم سلفاً أن ينذروا لله أنفسهم وأعمارهم وأموالهم وطاقاتهم، فهم في هذه الدنيا القصيرة بالله ولله وإلى الله، وهم لا يتمنون لقاء العدو ولكنهم لا يتنازلون عن أي ثابت من ثوابتهم الإسلامية العروبية الفلسطينية لإرضاء أي عدو، ويعضون بالنواجذ على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أرضى الناس بسخط الله وكلّه الله للناس، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس” ـ وهم لا يتعجلون البلاء، ولكن إذا وقع عليهم صبروا، وزادهم البلاء ثباتاً ومضياً في طريق الحق الذي سلكوه، متسلحين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل” ومستأنسين بقول الشيخ عبد القادر الجيلاني – قدّس الله سره- (إنما وُكّل البلاء بالولاء كي لا يدّعي الولاء الكثير، لولا البلاء لأدّعى الولاء الكثير)، ولذلك إن قيل لهم: إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم ما زادهم ذلك إلا إيماناً وتسليما، وإن قيل لهم إن المؤسسة الإسرائيلية حظرت الحركة الإسلامية (فلا تحملوا السلم بالعرض) قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل وسنحيّى ونموت مرابطين لله تعالى في القدس والمسجد الأقصى وأكنافهما، وإن قيل لهم لقد بدأت السجون تفتح أبوابها – أفراداً وقيادات- قالوا: إذا لم تُسجن قلوبنا وثوابتنا وكلمة الحق وهمة الصمود فينا فلن نكون مسجونين!! وإن قيل لهم إن معسكر الفساد والانحلال والزندقة مكروا مكرهم في الليل والنهار قالوا: (” وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال”). نعم هؤلاء هم أبناء المشروع الإسلامي وهذا سمتهم في المكره والمنشط، وفي العسر واليسر، وفي الفرج والكرب.

فإلى هؤلاء.. إلى القابضين على الجمر أقدم هذه النصائح:
1. إن المشروع الإسلامي طويل وشاق يقوم على العزيمة والتضحية، ومفروش بالأشواك، ويتطلب الصبر والثبات والتجرد الكامل لله تعالى.

2. يوضح الامام المجدد حسن البنا سنة التمحيص في طريق المشروع الإسلامي بقوله: (سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم، وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله، وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان، وستقف في وجهكم كل الحكومات على السواء، وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم. وسيتذرع الغاصبون بكل طريق لمناهضتكم وإطفاء نور دعوتكم وسيستعينون من أجل ذلك بالحكومات الضعيفة، والأخلاق الضعيفة، والأيدي الممتدة إليهم بالسؤال، وعليكم بالإساءة والعدوان، ويثير الجميع حول دعوتكم غبار الشبهات وظلم الاتهامات، وسيحاولون أن يلصقوا بها كل نقيصة وأن يظهروها للناس في أبشع صورة، معتمدين على قوتهم وسلطانهم، ومعتدين بأموالهم ونفوذهم (“يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون” )، وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان، فتسجنون وتعتقلون وتقتلون وتشردون، وتصادر مصالحكم وتعطل أعمالكم وتفتش بيوتكم، وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون). ولكن الله وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثوبة العاملين المحسنين).

3. لذلك فإن على أبناء المشروع الإسلامي أن يُعدّوا لذلك: (إيماناً لا يتزعزع، وعملاً لا يتوقف، وثقة بالله لا تضعف، وأرواحاً أسعد أيامها يوم تلقى الله شهيدة في سبيله).

4. وإن على أبناء المشروع الإسلامي أن يعلموا أنهم لن يُغلبوا من قلة عددهم، ولا من ضعف وسائلهم، ولا من كثرة خصومهم، ولا من تألّب الأعداء عليهم، ولو تجمع أهل الأرض جميعاً ما استطاعوا أن ينالوا منهم إلا ما كتب الله تعالي عليهم.

5. وأن على أبناء المشروع الإسلامي أن يواصلوا الاستعداد لمواجهة محطات التمحيص بـ (إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلّون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره).

6. وليعلم أبناء المشروع الإسلامي أنهم سيصطدمون بطابور المثبطين الذي سيواصلون الشماتة بألسنتهم وأقلامهم بأبناء المشروع الإسلامي كلما نزل عليهم بلاء، وسيكون لسان حال هذا الطابور من المثبطين كما قال طابور المثبطين للصحابة رضي الله عنهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو كانوا عندنا ما قتلوا”، ولذلك وجب على أبناء المشروع الإسلامي ألا يصغوا بسمعهم لهذا الطابور المثبط، الذي ليس جديداً على مسيرة المشروع الإسلامي، وأن يكون ردهم على أجناد هذا الطابور المثبط: (” سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين”).

7. وليعلم أبناء المشروع الإسلامي أن البلاء لو كان عيباً سواء كان سجناً أو قتلاً أو اعتقالا أو إبعاداً أو حظراً أو مطاردة أو تهديداً، لو كان عيباً لما ألقي نبي الله إبراهيم في النار، ولما وُضع السكين على عنق نبي الله إسماعيل، ولما ذُبح نبي الله يحيى في المحراب، وما نُشر نبي الله زكريا بالمنشار، ولما اجتمع الفقر والمرض والهجران على نبي الله أيوب، ولما عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وعشرين عاماً يتقلب فيها بين بلاء الجوع وبلاء المرض وبلاء الأذى وبلاء موت الأحبة وبلاء الإخراج من أرضه وبيته وبلده مكة المكرمة وبلاء تربص الكفار وكيد المنافقين ومكر يهود المدينة وعربدة الفرس وتهديدات الروم.

8. فهي الدنيا دار بلاء، وهو البلاء سلم ولاء، وهو الولاء منزلة صفاء، وهو الصفاء مدخل إلى دار الهناء (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
9. فأعلموا يا أبناء المشروع الإسلامي (أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبشرا لن يكون إلا خيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى