أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

نيويورك تايمز: آمال الربيع العربي الميتة تنتعش في الجزائر والسودان.. خوف من الجنرالات وتجنب الإنزلاق للعنف

قال مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” إن الآمال التي انتعشت أثناء الربيع العربي تحيا من جديد في شمال أفريقيا. وقال إن المحتجين في السودان يعتصمون مطالبين برحيل زعيم البلاد الذي يحكمها منذ وقت طويل، أما في الجزائر فقد أجبرت الملايين الحاكم الثمانيني على الإستقالة الأسبوع الماضي. وفي ليبيا يحاول جنرال عجوز تنصيب نفسه حاكما قويا جديدا بوعود إنهاء الفوضى التي انتشرت بعد الإطاحة بالديكتاتور الذي حكم البلاد لعقود حتى عام 2011.
ويقول كبرباتريك إن الأمال التي ألهمت انتفاضات الربيع العربي “حمضت” منذ فترة طويلة. لكن تردداتها تشاهد اليوم في كل المنطقة وتهز عروش الطغاة وتطرح أسئلة حول جدية حول المستقبل. ويضيف أن المحاربين السابقين في الربيع العربي يحاولون فهم مشاهد الإحتجاج الجديدة وإن كانت استعادة لفصول قصة مشتركة. فالمعتصمون في السودان المطالبين برحيل عمر حسن البشير يستحضرون نفس الصور والشعارات التي هتف بها المحتجون في ميدان التحرير أو تلك التي هتف بها التونسيون قبل 8 أعوام خارج وزارة داخلية زين العابدين بن علي. ورغم الجذل إلا أن النكسات والخيبات معروفة. فربما أجبر جنرالات الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الرحيل بعد عشرين عاما في سدة الحكم لشراء رضا الجماهير إلا أن الجزائريين يواجهون مصاعب تحدي النظام المتمكن والفساد والمحسوبية التي خلفها النظام وراءه. أما الجنرال العجوز الذي يحاول إنهاء الفوضى في ليبيا من خلال إنشاء حكم استبدادي جديد فيعمل على استحضار النتائج غير السعيدة في مصر والبحرين واليمن. وينقل الكاتب عن إسلام لطفي، الناشط المصري الذي كان من قادة انتفاضة عام 2011 ضد حسني مبارك قوله” التاريخ يعيد نفسه” وهو “شعور بأننا كنا هناك” (ديجافو). وفوق كل هذا فالموجة الجديدة في عموم شمال أفريقيا هي تذكير بأن معاني الربيع العربي لا تزال محلا للنزاع والتنافس.
ففي الوقت الذي حاولت فيه الأنظمة الديكتاتورية العربية نشر فكرة أن الثورات العربية أدت إلى انتشار الهرج والمرج فإن الشباب الجزائري والسوداني تعلم بشكل كاف من دروس الماضي وأهمها: الأعداد الكافية التي تخرج ضد النظام كافية للإطاحة به. وقال الناشط والمثقف السوداني أمجد فريد “إنه درس التاريخ لعام 2011 ولكل الثورات في كل الأوقات”. ويعلق كيرباتريك أن الإضطرابات في شمال أفريقيا تؤكد أن الفكرة الرئيسية عن المشاكل الرئيسية التي أدت لاندلاع الإنتفاضة استمرت بالتفاقم، بما في ذلك زيادة نسبية في عدد السكان المحرومين خاصة الشباب، والإنظمة الإقتصادية المغلقة الفاسدة التي لم تعد قادرة على استيعاب الباحثين عن الوظائف وحكومات مستبدة وقامعة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء في وقت حذر فيه الباحثون من مخاطر تبني الحلفاء المستبدين. ووصل السيسي، 64 عاما إلى السلطة من خلال انقلاب عسكري وأغلق التجربة المصرية الديمقراطية عام 2013. وجاءت زيارته إلى واشنطن بحثا عن موافقة تكتيكية للإستفتاء الذي يريد عقده لتمديد سلطته إلى عام 2034، أي رئيسا مدى الحياة. وفي نفس الوقت عبر السيسي عن نيته لرفع الدعم عن الوقود في الصيف، وهي خطوة أدت إلى اضطرابات في الماضي وتأتي في وقت تزداد فيه نسبة البطالة والتضخم العالي. وينقل الكاتب عن فيليب غوردون، منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إدارة باراك أوباما قوله إن الإضطرابات في الجزائر والسودان تؤكد إنه لا يمكن الإعتماد على حكام ديكتاتوريين مثل السيسي لبناء استقرار دائم. وقال إنه عندما تقل قدرة النظام على القمع ينتفض السكان ضده “لا يمكن للإضطهاد أن يحميك للأبد”. ويقول الناشطون في السودان والجزائر والمتحاربون في ليبيا إنهم يريدون الفرار من مصير الدول العربية التي انتفضت عام 2011. وكلها باستثناء تونس انزلقت إلى الفوضى أو أصبحت ديكتاتورية. ويقول الناشطون في السودان والجزائر إن جنرالات البلدين يبنون نفس الأساليب التي تبناها الجيش المصري. ففي السودان قتلت قوات الأمن العديد من المتظاهرين وربما كان العدد أكبر منذ إندلاع التظاهرات في كانون الأول (ديسمبر). ورد الأطباء السودانيون بمقاطعة المستشفيات العسكرية احتجاجا على الجيش الذي يدعم البشير والأساليب الوحشية التي استخدمها لقمع المتظاهرين، حسبما قال فريد العضو في نقابة الأطباء السودانيين. ولكن الجيش بدأ بحماية المتظاهرين الذين تجمعوا أمام مقر القيادة العامة من قوات الأمن والميليشيات الموالية للبشير. ولهذا بدأت نقابة الأطباء بالعمل في المستشفيات العسكرية حسبما يقول فريد “يقوم الجيش بحمايتهم ومن المدهش الطريقة التي يقومون بعملها ويحصل الجيش على شعبية بين الناس العاديين”. وأضاف أن تكتيكات الجيش تذكره بالتجربة غير المريحة في مصر حيث أجبر الجنرالات الرئيس حسني مبارك. وحصل نتيجة لذلك على رضى وشعبية المتظاهرين الذين تعاملوا مع الجنرالات كحراس للثورة التي شاركوا فيها بالنهاية ثم سحقوها. وقال: “هذه هي المخاطر التي نواجهها اليوم” مع أنه ناقش أن تاريخ الثورات والإنقلابات حضر أحزابها السياسية للتفاوض مع الجيش. وفي مصر عام 2011 عبر الإسلاميون عن قلقهم حول كيفية تجنب “السيناريو الجزائري. فقبل عشرين عاما قام جنرالات الجيش الجزائري بإلغاء الإنتخابات التي فاز الإسلاميون فيها. ودخلت البلاد في عشر سنوات من العنف بين الجيش والإسلاميين في حرب قتلت أكثر من 100.000 شخصا. ورغم محاولة الإسلاميين المصريين دراسة الدرس الجزائري فقد تبعت انتفاضتهم نفس المسار. وفاز الإسلاميون بالإنتخابات وسيطروا على البرلمان والرئاسة في أول انتخابات حرة ونزيهة ولا يزال الجيش بعد ستة أعوام يكافح للسيطرة على تمرد إسلامي. واليوم يتساءل الجزائريون بشأن “السيناريو المصري”. وقام الجيش الجزائري بتنحية عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم بنفس الطريقة التي أطاح فيها الجيش المصري حسني مبارك. وحيا قائد الجيش المطالب الشرعية للمتظاهرين. ولكن الحكومة الإنتقالية التي عينها بوتفليقة قبل رحيله وتضم حلفاءه ورئيس وزراء متشدد لا تزال في مكانها. ولهذا لم يفرح الجزائريون كما فعل المصريون بعد تنحية مبارك واستمروا بالتظاهر مطالبين برحيل النظام كله.
وفي ليبيا قدم الجنرال الذي يريد السيطرة على العاصمة طرابلس نفسه على أنه “سيسي ليبيا”. وأعلن الجنرال خليفة حفتر خطته للسلطة في خطاب ألقاه عام 2014 والذي استعار كلماته من خطاب ألقاه السيسي قبل أشهر. وتحدث عن مجلس أعلى للقوات المسلحة الليبية، وهو غير موجود، في تقليد ساخر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية. ووعد بخطة طريق تماما مثلما وعد السيسي. ويقول أنصار حفتر أنه هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تجنيب البلاد المصير الذي أصاب سوريا واليمن. أمام أعداؤه فيقولون إنه ديكتاتور مثل السيسي ويريد التحول لرجل ليبيا القوي، على طريقة الديكتاتور السابق معمر القذافي. وبعدما انسحبت قواته من نواحي العاصمة قرر اللجوء إلى القصف الجو واستهدف المطار المدني الوحيد العامل في محاولة لعزل العاصمة. واعتبر المبعوث الأممي لليبيا، غسان سلامة القصف خرقا للقانون الدولي. وقال:” تشعر الأمم المتحدة بالقلق الشديد على سلامة المدنيين جراء العنف المتواصل والتداعيات للهجوم على المطار”. ويقول كيرباتريك إن الإضطرابات في الدول الجارة أثارت قلق البعض في دائرة السيسي، فرغم أن إعلامه احتفى بعملية حفتر إلا أنها تجاوزت الإنتفاضتين السودانية والجزائرية. ويقول خالد داوود، الصحافي المصري ورئيس الحزب الليبرالي: “هذا دليل واضح حول قلقهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى