أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الذين يريدون تركيع غزة- ستُهزمون وتولّون الدُّبر!

حامد اغبارية
ما زلنا نذكر ردّة فعل أزلام حركة “فتح” من القيادات المتنفذة عقب ظهور نتائج الانتخابات عام 2006، والتي فازت فيها حركة حماس بأغلبية أعضاء المجلس التشريعي وبرئاسة الحكومة. كانت الصدمة هي سيدة الموقف في تلك اللحظات، وبدا الأزلام كمن سقطت على رؤوسهم صخرة خرّت عليهم من الفضاء الخارجي. لم يصدقوا يومها أنهم فقدوا “الأغلبية” في أوساط الشعب الفلسطيني، تلك “الأغلبية” التي كانت في الحقيقة وهْما وسرابا سرعان ما افتُضح أمرُه مع أول تجربة حقيقية لإرادة الشعب، وهي “أغلبية” فُرضت فرضا دون أرضية حقيقية، تماما كما فُرضت منظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، دون الرجوع إلى الشعب، الذي اختطفت إرادته بتآمر من جامعة الدول العربية في مؤتمر القاهرة عام 1964، وفُرض رئيس المنظمة رئيسا للشعب الفلسطيني جبرا وقهرا، دون انتخابات، ودون أن يُسأل الشعب عن رأيه وموقفه.
منذ تلك اللحظة في عام 2006 لم يتوقف أزلام السلطة الفلسطينية، (وهي فتحاوية حتى النخاع) عن التحريض على غزة وأهلها، رافضين أن تكون للشعب الفلسطيني إرادة تفرز قيادة غيرهم. وبدلا من أن يستميلوا الشعب بأفعال تعكس ولاءً للقضية الفلسطينية، ورغبة حقيقية في تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني، قلبوا ظهر المجن لإرادة الشعب، وساهموا في تشديد الحصار على غزة، تلك البقعة الصغيرة حجما، الكبيرة فعلا وإرادة وانتماء، سعيا إلى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، بعد أن أدت فعائلهم التي مارسوها عقب نتائج الانتخابات رافضين خيار الشعب، إلى حسم المسألة عام 2007. ومنذ ذلك الوقت لم يدعوا وسيلة إلا واستخدموها، سوية مع الاحتلال، بتنسيق أمني قذر، ولاحقا مع الانقلابيين في مصر المخطوفة، ليركِّعوا غزة ويدفعوها إلى رفع الراية البيضاء، وأنّى لهم ذلك؟!!!
وها هم اليوم، بعد أن فشلت كل مؤامرتهم على غزة، التي أصبحت بوابة الأمة إلى الحرية المنشودة، يمارسون لعبة قذرة، من خلال تحريك أنصارهم في القطاع للتظاهر تحت شعار “بدنا نعيش”، ليشعلوها فتنة بين أبناء الشعب الواحد من الأهل في غزة، يرافقها تحريك ماكنة إعلامية أشد قذارة لشيطنة الجهة التي تسيطر على مقاليد الأمور هناك، وتحميلها مسؤولية تجويع الناس وإفقارهم، وكأن الاحتلال وسلطة رام الله والقاهرة المخطوفة لا علاقة لهم بجريمة تضييق العيش على غزة وأهلها. وكأن 12 سنة من الحصار المجرم، وثلاثة حروب إجرامية شنها الاحتلال على القطاع، بتواطؤ بيّن من أنظمة عربية ومن سلطة رام الله، ليست هي السبب فيما آلت إليه أوضاع الناس هناك. فما الذي جدّ الآن حتى “يستيقظ” الناس في غزة ويخرجوا في مظاهرات مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية؟ أليس الاحتلال هو سبب أوضاعهم؟ أليست سلطة رام الله هي التي تساهم في تضييق الحصار عليهم، لأهداف واضحة للجميع، على رأسها الشيطنة وإعادة سيطرتها على القطاع؟ أليست مصر السيسي هي التي سدت في وجه الغزيين الرئة الوحيدة التي يتنفسون منها؟ أليس أهل غزة، بمن فيهم هؤلاء الذين خرجوا مطالبين بتحسين أوضاعهم، هم أنفسهم الذين يخرجون بالآلاف كل يوم جمعة إلى السياج الحدودي للمطالبة برفع الحصار المجرم عنهم؟ ما الذي يحدث إذاً؟ إنها حلقة جديدة في سلسلة المؤامرات التي تحاك ضد غزة.
ثم لما فشلت كل هذه المؤامرات ضد غزة العصية على الكسر، لأنها كذلك منذ وُجدت، وفي التاريخ صفحات غزيّة مشرقة تصلح أن تدّرس في الكليات العسكرية، هام هم اليوم يريدون تحويل غزة إلى ورقة يلعبون بها في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، لتصبح الدماء الغزيّة وسيلة محترفي الإجرام ضد الإنسانية للوصول إلى الكرسي وإلى سدة الكم في تل أبيب. وهذه المرة أيضا يلتقي المنسقون الأمنيون في السلطة مع أهداف الاحتلال، فيصعّد هؤلاء القمع ضد الأحرار في الضفة الغربية، وفي ذات الوقت يشددون حصارهم على غزة، من خلال وقف تحويلات الدواء للمرضى، ويقتحمون الجامعات في الضفة الغربية ويعتقلون وينكلون ويسحلون، ويشن أولئك حملة عسكرية ضد غزة، وبينهما الخبيث المصري يلعب دورا قذرا لصالح الاحتلال ولصالح سلطة رام الله.
هل يمكن القول إن نتنياهو يريد الهرب من مصيره القادم، عبر تصدير أزماته الداخلية إلى جبهة غزة؟
هذا من المفترضات الواقعية جدا، التي يعيها كل مراقب لمجريات الأمور في تل أبيب، خاصة في أجواء الحملة الانتخابية التي لا تبشر نتنياهو ومعسكره اليميني بخير. فاستطلاعات الرأي بمجملها تُظهر تراجعا في هذا المعسكر لصالح معسكر الجنرالات، وهذا يشكل بالنسبة لنتنياهو شخصيا، ولمعسكر اليمين عموما معادلة رعب لم يتخيلوها في أسوأ كوابيسهم، خاصة وأن نتنياهو تنتظره أيام ساخنة في ملفات جنائية قد تضع حدا لمستقبله السياسي. ولذلك فإن تصدير الأزمة إلى جبهة غزة من شأنها أن تقدم له طوق نجاة من خلال دفع المصوتين للاتجاه إلى اليمين، لأنه كلما سخنت الجبهة مع غزة ازداد الإسرائيليون تطرفا، واتجهوا إلى اليمين أكثر.
فهل ينجح نتنياهو في هذا؟ أم أنه ربما يخطو خطوة أكبر ويقرر شن حرب واسعة على القطاع، على غرار حرب 2014، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى تأجيل الانتخابات، ليحصل نتنياهو على فسحة إضافية من الوقت قبل أن تأتيه اللحظة المصيرية التي يسعى للفرار منها بكل ثمن ووسيلة، حتى لو كان هذا الثمن سقوط عشرات القتلى من جنوده، ونزول مئات آلاف الإسرائيليين إلى الملاجئ، وإدخال شعبه في حالة من الفوضى والرعب؟
ربما يحدث هذا في لحظة ما.. ربما..
غير أن الشيء الوحيد المؤكد، هو أن غزة كانت عصية على الكسر، وستبقى عصية على الكسر، ولن ينجح، لا نتنياهو ولا سلطة رام الله، ولا قاهرة السيسي، ولا أنظمة العار مجتمعة، ومن خلفهم أميركا والغرب كله في تركيعها. وربما، لو حدث هذا السيناريو، تكون هذه المرة أشد إيلاما للاحتلال وعملائه في المنطقة.
معادلة الرعب
ما الذي يرعب الأحزاب العربية التي قررت الذهاب إلى الكنيست؟
الأجواء ليست في صالحها، بكل ما في الكلمة من معنى. يرعبها:
– ارتفاع نسبة الأصوات الداعية إلى المقاطعة.
– الأرقام المرعبة التي جاءت بها استطلاعاتهم، والتي تحمل أخبارا غير سارة، ولذلك لم يعلنوها، ويبدو أنهم لن يعلنوها.
– عدم وجود “يسار” يمكنهم من خلاله أن يخدعوا جمهور المصوتين بشعار “إسقاط اليمين”. فـ “اليسار” الذي تستروا خلفه في المرات السابقة لم يعد موجودا. وتبين لهم أن “يسار” غانتس-لبيد-يعلون أوسخ من “يمين” نتنياهو – بنيت-درعي-بن غفير.
– الزلزال الذي أصابهم عقب تفكك المشتركة (لروحها الرحمة-كما يحلو للعلمانيين أن يقولوا)، وسقوط القناع وطهور زيف شعار “الشعب قرر”… حيث اتضح أن المسألة وما فيها نسبة حسم من ناحية وامتيازات من ناحية ثانية، ورعب من الاختفاء عن الساحة (عند الفشل في الوصول إلى الكنيست) من ناحية ثالثة.
– مادة “الغِراء” التي استعملوها لتلصيق التحالفات الجديدة تبيَّنَ أنها منتهية الصلاحية منذ زمن، وهناك خطر أن تتماسك معهم فقط حتى غداة يوم الانتخابات، وبعدها يقع طلاق بائن بينونة كبرى.
#قاطع_خليك صاحي_ولا_ تلتفت_للوراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى