أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالقدس والأقصى

عائلة أبو عصب المقدسية تخلي قريباً مسكنها لمصلحة المستوطنين

محمد محسن وتد
كان من المفترض يوم الإثنين الأخير، أن ينفّذ الاحتلال الاسرائيلي، الأمر النهائي بالإخلاء الصادر بحقّ عائلة حاتم أبو عصب، في البلدة القديمة من القدس المحتلة، غير أنّ قراراً آخر صدر وقضى بالتأجيل حتى نهاية الشهر الجاري.

قرار المحكمة الإسرائيلية القاضي بالاستيلاء على عقار عائلة أبو عصب ونقل ملكيته إلى الجمعيات الاستيطانية المتطرفة، سبق أن صدر في انتظار التنفيذ. لكنّ المواطن المقدسي حاتم أبو عصب من سكان حيّ القرمي بالقدس القديمة، يصرّ على أحقيّته في هذا العقار الذي استأجرته عائلته قبل أكثر من ستين عاماً من عائلة نسيبة المقدسية.

وحيّ القرمي من الأحياء القديمة جداً التي استهدفتها الجمعيات الاستيطانية المتطرفة، وفيه مقرّ لجمعية “عطيرات كوهانيم” الاستيطانية التي تُعَدّ الأكثر نشاطاً في الاستيلاء على عقارات المقدسيين، منذ عام 1983 الذي شهد مصرع المستوطن إلياهو عميدي على يد الشاب الفلسطيني عمر النايف من مدينة جنين. يُذكر أنّ النايف، وهو من قياديّي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اغتيل في فبراير/ شباط 2016 في بلغاريا.

يقول الباحث هايل صندوقة المتخصص في شؤون الاستيطان والاستيلاء على العقارات في البلدة القديمة من القدس، إنّ حيّ القرمي تحوّل منذ ذلك الحين إلى تجمّع كبير للاستيطان، وقد أقام مستوطنون معاهد تلمودية ومدارس هناك، من أبرزها المعهد الديني “شوفو بنيم” وتعني بالعبرية “عودوا أيّها الأبناء”، وجلّ نزلاء هذا المعهد الديني هم من مرتكبي الجرائم الخطيرة التائبين إلى جانب جنود وضباط سابقين في قوات الاحتلال تحوّلوا إلى التطرّف الديني والقومي وسمّوا أنفسهم “التائبين”.

ليس بعيداً عن هذا المعهد الذي نُصبت بالقرب منه جدارية تشيد بحاخام مغربي ووُضِع نصب تذكاري للقتيل عميدي، يقع منزل المواطن المقدسي أبو عصب. بجواره، عقار آخر احتلّ المستوطنون الجزء الأكبر منه، وعند سيطرة هؤلاء على عقار أبو عصب، فسوف تتسع مساحة المنطقة المغتصبة في القرمي، وربّما تمتد جنوباً لتلتصق بالحيّ اليهودي أو ما كان يُعرف قبل عام 1967 بـ”حارة الشرف”.

وعمليات الاستيلاء على العقارات في هذا الحيّ تُعَدّ حلماً لزوجة الحاخام المتطرّف مئير كهانا، مؤسس حركة كاخ الفاشية، الذي لقي مصرعه في الولايات المتحدة الأميركية قبل أكثر من ثلاثة عقود على يد مواطن مصري. وكانت زوجته قد نشرت في ذلك الحين مخططاً كشف عن رؤية استيطانية تقضي بتوسيع الحيّ اليهودي القائم حالياً هناك والذي يقطنه نحو 3500 مستوطن، إلى حيّ السلسلة، ويتمدد وصولاً إلى الأحياء المجاورة الأخرى، القرمي والخالدية والسرايا. يُذكر أنّ ثمّة بؤراً استيطانية في تلك الأحياء الصغيرة، بعضها يشتمل على مبانٍ بطبقات عدّة، منها مبنى كانت تقيم فيه عائلتا السلايمة والزرو المقدسيتَين وآخر كانت تقيم فيه عائلتا أبو رجب وكستيرو.

وعائلة أبو عصب ليست العائلة الأخيرة التي سوف تخلي عقارها في حيّ القرمي بعد قرار الاستيلاء عليه، بل ثمّة عائلة أخرى هي عائلة صب لبن التي تكافح منذ عقود للحفاظ على عقارها. لكنّ قضاء الاحتلال يمثّل على الدوام غطاءً لهذه الجمعيات الاستيطانية ودعماً لها.

ويؤكد حاتم أبو عصب في حديث معه أنّ معركة القضاء التي خسرها “لم تقضِ على أملي بالبقاء في منزلي، حتى لو كلّفني ذلك حياتي”، مشيراً إلى أنّ “الصراع مع المستوطنين على العقار بدأ في عام 2014 وانتهى في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم بقرار المحكمة القاضي بإخلاء العائلة منزلنا”. يضيف أنّ الذريعة هي “ما يسمى فقدان حق الحماية. لكنّ القرار الذي استندت إليه المحكمة يتخطّى القانون، فجدّي ووالدي وأعمامي وعمّتي كانوا من سكان العقار. بالتالي أنا من الجيل الثالث الذي من المفترض أن يحميه القانون”.

وقبل أن تستقر عائلة أبو عصب في حيّ القرمي في عام 1952، كانت تقطن في حيّ البقعة بالقدس الغربية. ومن منزلها في البقعة، انتقل الجدّ بعد مجزرة دير ياسين في عام 1948 إلى منطقة باب العمود حيث بقي لمدّة أربعة أعوام، ليستقرّ في حيّ القرمي بجوار عائلة تفاحة التي كانت تعيش في العقار نفسه. ويتابع أبو عصب أنّ “عائلتي أقامت في منزلنا في القرمي، بموجب عقد إيجار تسدّد بدلاته إلى حارس أملاك الغائبين الذي انتقلت ملكية البيت إليه بعد عام 1967 قبل أن يرفع في عام 2014 قضية إخلاء ويحوّل ملكيته لمصلحة المستوطنين”.

لا يخفي أبو عصب دموعه وهو ينظر من نافذة منزله في اتجاه الشرق، حيث تظهر قبّة الصخرة، قائلاً إنّ “الموت بالنسبة إليّ أسهل ألف مرّة من فقدان أعزّ ما يمكن أن يملكه المرء. فأنا نشأت وتربيت في هذا العقار، وفيه استقرّت أسرتي المؤلّفة من تسعة أفراد، بينما كان جدّي وأعمامي وعمّتي قد عاشوا فيه. واليوم، ليس لدينا مكان نذهب إليه، ولا يمكننا أن نتصوّر تلك اللحظة التي نُحرم فيه من البقاء هنا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى