أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحلياتمقالات

جلعاد أردان، المليشيا اليهودية وراهن الداخل الفلسطيني…

صالح لطفي، باحث ومحلل سياسي

تفاجئنا يوميا حكومة اليمين الراهنة بقرارات إجرائية أو قوانين تدفع بها لسنّها في الكنيست أو بتصريحات صادرة من رئيس الوزراء أو من وزراء على اختلاف احزابهم المشاركة في الحكومة الراهنة، بيدّ أن َّ جامعا واحدا يجمعهم في هذه الحملة هو استهداف الفلسطيني فردا وجماعة ووطنا.

آخر هذه التصريحات ما صدر يوم الخميس الماضي عن وزير الأمن الداخلي ووزير الشؤون الاستراتيجية جلعاد أردان القاضي بتوزيع السلاح على اكثر من نصف مليون اسرائيلي تحت زعم مكافحة الارهاب وحفظ الأمن المجتمعي من عمليات  “تخريبية”، وقد  برر هذه الخطوة بأنها جاءت ثمرة مراجعات داخل اجهزة الشرطة التي خلصت الى ان معظم العمليات الفلسطينية تم الإجهاز عليها وتحييدها من قبل مواطنين ولذلك تأتي هذه الخطوة الأردانية لتعزيز الجانب المجتمعي -الشعبي في مواجهتها، ووفقا لهذه الرؤية، فأنَّ المواطنين الحاملين للسلاح هم جهد مضاعف لمواجهة العمليات التي يقوم بها فلسطينيون ضد أهداف اسرائيلية داخلية ولكنَّ مجموعة مدنية إسرائيلية فضحت أردان وأشارت الى ان هذه الخطوة كان قد دعا إليها فور توليه منصب وزارة الأمن الداخلي، وهو ما يؤكد المنهجية الفكرية والايديولوجية الحاكمة لهذا الفاشي العنصري ومراميه النهائية من وراء هذا القرار.

مليون قطعة سلاح.. والتحدي الوجودي!!

هذا الخبر مرَّ مرور الكرام على مختلف الاصعدة الاعلامية العربية ولقي ردود أفعال واسعة في الشارع الاسرائيلي، إذ وفقا للمعطيات الرسمية الصادرة عن الشرطة فإن 130 الف اسرائيلي فقط يملكون سلاحا مرخصا  بيدّ أن مجموعة “مسدس على طاولة المطبخ” -هكذا اسمها-، هذه المجموعة مكونة من ثلاثة عشرة مجموعة نسوية، ومدنية، هدفها المعلن، تقليص عدد الحاملين للسلاح، والعمل على ضبط وتشديد الرقابة عليهم “تتحدث معطياتها عن وجود 320 الف قطعة مرخصة بين يدي الاسرائيليين “، وذلك حتى اواخر عام 2014 ووفقا للتعديلات الاجرائية المزمع إجراؤها فأنه سيضاف الى هذا العدد أكثر بقليل من نصف مليون اسرائيلي ممن انهوا الخدمة العسكرية في الوحدات القتالية وممن خدموا في سلك الشرطة والامن العام او تطوعوا في سلك الشرطة أو منظمة زاكا- تشخيص ضحايا الكوارث- او نجمة داود الحمراء، وبذلك يصل عدد حاملي السلاح وفقا للمعطيات الى قرابة المليون إسرائيلي. وقد باشر الالاف من المستوطنين تقديم طلبات الحصول على أسلحة تحت ذرائع سوغها لهم أردان ودوائر الشرطة المختلفة.

تنبع مخاطر هذا القرار بأنه يحمل في طياته مخاطر محدقة بأبناء الداخل الفلسطيني وعموم الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال الاسرائيلي في ظل تنامي الفاشية السياسية الرسمية والشعبية، التي تحظى بحماية حكومية رسمية، بل وبدعم مباشر من رئيس الحكومة، واعضاء كُثُر من الطاقم الحاكم، سواء كانوا وزراء، او كبار موظفين من مختلف الهيئات الرسمية، وهو ما سيحقق لعديد المتطرفين من منظمات وهيئات إمكانية التعرض العمد لعشرات بل ومئات الفلسطينيين وارتكاب مجازر تحت ذرائع الامن والحماية الذاتية والدفاع عن النفس. وهو ما يشكل معالم لتحد وجودي قادم علينا.

وفقا للتعديلات التي أقرها أردان فلن يتم فحص نفسي للمتقدمين للحصول على السلاح وواضح من خلال التقارير الاسرائيلية أنّ الاسباب الحقيقية لهذه الخطوة لا تكمن بتصريحات أردان وحججه “الواهية”، بل تكمن في الضغوطات التي يمارسها عليه أصحاب شركات تصنيع السلاح في البلاد الذين يعتقدون ان هناك سوقا كبيرا يمكن ان يفتح لتسويق بضاعتهم داخليا وهو ما سيدر عليهم ملايين الشواقل، وبحسبة بسيطة فإن الرأسمال الاسرائيلي “كارتيلات السلاح” العسكري الذي يغذي انتخاب قيادات في الليكود، يريد ثمنا مجزيا لهذا الدعم، وهو ما ترجمه أردان الموالي لنتنياهو بالمطلق، في مختلف مواقفه، ما يعني أننا أمام تحالف رأس المال المتوحش مع هذه الحكومة اليمينية الشعبوية -الليبرالية المتطرفة، وباجتماع المال مع التطرف في المواقف، سيتم سحب المجتمع الاسرائيلي الموالي لهذه الحكومة  الى اقصى درجات التطرف والغرق في الفاشية اتجاه الاخر العربي الفلسطيني في الدرجة الاولى والاخيرة، ومن ثم اليسار الاسرائيلي، من أجل السيطرة على الحكم، ولذلك فإن المسافة بين الفاشية كممارسة وتطبيق والتنظير لها تصبح في الحالة الاسرائيلية الراهنة صفرا..

الفاشية في السياق الاسرائيلي..

استخدم موسوليني مصطلح “الفاشية” لأول مرة لوصف حركة سياسية جمعت بنية التعصب القومي والعداء لكل من اليسارية والسياسة المحافظة عام ١٩١٩ . وباختصار غير مخل، الفاشية كما وصفها أورتيجا جاسيت هي الشيء ونقيضه في عالم السياسات، وكما وصفها أمبرتو إيكو ليست ايديولوجيا مكتملة الاركان، انها جمع من متناقضات شتى تؤسس لديكتاتورية الحاكم او الحزب وتتغذى على عواطف الجماهير وتستغل الاعلام والتكنولوجيا فهي تدعو للعودة إلى الجذور واحترام القيم والتقاليد وفي الوقت نفسه ِّ مفتونة بالتكنولوجيا وتدعو لاستثمارها وتعَظِم الشعب وتحتقر  الفئات الرافضة لها، وتدعو الى العنف المنظم تحت رقابة السلطات وتؤسس لمليشيات تنفذ مهامها القذرة بعيدا عن اعين الرقيب ولكن تحت سمعه وعلمه وبصره، بل وبتوجيه منه. ولقد حدد الفيلسوف الايطالي “أمبرتو إيكو” في دراساته حول الفاشية والنظام الفاشي عشرة صفات ليكون النظام فاشيا مع تشديده ان الفاشية لا تحمل فكرا بعينه بقدر ما تحمل مواصفات واحدة منها تكفي لوصف المجتمع او الحكومة بهذه الصفة.

يمكنني تلخيص هذه الصفات بالعناوين التالية تاركا للقارئ الكريم والقارئة الكريمة تنزيل هذه الصفات على المؤسسة الاسرائيلية مجتمعا وحكومة: تقديس الافعال الصادرة عن الحزب الحاكم، ومن ثم الصادرة عن المؤسسة الرسمية التي يحكمها هذا الحزب، كل نقد للحزب الحاكم او للحكومة التي يحكمها او لتصرفات وممارسات الزعيم الحاكم هي في عداد الخيانة ، تتحسس الحكومة والزعيم والحزب الحاكم من الاختلاف وتضطهد المخالفين، تعتبر الفاشية حاضنتها الطبيعية الطبقة الوسطى المنتهكة الحقوق والمهمشة اجتماعيا والتي تتأثر بالأزمات الاقتصادية، ولذلك تجتهد هذه الحكومة على توفير اسباب عيش هذه الطبقة  لتبقى حاضنتها ورديفها، وتتحسب الفاشية والفاشيين من الاجانب اشد التحسب وتدعو لكراهيتهم وإخراجهم من البلاد، وتؤمن الفاشية والفاشيين بوجود مؤامرة تستهدفهم ومن ثم فهم يرون ان من حقهم اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضرب من يرونه متآمرا، وتؤمن الفاشية أن التصالح مع العدو خطر يداهمهم وأنه لا بدّ من حرب دائمة معه تضمن استنفار الحاضنة بشكل دائم وبقائها تحت مظلتهم وشعارهم المشهور: “نحن لا نناضل من اجل الحياة بل نعيش من اجل النضال”، ويرون بأنفسهم ظاهرة نخبوية  تتمتع  بسمات تميزهم عن الاخرين-التفوق العرقي كأثر نتشوي في فكرهم مستمد من النازية-،  والفاشية تقدس القوة وتمجدها، وتعتمد الخطاب الشعبي المؤجج للعاطفة والحماسي دون الادلاء بمعلومات ذات قيمة تخاطب العقل إذ الهدف الاساس كسب أكبر عدد ممكن من الشعب لصالحهم -مقاعد وأصوات- وهم يرون أن كل الوسائل مشروعة الاستعمال لتثبيت وجودهم الشعبي وتعزيزه باستمرار.

المتابع لنتنياهو منذ عام 2013 والى هذه اللحظات يدرك أننا أمام حالة فاشية متقدمة في مختلف الجوانب، ومن أهم تجليات الفاشية عند وصولها الذروة وتأكدها أنها سحبت المجتمع الى مربعاتها الفكرية، تأسيس مليشيات مسلحة تكون رديفا للقوى الامنية المختلفة مهمتها الشعبية الحفاظ على بقاء الحزب حاكما وأفكاره باقية، من خلال استباحة الاخر الرافض لهم، وتتم عملية تخوين وشيطنة مبرمجة من خلال الالة الاعلامية الجبارة التي يملكون لشرعنة استئصال هذه المجموعات المعارضة .فهل نحن على اعتاب تأسيس مليشيا يهودية يمينة يقودها اليمين الفاشي الاسرائيلي من مجموعات الليكود المتهود والبيت اليهودي المتصهين؟.

للتدليل على طروحاتي في هذه المقالة والتي ألخصها بما يلي:1. نحن كمجتمع عربي فلسطيني قادمون على أيام نحسات مع هذه المؤسسة وهذا المجتمع.2. ستكون القوانين الفاشية أحد أدوات القهر المتجدد.3. وستكون القوة العسكرية الشعبية غير المعلنة والمكونة من ليكوديين وصهاينة متدينين ومن الهيئات اليمينية المتشددة، أحد أدوات العقاب الجماعي للمخالفين لسياساتهم، وسيكون في مقدمة المستهدفين المجتمع الفلسطيني في الداخل ومن ثم اليسار الاسرائيلي.

هذه الحكومة هي النتاج الطبيعي للفاشية الاسرائيلية منذ العصر البنغريوني الى هذه اللحظات فعمليات القتل والاغتصاب والطرد للفلسطينيين التي مورست في عام 1948، ثم تكررت مجددا عام 1967من قبل عسكريين تكفي أن تكون دليلا على الروح الفاشية المنتشرة بين هذه المجموعات المتطرفة والمحمية عسكريا وقانونيا، وستكون الايام كفيلة بكشف فضائح أكثر رعبا وخزيا، سواء في حروبهم في لبنان أو الضفة والقطاع منذ ثمانينات القرن الماضي والى هذه اللحظات، ولعل الحكم العسكري الذي فرض على الداخل الفلسطيني ولا يزال مفروضا على سكان الضفة الغربية رغم وجود سلطة اوسلو، الا بيانا من بيانات ما ذهبت أليه.

المنظومات الأربعة وتغلغل الفاشية

أربع منظومات تحكم الحياة في المجتمع الإسرائيلي بتفاصيلها العامة والخاصة والدقيقة. وهذه المنظومات هي: المنظومة الحزبية وهي الناظم للحياة السياسية وما يتبعها من عمل سياسي عام وخاص، المنظومة الدينية وما يتبعها من ناظم للعلاقة بين مكونات المجتمع الاسرائيلي والدين كمؤسس “خفي/ معلن” للدولة “الصهيونية”، المنظومة الامنية بكل مؤسساتها ومكوناتها وتعقيداتها المختلفة، وما طرأ ويطرأ عليها من تطور دائم، والمنظومة الايديولوجية الفاشية التي تتغلغل في مكونات ومفاصل الدولة بناء على معادلات: قوي، ضعيف، مع، ضد، هم، نحن، الكل، لا شيء.

المنظومة الحزبية والدينية

تاريخيا احتكمت المؤسسة الاسرائيلية منذ قيامها الى ثلاث منظومات مرتبطة بعضها ببعض، المنظومة الحزبية والمنظومة الدينية والمنظومة الأمنية. ففي حين تشكل المنظومة الحزبية الناظم للحياة السياسية عبر  إيقاعات الانتخابات المحلية والكنيست، ويتشكل من خلال الكنيست الحكومة التي تتكون من مجموعة أحزاب ائتلافية وهذه الحكومة تشكل الفعل السياسي، فيما تشكل كافة الاحزاب الناظم السياسي العام في هذه الدولة وإن كنت هنا لست بصدد تحليل ظاهرة التعددية الحزبية في المجتمع الاسرائيلي الا ان هذه التعددية تعبر عن عمق التشظي السياسي الاسرائيلي ويمكن القول إن هذه المؤسسة نجحت في تحويل هذا التشظي من معول هدم في البنية السياسية الى اداة بناء فاعلة في الحقل المجتمعي-السياسي العام والخاص وتعتبر المنظومة الدينية الناظم التالي في المؤسسة، والمجتمع الاسرائيلي وهذه المنظومة تتكون من الاف الجمعيات والمؤسسات الدينية والكنس والمدارس الدينية “المدرشوت”، وهذه بدورها تغذي الاحزاب السياسية الدينية الحاريدية والدينية الصهيونية بالكادر وبقوة بشرية هائلة تضخ فيه هذه الاحزاب والحركات الحياة باستمرار وتزيدها تطرفا يوما بعد يوم. تغلغلت هذه المنظومة الى الاحزاب اليمينة واحزاب الوسط في المجتمع الاسرائيلي، وبدورها تقوم بضخ كميات هائلة من الكراهية للآخر العربي واليهودي اليساري ومن يخالف هذه المنظومة ذات التوجه الديني الاحادي الارثوذكسي المتشدد وهي تزيد من حدة التطرف يوميا ذلكم أنّ الإيقاع الديني في اسرائيل من حيث تعاطيه مع السياسي اليومي ينقسم الى قسمين، الأول ويتعلق بالداخل الاسرائيلي اليهودي من حيث العلاقة بين اليهود واليهودية سواء داخل المجتمع الاسرائيلي او في العلاقة مع اليهود عامة، والثاني، ويتعلق بالفلسطينيين والتحريض عليهم وإصدار الفتاوى بقتلهم وقتل اطفالهم ولذلك فإنّ إجراءات أردان الأخيرة بزيادة أعداد الحاملين للسلاح  ستصب الزيت على النار وسنرى ارتفاعا مضطردا في اعداد العرب الذين سيتعرضون للهجمات والاعتداءات والقتل او لإطلاق النار، تحت حجة الأمن والشك بأنه “مخرب” وتحت حجة مكافحة الإرهاب والدفاع عن النفس ولن يطول الوقت الذي ستصدر فيه الفتاوى المشجعة لهذه الأعمال خاصة وأننا عشنا شواهد من هذا القبيل من حاخامات أصدروا فتاوى بقتل الاطفال فقط لانهم عرب وفلسطينيون. ولا أستبعد أن تصدر فتاوى من هؤلاء الحاخامات الداعين لتشكيل قوى مسلحة منتظمة تحت حجة الدفاع عن البيوت والممتلكات اليهودية وقد حدث مثل ذلك من قبل.

المنظومة الأمنية

المنظومة الثالثة، المنظومة الأمنية وهي الضلع الاساس الحامي لهذه المؤسسة والاهم في ديمومة إسرائيل كدولة وكمؤسسة وكمجتمع وهذه المنظومة تتكون من المؤسسات الأمنية والعسكرية والشرطية والدفاع المدني ومن مؤسسات أمنية غير حكومية “خاصة” ومن  كارتيلات صناعة السلاح التي لعبت دورا أساس في الضغط على حكومة الليكود وفرضت عليهم إحداث تعديلات في توزيع السلاح، وتوسيع قاعدة من سيمنحون هذه الاسلحة وسيبلغ عددهم مئات الالاف ولأنَّ خريجي المؤسسة الامنية والعسكرية من قيادات عسكرية وأمنية يحظون بامتيازات خاصة تذكرنا بالمجتمع الأسبرطي، فإن لهم الاولوية في كل شيء تقريبا لذلك فأن عديد خريجي هذه المؤسسة هم من أصحاب الشركات الامنية والعسكرية الخاصة وبحكم علاقاتهم وتأثيرهم في مفاصل هذه الدولة فهم يشكلون اليوم لوبيات ضاغطة على حكومة الليكود للبقاء ثابتة على موقفها في توزيع السلاح، إذ القضية بالنسبة لهذه المجموعة اقتصادية بالدرجة الاولى، ولا يهمهم كثيرا الابعاد الاخلاقية المترتبة على توزيع الاسلحة… وتتغذى هذه المنظومة بشكل استرجاعي من المنظومتين السابقتين فكريا وتنظيميا ولذلك نرى عديد القيادات العسكرية يتصدر المشهد السياسي الاسرائيلي لأن المجتمع الاسرائيلي ما زال يفكر تفكيرا اسبارطيا يهدف في الاساس الى تحقيق ابعد مدى من الامن في أقل الخسائر.

المنظومة الفاشية

منذ الحكومة الثالثة والثلاثين-2013- والى هذه اللحظات ثمة منظومة رابعة تتخلق ببطء شديد ولكن بثبات واضح داخل مؤسسات الدولة ومفاصلها في مسعى واضح لاستبدال اركان الدولة السابقة منذ بن غريون الى عام 2013، وهذه المنظومة ذات ايديولوجيا واحدة وفكر يكاد يكون متشابها  يتكئ على منظومة فكرية دينية هي خليط من القومية اليهودية والدينية الصهيونية والحاريدية المتصهينة والحاريدية المتواطئة مع أحزاب اليمين، لضمان بقائها في السلطة وتتقوى هذه المنظومة من الفكر الديني المسيحياني القادم من مدرسة الراب كوك والتعديلات الايديولوجية التي احدثها من بعده العديد من الحاخامات، خاصة في جوهر العلاقة مع الاخر اليهودي وبناء الهيكل ودخول المسجد الاقصى واسرائيل الكبرى، وتتزاوج هذه الافكار والطروحات مع التطورات الفكرية الطارئة على عموم المدارس الدينية لصالح تشدد اكثر ومقاربات أعمق للطروحات العلمانية ومحاججتها بقوة وبصبر شديدين ترنو من خلاله السيطرة على المجتمع الاسرائيلي، ومن ثم الحكومة الاسرائيلية ومختلف المؤسسات والتأثير على المنظومات الثلاثة لتحقيق اهداف كبرى ليس اقلها بناء الهيكل. هذه المجموعة المتقوية اليوم بنتنياهو كشريك له مصالحه الخاصة والحزبية والايديولوجية، لا تخفي مرادها من السيطرة على مفاصل الحياة السياسية والأمنية والقضائية خاصة محكمة العدل العليا، وقد نجحت بفرض وصايتها على الجهاز القضائي والسياسي ويبدو أنها قاربت السيطرة على المنظومة الأمنية. ولهذه المنظومة اليوم عديد مراكز الفكر والبحث في البلاد والولايات المتحدة، وتقوم هذه المراكز الفكرية والسياسية، بتقديم التوصيات والافكار والطروحات لها حتى تُحْكِمَ سيطرتها على البلاد، ومن شروط هذه السيطرة كما يبدو، تدريب وتزويد مناصريهم ومن يؤمنون بأفكارهم بالسلاح، لأن الاحزاب والمنظومات الفاشية تحتاج دائما الى قوة تحميها، خارج المؤسسة الرسمية وإن كان الحكم يمنيا، ففي النظم الديموقراطية الراسخة من الممكن أن تتغير الحكومات بتغير الاحزاب الحاكمة لكن لا يمكن ان تتغير الافكار، ولذلك سيكون ثمة حاجة لمثل هذه المجموعة المسلحة “الجانبية”، ويزداد الامر اغراء مع وجود عشرات الالاف من خريجي المنظومات الثلاث الحاملين لأفكار وقيم فاشية وإقصائية وعنصرية، يملكون الأهلية والنفسية لحمل السلاح بل واستعماله ضد من يرونه مناوئا أو مخالفا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى