جراح لا تلتئم.. شتاء غزة يضاعف عذابات المصابين ومبتوري الأطراف

في قطاع غزة، لا يمر الشتاء بوصفه تغيرا موسميا عابرا، بل يتحول إلى عامل ضغط إضافي على فئات تعيش أصلا في ظروف صحية وإنسانية شديدة التعقيد.
فمع انخفاض درجات الحرارة وتواصل نقص الخدمات، تتفاقم معاناة المصابين ومبتوري الأطراف، خصوصا أولئك الذين يعيشون في خيام أو مساكن متضررة لا توفر الحد الأدنى من الحماية.
ويسلط هذا التقرير الضوء على جانب من هذه المعاناة، من جولة ميدانية في مناطق مدمرة شرق مدينة غزة، حيث تنتشر مخيمات نزوح أقيمت فوق الركام، وتغطي الوحول محيط الخيام مع كل هطول للأمطار، مما يضاعف التحديات اليومية لسكانها.
على أطراف حي الشجاعية، يبرز نموذج حمزة، وهو شاب مصاب يعتمد على عكازين للحركة، ويعيش داخل خيمة بسيطة لا تمنع تسرب المياه ولا تحجب البرد.
تظهر ساقه المثبتة بمسامير معدنية خارجية، في حالة طبية تتطلب بيئة مستقرة ورعاية مستمرة، وهي شروط غير متوافرة في مكان إقامته الحالي.
“البلاتين” مصدر للوجع
يوضح حمزة أن انخفاض درجات الحرارة يجعل الألم أكثر حدة، إذ تتحول المثبتات المعدنية (البلاتين) إلى مصدر مباشر للوجع، مما يحرمه من النوم فترات طويلة.
ومع تسرب مياه الأمطار إلى داخل الخيمة، تتداخل عليه أولويات متشابكة، بين محاولة حماية أطفاله، ومتابعة إصابته، ورعاية طفل مريض داخل مساحة ضيقة تفتقر لأبسط مقومات السلامة.
ويشير التقرير إلى أن هذه المعاناة لا تقتصر على موقع واحد، بل تتكرر في مناطق مختلفة من القطاع، فالمصابون يتوزعون بين خيام لا تقيهم البرد، ومنازل متضررة قد تنهار في أي لحظة، في ظل غياب بيئة صحية مناسبة للتعامل مع جراح معقدة أو إعاقات دائمة.
وفي مشهد آخر، يظهر شاب مبتور القدمين يجلس على كرسي متحرك، يدفعه طفل صغير بين الأنقاض.
يشرح الشاب كيف أن موجات البرد الأخيرة تسببت في آلام غير معتادة في مواضع البتر، رغم محاولاته التدفئة بوسائل محدودة، ويؤكد أن نقص الأدوية ورداءة أماكن النوم يزيدان من حدة المشكلة.
فرص محدودة للنجاة
ولا تتوقف المخاطر عند الألم الجسدي، إذ يلفت الشاب إلى أن المساكن الآيلة للسقوط تمثل تهديدا دائما، خاصة لمن لا يستطيعون الحركة السريعة، ففي حال انهيار أي مبنى، تصبح فرص النجاة محدودة بالنسبة للمصابين وذوي الإعاقة.
وفي السياق، يوضح أحد الأطباء أن المثبتات الخارجية المستخدمة في حالات الكسور الشديدة تنقل البرودة مباشرة إلى العظام والعضلات.
ومع انخفاض درجات الحرارة، يؤدي ذلك إلى تقلص العضلات وانكماشها، مما يفاقم الإحساس بالألم والانزعاج، خصوصا في ظل غياب التدفئة والعلاج التأهيلي المناسب.
ومع تواصل فصل الشتاء، تبقى جراح هؤلاء مفتوحة على احتمالات أشد قسوة، في ظل نقص الرعاية الصحية واستمرار الظروف الإنسانية الصعبة التي فرضتها الحرب.
المصدر: الجزيرة



