أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرالضفة وغزةومضات

ماذا نعرف عن المرحلة الثانية لاتفاق غزة؟

تسود حالة من الغموض الشديد بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي أُعلن التوصل إلى أولى مراحله فجر الخميس 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025 في مدينة شرم الشيخ المصرية.

وتعتبر المرحلة الثانية من الاتفاق أكثر تعقيدا في ظل تداخل الملفات الأمنية والسياسية والإنسانية، وتباين مواقف الأطراف جميعا.

نحاول في هذا التقرير الإجابة عن أهم الأسئلة التي تتردد في الأذهان بشأن مستقبل سلاح المقاومة، والقوة الدولية المقترحة للانتشار في غزة، وشكل الإدارة المحلية وملف إعادة إعمار القطاع المدمر جراء حرب إبادة وتدمير تواصلت على مدار أكثر من عامين.

ماذا تحقق حتى الآن من الاتفاق؟
أطلقت المقاومة سراح كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء الذين كانوا في قبضتها في قطاع غزة وعددهم 21.
سلمت المقاومة جثث الأسرى الإسرائيليين لديها وعددهم 27 وبقيت جثة ران غويلي وهي آخر جثة في القطاع.
أطلق الاحتلال سراح 1968 أسيرا فلسطينيا من بينهم 250 من أصحاب المؤبدات، وسلم حتى الآن 345 جثمان أسير من المحتجزين لديه.
انسحب الاحتلال من مناطق كان يسيطر عليها في غزة إلى وراء ما بات يعرف بالخط الأصفر وبقي يسيطر حتى الآن على أكثر من 54% من مساحة القطاع.
يرفض الاحتلال فتح معبر رفح بالاتجاهين وفق الاتفاق وربطه بعودة آخر جثة أسير.
رصدت الجهات الحكومية المختصة في غزة 740 خرقا للاتفاق من جانب الاحتلال الإسرائيلي منذ توقيع الاتفاق.
أسفرت الانتهاكات والخروقات الإسرائيلية عن استشهاد 386 مواطنا، وإصابة 980 آخرين، إلى جانب 43 حالة اعتقال.
في الجانب الإنساني، واصل الاحتلال تنصّله من التزاماته الواردة في الاتفاق، ولم يلتزم بالحدّ الأدنى من كميات المساعدات المتفق عليها، ولم يدخل قطاع غزة سوى 14 ألفا و534 شاحنة من أصل 37 ألفا و200 شاحنة كان يفترض دخولها وفق الاتفاق.
يتحكم الاحتلال بشكل كامل في طبيعة البضائع، ويمنع عشرات الأصناف الحيوية، بما فيها المواد الغذائية الأساسية، والمستلزمات الطبية، وقطع الغيار، ومواد الطوارئ، دون أي مبرر قانوني أو إنساني.
بلغ عدد شحنات الوقود الواردة إلى قطاع غزة 315 شاحنة فقط من أصل 3 آلاف شاحنة وقود يفترض دخولها، بمتوسط 5 شاحنات يوميا من أصل 50 شاحنة مخصصة وفق الاتفاق.

ماذا تشمل المرحلة الثانية؟
بحسب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتصريحات المسؤولين الأميركيين، فإنه من المفترض أن تشمل بنود المرحلة الثانية:

إنشاء مجلس السلام وذراعه التنفيذية قوة الاستقرار الدولية (قوة حفظ السلام) حسب قرار مجلس الأمن الدولي 3803.
انسحاب جيش الاحتلال إلى الخط الأحمر لتصبح مساحة المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل تعادل نحو 20% من مساحة قطاع غزة.
بموجب الاتفاق، يُحظر على إسرائيل احتلال القطاع أو ضمه بشكل دائم.
خطة التعامل مع سلاح المقاومة، وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة.
إقامة نظام حكم ما بعد الحرب، المتمثل في المجلس التنفيذي المشكل من شخصيات دولية.
تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية (إدارة محلية).
بدء خطة إعادة إعمار القطاع وإزالة الركام والأنقاض.

مواقف الأطراف
تتباين المواقف بين الأطراف المنخرطة في الاتفاق، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:

الموقف الأميركي:
يصرّ الرئيس الأميركي على استكمال الاتفاق والدفع باتجاه تنفيذ مرحلته الثانية.
نقل موقع “أكسيوس” أن ترامب يعتزم الإعلان قبل عيد الميلاد عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
تضغط الإدارة الأميركية باتجاه تحقيق انسحاب إسرائيلي تدريجي تحت مراقبة دولية إلى ما بات يعرف بالخط الأحمر، خصوصا أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” التزمت من جانبها ببنود المرحلة الأولى.
لا ترى الولايات المتحدة حرجا في اعتماد مسار تدريجي لتحقيق نزع سلاح المقاومة وتدمير الأنفاق، ولا تمانع من طرح حلول على نحو “إخراج السلاح من الخدمة”، على غرار تجارب نزاعات أخرى.
تصرّ واشنطن على نشر قوة الاستقرار الدولية على أن تسهم في تفكيك ونزع سلاح المقاومة، وتهدف أن يكون ذلك في مطلع العام المقبل.
لا تمانع واشنطن -وفق تصريحات عديدة- من مشاركة تركيا في قوة الاستقرار الدولية.
تطلب الولايات المتحدة فتح معبر رفح بالاتجاهين، وتعتبر استئناف العمل جزءا من الاتفاق.
تضغط واشنطن من أجل دخول المساعدات والمواد اللازمة لقطاع غزة، من أجل تهيئة الظروف للبدء في خطط إعادة الإعمار.

ماذا تريد واشنطن؟
نموذج “نجاح عملي” يمكن تسويقه انتخابيا وإقليميا ودوليا من خلال هدوء مستدام يضمن إضعاف حركة حماس ونزع سلاحها مقابل إعادة الإعمار.
إنجاز تحالف إقليمي للتطبيع مع إسرائيل، وربط استقرار غزة بنجاح تشكيل هذا المحور.
استخدام قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام كمنصة لإدخال إسرائيل في منظومة أمنية إقليمية أوسع، مع دور أميركي قيادي.
إخراج ملف غزة من يد إيران ومحور المقاومة، وتحويل شرطة غزة ولجنة التكنوقراط إلى عنوان وحيد للتمويل والتسليح والتعاون الدولي.
إيجاد شريك فلسطيني منزوع المخاطر، قابل للضبط عبر التمويل والشرعية الدولية.
تفكيك المسار القانوني الدولي ضد إسرائيل من خلال استبدال سردية “حرب الإبادة والحصار”، بسردية “الاستقرار والإعمار”، لتبرير الضغط على المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة لوقف مسارات المحاسبة والتحقيق في جرائم الحرب.

الموقف الإسرائيلي:
تسعى حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى عرقلة الدخول في المرحلة الثانية، والتملص من استحقاقاتها، في محاولة لحصر الاتفاق في مرحلته الأولى فقط.
ترفض إسرائيل الدخول في المرحلة الثانية لأنها تتطلب تنفيذ انسحابات أوسع وتقليص سيطرتها العسكرية، إضافة إلى مطلب تشكيل حكومة فلسطينية.
تشترط حكومة الاحتلال تسليم جثة الأسير الأخير للموافقة على الدخول في نقاش بشأن الخطوات الرئيسية للمرحلة الثانية.
تشدد حكومة نتنياهو على نزع سلاح حركة حماس وتدمير ما تبقى من أنفاق في قطاع غزة، كشرط غير قابل للتفاوض من أجل التقدم في المرحلة الثانية.
يرفض الاحتلال جميع الصيغ المقدمة من الأطراف الأخرى بشأن نزع سلاح حركة حماس، مثل تخزين السلاح أو إخراجه مؤقتا من الخدمة.
تهدد إسرائيل بأن عدم تنفيذ نزع السلاح بالكامل سيقابل بتدخل عسكري مباشر.
تتحفظ إسرائيل على تشكيل قوة حفظ السلام الدولية، وترفض بشكل قاطع مشاركة تركيا فيها.
تصرّ القوات الإسرائيلية على عدم الانسحاب من الخط الأصفر داخل غزة، ووصفته بأنه خط حدودي جديد.
أعلنت إسرائيل أن معبر رفح سيظل مغلقا حتى إشعار آخر، لكنها أبدت موافقتها على فتحه باتجاه واحد للمغادرين في خطوة رفضتها مصر وفسرتها على أنها باب لتهجير الفلسطينيين.
تعهدت إسرائيل بمواصلة دعم الفصائل المسلحة المحلية المناهضة لحركة حماس في غزة.

ماذا تريد إسرائيل:
تريد إسرائيل تحقيق أمنها في قطاع غزة دون وجود سيادة فلسطينية حقيقية.
تفكيك البنية العسكرية للمقاومة دون دفع ثمن سياسي.
تشترط على أي قوة شرطية فلسطينية في القطاع أن تعمل تحت سقف التنسيق الأمني الصارم مع إسرائيل، وألا تمتلك سلاحا نوعيا ولا قدرات استخبارية مستقلة.
تسعى إسرائيل إلى تحويل غزة إلى نموذج “إدارة مدنية بلا مشروع وطني”، من خلال وجود لجنة تكنوقراط تُدار بغطاء دولي عربي، لكن بدون شرعية وطنية فلسطينية موحّدة.
تشدد إسرائيل على بسط سيطرة فعلية على المعابر والحدود.
تصر على أن يكون لها كلمة حاسمة في آليات إعادة الإعمار وإدخال الأموال، لضبط سلوك غزة سياسيا وأمنيا.
تسعى إسرائيل في المحصلة إلى تجنّب أي مسار سياسي نهائي يفضي إلى دولة فلسطينية أو تسوية نهائية.

موقف حركة حماس:
حددت حركة حماس مواقفها من المرحلة الثانية للاتفاق من خلال كلمة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية في الذكرى الـ38 لانطلاقة حماس، ومن خلال تصريحات عدد من قادتها.

وجاءت على النحو التالي:
تؤكد أن أولى الأولويات استكمال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتشمل إدخال المساعدات والمعدات اللازمة لتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والبنية التحتية، وفتح معبر رفح في الاتجاهين.
شددت الحركة على تمسكها وفصائل المقاومة بتنفيذ كافة بنود الاتفاق بمراحله المختلفة.
أكدت أن المقاومة الفلسطينية وسلاحها حق مشروع كفلته القوانين الدولية.
قالت إن ملف سلاح المقاومة مرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، والحركة منفتحة لدراسة أي مقترحات تحافظ على هذا الحق.
فتحت الباب على إمكانية مناقشة تجميد الأسلحة أو تخزينها أو إبعادها، بضمانات فلسطينية، وعدم استخدامها إطلاقا خلال فترة وقف إطلاق النار.
طالبت بتحقيق الانسحاب الكامل للاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة.
أكدت الحركة موقفها الرافض لكل مظاهر الوصاية والانتداب على الشعب الفلسطيني.
أكدت الحركة أن مهمة “مجلس السلام” هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة.
تقتصر مهمة القوات الدولية على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة، دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع أو التدخل في شؤونه الداخلية.
تشكيل لجنة التكنوقراط بشكل فوري لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين، وأعلنت الحركة جاهزيتها لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها.
أكدت الحركة ضرورة البدء في مشاريع إعادة الإعمار.
تحرص الحركة على العمل المشترك مع القوى والفصائل الفلسطينية لتحقيق الوحدة الوطنية.
التحرك مع مختلف القوى والفصائل لبناء مرجعية وطنية جامعة، تسعى من أجل استعادة حقوقه وخاصة حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
أكدت الحركة أهمية قضية الأسرى في سجون الاحتلال، ووجوب العمل على تحسين حياتهم الإنسانية وإنهاء السلوك الإجرامي بحقهم على طريق تحريرهم الكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى