عشر سنوات.. إنها شجرة خضراء ضاربٌ جذرُها…

حامد اغبارية
اليوم هو السابع عشر من تشرين الثاني، ذلك اليوم الذي شهد أحد أكبر الأحداث ذات الأثر الكبير على الداخل الفلسطيني عامة، وعلى الصحوة الإسلامية خاصة.
قبل عشر سنوات نفّذت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، ما خططت له طوال سنوات وحظرت الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني، برئاسة الشيخ رائد صلاح، استنادا إلى أنظمة الطوارئ.
منذ ذلك الوقت وحتى اليوم كُتب وقيل الكثير عن هذا الملف، والأرشيف مليء بالأبحاث والدراسات والمقالات والتحليلات والمواقف والأخبار والأنشطة ما يمكن أن يملأ عشرات المجلدات. لكن هناك نقطتان لا تفارقان المشهد منذ ذلك اليوم البغيض أو تلك الليلة المظلمة.
الأولى: لم يكن الحظر لتنظيم ينشط في خدمة مجتمعه ضمن ضوابط القانون، وإنما هو حلقة في سلسلة طويلة لا تتوقف حلقاتها في الحرب الإسلام.
هي، إذن، ليست حربا على تنظيم، وإنما كانت وما تزال،حربا على الرسالة التي حملها ذلك التنظيم للناس؛ رسالة الإسلام الخالدة. ولعلنا نستطيع اليوم أن نكون على يقين من هذا إزاء ما تشهده المنطقة كلها، خاصة منذ الحرب على غزة. فكل الخيوط تقود إلى مكان واحد: لا بد من إزاحة الإسلام، بكل ما يعنيه، من المشهد، بكل وسيلة قذرة، سواء بشن الحروب، أو شيطنة حاملي رسالة الإسلام، أو التضليل، أو من خلال الأقلام المأجورة من تلك التي تعيش في المجتمع المسلم، والتي تؤدي دورها الخبيث في الطعن برموز الإسلام، وروحه، ورجاله وحملة رايته.
وأنا على يقين بأننا سوف نشهد ذلك اليوم الذي يقولها أعداء الإسلام صراحة: إن مشكلتنا ليست فقط من تنظيمات وحركات وتيارات. إن مشكلتنا مع الإسلام دينا وعقيدة ومنهاج حياة. فطالما أنه حي في القلوب وفي السلوك وفي حياة الناس، فإننا سوف نفقد – ذات يوم- زمام الأمور، ولن تعود لنا هيمنة على العالم. ولسوف تتولى أمريكا والمسيحية الصهيونية والمشروع الصهيوني كِبرَ هذا الموقف في لحظة تاريخية فارقة. وأظن أن اللحظة التي سيعلنون فيها ذلك الموقف قريبة.
أما الثانية فهي أن هؤلاء الذين حظروا التنظيم الذي يحمل اسم “الحركة الإسلامية”، ذلك التنظيم الذي حمل همّ الدعوة بإخلاص وتفان وعطاء لا ينقطع، قد ظنوا أنهم بذلك قد أوقفوا المسيرة، أو حظروا علاقة الناس بدينهم، أو أضعفوا هذه العلاقة. وقد خاب ظنهم. فإنه لم يخلق، ولن يُخلق ذلك الذي يمكنه أن يحظر دعوة الله الخالدة في العالمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فهي دعوة ماضية، لا تتوقف بحظر أو بقرار سياسيّ. فأين هو ذلك الغبي المتغطرس الذي تسول له نفسه أن يحظر دعوةً تكفّل الله بحفظها ومضائها؟
هي دعوة لا تنقطع، لا تزول، لا تنكص، لا تتراجع، لا تنكمش، ذلك أنّها شجرة خضراءُ ضاربٌ جذرها، سامق فرعها، وافرٌ أكلُها، وراف ظلُّها، تُظل السائرين، تذلّ المتغطرسين.



