أخبار وتقاريرعرب ودوليمقالاتومضات

زهران ممداني.. مسلم مناصر لغزة هزم ترامب

الإعلامي أحمد حازم

هو زهران ممداني. مسلم من عائلة هندية مهاجرة انتقلت من الهند الى أوغندا وبعدها الى جنوب افريقيا واستقرت أخيرًا في أمريكا، التي لم يكن ابن العائلة زهران يعرف أنّه سيكون يوما الخبر الرئيس في إعلامها بكل أنواعه واتجاهاته.

يقول الشاب زهران، إنه بعد أيام من وصول عائلته الى أمريكا وفي أعقاب سقوط برجي نيويورك (11 سبتمبر) وانتشار الحملة ضد الإسلام والمسلمين، نصحه عمه، بأن يخفي هويته كمسلم، لكن زهران فعل العكس بالضبط، وخرج إلى أضواء الافتخار بإسلامه.

صعود زهران ممداني إلى رئاسة بلدية نيويورك لا يمكن وصفه بأنه حدث عادي، بل هو أهم تغيير على الساحة الأمريكية، وهو أكثر من ذلك، زلزال سياسي ضرب نيويورك بقوة 9 درجات على مقياس ريختر.

زلزال دمر آمال ترامب وتوقعاته، لأنه قلب كل المعايير والتوقعات، وسيكون له ما بعده. وأهم ما فيه انه جاء بأصوات جزء من جيل الشباب اليهود في نيويورك. حدث مميز بكل المقاييس.

خلال مناظرة جرت بين المرشحين الخمسة لمنصب رئاسة بلدية نيويورك، تمَّ توجيه سؤال لكل مرشح عن الدولة التي سيزورها بعد الفوز.

أربعة منهم أجابوا بأن إسرائيل ستكون الدولة التي سيزورونها بعد الفوز، وممداني لم يجب، لكنه كان في منتهى الصراحة بموقفه تجاه إسرائيل، حيث ردّ على سؤال حول ما إذا كان سيسمح لنتنياهو بدخول نيويورك، أجاب انه سيأمر باعتقاله تنفيذا لحكم المحكمة الجنائية الدولية.

في الحقيقة أن ترامب ليس الوحيد الذي أزعجه فوز الهندي زهران، وإسرائيل أكثر من غضب من فوزه، فقد سارع الوزراء في حكومة نتنياهو في مهاجمة ممداني. اليميني الفاشي بن غفير قال إن “انتخاب ممداني عار سيبقى عالقا في الذاكرة”. ورغم أن عملية الانتخاب جرت في جو ديمقراطي، إلا أن بن غفير صرح بأن ممداني “مؤيد لحماس ومعاد للسامية وعدو لإسرائيل”.

تخلف فكري وقصر نظر سياسي، ظهرا جليا في تصريح وزير الشتات الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، فقد طالب يهود نيويورك بأن يهاجروا فورا إلى إسرائيل لأن الولاية لم تعد آمنة بالنسبة لهم بعد فوز “عمدة معاد للسامية”. كراهية  وخوف لا داعي لهما من الإسلام. فعلا انه وزير ينقصه تثقيف سياسي. فكيف يمكن مطالبة يهود نيويورك بالمغادرة الى إسرائيل و33% منهم انتخبوا زهران الهندي؟

سياسي إسرائيلي آخر اسمه جلعاد إردان، شغل في السابق منصب مندوب اسرائيل لدى الأمم المتحدة والولايات المتحدة، لم يعجبه وصول زهران الى رئاسة بلدية نيويورك، فكتب على منصة إكس، أن “كارهًا لإسرائيل، ينظر إلينا كدولة إبادة جماعية تمارس الفصل العنصري، يقود الآن أهم مدينة في العالم، موطنًا لأكبر عدد من السكان اليهود خارج إسرائيل”. ولم يكتف إردان بتصريحاته هذه، بل اعتبر يوم انتصار زهران “يوماً أسود”. وذهب به الخوف الى التحذير من أن “ما حدث في نيويورك قد يحدث قريبا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك في الكونغرس وحتى البيت الأبيض”. “والله يا جلعاد كل شيء ممكن وإن شاء الله سيحدث ما تتوقع”.

ويبدو انه لا يوجد نصائح لدى ساسة إسرائيل يقدمونها ليهود نيويورك سوى المغادرة لإسرائيل. فها هو أفيغدور ليبرمان وزير الأمن والخارجية الإسرائيلي السابق، يحذو حذو إردان ويطالب يهود نيويورك بمغادرتها. فقد وصف فوز ممداني على منصة إكس بأنه: “دعوةٌ قويةٌ لإيقاظ يهود نيويورك الذين يعشقون الحياة، للانتقال إلى حيث ينتمون– أرض إسرائيل”.

نتيجة انتخابات نيويورك، أظهرت بشكل واضح أربعة امور. أولها، ان ادعاءات معاداة السامية الوسيلة التي أرعبت الكثير من السياسيين في السابق، قد انتهى تأثيرها ولم تعد تملك ما كانت تملكه من قدرة على إرهاب من لا يسير في خط اللوبي الصهيوني. وثانيها، ان نسبة غير قليلة من اليهود أنفسهم سئموا السياسات العنصرية الاسرائيلية بحجة الدفاع عنهم، وثالثها ان المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال والمدعوم امريكيًا، جعلت تل ابيب وواشنطن منبوذتين دوليا، والأمر الأخير، ان القوى الصاعدة من الجيل الأمريكي الجديد، قد تجاوزوا حاجز الخوف من نفوذ المنظمات الصهيونية التي تتحكم بهم وترعبهم منذ خمسينيات القرن الماضي.

خصوم ممداني أنفقوا عشرات ملايين الدولارات لإفشاله، لكنهم هم الذين فشلوا. لقد أظهروا ممداني كأنه “إرهابى”، لكن ممداني واصل الجهر بإسلامه، يعتز بدينه، وتقدمي منفتح على كل الثقافات، ووجه رسالة مؤثرة باللغة العربية للمهاجرين العرب الأمريكيين قال فيها: “أنا صهركم وأحب الكنافة النابلسية”.

فوز ممداني يعني بوضوح انه لم يهزم ترامب فقط، بل هزم المنظمة الصهيونية “ايباك” وكذلك كل جماعات الضغط الصهيونية الأخرى، لأن نجاح ممداني يعني أن “إيباك” فقدت هيمنتها وتحكمها بالسياسة الأمريكية حتى انها فقدت قبضتها على يهود نيويورك بدليل أن 33% منهم انتخبوا ممداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى