رغم الخروقات القانونية: المحكمة ترفض طلب الدفاع بإلغاء لائحة الاتهام بحق الشيخ كمال خطيب

رفضت محكمة الصلح في مدينة الناصرة، يوم الأربعاء (15 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، الطلب الذي تقدّم به طاقم الدفاع عن الشيخ كمال خطيب، والمكوَّن من مركز عدالة ومؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، لإلغاء لائحة الاتهام بحقه، رغم ما تخلّل سير المحاكمة من خروقات قانونية جوهرية، أبرزها إصدار القاضية السابقة للحكم بعد تقاعدها، في تجاوزٍ واضح للصلاحيات القضائية التي يمنحها لها القانون.
وخلال الجلسة، أوضح طاقم الدفاع أن الطلب استند إلى انتهاك مبدأ العدالة الإجرائية وحق المتهم في محاكمة عادلة أمام قاضٍ تابع القضية منذ بدايتها حتى نهايتها. فقد أصدرت القاضية السابقة في 30 حزيران/يونيو 2025، أي في اليوم الأخير قبل تقاعدها (30 آذار/مارس 2025)، ملخصًا لقرار الإدانة دون نشر الحكم الكامل، ثم أصدرت في 10 آب/أغسطس نص الحكم المفصل بعد انتهاء ولايتها القضائية، في مخالفة صريحة للقانون الذي يحدد سقفًا زمنيًا أقصاه ثلاثة أشهر لاستكمال القضايا قبل التقاعد.
وبيّن طاقم الدفاع أن هذا الإجراء يُفقد الحكم صلاحيته القانونية ويشكل خللًا جوهريًا غير قابل للتدارك، لأن القاضية التي سمعت الشهادات والأدلة لم تعد مخوّلة قانونيًا بإصدار أحكام بعد تقاعدها. وأضاف أن استمرار المحاكمة رغم هذه المخالفة يمس بثقة الجمهور في نزاهة القضاء ويحوّلها إلى إجراء فاقد للمشروعية.
وأشار الدفاع كذلك إلى الفجوة الزمنية والإجرائية بين قراءة ملخص الإدانة دون تبرير مكتوب وبين نشر النص القضائي المطوّل بعد شهر ونصف من التقاعد، مؤكدًا أن هذا الانفصال يُقوّض مبدأ المحاكمة العادلة والمنصفة.
ورغم هذه الدفوع، رفضت المحكمة الطلب، معتبرة أن الخطوات التي اتخذتها القاضية السابقة لا تُبطل المسار القضائي، وأن قراءة ملخص الحكم قبل التقاعد تُعد كافية لإثبات صدور القرار ضمن المدة القانونية، بينما لا يشكل نشر الأسباب لاحقًا خللًا جوهريًا.
وقد أصدرت المحكمة قرارها في وقت متأخر من مساء يوم الجلسة (15 تشرين الأول 2025)، إلا أن نص القرار الخطي سُلّم لطاقم الدفاع في اليوم التالي.
وكانت محكمة الصلح قد أدانت الشيخ كمال خطيب في 30 حزيران/يونيو 2025 بتُهمتي التحريض على العنف والتحريض على الإرهاب، وبرّأته من تهمة التماهي مع منظمة إرهابية، على خلفية منشورين في “فيسبوك” وخطبة ألقاها خلال نشاط للجنة المتابعة العليا في سياق هبّة الكرامة (أيار/مايو 2021).
وادّعت النيابة أن أقوال الشيخ ومنشوراته تُشكّل “تحريضًا على العنف ودعمًا لمنظمات إرهابية”، بينما أكّد الدفاع أنّها تندرج ضمن الخطاب السياسي والديني المشروع، وتشكل نقدًا مشروعًا لسياسات الدولة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى، وتندرج في إطار الحق الدستوري في حرية التعبير عن الرأي.
وخلال أكثر من أربع سنوات من المحاكمة، قدّم طاقم الدفاع شهادات خبراء وسياسيين ونشطاء دعمت هذا الموقف، وأكدت أن أقوال الشيخ خطيب تعبّر عن موقف سياسي وديني متداول ومشروع.
وفي بيان مشترك، شدّد مركز عدالة ومؤسسة ميزان على أن قرار المحكمة يُشرعن مسارًا قضائيًا غير قانوني ويكرّس ازدواجية المعايير في التعامل مع الملفات ذات الطابع السياسي، مؤكدَين أنّ أي خلل مماثل في قضايا أخرى كان سيؤدي إلى إبطال فوري للائحة الاتهام.
كما اعتبر المركزان أن المحكمة تغاضت عن حق المتهم في متابعة ملفه أمام القاضي ذاته الذي باشر المحاكمة، وهو حق دستوري أساسي في المحاكمة العادلة، مشيرَين إلى أن القرار يعكس نهجًا سياسيًا متصاعدًا في ملاحقة القيادات الفلسطينية في الداخل.
واختتم البيان بالتأكيد على أن محاكمة الشيخ كمال خطيب تندرج منذ بدايتها ضمن الملاحقات السياسية للقيادات الوطنية الفلسطينية، وأن رفض المحكمة إلغاء لائحة الاتهام يُعدّ خطوة إضافية في شرعنة هذا المسار الخطير الذي يستهدف العمل السياسي المشروع وحرية التعبير.



