أخبار عاجلةمحلياتومضات

عدالة وميزان: إعلان لجان إفشاء السلام كتنظيم إرهابي قرار باطل وخطير قانونيا وسياسيا

قدّم “عدالة” و”ميزان” اعتراضًا قانونيًا مفصّلًا إلى اللجنة الاستشارية التابعة لوزارة الأمن الإسرائيلية، ضد قرار وزير الأمن، يسرائيل كاتس، القاضي بإعلان “لجان إفشاء السلام” كتنظيم إرهابي، بموجب المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب.

وجاء هذا الإعلان في 16 كانون الثاني/ يناير 2025، ولاحقًا، أُغلقت مكاتب اللجان وجُمّدت حساباتها البنكية، كما أُصدرت أوامر حجز إدارية بحق ممتلكاتها، مما خلف ضررا مُباشرا لمشروع اجتماعي من الدرجة الأولى تم العمل على إنشائه وبلورته لمدة 8 سنوات، ويهدف إلى نشر مبادئ السلام في مجتمع يعاني من آفة العنف والإجرام، وذلك بادّعاء أنها تُشكّل غطاءً قانونيًا لاستمرار نشاط الحركة الإسلامية، المحظورة إسرائيليا منذ العام 2015.

تولّى مركزا عدالة الحقوقي ومؤسسة ميزان لحقوق الإنسان تقديم الاعتراض، ممثلًا بالمحامية ناريمان شحادة – زعبي والمدير العام د. حسن جبارين، ومن مؤسسة ميزان المحامي عمر خمايسي، مؤكّدين فيه أن “القرار يفتقر إلى أي أساس قانوني أو وقائعي، ويشكّل مساسًا خطيرًا بالحق في التنظيم والعمل الأهلي، ويهدف عمليًا إلى تجريم النشاط المجتمعي الفلسطيني في الداخل، الأمر الذي يجعل من هذه السياسات أداة قمع سياسي واجتماعي بالغة الخطورة”.

وشدّدوا على أن “هذا الإعلان يمثل اعتداءً مباشرًا على المبادرات المدنية التي نشأت داخل المجتمع العربي لمواجهة العنف في ظل غياب الدولة وتقاعس مؤسساتها الرسمية، وعلى رأسها الشرطة، عن القيام بواجباتها الأساسية في حماية الناس”.

على الرغم من الآثار المدمّرة للقرار، امتنعت الجهات الرسمية، خاصة اللجنة الاستشارية في وزارة الأمن، عن الكشف عن المواد التي استند إليها الإعلان. وعلى مدار الأشهر الماضية، قدّم مركزا عدالة وميزان طلبات متكررة للحصول على هذه المواد دون أن يتلقى أي رد، في انتهاك فاضح لحق الدفاع، وحرمان جسيم للطرف المتضرر من أبسط ضمانات العدالة الإجرائية. وحتى في المواد العلنية القليلة التي كُشف عنها لاحقًا، لم تظهر الدولة أي أدلة على تورط هذه اللجان في التحريض على العنف أو ممارسته، بل تضمنت فقط عرضًا لنشاطات اجتماعية وأهلية معروفة وتُبث على الملء وبين أوساط الجماهير، مثل توقيع مواثيق شرف، وتنظيم فعاليات ميدانية ومهرجانات شعبية ومبادرات صلح.

شملت هذه الادعاءات فقط التطرق إلى حقيقة أن الشيخ رائد صلاح يقود منصبًا إداريًا في اللجان، وأنه يشارك بنشاطاتها، حيث تستند الدولة بشكل حصري تقريبًا إلى كون الشيخ صلاح قد تولّى إدارة المشروع ونسق بشكل مُباشر فعالياته، لكن دون أي صلة تنظيمية أو تحريضية على العنف، ودون أن يترتب على ذلك أي نشاط يُعدّ ضمن تعريف “الإرهاب” في القانون، الأمر الذي لا ينهض كأساس لإعلان الإرهاب، وفقا لمحاججة الطاقم القانوني.

أمّا قانونيًا، قدّم المركزان جملة من الادعاءات القانونية الجوهرية، أن هذه التصرفات تمثل انتهاك الحق في الإجراءات القانونية الواجبة (الحق في السماع)، لم يُمنح أعضاء لجان “إفشاء السلام” أي فرصة لعرض موقفهم أو الرد على الادعاءات قبل اتخاذ القرار، على الرغم من كونه مؤقت، حيث أن القانون الإداري الإسرائيلي والفقه القضائي يُلزمان بإجراء جلسة استماع سابقة، لا سيما عندما لا تقتضي الظروف أي “ضرورة أمنية طارئة”.

كما أكد الاعتراض أن إعلان اللجان كتنظيم إرهابي لا يستوفي أيًا من الشروط المنصوص عليها في المادة 3 من قانون مكافحة الإرهاب، إذ لا تقوم هذه اللجان بأي أعمال عنيفة، ولا ترتبط بأي جهة محظورة، لا من قريب ولا من بعيد، كما أنها لم تقدم خدمات لأي أحد يتعامل معها لا قريب ولا من بعيد.

ويؤكد عدالة وميزان أن “هذا القرار هو جزء من سياسة منهجية أوسع تهدف إلى تجريم العمل الأهلي الفلسطيني وشيطنته، وخاصة تلك المبادرات التي تنبع من المجتمع نفسه وتسعى إلى خلق مساحات آمنة وتحصين داخلي في ظل الفوضى الأمنية. إن تصنيف مشروع مجتمعي مدني أهلي كمشروع إرهابي لا يعكس فقط خللًا قانونيًا وإجرائيًا عميقًا، بل يكشف أيضًا عن مسار سياسي مقلق يستوجب التراجع الفوري عنه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى