“العربيّة لغتنا”

د. رضا اغبارية- رئيس مبادرة “العربية لغتنا”
3
فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ
وهناك كلمة أخرى أبهرت كلّ عالم في اللغة، ومتذوّق لها، ببلاغتها وجمالها وإعجازها وإيجازها. إنّها كلمة “فأسقيناكموه”، الموجودة في سورة الحِجْر، آية 22، حيث يقول تعالى: “وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ”.
إنّها أطول كلمة في اللغة العربيّة، وكذلك هي أطول كلمة في القرآن الكريم، حيث تتكوّن من 11 حرفًا. ووردت في سياق الحديث عن المطر، وجعله مهيّئًا وميسّرًا لشرب الناس والأرض والماشية…
إنّها جملة في كلمة بديعة واحدة؛ وهذه الكلمة مكوّنة من:
1) الفاء: حرف عطف، تفيد التعقيب والسببيّة.
2) أسقى: فعل ماضٍ.
3) نا: الدالة على الفاعل (نحن، الله)
4) ك: مفعول به أوّل. (أنتم، الناس)
5) الميم: حرف لجمع المذكّر.
6) الواو: لإشباع ضمّة الكاف.
7) الهاء: مفعول به ثانٍ. (الماء)
إنّها جملة مفيدة متكاملة، صيغت في كلمة بديعة واحدة. فسبحان الله! وتبارك الله! أن جعلنا من العرب، وأجرى على ألسنتنا هذه اللغة المباركة المقدّسة. ولا بدّ هنا أن نعرّج قليلًا على الفرق بين الفعلين: أسقى وسقى؛ فالأولى حين تعدّ الشّرب للآخر ليشربه متى شاء، وأما الآخر فهي أن تناوله الشّراب فيشرب. وقد كنّا في القرى نضع أمام البيت آنية من فخّار، نملأها ماء؛ ليشرب منها عابرو السبيل، فنكون قد أسقيناهم، وأما حين يطرق بابنا طارق، ويطلب ماء، فنعطيه، نكون قد سقيناه.


