“بالعربي أهْيَب”.. كتاب ثمين
توفيق محمد
أهداني أخي وصديقي العزيز الأستاذ أحمد سليم (أبو بلال) يوم الثلاثاء الأخير، باكورة إصداراته “بالعربي أهْيَب”، وهو كتاب قل فيه الكلام المصفوف إلا من إهداء وتقديم ومقدمة، ولكنه اعتمد على تصحيح ما اعوَجَّ من السنتنا، وما خالطها من مصطلحات دخيلة على العربية لغة القرآن الغنية الثرية التي أراد الله لها استيعاب آيات القرآن لفظا ومعنى والتي هي لغة الموطن الأصلي للمسلمين وهو الجنة.
جمعتني وأخي العزيز أبا بلال سنوات من العمل في صحيفة صوت الحق والحرية، فكنت رئيس تحرير بينما كان هو المدقق اللغوي للصحيفة، وللحقيقة فإن التدقيق اللغوي للعامل في هذا المجال قد يقتصر على الصرف والنحو والأخطاء الإملائية.
ولكنه في حالة أبي بلال لم يكن كذلك، وكيف له أن يكون على هذه الشاكلة لدى من يتذوق العربية، فهو عندما يقرأها إنَّما يتجول بين أصناف الفاكهة المتنوعة ينقيها مما شابها من أوساخ أو علق عليها من غبار، ثم يغسلها ويتلذذ بأطعمتها المختلفة، هكذا يقرأ أبو بلال النصوص، فيستعذب ويدقق ثم يقترح وينصح، ثم كان لا بد أحيانا من ترك مشاغل العمل والتمتع بالحديث معه حول معان ونفحات استوعبتها لغتنا الجميلة بحلل من الوقار اللفظي والجمال المعنوي.
عرفتُ أخي أبا بلال كما أشار لذلك في مقدمته حريصا على استعمال كل مفرداته بالعربية، وعدم استعمال أي كلمات دخيلة عليها، رغم أنه على درجة عالية من الثقافة والوعي لمن يدّعي أو يظن أن استعمال بعض المصطلحات الأجنبية إنما تشير إلى ثقافة ووعي -وليس الأمر كذلك، إنما الحقيقة هي أن الإكثار من هذه الاستعمالات إنما يشير الى الهزيمة الثقافية على أقل توصيف التي يعاني منها أولئك-، وقد دفعه هذا الحرص إلى إصدار هذا الكتاب الذي بين أيدينا، ويمكنني القول إنه مشروع، وليس كتابا يوضع على الرفوف.
إنه مشروع ديني ووطني من الدرجة الأولى، بل إن المشروع الوطني لن يكون مشروعا وطنيا سليما ومعافى ونقيا ما لم يكن القائمون عليه يعتمدون هذا المشروع الذي بادر إليه الأستاذ أحمد سليم أبو بلال، ذلك أن أحد أهم مرتكزات الهوية الوطنية لأي شعب هي لغته، فكيف يمكن لمن يريد إحياء مشروع وطني أن يتخلى عن لغته، أو أن يسمح بإنتاج لغة هجينة، تختلط بها الألفاظ والمعاني بلغات أخرى فلا يصبح الشخص قادرا على أن يعبر عما يريد بلغته العربية الفصيحة لعجزه هو عن إدراك ألفاظها ومعانيها، رغم ثرائها منقطع النظير بين لغات العالم أجمع.
علما أن “عدد كلمات العربية يتجاوز 12 مليون كلمة ما يعادل 25 ضعفاً من عدد كلمات الإنجليزية بحسب المصادر والمراجع ومعاجم اللغة العربية، فإن عدد كلمات اللغة العربية يبلغ 12.302.912 كلمة دون تكرار، ومقارنة باللغة الإنجليزية فإن عدد كلمات اللغة العربية يعادل 25 ضعفاً لعدد كلمات الإنجليزية التي تتكون من 600 ألف كلمة.
إن هذا الكتاب “بالعربي أهْيَب” وثيقة وطنية ودينية هامة جدا فهو قد استحضر ما أمكنه من استعمالات كثيرة لمفردات باللغة العبرية في حياتنا اليومية يصل عددها إلى 3200 مفردة، واستحضر بدائلها في اللغة العربية.
وقد بوَّب لهذه المفردات بعدة فصول بشكل جعل لكل من استعمالات المفردات التي تُعنى بالأغذية، والحاسوب والإلكترونيات، والرياضة، والسياحة والسفر، والسيارات والسياقة، والسياسة، والطب والعيادات والمستشفيات، والقضاء والمحاكم والشرطة والجيش، والمعاملات المالية والضرائب والتأمينات، والمكاتب الحكومية، والمهن والمواد وأدوات العمل، جعل لكل منها بابا خاصا، وهو بهذا التبويب المبارك قد سهل على المعنيين استخلاص الكلمة التي يريدون بيسر وسهولة وسلاسة، فبارك الله جهده وجعله في ميزان حسناته.



