أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرعرب ودولي

هل تستجيب الصين لدعوة ترامب بشأن خفض الأسلحة النووية؟

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام بشأن فرص خفض الأسلحة النووية بمشاركة الدول الكبرى، تساؤلات حول مدى استعداد الصين للانخراط في هذه المبادرة. وكانت دعوة ترامب جزءًا من خطابه، عبر الفيديو، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الأسبوع الماضي، حين طرح فكرة إجراء محادثات مع روسيا والصين بشأن خفض مخزونات الأسلحة النووية. وقال ترامب الخميس الماضي: “نريد أن نرى ما إذا كان بإمكاننا نزع السلاح النووي، وأعتقد أن هذا ممكن للغاية”. وأضاف في إشارة إلى الوقت الذي سبق خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2020: “أستطيع أن أخبركم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أراد القيام بذلك، هو وأنا أردنا القيام بذلك”.

وتابع: “لقد أجرينا محادثة جيدة مع الصين. وكان من الممكن أن يشاركوا في هذه المحادثات، وكان ذلك ليشكل إنجازًا لا يصدق بالنسبة لكوكب الأرض”.

تنافس واشنطن وبكين
جاءت دعوة ترامب بعد أيام من بدء ولايته الثانية، الاثنين الماضي، وهي الفترة التي من المتوقع أن يستمر فيها التنافس بين الولايات المتحدة والصين على جبهات متعددة، بما في ذلك التكنولوجيا والتجارة والجيش. وهذه ليست المرة الأولى التي يحث فيها ترامب الصين على الانضمام إلى محادثات كهذه مع الولايات المتحدة وروسيا، إذ سعى إلى ذلك خلال ولايته الأولى (2017 ـ 2021) وقد فشل آنذاك في استمالة بكين. يذكر أن أحدث تقرير بشأن القوة العسكرية الصينية، والذي صدر عن وزارة الدفاع الأميركية “بنتاغون” في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أشار إلى التوسع في عدد الرؤوس الحربية النووية العاملة، وتحسن التنوع، وتطور الترسانة الصينية.

في تعليقها على ذلك، أشارت وسائل إعلام صينية إلى أن بكين قد تتجاهل الدعوة الأخيرة التي أطلقها ترامب لتقليص الأسلحة النووية، معللة سبب ذلك بأن الصين لا ترى أن ترسانتها النووية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة أو روسيا. ولفتت إلى أن رد بكين على مثل هذه الدعوات كان دائمًا بأنها ستنضم بعد أن تخفض الولايات المتحدة وروسيا رؤوسهما النووية إلى مستوى الصين، مشيرة إلى أن الأخيرة تملك رؤوسًا نووية أقل بكثير من الولايات المتحدة وروسيا، وأن ذلك حقيقة ذكرها ترامب أيضًا في خطابه، على الرغم من أنه أشار إلى أن بكين قد تلحق بالركب في غضون سنوات.

ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست، أمس الأحد، عن تشو بو، الباحث في مركز الأمن الدولي والاستراتيجية بجامعة تسينغهوا الصينية، قوله إن الصين لن تشارك في المفاوضات النووية. وبحسب تشو، فإن هناك منطقًا بسيطًا في كيفية تعامل بكين مع هذه القضية.

وقال: نظرًا لأن الترسانة النووية الصينية ليست بنفس حجم ترسانة الولايات المتحدة وروسيا، فمن غير الواقعي أن تشارك الصين في مفاوضات متعددة الأطراف لخفض الأسلحة النووية. وأضاف: إذا كان من المقرر أن تتم التخفيضات، فإن القوى النووية الكبرى إما أن تضطر إلى تقليص مخزوناتها، أو أن ترسانة الصين سوف تحتاج إلى النمو لتتناسب مع مخزوناتها. ولم يرجح حدوث أي من هذين السيناريوين.

وبحسب أحدث تقرير سنوي صدر عن معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام في يونيو/حزيران الماضي، فقد أضافت الصين 90 رأسًا نوويًا إلى مخزونها النووي ليبلغ إجمالي عددها 500 رأس. وفي المقابل، تمتلك الولايات المتحدة 5044 رأسًا نوويًا بينما تمتلك روسيا 5580 رأسًا نوويًا. وكانت دراسة صينية حكومية نُشرت في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قد أشارت إلى أن ترسانة الأسلحة النووية الصينية أصغر بكثير من ترسانة الولايات المتحدة وروسيا، لكنها لفتت إلى أن بكين جهزت نفسها بأنواع جديدة من الصواريخ البالستية، بما في ذلك الأسلحة الأسرع من الصوت. وقالت إنه يمكن إطلاق العديد من هذه الأسلحة من منصات متحركة، مثل الشاحنات أو القطارات، ما يوفر لها قدرة أكبر على البقاء، مقارنة بالصواريخ التي يتم إطلاقها من صوامع تحت الأرض، مثل صاروخ مينتمان 3 الأميركي. وأشارت الدراسة الصينية إلى أنه في سبتمبر/أيلول الماضي، أطلقت الصين بنجاح صاروخًا من طراز دونغ فينغ-31 إيه جي، القادر على حمل رؤوس نووية متعددة، ووصل الصاروخ إلى هدفه الافتراضي في جنوب شرق المحيط الهادئ. أيضًا في عام 2020، كان هناك تصريح لافت للرئيس الصيني شي جين بينغ، قال فيه إن الصين ستنشئ نظامًا قويًا للردع الاستراتيجي – وهو ما يُنظر إليه على أنه إشارة إلى أن البلاد ستعزز ترسانتها النووية وقدراتها على الردع النووي خلال السنوات المقبلة.

محادثات نزع الأسلحة النووية
وعن ذلك، قال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية، جيانغ لي، إن بكين ليست ملزمة في الانضمام لمحادثات نزع الأسلحة النووية التي تقودها الولايات المتحدة، لأن الغاية من هذه المبادرة التي تبدو في ظاهرها إيجابية هي كبح جماح الصين والحد من أنشطتها المشروعة في تطوير ترسانتها العسكرية. وأضاف أن بكين ما زالت متخلّفة عن موسكو وواشنطن في حجم ترسانتها النووية، والأجدى من ذلك أن تقوم الولايات المتحدة بخفض ترسانتها، وحين تصل إلى مستوى أقرانها يمكن عندها البناء على أساس من التوازن المنطقي. وتابع أن خطوة في هذا الاتجاه، تشير إلى حسن النوايا وتعتبر حافزًا لبكين من أجل الاستجابة لهذه الدعوة والمضي على قدم المساواة بين الدول الثلاث.

في المقابل، قال لونغ يوان، الباحث الزميل في جامعة تايبيه الوطنية (تايوان)، إن عدم استجابة الصين لدعوة الرئيس الأميركي من شأنه أن يطلق سباقًا للتسلح وتوسيع الأنشطة النووية بين الدول الكبرى. ولفت إلى أن الغاية الأساسية من هذه المبادرة هي الحد من فرص اللجوء إلى القدرات النووية في النزاعات والحروب الكبيرة والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير هذا الكوكب. وأضاف أنه ينبغي على جميع الدول النووية وفي مقدمتها روسيا والولايات المتحدة والصين أن تنخرط بفعالية وجدية في هذه المحادثات بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة واشتراطات مسبقة. وربط فرص نجاح المبادرة الأميركية بمدى قدرة كل من بكين وواشنطن على ضبط إيقاع العلاقات الثنائية وإعادة ترميم الثقة وتذليل العقبات وإدارة خلافاتهما خلال الفترة المقبلة والحيلولة دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى