أخبار وتقاريرمقالاتومضات

المطلوب فلسطينيًا بعد وقف إطلاق النار بغزة

الشيخ رائد صلاح

1. من واجب الوقت الأساس ما بعد وقف إطلاق النار بغزة هو ضبط منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أن المطلوب اليوم هو تحديد من هي منظمة التحرير الفلسطينية، وما هو دورها، وكيف يتم اختيار أعضائها ورئيسها، مع التأكيد أنه لا بد من طيّ مرحلة المُحاصصة الفلسطينية الفصائلية في بناء منظمة التحرير الفلسطينية، والبديل هو انتخاب منظمة التحرير الفلسطينية مباشرة من كل الجماهير الفلسطينية بما في ذلك الجماهير الفلسطينية في الشتات حتى لو كانت في الصين، فلا يُعقل أن يكون تمثيل عددي لبعض الفصائل أكبر مما هي عليه في أرض الواقع، أو ألا يكون أي تمثيل يُذكر لبعض الفصائل الأخرى التي تتمتع بحضور واسع ومؤثر في مسيرة الشعب الفلسطيني، والحل هو الانتخابات المباشرة لمنظمة التحرير الفلسطينية من جماهير الشعب الفلسطيني، كما لا يُعقل أن يتعامل البعض من شعبنا الفلسطيني على صعيد أشخاص أو فصائل أو هيئات كأن هذه المنظمة غير قائمة في حساباتهم، ثم فجأة إذا ضاقت بهم الأمور يتفطنون لوجود هذه المنظمة، ويستغلونها كحبل نجاة من مآزقهم، ثم بعد تخلصهم من هذا المأزق أو ذاك يعودون إلى تناسي هذه المنظمة وكأنها غير قائمة في حساباتهم، كما لا يُعقل أن يغلب على دور هذه المنظمة اليوم المشهد الطقوسي الذي يطل علينا كل مدة زمنية طويلة ثم يختفي، دون أن يترك أثرًا على المسيرة الفلسطينية، كما لا يُعقل أن يستخدم البعض الفلسطيني هذه المنظمة كأنها كرباج بين يديه يجلد بها عند الحاجة البعض الفلسطيني الآخر، بدافع تأديب هذا البعض بلا مُبرر، أو التضييق عليه بلا مُبرر، أو مواصلة إقصائه بلا مُبرر، وإذا ظلت هذه المنظمة كما هي عليه الآن فستبقى تحدث حالة إرباك مؤسفة في المسيرة الفلسطينية لا رابح فيها، بل الكل خاسر بغض النظر عن اسمه ومنصبه ودوره.

2. من واجب الوقت الأساس ما بعد وقف إطلاق النار بغزة هو توضيح العلاقة توضيحًا لا ريب فيه ما بين السلطة الفلسطينية من جهة ومنظمة التحرير الفلسطينية من جهة أخرى والفصائل الفلسطينية من جهة ثالثة والجماهير الفلسطينية من جهة رابعة، ولا يُعقل أن تبقى الضبابية هي التي تحكم هذه العلاقة ما بين كل هذه الأجسام، ومن البدهي ألا يحكم الرعب والمطاردة والاعتقالات والتعذيب هذه العلاقة ما بين هذه الأجسام، ولا يرضى حر أو حرة من كل شعبنا الفلسطيني أن يحكم هذه العلاقة تربص البعض الفلسطيني بالبعض الفلسطيني الآخر، أو أن تحكم هذه العلاقة الشماتة أو التآمر أو الاستقواء بعدو للقضية الفلسطينية سواء كان عربيًا أو عجميًا لإضعاف دور البعض الفلسطيني، وحتى لا يبقى كل جسم من هذه الأجسام (السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية والجماهير الفلسطينية)، يفهم هذه العلاقة فهمًا تقديريًا وفرضيًا ونسبيًا، وحتى لا يفهمها فهمًا نفعيًا واستغلاليا وابتزازيا وتنمريًا، وحتى لا يفهمها فهمًا سطحيًا وهامشيًا وإجماليًا وشعبويًا، فأنا أقترح أن تتم صياغة ميثاق فلسطيني على أقل تقدير، بهدف ضبط هذه العلاقة وضبط مخرجاتها، وضبط أدبياتها في حال المكره والمنشط، والعسر واليسر، والشدة والفرج، وفي حال الوفاق المرجو دائمًا أو في حال بروز خلاف بين بعض هذه الأجسام، وأنا أقترح أن نطلق على هذا الميثاق اسم: (ميثاق القدس الفلسطيني)، وأن يتم التوقيعُ عليه من قبل مندوبين عن كل هذه الأجسام الأربعة المذكورة أعلاه في المسجد الأقصى المبارك، ثم أن يُعلن عن هذا الميثاق عبر أكبر عدد ممكن من وسائل الإعلام المحلية والعالمية وبأكثر من لغة حتى يكون في متداول كل فلسطيني أو فلسطينية حتى لو كانت هناك جالية فلسطينية في الصين.

3. من واجب الوقت ما بعد وقف إطلاق النار بغزة هو الوقوف العميق على تجربة الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي كانت بعام 2006م، ثم لم تكن هناك انتخابات تشريعية فلسطينية بعدها، وهذا ما أدخل المسيرة الفلسطينية في تيه لم يتوقف حتى الآن، ولا يزال مستمرًا حتى الآن، حيث أن الكل يعلم على صعيد فلسطيني وعربي وإسلامي وعالمي أنها كانت انتخابات نزيهة شفافة، وهذا يعني أن من نجح فيها فقد نجح بجدارة، ولم ينجح وفق غش أو خداع أو تزوير، وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني قال كلمته فيها بحرية، وعبّر عن رأيه فيها بقناعة، وهكذا مَثَّلت ضمير الشعب الفلسطيني، وهذا ما شهد به القريب والبعيد والصديق والعدو لهذه الانتخابات، ثم بعد بُرهة من الزمن على هذه الانتخابات دخل شعبنا الفلسطيني في مرحلة تيه ولعله أُدخل إلى مرحلة التيه هذه، فبعد أن أفرزت هذه الانتخابات مجلسًا تشريعيًا فلسطينيًا، وبعد أن أفرزت رئيسًا لهذا المجلس، وبعد أن أفرزت حكومة فلسطينية، وبعد أن أفرزت وزراء في هذه الحكومة، وبعد أن أفرزت رئيسًا لهذه الحكومة، بعد أن أفرزت كل ذلك بغض النظر عن اسم كل عضو أو وزير أو رئيس أفرزته هذه الانتخابات إلا أن المسيرة الفلسطينية دخلت في تيه لا يزال مستمرًا حتى الآن، بدل أن تدخل في مرحلة سكينة وطمأنينة ونمو وازدهار، فلماذا حدث كل ذلك؟!، هل هناك عيوب في نظام انتخابات المجلس التشريعي؟!، أم أن هناك من سعى لوأد هذه التجربة الفلسطينية وهي في مهدها؟!، أم أن هناك من عكّر الأجواء الفلسطينية ودفع باتجاه افتعال خلاف فلسطيني – فلسطيني بعد هذه التجربة الفلسطينية؟!، ولعل هناك أسئلة أكثر من ذلك، ولذلك فإن المطلوب ونحن في بدايات عام 2025م، أي بعد أن مضى على هذه التجربة الفلسطينية قرابة العشرين عامًا، المطلوب دراسة هذه التجربة الفلسطينية المُرة، وإدخال كل تعديل مطلوب، حتى لا تعود هذه التجربة الفلسطينية على نفسها في انتخابات المجلس التشريعي القادمة، وحتى يكون هناك تنافس انتخابي بين المُرشحين أو بين كل القوائم الانتخابية قائمًا على تكافؤ الفرص بين الجميع، دون التجرؤ على شطب أي مُرشح انتخابي أو قائمة انتخابية بادّعاء وجود ضغوط عالمية لا مهرب منها!!، فإن ادّعاء مثل هذا الادّعاء هو مرفوض من أصله، لأن الشعب الفلسطيني سيد نفسه، وحاكم نفسه، والمُقرر لنفسه بنفسه، مهما كان حجم هذه الضغوط ومصدرها.

4. من واجب الوقت ما بعد وقف إطلاق النار بغزة، الإصرار على دراسة تجربة الفتنة الفلسطينية العمياء بمخيم جنين، والتي بسببها تم فرض حِصار فلسطيني على مخيم جنين الفلسطيني لمدة أربعين يومًا، وتم منع الغذاء والماء والدواء، خلال أيام هذا الحِصار عن مخيم جنين!!، والمطلوب معرفة أسباب وقوع هذه الفتنة الفلسطينية العمياء، والمطلوب التعرف على الجهة التي استباحت فرض هذا الحِصار الطويل على مخيم جنين، والمطلوب معرفة بماذا كان مخيم جنين مُطالبًا خلال أيام هذا الحِصار، والمطلوب دراسة هذه الفتنة الفلسطينية العمياء، ليس من أجل أن يُعيّر طرف فلسطيني طرفًا آخر فلسطينيًا، بل من أجل وضع كل الاحتياطات في داخل الصف الفلسطيني، ومن أجل سد كل الثغرات في داخل هذا الصف الفلسطيني، ومن أجل استكمال كل نقص، حتى لا تعود تجربة هذه الفتنة الفلسطينية العمياء على نفسها مرة ثانية.

5. من واجب الوقت ما بعد وقف إطلاق النار بغزة دراسة حال القطيعة الفلسطينية التي طالت وامتدّت ما بين غزة والضفة الغربية حتى هذه اللحظات، وهل هناك إمكانية لدراسة أسباب هذه القطيعة ثم إيجاد الحل (الذي يرضى عنه الكل الفلسطيني)، لكل سبب من هذه الأسباب، وإلا لا يجوز التصرف الفلسطيني عند البعض الفلسطيني كأن مُصاب غزة هو مُصابها لوحدها، ولا شأن للضفة الغربية بذلك، أو كأن مُصاب الضفة الغربية هو مُصابها لوحدها، ولا شأن لغزة أن تُسهم برفع هذا المُصاب عن الضفة الغربية، ومن يدري لعل بعض أعداء الشعب الفلسطيني يُريدون لغزة أن تكون قضية لوحدها، ويُريدون للضفة الغربية أن تكون قضية لوحدها، وكأن لغزة حاضرها وللضفة الغربية حاضرها، وكأن لغزة مستقبلها وللضفة الغربية مستقبلها !!، فهل يُمكن تجاوز هذا الفِصام النكد ما بين غزة والضفة الغربية، والعودة بهما إلى الحال الواحد، رغم الفصل الجغرافي الواقع بينهما، سيما وأن هناك الكثيرين من أعداء الشعب الفلسطيني من يسعون إلى إيقاد فتنة فلسطينية عمياء في كل أماكن تواجد المسيرة الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى