أخبار رئيسيةمقالاتومضات

نداء استغاثة

الشيخ رائد صلاح

حدَّثني ثقة من أهلنا في أم الفحم أنَّ سهرة أُسرية جمعته مع قرابة العشر رجال في أحد بيوتنا في ام الفحم فدار نقاش طويل حول جائحة العنف التي عصفت بنا اليوم، ثمَّ بعد هذا النقاش الطويل خلصوا إلى نتيجة مفادها انه لا بد من إقامة مشروع إصلاح واسع لفض كل النزاعات بين الأهل في الداخل الفلسطيني، ولا بد أن يسعى إلى إقامة هذا المشروع الشيخ رائد صلاح، فقال لهم محدثي الثقة: هناك لجنة اصلاح نشيطة في ام الفحم وتعمل على فض كل النزاعات بين الاهل في أم الفحم وخارجها، وهناك ذراع لهذه اللجنة مختص بفض النزاعات التي تقوم على خلفية الخاوة والسوق السوداء والقتل، وهناك ذراع آخر لهذه اللجنة مختص بفض النزاعات المجتمعية التي تقوم على خلفية قضايا الطلاق والميراث والخلافات بين الجيران والشركات، ثمَّ قال لهم محدثي الثقة: أنا عضو في الذراع الثاني لهذه اللجنة، ونجلس كل يوم أحد بعد صلاة العصر مع الشيخ رائد صلاح، وخلال هذا اللقاء الأسبوعي الثابت نقوم بتوزيع مهمة ما جدَّ من قضايا مجتمعية على الحضور، ولا يزال عددنا قليلا، وفي المقابل لا تزال هذه القضايا المجتمعية تزداد يوما بعد يوم فمن منكم على استعداد أن ينضم الينا حتى يعيننا على حمل هذا العبء الثقيل؟ فماذا كان رد فعلهم؟ يقول محدثي الثقة: رفضوا جميعا الانخراط في هذه المهمة لدرجة أنَّ واحدا منهم هو طبيب ناجح في مهنته إلا أنه أصرَّ على رفض الانخراط في هذه المهمة، مدعيا انه يخشى أن يقوم أحدهم بإطلاق الرصاص عليه إذا ما باشر بمهمة فضّ النزاع في هذه النزاعات المجتمعية.

وهكذا كان هذا النقاش في هذه السهرة الأسرية طويلا، وكانت محصلته صفرا، وهو مشهد يقول كل شيء، ويكشف عن جانب من مرآة واقعنا في الداخل الفلسطيني، فهناك القطاع الواسع منا الذي يتقن فن النقد لأجل النقد، وفن الاقتراح لأجل الاقتراح، وكأنه بذلك قام بواجبه وأرضى ضميره!!

ثم ماذا؟ كنتُ في جنازة قبل أيام وكنّا نشيع أحد ضحايا العنف في إحدى بلداتنا الكبيرة في الداخل الفلسطيني، وشاء الله تعالى ونحن في انتظار خروج الجنازة من المسجد أن أقف بجوار الأخ الشقيق لهذا المرحوم القتيل، وهذا الأخ الشقيق طبيب في مهنته، فقال لمن حوله: لقد بدأت استعد للرحيل إلى دولة أخرى، ولن أبقى هنا، وقد بدأت أحزم أمتعتي استعدادا للسفر!! وتصريح هذا الطبيب المكلوم الموجوع يكشف عن جانب ثان من مرآة مجتمعنا، فهناك قطاع من مجتمعنا أصابه اليأس والإحباط بسبب جائحة العنف العمياء التي تعصف بنا وفينا، ومن هؤلاء اليائسين المحبطين من اختار لنفسه الصمت الطويل والعزلة في بيته والوقوف موقف المتفرج على مآسينا، ومنهم من اختار لنفسه إفشاء ثقافة الاستسلام، والتطاول البذيء على كل نقطة ضوء تعمل على مواجهة جائحة العنف التي أنهكتنا، وسأكشف عن بعض تفصيلات ذلك في الأيام القادمة، ومنهم من اختار لنفسه الرحيل عنا إلى دولة أخرى، وكأنه اختار لنفسه- واهما- مشهد راكب البحر الذي قفز من السفينة ظنًا منه أنها ستغرق، ولم يدرك أنها مجرد أمواج اصطدمت بالسفينة ثمَّ تجاوزتها السفينة وواصلت سيرها مبحرة نحو شاطئ السلامة!!

ثمّ ماذا؟ كنتُ قبل أيام في بلدة عين- ماهل، وكنت قد تشرفتُ بالمشاركة في حفل نسائي للإعلان عن إقامة لجنة إفشاء سلام نسائية في عين- ماهل بهدف مواجهة جائحة العنف التي ستحاصرنا إن لم نحاصرها، وفي ختام هذا الحفل المهيب عرضنا على كل النساء الحضور الانضمام إلى هذه اللجنة في عين- ماهل، فكان أن انضمت عشرون امرأة إلى هذه اللجنة، وتناغما مع هذا المشهد المفعم بالهمة والتفاؤل، كنتُ قبل أيام في بلدة كفر- قرع بهدف الإعلان عن تأسيس لجنة إفشاء سلام شبابية، فكان أن حضر هذا اللقاء التأسيسي واحد وثلاثون شابا مع التنويه أن البعض منهم قد اعتذر عن الحضور بسبب عذر طارئ حل عليه، وكان جو هذا اللقاء مفعما بالهمة والتفاؤل وكأنما أراد الشباب في هذا اللقاء القضاء على جائحة العنف خلال ساعات معدودات، وتناغمًا مع رياح الهمة والتفاؤل في كل من عين- ماهل وكفر- قرع كنتُ قبل أيام مشاركا في اجتماع إدارة لجان افشاء السلام في النقب، فسمعت منهم عن استعدادهم لنشاطات رائعة قريبا سيحيونها في النقب، ما بين سباق خيل ومؤتمر شبابي ومبادرات جادة لإقامة لجنة إفشاء سلام نسائية وأخرى شبابية في كل بلدة في النقب!! وهكذا كانت الأجواء عندما شاركتُ قبل أيام في اجتماع إدارة لجان إفشاء السلام في إقليم الغابة وفي إقليم المثلث الجنوبي، وقد برز من بين الحضور في هذين الاجتماعين السيد غسان ممثل لجنة إفشاء السلام المحلية في اللد حيث أفرح الجميع عندما أخبرنا انهم باتوا يستعدون في اللد لإقامة (سباق اللد) الهادف الى إفشاء السلام في اللد التي أنهكتها جائحة العنف، وسيكون هذا السباق قطريا، وسيدعون إليه كل العدّائين بخاصة وكل الشباب بعامة للمشاركة فيه، وسيكون مسار سباق العدو هذا ما بين الأحياء العربية في اللد. وتناغما مع رياح الهمة والتفاؤل في كل من عين- ماهل وكفر- قرع والنقب والمثلث الجنوبي والغابة، كان هناك مؤتمر لجان الإصلاح الثاني بتاريخ 19/8/2023، وكان هناك صرخة سفينة إفشاء السلام النسائية الأولى ما بين ميناء عكا وميناء حيفا التي شاركت فيها اربعمائة ناشطة من لجان إفشاء السلام النسائية يوم أمس الخميس وفق 31/8/2023. ثمَّ نحن على موعد مع مباراة كرة قدم ودية ما بين فريق اتحاد أبناء سخنين وفريق أبناء الرينة في مدرج الدوحة في سخنين كتظاهرة رياضية تدعو إلى نبذ العنف وإفشاء السلام بتاريخ 7/9/2023. وهو غيض من فيض يكشف عن جانب ثالث من مرآة مجتمعنا وهذا الجانب الثالث هو قطاع أبيّ وفيّ من رجال ونساء وشباب مجتمعنا رفض لنفسه الوقوف عند حد النقد والاقتراح، ورفض لنفسه التلفع بعباءة اليأس والإحباط والعزلة وإفشاء ثقافة الاستسلام، واختار العمل على الثرثرة، وإضاءة شمعة على سب الظلام، وإفشاء السلام والتراحم والتغافر والتسامح على الحقد والعداوة والشحناء والفجور. وها هو هذا الجانب الثالث يسعى جادا لإقامة لجنة إفشاء سلام محلية ولجنة إفشاء سلام نسائية محلية ولجنة إفشاء سلام محلية شبابية ولجنة إصلاح محلية في كل بلدة من بلداتنا في الداخل الفلسطيني على امتداد النقب والمثلث والجليل والمدن الساحلية (عكا وحيفا ويافا واللد والرملة).

فيا كل أهلنا في الداخل الفلسطيني على صعيد الرجال والنساء والشباب المصلحين، ندعوكم للانضمام الى هذه اللجان على اختلاف تعددياتكم الدينية والسياسية، راجين أن نلقى الدعم من القيادات السياسية، ومن المشايخ وائمة المساجد والأساقفة وسائر القيادات الدينية المسلمة والمسيحية والدرزية، فمجتمعنا الذي يضمنا جميعا لا يزال يحترق بنار العنف، والعار كل العار إن وقفنا متفرجين عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى