دراسة : 79 عربيا أعدموا على يد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية منذ العام 2000
موطني 48| عبد الرحمن أشراف
رصدت دراسة بعنوان “الإعدامات الميدانية – فلسطينيون من مناطق الـ48 قتلوا على يد أجهزة الأمن الإسرائيلية خارج إطار القانون” أعدها الباحث ساهر غزاوي 79 حالة قتل لشبان من مناطق الـ48 على يد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الفترة الواقعة من عام 2000 وحتى عام 2022 في ما وصفها الباحث بسياسة “الإعدام الميداني” الممارسة ضد الفلسطينيين.
وتعد الدراسة بحسب غزاوي مقدمة للكتاب الذي سيصدر عن جمعية ميزان لحقوق الانسان بعنوان “الإعدامات الميدانية: فلسطينيون من مناطق الـ 48 قتلوا على يد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية خارج إطار القانون”، حيث أن الكتاب يتناول تفاصيل وحالات القتلى العرب الفلسطينيين بمناطق ال48 على يد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في الفترة الواقعة من عام 2000 إلى عام 2022.

وأشارت الدراسة الى أن القتل الميداني أو كما سمتها “الإعدام الميداني” تصنف بحسب القانون الدولي على أنها، “قتل خارج إطار القانون”، كما وقالت الدراسة، أن 79 حالة قتل من العرب الفلسطينيين تشكل خمسة أضعاف عدد الذين قتلوا برصاص الشرطة من المجتمع اليهودي (16 قتيلا)، مع الإشارة إلا أن عدد السكان اليهود يزيد عن العرب الفلسطينيين بأربعة أضعاف، علما أن معظم الذين قتلوا من اليهود هم من ذوي الأصول الإثيوبية الذين يعانون أيضًا من سياسة التمييز العنصري ومن ظروف معيشية متدنية.
وبيّن غزواي، في دراسته أن السلطات الإسرائيلية كانت قد اعتبرت المواطنين العرب من مناطق ال48، مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة، وهامشيين ومهمشين من حيث تفضيلات الحكومة وحقوقهم الفردية والجماعية كأقلية وطن أصلانية تعيش على أرضها وفي وطنها، واعتبرتهم يمثلون تهديدًا وخطرًا في وطنهم على غيرهم، ومثلت الأجهزة الإسرائيلية أداة قمع لتنفيذ هذه السياسة، وبالتالي هي لا تحول دون معاملتهم على هذا الأساس.
ويرى الباحث أن هذا التهميش المتعمد لاقى تطبيقا على أرض الواقع في تعامل سلطات الأمن الإسرائيلية مع المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في الماضي والحاضر بشكل عدائي باستسهال الضغط على الزناد وإطلاق النار من قِبل عناصر الشرطة وحراس الأمن الإسرائيلي على مواطنين فلسطينيين، دون مبرر في معظم الحالات وذلك لمجرد الشك بأن المواطن الفلسطيني “يشكل خطرًا” أو يُعتقد أنه قد ينفذ عمل ما.
وذكرت الدراسة أن هذه السياسية (الإعدام الميداني) تصاعدت بشكل ملحوظ بعد اندلاع هبّة القدس والأقصى عام 2000، إذ منحت إسرائيل أجهزتها الأمنية كافة الصلاحيات لاستخدام العنف ضد المواطنين الفلسطينيين، وأدرجت “الإعدامات الميدانية” ضمن إطار نهجها وممارساتها العنصرية ضدهم، كوسيلة عقابية وانتقامية لموقفهم المتفاعل والمناصر لقضية القدس والمسجد الأقصى.
ويقول غزاوي، أنه في دولة تدّعي أنها واحة الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، وبفعل الحماية والدعم الكاملين من جهات إسرائيلية رسمية، المتمثلة بالنيابة العامة والمستشار القضائي للحكومة والجهاز القضائي، اللتان عملتا على إغلاق معظم ملفات المتورطين بالقتل بتفاصيله المختلفة لإفلاتهم من العقاب على جرائمهم، وفي واقع جرى فيه استرخاص أرواح العرب الفلسطينيين بات هذا المواطن يشعر بتهديد دائم على حياته بسبب قوميته.
وبحسب الدراسة فإن الشباب الذين تتراوح أعمارها ما بين 20-30 وعددهم (49 شخص) – أي ما نسبته 62.02% هم الأكثر استهدافاً من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ثم تلي ذلك الفئة العمرية التي أعمارها تحت سن العشرين وعددها (16شخص) بنسبة 20.25%. أما الفئتين العمريتيْن اللتين تتراوحا ما بين (31-40) و (41-60) فعدد كل واحدة منهما (7) بنسبة 8.86%.
وأما بالنسبة للمناطق الأكثر استهدافا فأشارت الدراسة إلى أن، منطقة الجليل تتصدر عدد القتلى (23 شخص) بنسبة 29.11%، ويلي ذلك منطقة النقب (22 شخص) بنسبة 27.84%، تليها منطقة المثلث الشمالي (18 شخص) بنسبة 22.78%. بينما تحتل منطقة النقب المرتبة الأولى بعدد البلدات والمضارب (13 بلدة) وتليها منطقة الجليل (9 بلدات) والمدن الساحلية (6 بلدات) وبلدتين من المثلث الجنوبي”.
كما وبينت الدراسة أن، “النسبة الأعلى (القتلى) هم من ضحايا حواجز الشرطة الطيّارة والمطاردات البوليسية وعددهم 23 أي بنسبة 29.11%، يلي ذلك ضحايا المظاهرات الاحتجاجية وعددهم (16)- أي بنسبة 20.25%-، مع أهمية الإشارة إلى أن 12 من هؤلاء الضحايا قتلوا في المظاهرات الاحتجاجية في أحداث هبّة القدس والأقصى عام 2000 والأربعة المتبقون قتلوا على يد جهاز الشرطة على مدار عشرين سنة خلال مشاركتهم في مظاهرات احتجاجية في أماكن مختلفة”.
وبالنسبة للإعدامات الميدانية ذات خلفية قومية سياسية، فبحسب غزاوي أن عدد الذين تم إعدامهم على خلفية سياسية يبلغ في هذه الحالة 26 شهيدا، دون أن يشمل هذا العدد على سبيل المثال الشهيد يعقوب أبو القيعان وربما غيره ممن تم تصنيفهم في إطار عمليات اقتحام قرى وبيوت، ولكن بالمحصلة هناك أكثر من 30% تم قتلهم على خلفية سياسية.
وقال غزاوي، أنه في خانة مداهمة البيت أو القرية جرى قتل 15 شهيدا غالبيتهم ليسوا من المستهدفين الذين جرى اقتحام البيت أو القرية بهدف اعتقالهم، بل من الأقارب أو الجيران جرى إطلاق النار عليهم وقتلهم بعد تطور عراك مع قوة الشرطة المقتحمة، وهو دليل آخر على مدى استسهال قتل المواطن العربي حتى لو كان لا ذنب له من قبل عناصر الشرطة.
وذكر غزاوي أن أحد أسباب تعزيز التوجه العدائي ويشرعن سياسة الإعدام الميداني، هو عدم معاقبة القتلة من عناصر الشرطة، إذ أنه حتى فترة وجيزة كانت وحدة التحقيق مع رجال الشرطة “ماحاش” بمثابة وحدة من الوحدات التابعة للشرطة، بمعنى أن الشرطة كانت تحقق مع نفسها، ومع تكاثر الانتقادات لهذه الحالة تم إخراج هذه الوحدة من دائرة الشرطة واتباعها للنيابة العامة التابعة لوزارة القضاء.
وأضاف، لكن وإن بدت “ماحاش” هي العنوان فإن مشكلة المواطنين الفلسطينيين ليست معها فقط، بل مع جميع أجهزة إنفاذ القانون بما فيها الجهاز القضائي، فلطالما تمت الإشادة بتصرف الشرطة الإسرائيلية بسهولة الضغط على الزناد وقتل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، من قبل مسؤولين رسميين في الحكومة.
وشهدنا أمثلة كثير لدعم الشرطي القاتل مثلما حدث مع وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، أمير أوحانا،الذي عبر عن دعمه للشرطي قاتل الشاب منير عنبتاوي من مدينة حيفا في جريمة وقعت بمحاذاة منزل العائلة في حيّ وادي النسناس في آذار/ مارس 2021، كما طالب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق، غلعاد إردان، من المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، والمدعي العام شاي نيتسان، بإعادة النظر بقرار المحكمة العليا الإسرائيلية، حول مقاضاة الشرطي الذي قتل خير الدين حمدان من كفركنا.
ووفقًا للدراسة فإن معطيات 2022، تشير الى أن هناك، “(5) حالات لا تزال قيد البحث ولا يزال مصيرها مجهولًا حتى إعداد الدراسة، و (7) حالات لم تفتح (ماحاش) ملفات للتحقيق في حيثيات قتلهم على يد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بينما نجد هناك أن ملفًا واحدًا فقط تم تحويله إلى المسار المدني ودفع تعويضات مالية لعائلة الضحية بدل قيام “ماحاش” بواجبها بوقف العنف الشرطوي ومعاقبة الضالعين في قتل الفلسطينيين من مناطق الـ48، وهو ملف يعود للضحية محمود أحمد عبيد الهيب من بلدة طوبا الزنجرية الذي قتل على يد شرطي إسرائيلي في عام 2011. وهناك حالة واحدة تم إدانة الشرطي فيها وسجنه 15 شهرًا، وهي حالة الضحية محمود غنايم من بلدة باقة الغربية الذي قتل على يد شرطي إسرائيلي في بلدة برديس حنا قرب المجاورة لباقة الغربية يدعى شاحر مزراحي، يوم 4/7/2006″.



