تقارير ومقابلاتمحلياتمرئياتومضات

الحلقة 26 من “هذه شهادتي”.. فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني

في حلقة جديدة من برنامج “هذه شهادتي” مع الشيخ رائد صلاح:

  • مسيرة الصحوة الإسلامية ما بعد “أسرة الجهاد” نمت وازدهرت، ولم تتوقف عند مرحلة معسكرات العمل، بل توسعت في ابتكار وإبداع العديد من المشاريع
  • نحتاج إلى عمل دؤوب، ونفسية تتحمل العمل المستديم والاتقان في العمل، وقبل كل ذلك، التوكل على الله، واحترام التخصصات
  • ما انطلقنا على أساس برنامج سياسي أرضي يزعم احترام المرأة، كان تفكيرنا من منطلق فهمنا الإسلامي واعتقادنا بالدور المتكامل بين الرجل والمرأة

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. تُبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (26) أكمل رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، حديثه عن مرحلة ما بعد “أسرة الجهاد” واضطلاع أبناء المشروع الإسلامي بالعديد من المسؤوليات عبر إقامة المشاريع المختلفة على صعيد الداخل الفلسطيني.

 

النمو والازدهار في مسيرة الصحوة

يؤكد الشيخ رائد صلاح أن مسيرة الصحوة الإسلامية في مرحلة ما بعد “أسرة الجهاد” وتحديدًا في حقبة الثمانينيات، نمت وازدهرت، ولم تتوقف عند مرحلة معسكرات العمل الإسلامي التي انتشرت في العديد من البلدان، بل توسعت مسيرة الصحوة في ابتكار وإبداع العديد من المشاريع.

وتابع قائلًا: “أنتجت معسكرات العمل الإسلامي، بعد سنوات، معسكرات الوقف الإسلامي لرعاية المقدسات، وجرى تنظيم أول معسكر وقف إسلامي في مدينة حيفا، حيث تمت رعاية عدد من مواقعنا المقدسة، على صعيد مقابر، ومساجد، ومصليات في مدينة حيفا، كانت على خطر إمّا الاندثار، وإمّا كانت بحاجة إلى رعاية. ثمّ انتشرت معسكرات الوقف الإسلامي، ووصلنا إلى عكا، واللد، والرملة، ويافا، وسيدنا علي في بلدة الحرم. ثم كان بعدها أول معسكر وقف في ساحات المسجد الأقصى المبارك، واشتمل على أعمال تنظيف، ثمّ لاحقا بدأت القفزة الكبيرة في الأقصى من خلال إعمار المصلى المرواني، والأقصى القديم، وغيرها من الأعمال في الأقصى والتي سيكون لها تفصيلاتها في حلقات قادمة”.

وأشار إلى أنّ معسكرات العمل الإسلامي والمشاريع التي بادرت إليها الصحوة الإسلامية، أضفت أجواء من المحبة والألفة بين الناس، وتطرق إلى معسكر عمل في إحدى البلدات التي وقعت فيها فتنة عميقة ومستديمة بين عدد من أهلها، فلمّا شهدت البلدة معسكر عمل إسلامي- وكان الشيخ رائد أحد العاملين في المعسكر- التقى الناس جميعًا في الحفل الختامي للمعسكر، ما ساهم في إنهاء الفتنة والخصومة التي كانت في هذه البلدة وكان الناس في وحدة حال واحدة.

وتابع رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا حديثه عن مشاريع أخرى انطلقت بها الصحوة الإسلامية، يقول: “يستوقفنا هنا أنّ لجنة الزكاة في أم الفحم، وصلت إلى قناعة أنه يجب طرق باب التعليم، فكانت الفكرة أن نقيم روضات إسلامية، بمعنى استيعاب الأطفال ما قبل صف البستان، وتعليمهم أبجديات التربية الإسلامية، مثل: أركان الإسلام، آداب الطعام، أركان الإيمان، وغيرها. وفعلًا أقمنا أول روضتين إسلاميتين في أم الفحم، كانت الأولى تحت مسجد المحاميد والثانية تحت مسجد حي “الخلايل”، وقد تولى رعاية وإدارة هذا المشروع الشيخ أحمد فتحي خليفة، وترجم الأمر عبر البحث عن أخوات مستعدات لتعليم الأطفال، وقد وجدنا الأخوات من أم الفحم، وكان الطلب للالتحاق بالروضتين واسعًا جدًا. بدأنا نستقبل الأطفال وبدأت تنظّم اللقاءات الاحتفالية للطلاب مع أمهاتهم، وكان هذا أحد الأهداف من أجل إيصال رسالة الصحوة الإسلامية إلى جميع شرائح المجتمع ومنهم الأمهات بطبيعة الحال. ومشروع الروضات الإسلامية لم يقف عند حدود أم الفحم، فقد انتشرت الروضات الإسلامية في الكثير من البلدات، مثل كفر كنا، وكفر قاسم، والفريديس وباقة وغيرها من البلدات”.

ما ميز مشاريع الصحوة الإسلامية- بحسب الشيخ رائد- منذ بداياتها، هو عنصر النمو، بمعنى أنّ البداية لم تقف عند حد الانطلاقة الأولى، بل نمت ونمت وأصبحت عالمًا آخر غير بدايتها التي كانت عليها. فالروضات نمت ووصلت إلى مدارس وكليات، وهكذا حدث في كل المشروعات التي أطلقتها الصحوة الإسلامية.

 

العقيدة الحيّة وحمل هموم المجتمع

ونصح الشيخ رائد صلاح أبناء المشروع الإسلامي بأن لا يستعجلوا قطف الثمار، مشدّدا على أنه “نحتاج إلى عمل دؤوب، ونفسية تتحمل العمل المستديم والاتقان في العمل، وقبل كل ذلك، التوكل على الله، واحترام التخصصات، فمن يصلح أن يكون خطيبًا مفوّهًا قد لا يصلح أن يكون مديرًا لروضة، أو لمشروع اقتصادي أو إغاثي. كذلك أنصح بأن لا نكون خياليين، بل علينا تحسس أوجاع المجتمع وهمومه والحاجات الملحّة، ونحاول أن نحتضن هذه الهموم”.

وأضاف: “المشروع الإسلامي يقوم على عقيدة، وهي حتى تكون حية، تحتاج إلى تربية روحية، فإن تحققنا بها صادقين، مع الرؤية السليمة، بعدها يأتي دور حمل هموم مجتمعنا. الرسول صلى الله عليه وسلم في المرحلة الأولى للدعوة وخلال العهد المكي، عمل استنادًا إلى الوحي الرباني على بناء العقيدة الحية الطاهرة، ثمّ باشر بحمل هموم المجتمع في مكة، حمل هم الأيتام والمساكين وأكد على التضامن الاجتماعي والمساواة بين الناس. بالتالي هناك حاجة لعدل اجتماعي وحركة اقتصادية قائمة على الحلال وليس الغش والتدليس والخاوة. لذلك أبناء المشروع الإسلامي بحاجة الى عقيدة التوحيد والفقه الإسلامي والمعاملة الإسلامية والتربية الروحية بفهم سليم، ثم هم بحاجة إلى حمل هموم المجتمع كله بدون استثناء”.

 

دور النساء في مسيرة الصحوة

يعتبر الشيخ رائد أن بدايات تبلور دور نسائي في مسيرة الصحوة والمشروع الإسلامي انطلقت بعد مرحلة “محنة الجهاد”.

تخرجت الكثير من الأخوات من معاهد وكليات العلم الشرعي التي تحدثنا عن أسمائها سابقًا-يقول الشيخ: بدأت ملامح الدعوة النسائية الإسلامية، من خلال إلقاء الأخوات للدروس في المساجد لجموع النساء، وفي بيوت العزاء، كذلك تطور الأمر إلى أن تكون هناك مهرجانات إسلامية نسائية، وأذكر أنني دعيت مرة إلى طرعان لإلقاء كلمة في مهرجان إسلامي نسائي، ضم جموع كبيرة من النساء من مختلف البلدات. وكما بدأنا بفكرة العرس الإسلامي عند الرجال، بدأت حفلات إسلامية عند للعروس، مواعظ وأناشيد. ووصل نمو العمل النسائي في مسيرة الحركة الإسلامية قبل حظرها عام 2015 إلى مراحل مباركة. سواء على صعيد دورهن في الجامعات ضمن نشاطات جمعية “اقرأ” أو على صعيد دورهن العظيم في المسجد الأقصى المبارك من خلال مؤسسة “مسلمات من أجل الأقصى”.

ويرى الشيخ رائد صلاح أن إيلاء النساء دورهن المستحق في مسيرة الصحوة كان بناء على الفهم القرآني: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ، وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ..)، مفصّلًا: “ما انطلقنا على أساس برنامج سياسي أرضي يزعم احترام المرأة، كان تفكيرنا من منطلق فهمنا الإسلامي واعتقادنا بالدور المتكامل بين الرجل والمرأة “وما خلق الذكر والأنثى” وكأنها جدلية الليل والنهار “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ، وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ”. بالتالي هناك تكامل أدوار بين النساء والرجال، وقيمة المرأة أبعد من أن تكون فقط نصف المجتمع، بل هي كل المجتمع، بناء على دور التكامل بينها وبين الرجل من أجل صناعة الحياة. ليست تلك الحياة التي تقوم على مبدأ التنافس السلبي وأنّ المرأة مظلومة، لدرجة أن البعض وصل لنتيجة أنّ المرأة لن تصل لحقوقها حتى تملك جسدها ملكًا مطلقًا. الأصل في القرآن تكريم بني آدم، ذكورًا وإناثًا على قاعدة التكامل”.

ودلّل: “أول ما تجرأنا ودخلنا معترك السياسة وحقل العمل البلدي، كانت مرشحات من الكتلة الإسلامية، وكنّ أعضاء معنا، ولما انطلقنا بالإعلام الإسلامي من خلال “مجلة الصراط” كانت عندنا كاتبات في المجلة. وعلى هذا الأساس ما من عمل بدأنا به إلا وكان تكامل بين الإخوة والأخوات. في كل شيء كان همنا التكامل والتعاون، فكريًا إعلاميًا، على صعيد المؤسسات ومنها المؤسسات النسائية، على صعيد تشكيل وفود نسائية شاركت في مؤتمرات عالمية”.

 

“فاتح الجليل”

ثمّ تحدث الشيخ رائد صلاح عن نهضة المشروع الإسلامي بزخم في مختلف البلدات العربية، وساهم في هذا الأمر تخرج العديد من طلاب الداخل من المعاهد والكليات الشرعية، وبروز دورهم الدعوي، المحلي والقُطري، إلى جانب ظهور قيادات بارزة.

يقول: “قبل محنة أُسرة الجهاد، برز المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش كصاحب الدور القيادي الأول في مسيرة الصحوة الإسلامية، وبعد أن تخرج العديد من الإخوة من المعاهد والكليات الشرعية، انخرطوا في حمل هموم العمل الدعوي والاجتماعي في بلداتهم. فمثلًا، في تلك الفترة برز الشيخ كمال خطيب، حين بدأ عمله في كفر كنا ووجد من مجتمع كفر كنا التربة الصالحة التي احتضنت جهوده وبدأت تنمو تلك الجهود، ولمّا وجد الشيخ كمال قاعدة متمكنة على مستوى محلي، هذا أعطاه مجالًا للامتداد والتفكير بتأسيس دعوة محلية على مستوى منطقة الجليل، وصولًا إلى تشكيل إدارة عامة تشرف على كل منطقة الجليل بما في ذلك قضاء عكا وقضاء مرج ابن عامر. رحم الله الشيخ عبد الله نمر درويش، في أحد مهرجانات الفن الإسلامي وكان في أم الفحم ، لمّا تحدث عن واقع الحركة الإسلامية (كان اسم الحركة معروفًا حينها)، منح- خلال كلمته في المهرجان- الشيخ كمال خطيب لقب “فاتح الجليل”، لأنه في تلك المرحلة- تقريبًا- ما من بلدة في الجليل إلا وكان فيها نواة دعوة إسلامية أو أكثر من ذلك. بعض البلدات بدأت تبلور قيادات تمثلها في الإدارة العامة بمنطقة الجليل والتي كانت تحت إدارة الشيخ كمال خطيب”.

وأضاف: “إلى جانب هذا الجهد القطري كانت هناك جهود رائعة ممتازة على المستويات المحلية، مثل جهود الشيخ مفيد في عكا وبعدها مرحلة الشيخ عباس زكور وانضم إلى هذه الجهود الشيخ محمد ماضي. وفي كفر مندا برزت جهود الشيخ منير أبو الهيجاء، وجهود العديد من الشخصيات على صعيد مختلف البلدات”.

وتابع: “في تلك الفترة حافظنا في منطقة المثلث على الإدارة العامة التي تشكلت في منزل الأخ عادل مصاروة (جاء ذكرها في حلقة سابقة)، وإلى جانب ذلك بدأنا التواصل مع الشيخ كمال خطيب في كفر كنا، ومع الشيخ أبو الوليد في الناصرة، ومع الأخ كمال هنية في النقب، ومع الشيخ بسام أبو زيد في يافا، ومع الإخوة في اللد والرملة. إلى جانب ذلك بدأت هناك بعض المدارس الإسلامية تظهر وتطرح اجتهادات أخرى غير اجتهادنا، علمًا أنني على الصعيد الشخصي كنت أؤمن أنه يجب أن نحتضن الجميع بدون استثناء، إن كان التوجه الصوفي الراشد أو كان أي توجه إسلامي آخر”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى