تقارير ومقابلاتمرئيات

الحلقة 24 من “هذه شهادتي” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني

الشيخ رائد صلاح يواصل حديثه عن أبرز الشخصيات التي أثّرت في مسيرة الصحوة بعد محنة “أسرة الجهاد”

  • علينا أن نحترم التعددية في إطار الصحوة الإسلامية بشرط أن يبقى الأصل واحدًا وهو الفهم الوسطي للإسلام والمعاملة التي تجذب الناس ولا تنفرهم، ولغة خطاب بعيدة عن التجريح والتخوين والتكفير
  • المرحلة التي تلت محنة أسرة الجهاد، كانت مرحلة ذهبية.. وكان هذا في الثمانينيات نظرًا لاتساع نشاط الصحوة الإسلامية على مستوى كل الداخل الفلسطيني

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (24) أكمل رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، حديثه عن أبرز الوجوه التي أثّرت في مسيرة العمل الإسلامي بعد “محنة أسرة الجهاد”.

 

برز دورهم بعد محنة “أسرة الجهاد”

أكمل الشيخ رائد صلاح في الحديث عن الشخصيات التي برز دورها في مسيرة العمل الإسلامي في أعقاب المحنة التي أصابت الصحوة الإسلامية باعتقال العديد من أبنائها على خلفية ملف “أسرة الجهاد”، وقال: “في منطقة النقب برز دور الأخوين كمال هنية وحماد أبو دعابس، وفي أم الفحم كان دور مبارك للأخ زكريا قبلاوي، وفي الفريديس برز الدور الإيجابي المبارك للأخ عبد الرحمن أبو الهيجاء وقد امتد نشاطه على الصعيد القُطري. ومن قرية صندلة كان الأخ محمود عمري- صاحب السمت الصوفي- وهو خريج كلية الشريعة في الخليل، وأتذكر أنني شاركت في حفل زفافه حيث ألقى كلمة مؤثرة في الحضور. هؤلاء الإخوة- في الغالب- درسوا في معاهد شرعية، ثم ظهرت شخصيات أخرى في مسيرة الصحوة الإسلامية، منهم من كانت لهم اجتهاداتهم في إطار المدارس المتعددة لأبناء الصحوة الإسلامية وعلينا أن نحترم ذلك ونحب بعضنا بعضا بشرط أن يبقى الأصل واحدًا، وهو الفهم الوسطي للإسلام، والمعاملة التي تجذب الناس ولا تنفرهم، ولغة خطاب بعيدة عن التجريح والتخوين والتكفير.

ما قبل محنة أسرة الجهاد، كان الفهم الإسلامي الشعبي يخيم على كل الداخل الفلسطيني، والأهل تلقوا هذا الفهم من خلال الأعراس وخطب الجمعة والدروس، وكانت بدايات متفرقة ضعيفة فيما يخص البناء التربوي. بالتالي، بعد المحنة، دخلت أنماط جديدة من مدارس الصحوة الإسلامية، وأقصد اجتهادات أخرى للمشروع الإسلامي، مثلاً الأخ أحمد بدران من جت- وهو بالمناسبة درّس أخي المرحوم عاصم وتوقع له مستقبلًا باهرًا في الرسم- وقد مال في رؤيته إلى حزب التحرير الإسلامي وبقي على ذلك، وكان صاحب حجة قوية وأسلوب مؤثر ولا يزال. وعليه، بدأت تدخل مفاهيم أخرى للصحوة الإسلامية، وهنا أؤكد أنه فيما بعد بدأت تبرز جهود الأخ جمال أبو بصيرة في قرية زيمر. هذه الجهود انضمت إلى جهود كل الإخوة في مسيرة المشروع الإسلامي وربطتنا العلاقة الأخوية الصادقة. كذلك بدأنا نتعرف على المرحوم الشيخ بسام أبو زيد من يافا، وكان إمام المسجد الكبير في يافا، وهو ظاهرة قدرية ربانية في يافا التي انقطعت عن تواصلها الفلسطيني العروبي الإسلامي، فولد فيها الشيخ أبو زيد وكان خطيبًا مفوهًا. التقيته أول مرة في عرس إسلامي في مدينة أم الفحم، بحكم أنه كان صاحب دور متنقل كداعية، ثم شارك بعدها في عدة أعراس بأم الفحم وألقى كلمات مؤثرة، وأذكر أنه ألقى كلمة في عرس الشيخ هاشم عبد الرحمن وعرس الأخ حسن فريد محاجنة. وحمل المرحوم الشيخ بسام أبو زيد هموم مدينة يافا، لا سيما المخاطر التي تهددت مسجد حسن بيك ومقبرة طاسو. تحدث عن هموم يافا خلال المناسبات والأعراس فعمّق العلاقة بين أهل الداخل عمومًا ومدينة يافا. كذلك أذكر بالخير الشيخ أبو الوليد غزالين من يافة الناصرة وقد كان معتقلًا بتهم سياسية قبل الاعتقالات في ملف أسرة الجهاد، وخرج هو والأخ فتحي الكسلاوي من الناصرة، من السجن في صفقة التبادل مع أحمد جبريل، وكان لهما الدور المبارك في دفع مسيرة العمل الإسلامي إلى الأمام”.

 

المرحلة الذهبية

وصف الشيخ رائد صلاح المرحلة التي تلت محنة أسرة الجهاد، بالذهبية، وكان هذا في الثمانينيات، نظرًا لاتساع نشاط الصحوة الإسلامية على مستوى كل الداخل الفلسطيني، وفصَّل: “في هذه المرحلة بدأنا نوسع عملنا على مستوى كل الداخل الفلسطيني من خلال إحياء وتنظيم المناسبات المختلفة إلى جانب إنجاز الكثير من المشاريع. وأقولها بكل تجرد إن مرحلة الثمانينيات كانت مرحلة ذهبية فعلًا، حيث شهدت بناء الأرضية الخصبة بكل مكوناتها التي قامت عليها لاحقًا الحركة الإسلامية بمشاريعها ودورها المهيب، وانتقالها للمشاركة بالهم الفلسطيني العروبي الإسلامي. فهي مرحلة التأسيس الفطري الصافي الذي بدأ يبلور نظام عمل لمسيرة الصحوة في أبعادها التربوية والإدارية والمحلية والقطرية، والتواصل مع هموم الناس، وهموم المسجد الأقصى، وبعدها جاءت مرحلة العمل الحركي الإسلامي.

في تلك الفترة، نجحنا بالتواصل مع الأهل في اللد، وتمَّ ذلك حين سمعنا عن خلاف بين الإخوة العاملين في اللد، فبادرتُ والأخ إبراهيم عبد الله (كفر قاسم)، والأخ جمال رشيد (أم الفحم)، والأخ عبد اللطيف حماد (أم الفحم) بزيارة الإخوة في اللد، وكان منهم: الأخ يوسف الباز، والأخ أبو سليمان والأخ يوسف شرايعة، وقد أكرمنا الله تعالى بتصفية الأجواء. كذلك قمنا بالتواصل مع الأهل في الرملة وكانت البداية من خلال عرس إسلامي جرى الترتيب له على يد الأخ خالد أحمد مهنا- كان مركزًا للأعراس الإسلامية على مستوى الداخل ومسؤولًا عن فرقة النور للنشيد الإسلامي- وأخبرني الشيخ خالد أن الأجواء خلال هذا العرس الأول في الرملة كانت حماسية جدًا، لدرجة أن أحد اليهود ممن كانوا في محيط منطقة العرس وشاهد الأجواء فقال بالعربية: “لقد اشتعل العرب”.

أمّا أنا فكانت زيارتي الأولى لمدينة الرملة بناء على مبادرة لتنظيم مسيرة بديلة للمسيرة التقليدية التي كانت تقام في الرملة سنويًا باسم “مسيرة سيدنا علي” والتي كانت تبدأ من ساحة المسجد العمري وتنتهي عند المقام، ولأن المسيرة التقليدية انطوت على مخالفات شرعية، فكان الاقتراح أن نُنظّم مسيرة أخرى تأخذ بعين الاعتبار الضوابط الشرعية، ومن أجل ذلك سافرنا إلى الرملة في يوم جمعة وصلينا الفجر في المسجد العمري ثمَّ بعد الصلاة انطلقنا في المسيرة بمشاركة الكثير من الإخوة من مختلف البلدات، وكان قائد المسيرة المنشد علي صالح صدح  بالأناشيد الإسلامية ونحن نردد  خلفه. كان العدد في بداية المسيرة قليلًا، ثمَّ لاحظنا بعد فترة أن العديد من المشاركين في المسيرة الأخرى بدأوا بالانضمام إلينا فاصبح عدد المشاركين في مسيرتنا أكثر من تلك المسيرة. هذه باختصار بداية تواصلنا مع الأهل في مدينة الرملة”.

 

التواصل بين أبناء الصحوة في مختلف البلدات

يقول الشيخ رائد صلاح، إن “التعارف العام بين أبناء الصحوة الإسلامية في البلدات العربية كان قائمًا بين الجميع، بمعنى أنّ الجميع كان يعلم أن كل بلدة لها عنوان ومرجعية إسلامية ولها خطواتها المباركة، متقدمة أو متواضعة. وقد حاولت البلدات التي شكّلت نواة الصحوة الإسلامية قبل محنة أسرة الجهاد مثل: أم الفحم، كفر قاسم، باقة والطيرة، الحفاظ على الامتداد الإداري للصحوة بعد المحنة. ففي كفر قاسم أدار الأمور الأخ إبراهيم عبد الله والأخ عدنان عامر، وأذكر أنّ الأخ عدنان عامر كان يزورنا في أم الفحم ونزوره للتشاور وتبادل الخبرات، والأخ عدنان حرص على خدمة المشروع الإسلامي وإنجاح مسيرته. كذلك حصل اللقاء بيننا وبين الشيخ كمال خطيب لمّا أصبح دوره ثابتًا في كفر كنا، فكانت نواة العمل الأولى في مسجد عمر بن الخطاب، فقمنا معًا بالعديد من النشاطات المشتركة منها مبادرتنا في أعقاب حرق مسجد قرية إبطن على يد متطرفين يهود، وقد تضرر المسجد بشكل كبير، فاتفقنا أن نقيم صلاة جمعة- بعد الحريق- في ساحة عامة قريبة من المسجد، ووجّهنا الدعوات إلى الناس وأبناء الصحوة في مختلف البلدات للمشاركة، وبالفعل كان الحضور كبيرًا جدًا، وألقيتُ خطبة الجمعة، كذلك اتفقنا والشيخ كمال خطيب وباقي الإخوة على آلية لإعادة إعمار المسجد بعد الحريق”.

 

دروس مستفادة

حول الدروس المستفادة والمستقاة من تلك الفترة، يكمل الشيخ رائد: “مهم جدًا أن نفهم بعمق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي جاء فيه: “تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً…”. فلا يكفي أن نُحسن تشخيص مشكلة اجتماعية أو اقتصادية أو تربوية، بل علينا أن نُحدّد ونفهم ونبحث عن علاج ناجع لهذه المشكلة وأن نصبر على تطبيق الحل، وقد يكون العمل بحاجة إلى سنوات طويلة. نحن الآن نعاني من فاجعة العنف الأعمى، وبدأنا بمشروع إفشاء السلام ونوقن أنه لا يمكن أن نؤثر على العنف ونحاصره خلال سنة أو سنتين، نحن بحاجة إلى سنوات طويلة للخروج بحلول. بالتالي الدروس المستفادة من محنة أسرة الجهاد أنه علينا دائمًا الإبداع في إيجاد حلول لأي مشكلة أو أزمة وأن نصبر على تحقيق الحل وعدم الاستعجال بقطف الثمار، كي نعطي كل علاج حقه، وبذلك يمكن التغيير بإذن الله رب العالمين”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى