تقارير ومقابلاتمحلياتمرئيات

الحلقة 23 من “هذه شهادتي” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح مع الإعلامي عبد الإله معلواني

الشيخ رائد يتحدث عن تقييم مرحلة “أسرة الجهاد” والدروس المستفادة منها

  • التواصل بين أبناء الصحوة، كان عبر صلوات الجمعة والمهرجانات والاعراس الإسلامية، فلمّا وقعت المحنة لم يستطع احد أن يتفهم تلك الخطوة في مثل تلك الظروف اطلاقا
  • كان همنا الأساس، كيف نُحدث النظرة الإيجابية عند الأهل في الداخل الفلسطيني عموما نحو المشروع الإسلامي
  • بالمعاملة الحسنة مع الآخر نجحنا في التأثير على العديد من الشخصيات التي انضوت في أحزاب أخرى وانتقلت إلى الحركة الإسلامية

 

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المتلفزة ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني. وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (23) توقف رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، عند تقييم ملف “أسرة الجهاد” والدروس التي خرجت بها الصحوة الإسلامية وصولًا إلى انطلاقة متجدّدة للمشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني.

الصّدمة

شكّلت محنة “أسرة الجهاد”- كما يصفها الشيخ رائد صلاح- صدمة ومفاجأة لدى العديد من أبناء الصحوة الإسلامية الذين لم ينخرطوا فيها، لكن هذا المستجد الخطير في مسيرة العمل الإسلامي لم يحل دون إكمال المسيرة بهمّة ورؤية جديدة.

في التفاصيل، يقول الشيخ رائد: “بداية، أود أن أُشير إلى أنني كنت آخر المعتقلين في محنة “أسرة الجهاد” التي شكّلت- في حينه- صدمة عند أبناء الصحوة الإسلامية، كما أنها فاجأت الكثيرين من قطاعات مجتمعنا في الداخل الفلسطيني. أمّا بخصوص كونها صدمة لأبناء الصحوة فذلك لأنّ أبناء المشروع الإسلامي كانوا لا يزالون في مرحلة نمو في الفهم الإسلامي، وفي بداية مرحلة نمو في ضبط مسيرة المشروع الإسلامي في الحد الأدنى من الجانب الإداري إلى جانب بدايات ضعيفة في الجانب التربوي.

النشاطات ومجمل التواصل بين أبناء الصحوة، كان عبر صلوات الجمعة والمهرجانات والأعراس الإسلامية، فلمّا وقعت المحنة لم يستطع أحد أن يتفهم تلك الخطوة في مثل تلك الظروف اطلاقًا، وفعلًا تفاجأ الجميع بمن فيهم أسر المعتقلين، الزوجات والأبناء، فكان الأمر بغاية الصعوبة. ومع ذلك- بحمد الله رب العالمين- أعاننا الله جميعًا على الإصرار وبكل ثمن لتخطي تلك المحنة رغم صعوباتها، وهذا مهم جدًا. علمًا أنّ بعض أبناء الصحوة لم يستطيعوا تحمل ثقل هذه المحنة، فابتعدوا جانبًا. وآخرون دخلوا في متاهة في كيفية التصرف في ظل الخوف والاعتقالات وكثرة القيل والقال، لا سيما أنّ الناس أصبحوا بشكل عام في حالة نفور من الصحوة”.

إكمال المسيرة

وحول كيفية التغلب على المحنة بعد ملف “أسرة الجهاد”، يتابع رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا: “الأجواء لم تكن سهلة، والله تعالى أكرم عددا من الإخوة لمواصلة مسيرة الصحوة. سؤال ما العمل؟ لم يكن في ذهني فقط، بل كان في ذهن كل الإخوة الغيورين من الجيل الصغير تحديدًا والوجوه التي نشطت محليًا وقُطريًا. ولكن قبل الإجابة أود أن أشير هنا إلى أن الإخوة الذين دخلوا السجون على خلفية “أسرة الجهاد” كانوا في الغالب يمثلون الأسلوب المتشدد في تعاطيهم مع الأهل بشكل عام، وأعني أنّهم لم يحسنوا في الكثير من الحالات لغة الخطاب الحكيم والهيّن لاحتضان الناس، وصدرت منهم أحيانًا قسوة في التعامل، وقد وقعت بهذا الخصوص بعض الحوادث المؤسفة. فلمّا دخلوا السجون بقي أبناء الجيل الصغير، فشعروا بثقل التّبعات وأصبحوا مطالبين بإحسان قيادة المشروع الإسلامي. والجيل الجديد أو الصغير يمكن أن نقسمه الى قسمين، القسم الأول، عايش محنة أسرة الجهاد. والقسم الثاني، جاء من خلفيات علمية في علوم الشريعة، من خلال كلية الشريعة في الخليل أو كلية الشريعة في قلقيلية أو كلية الدعوة وأصول الدين في القدس المباركة، وهذه المعاهد العلمية كانت روافد مباركة أمدّت الصحوة الإسلامية بقافلة من العاملين الدعاة، أصحاب الدور القيادي على الصعيد المحلي والقطري، نظرًا لما تميزوا به من فهم ناضج للإسلام وماهية الفكر الإسلامي والتاريخ الإسلامي، حيث اختلط أبناء هذا الجيل بطلاب كليات ومعاهد الشريعة التي درسوا فيها، وكان لهم تواصل- حينها- مع الصحوة الإسلامية في معظم مدن الضفة الغربية، هذا إلى جانب الخبرة التي اكتسبوها في العمل الإسلامي في الكليات والمعاهد التي تخرجوا منها. وعلى سبيل المثال، الشيخ كمال خطيب انخرط في العمل الإسلامي والكتلة الإسلامية خلال دراسته في كلية الشريعة بالخليل، وكان ذلك قبيل انتقاله إلى كفر كنا التي قدم إليها وهو يحمل هذه الخلفية في العمل الإسلامي. كذلك الشيخ حسن مرعي من الفريديس، كانت له تجربة في كلية الشريعة بالخليل وكان ممن شاركوا في نشاطات الكلية، والأمر نفسه ينطبق على الشيخ منير أبو الهيجاء، والشيخ خالد حمدان الذي تخرج من كلية العلوم وأصول الدين في القدس.

وهكذا.. توزع أبناء الجيل الجديد في العديد من بلداتنا ونقلوا تجاربهم المكتسبة من خلفياتهم العلمية والعملية إلى هذه البلدان، وهذا الأمر أعطى مددًا وفهمًا أشمل وربحًا صافيًا للصحوة الإسلامية من حيث القدرات التربوية والإدارية، والتي لم تكن بهذا الوزن النوعي والمؤثر قبل محنة أسرة الجهاد”.

كسب القلوب قبل كسب المواقف

في الحديث عن الوسائل والخطاب الذي انتهجته الصحوة الإسلامية بعد “أسرة الجهاد”، أكمل الشيخ رائد: “كان همّنا الأساس، كيف نُحدث النظرة الإيجابية عند الأهل في الداخل الفلسطيني عموما نحو المشروع الإسلامي، وكيف نعطي انطباعا إيجابيا لأهلنا بالحكمة، والدين المعاملة، والخلق الطيب، وكسب القلوب قبل كسب المواقف. واعتقد أننا والحمد لله رب العالمين نجحنا بذلك. بدأنا نحرص على الكلام الطيب كما هو مطلوب وفق المنهج الرباني “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ…”. ثمّ بدأنا نتواصل مع الجميع بهذا الأسلوب بما في ذلك الأحزاب السياسية التي كانت موجودة على الساحة مثل: الجبهة والحزب الشيوعي، وأبناء البلد، والحركة التقدمية. كذلك اجتهدنا أن تكون لغتنا إيجابية تحيط بالواقع. لذلك بعد محنة اسرة الجهاد بدأنا نكتسب شخصيات كانت قيادية وذات اسم معروف في بعض الأحزاب السياسية، فأصبحوا جزءا من الصحوة، مثل الأخ عدنان لطفي، كان مسؤولا عن الشبيبة في الحزب الشيوعي والجبهة في أم الفحم، ومسؤولا عن إدارة مخيم العمل التطوعي، وقد أصبح من العاملين المتواضعين في مسيرة الصحوة الإسلامية. كذلك الأخ خالد فؤاد من أم الفحم وكان وطنيا صادقا انتمى للحزب الشيوعي، وبقي على هذه الصفة بعد أن انخرط في مسيرة المشروع الإسلامي، وكان متعلما ومثقفا واجتماعيا فيه كل المواصفات التي تطمع فيها الأحزاب، مُنع من التدريس، لكنه لم ينكسر وواصل عمله كعامل حر كادح. وكان الأخ خالد فؤاد مرة عضوا في بلدية أم الفحم عن الجبهة، ونحن كنّا من خلال الكتلة الإسلامية قد دخلنا العمل البلدي، رئاسة وعضوية، فكّنا نلتقي مع الأخ خالد على طاولة المجلس البلدي، وكان في المعارضة، ونحن في الائتلاف، ولكن حرصنا على الأسلوب المؤدب وكسب القلوب، وهذا أثّر على الأخ خالد فؤاد فأكرمه الله تعالى والتزم الصلاة وأمور الدين وأصبح من العاملين الصادقين المؤثرين في مسيرة المشروع الإسلامي وله بصمات كثيرة. ومثل الأخ عدنان والأخ خالد، هناك الكثير من الإخوة الذين انخرطوا في مسيرة المشروع الإسلامي، بعد أن كانوا في مراكز قيادية في أحزاب وحركات أخرى.

بالتالي، أنصح كل أبناء المشروع الإسلامي بضرورة انتهاج لغة المعاملة الإيجابية مع الناس، ويعلم الله تعالى أننا اجتهدنا لمّا دخلنا البلدية أن ننتهج أسلوب المعاملة الإيجابية مع الجميع، لم نستخدم لغة الفرض على أحد من الناس أو الموظفين، تعاملنا مع الجميع كأسرة فحماوية واحدة بصرف النظر عن الاختلافات والانتماءات”.

دروس مستفادة

يؤكد الشيخ رائد صلاح أن المرحلة التي تلت محنة أسرة الجهاد، استدعت التركيز على العملية التربوية لأبناء المشروع الإسلامي بخطوات واضحة ونظرة استراتيجية، موضحًا في هذا السياق: “اجتهدنا التركيز على التربية كمشروع له وزنه وأصوله، وليس مجرد تجارب محلية. لذلك عملنا على وضع خطوات واضحة في هذا المضمار، بحيث أنّ كل خطوة توصل للثانية بدون تعثر. كذلك كان عندنا قناعة أنه آن الأوان لترسيخ البناء الإداري بهدف ضبط مسيرة كل الصحوة الإسلامية من ألفها الى يائها. وأذكر بهذا الخصوص قصة طريفة لها دلالة مهمة، لمّا كنّا في السجن على خلفية محنة أسرة الجهاد، وخلال نقاشاتنا في أحد الأيام، قال الأخ حسن أبو عودة (من أم الفحم): “اقترح أن من يريد الانضمام إلى الصحوة الإسلامية أن نضعه في كهف ونغطي عينيه أيامًا، حتى ينسى الخوف، وبعدها ندخله للصحوة”. وعليه كانت لدينا قناعة أننا نريد أن نبدأ العمل في تجديد المسيرة على نور وصراط مستقيم، في كل أبعادها من حيث المنهج الدعوي والتربوي والإدارات المحلية والإدارة القطرية، حتى ننطلق إلى الأمام”.

ولفت الشيخ رائد إلى أن المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش وخلال تواجد كل معتقلي “أسرة الجهاد” في سجن “الدامون”- في إحدى مراحل الاعتقال- عمل على نقل المعتقلين من مرحلة التلاوم والعتاب إلى مرحلة الذكر والتربية الروحانية، مشيرًا إلى أن درويش خطب الجمعة مرة، عن شخصية الشيخ سعيد جبارين- أحد المعتقلين- نظرًا لما تمتع به من صفاء روحي وذكر دائم، وذلك بهدف تذويت هذه القيم لدى سائر المعتقلين، وتابع الشيخ رائد في أن وقع الخطبة كان إيجابيًا على المعتقلين وبات يُلمس التغيير الداخلي بينهم من خلال كثرة الإقبال على العبادات والروحانيات.

واستطرد بالقول، إن أعضاء “أسرة الجهاد” لمّا خرجوا من السجون إلى الواقع الجديد في مسيرة الصحوة الإسلامية، بدأوا ينسجمون مع هذا النهج- إلا من ندر- حيث تفاعل معظمهم مع الجو الجديد وانخرطوا في برامج ومشاريع العمل الإسلامي.

وجوه حملت لواء التجديد

استعرض الشيخ رائد صلاح عددًا من الشخصيات القيادية في مسيرة الصحوة والتي كان لها بصماتها المؤثرة على المشروع الإسلامي بعد “أسرة الجهاد”.

وقال: “لله والتاريخ أجتهد بذكر أكبر عدد من الإخوة الذين برزت أدوارهم بعد محنة أسرة الجهاد، وهم: الأخ هاشم عبد الرحمن، والأخ خالد حمدان، والأخ محمد عبد أبو شقرة، والأخ خالد مهنا، والأخ مازن درويش، والدكتور سليمان أحمد، وهم من أم الفحم. وإلى جانبهم بدأنا نتعرف على وجوه بارزة أخرى مثل: الأخ كمال خطيب من قرية العزير ثمّ استقر في عمله الدعوي في كفر كنا، والأخ منير أبو الهيجاء وهو في الأصل من “عين حوض” وانخرط في العمل الدعوي في العديد من البلدات، والأخ حسن مرعي من الفريديس، والأخ حسني كتاني من باقة الغربية، والأخ عماد يونس، تخرج من معهد قلقيلية وله دور مؤثر في عارة- عرعرة، والأخ عبد الرحيم خليل من البعينة نجيدات، درس في قلقيلية وبعدها برز دوره وهو فقيه وسطي أبدع في الإحاطة بالمشروع التربوي وكان مرجعية تربوية للحركة قبل حظرها. والأخ عبد الحكيم سمارة من الطيرة المثلث، والأخ إبراهيم عبد الله، والأخ عدنان عامر من كفر قاسم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى