أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

وسط تصعيد عسكري متجدد.. واشنطن تتساءل: متى تغزو الصين تايوان؟

تبادل الجيشان الأميركي والصيني إلقاء اللوم على بعضهما البعض الثلاثاء، وذلك بعد أن نفّذت سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية أول عملية لاختبار حرية الملاحة في بحر جنوب الصين منذ اجتماع رئيسي الدولتين قبل أسبوعين على هامش قمة الـ20 بإندونيسيا، الذي كان يهدف إلى تخفيف التوترات بينهما.

وقال الجيش الصيني، في بيان له، إن الطرادة “يو إس إس تشانسلورسفيل”، وهي سفينة عسكرية تحمل صواريخ موجهة، “دخلت بشكل غير قانوني المياه قرب جزر نانشا والشعاب المرجانية الصينية دون موافقة الحكومة في بكين”.

في حين ردّ الجانب الأميركي ببيان صدر من الأسطول السابع التابع للقوات البحرية، وصف رواية الجيش الصيني بأنها “كاذبة” وتحمل تحريفا مستمرا للإجراءات الأميركية القانونية في بحر الصين الجنوبي.

وكانت إستراتيجية البنتاغون القومية، والتي صدرت بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد أشارت إلى أن “التحدي الأكثر شمولا وخطورة للأمن القومي الأميركي هو مسعى جمهورية الصين الشعبية القسري والعدواني بشكل متزايد لإعادة تشكيل منطقة المحيطين الهندي والهادئ والنظام الدولي ليناسب مصالحها وتفضيلاتها الاستبدادية”.

وأضافت أن “خطاب الصين الاستفزازي المتزايد ونشاطها القسري تجاه تايوان يهدد السلام والاستقرار في مضيق تايوان”، واعتبرته “جزءا من سلوك الصين الوسع والمزعزع للاستقرار عبر بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي وعلى طول خط السيطرة الفعلية”.

جدل حول موعد غزو تايوان

منذ تصريح الأدميرال فيليب ديفيدسون، رئيس قيادة منطقة المحيطين الهندي والهادي العسكرية السابق، أمام جلسة استماع بالكونغرس قبل أكثر من عام، بأن الجيش الصيني قد يتخذ إجراءات عسكرية ضد تايوان قبل عام 2027، لم يتوقف النقاش حول التاريخ المتوقع لهذه الخطوة ذات التداعيات العالمية الخطيرة.

ومؤخرا، نوّه قائد البحرية الأميركية، الأدميرال مايك جيلداي، إلى أن جيش بلاده يجب أن يكون مستعدا لاحتمال غزو صيني لتايوان قبل عام 2024، وهو ما اعتُبر أكثر التحذيرات تشاؤما بخصوص قرب مواجهة محتملة مع الصين.

وجاء هذا التصريح خلال ندوة عقدها المجلس الأطلسي الشهر الماضي، بعد يومين من قول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن الصين “مصممة على مواصلة إعادة التوحيد في جدول زمني أسرع بكثير” بعد أن قررت أن الوضع الراهن “لم يعد مقبولا”.

وتطالب الصين بالسيادة على تايوان، وحذّرت واشنطن من تشجيع القوى المؤيدة للاستقلال في تلك البلاد.

وترى خبيرة الشؤون الصينية في صندوق مارشال الألماني، بوني غلاسر، أن الجدول الزمني لعام 2027 “تم ترسيخه في التفكير الأميركي خاصة في البنتاغون ومجتمع الاستخبارات”.

وقالت غلاسر إن خطوة الصين قد ترتبط بالموعد الذي يكون لديها القدرة فيه على غزو تايوان، وقد لا يتفق هذا بالضرورة مع معلومات استخباراتية عن نية بكين الغزو في توقيت محدد.

وتتبنى واشنطن سياسة “الغموض الإستراتيجي” في ملف تايوان والغزو العسكري الصيني المحتمل، رغم ما كرره الرئيس جو بايدن من التزام واشنطن بالتدخل عسكريا إذا غزت الصين تايوان.

 

الرئيس شي والتعهد بإعادة تايوان

خلال كلمته في افتتاح المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني الشهر الماضي، تعهّد الرئيس الصيني شي جين بينغ بتوحيد الصين وتايوان بالقوة إذا لزم الأمر.

وانتقد الرئيس شي الولايات المتحدة لدعمها تايوان، حيث اتهم “القوى الخارجية” بمفاقمة التوترات عبر مضيق تايوان، وأشار إلى أن الجهات الفاعلة الخارجية ستتحمل اللوم إذا اضطرت الصين لخوض الحرب.

وتأكيدا على القلق المتزايد بشأن النشاط العسكري الصيني قرب تايوان، الذي ازدادت وتيرته كما ونوعا في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايبيه في أغسطس/آب الماضي، حذر الرئيس جو بايدن في 4 مناسبات من أن الولايات المتحدة ستتدخل للدفاع عن تايوان من هجوم غير مبرر.

غير أن بايدن ذكر عقب اجتماع قمة بالي بإندونيسيا أنه لا يعتقد أن هناك أي “محاولة وشيكة من جانب الصين لغزو تايوان”. وأضاف “نعارض التغييرات أحادية الجانب في الوضع الراهن من قبل أي من الجانبين، ونلتزم بالحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان”.

 

 

الاستعداد للحرب مع السعي إلى تجنبها

من ناحية نظرية، فإن الحرب بين الصين وتايوان ستكون غير متوازنة إلى حد كبير. وتتهيأ الأخيرة لإنفاق أكثر من 19 مليار دولار على الدفاع في عام 2023، مقابل إنفاق الصين لأكثر من 200 مليار دولار في الوقت ذاته.

واستدعى الفارق الكبير في المخصصات والإمكانيات بين الدولتين دعوات لتغيير الأولويات الدفاعية لتايوان. وبدلا من بناء معدّات تقليدية كبيرة (طائرات ودبابات وغواصات)، حثّها خبراء عسكريون على التركيز على ما يسمى بالقدرات غير المتماثلة (الأسلحة المضادة للسفن، وصواريخ أرض-جو، ومخزونات الأسلحة الصغيرة والذخيرة)، التي خدمت أوكرانيا بشكل جيد في صد الغزو الروسي.

هذا إلى جانب أعداد كبيرة من قوات الاحتياط، وهو ما يمكن أن يجعل تكلفة الغزو باهظة للغاية بالنسبة للصين.

 

الغزو ليس حتميا

ويرى ريان هاس، كبير الباحثين بمركز دراسات سياسات شرق آسيا في معهد بروكينغز بواشنطن، أن المؤتمر العام للحزب الشيوعي أبرز قضية تايوان كقضية حيوية، لكنها ليست القضية الأولى أو الوحيدة. وأضاف “لكي نكون واضحين، يبدو أن موقف الصين يزداد صلابة مع مرور كل عام. وسيكون نهجها تجاه تايوان تدريجيا بطيئا أكثر منه ثوريا سريعا”.

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشارت خبيرة العلاقات الأميركية الصينية بمعهد “ستيمسون”، يون صن، إلى أن الغزو الصيني لتايوان ليس حتميا.

وقالت صن إن “الصينيين يعتمدون على هدف إعادة تايوان سلميا عن طريق توقّع مزدوج حين لا تهب الولايات المتحدة لإنقاذ تايوان، وفي الوقت ذاته تفقد تايوان إرادتها في القتال أو المقاومة عندما تؤمن أن الولايات المتحدة لن تنقذها”.

وترى صن أن تهديد الصين ليس وشيكا أو حتميا، إذ لديها مشاكل داخلية لها الأولوية، كما أن التزام الولايات المتحدة بالتدخل يُلقي بظلال كبيرة على حالة عدم اليقين تجاه أي خطة غزو صيني للجزيرة. لكن في كل الأحوال، تقول صن “لو وقع غزو عسكري، فسيبدأ بحصار واستخدام صيني للقوة الساحقة لتحقيق نصر سريع. وقد لا تكون تايوان قادرة على مقاومة الغزو، لكن التدخل الأميركي هو العامل الأكثر أهمية في الدفاع عن تايوان”.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى