أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةعرب ودوليومضات

تعرف على تفاصيل الأرض التي تنوي بريطانيا بناء سفارتها عليها في القدس

جاء في مذكرة داخلية عُممت على أعضاء “أصدقاء إسرائيل” في حزب المحافظين بالبرلمان البريطاني واطلع عليها موقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye)، أن الحكومة البريطانية تملك أرضا في غربي القدس سيتم بناء سفارتها عليها في حال اتُخذ القرار النهائي بنقلها من تل أبيب إلى العاصمة المحتلة.

علما أن جزء من الأراضي في تلك المنطقة هي وقف إسلامي باسم الشيخ محمد الخليلي الذي أوقف أملاكه وعقاراته في القدس وخارجها، وتؤكد الوثائق التاريخية الخاصة بأرض معسكر “ألنبي” أنها تعود لهذا الشيخ. وقبل سنوات تم تداول اسم هذه الأرض أيضا عندما أعلنت أميركا عن خطوة نقل سفارتها إلى القدس.

انطلق الأكاديمي الفلسطيني والباحث السابق في بعثة فلسطين بالأمم المتحدة الدكتور عدنان عبد الرازق إلى غربي المدينة بحثا عن قطعتي أرض يقول الباحث إنهما سجلتا كأملاك للحكومة البريطانية إبان فترة الانتداب.

وخلال إشراف عبد الرازق على فريق عمِل على رقمنة وتحقيق وتدقيق أملاك اللاجئين في هيئة الأمم، تبين له أن بريطانيا قد تكون اشترت أو احتكرت قطعتي أرض قرب “المنطقة الحرام” الفاصلة بين حدود عامي 1948 و1967.

أين موقع قطعة الأرض التي تدّعي بريطانيا ملكيتها بالقدس الغربية وما تفاصيلها؟

الحكومة البريطانية كأي حكومة احتلالية وغير احتلالية عبّدت طرقا وبنت منشآت لاستخدامات مختلفة، واشترت أو احتكرت أراضي خلال فترة الانتداب، واستخدم بعضها لأغراض مدنية وأخرى لأغراض عسكرية.

وفي ملف يضم تفاصيل 197 حوضا لأراضي القدس الغربية دوّن تفاصيلها الباحث عبد الرازق؛ عُثر على قطعتي أرض قريبتين من “المنطقة الحرام” في حي “البقعة التحتا” سجلتا كأملاك للحكومة البريطانية الانتدابية:

قطعة رقم 17 في الحوض “30113”، تبلغ مساحتها 32 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، و246 مترا مربعا؛ وهي الأرض ذات المساحة الأكبر التي اشترتها بريطانيا أو احتكرتها بقوة الاحتلال في هذا الحي.
وأُنشئت خلال العقود الماضية مبان على مساحة 7998 مترا مربعا بما يعادل 8 دونمات من مساحة هذه الأرض، وبالتالي فإن المساحة الفارغة في هذه القطعة تبلغ حاليا 24 دونما ونيفا.

قطعة رقم 83 في الحوض “30112” تبلغ مساحتها 6 دونمات و417 مترا مربعا، وهي أرض فارغة تماما حتى الآن من أي بناء، واستخدمت خلال فترة الانتداب كمعسكر للجيش البريطاني حمل اسم الجنرال “ألنبي”.
وبعد احتلال غربي مدينة القدس عام 1948 استخدمت قطعة الأرض كمخيم للمهاجرين اليهود وحمل المخيم اسم “تلبيوت”، وفيه سكن اليهود القادمين من العراق وكردستان والمغرب وإيران ورومانيا وبولندا قبل أن ينتقلوا إلى مساكن أخرى في المدينة.

وخلال تلك الفترة كان ثمن المتر المربع الواحد من هذه الأراضي يبلغ 0.9 جنيه فلسطيني، وبالتالي فإن قيمة الأرض الأولى بلغت نحو 29 ألف جنيه فلسطيني والثانية نحو 6 آلاف جنيه فلسطيني في ذلك الوقت.

هل ستبني بريطانيا سفارتها بشكل قاطع في إحدى هاتين القطعتين أم أن هناك خيارات أخرى قد تلجأ إليها؟

من ناحية عملية فإن أرض معسكر “ألنبي” قد تكون أقل احتمالا في البناء عليها لأنها محاطة بالكثير من المباني السكنية، وقد لا تكون مناسبة في حال أرادت بريطانيا أن تحيط سفارتها بمساحة فارغة أو أخرى كبيرة لتخصيصها كمواقف للسيارات.

وبالتالي فإن الأرض الأخرى قد تكون الأنسب لبناء السفارة من ناحية المساحة إلا أنها تقع بمحاذاة شارع رئيسي تمر منه السيارات على مدار الساعة وقد لا يشجع ذلك بريطانيا من ناحية الإجراءات الأمنية.

المحاضر السابق بجامعات أميركية وفلسطينية عدنان عبد الرازق قال إن بريطانيا قد تلجأ لبدائل أخرى سهلة في حال لم تبنِ سفارتها على هاتين القطعتين وهي استئجار مبنى في الشطر الغربي من المدينة أو شراء أو احتكار قطعة أرض في الشطر ذاته لبناء السفارة الجديدة.

 

ما القرارات الدولية التي صوتت لصالحها بريطانيا والتي ستخرقها في حال أقدمت على نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس؟

بموجب “قانون التقسيم” الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1947 وحمل رقم (181) قسمت الأراضي الفلسطينية إلى دولة عربية 43% ودولة يهودية 56% مع وضع منطقة القدس 1% تحت وصاية دولية.

وقسمت القدس لاحقا إلى مناطق فلسطينية تحت السيطرة الأردنية 11.48% ومناطق فلسطينية محتلة (الشطر الغربي) تحت السيطرة الإسرائيلية 84.13%، ومناطق حرام ومناطق الأمم المتحدة 4.40%.

وبُعيد النكبة سارع رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 1948 إلى إعلان أن القدس الغربية هي عاصمة لإسرائيل، ونقل هو وعدد من الوزراء مكاتبهم في ديسمبر/كانون الأول 1949 إلى الشطر الغربي المحتل.

ردت الجمعية العامة للأمم المتحدة على ذلك بإصدارها عام 1949 القرار رقم 303 الذي أعلنت فيه أنها لا تعترف بإعلان إسرائيل القدس عاصمة لها، وأكدت على استمرار صلاحية الأحكام المتعلقة بـ”تدويل” القدس في قرار التقسيم عام 1947 والالتزامات القانونية المنبثقة عنه، ووفقا لذلك لم تُقم أي دولة سفارة لها في القدس حتى عام 1967.

الباحث عبد الرزاق أوضح أنه نتيجة للهزيمة العربية عام 1967 ونشوة الانتصار الإسرائيلي الذي بورك من قبل أوساط أوروبية وأميركية واسعة، قامت بعض الدول الهامشية بنقل سفاراتها إلى القدس، غير أن الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن وكثيرا من الدول الأوروبية ذات الأهمية الدولية لم تفعل ذلك وتحفظت على هذه الخطوة لاعتبارات سياسية وقانونية.

ومنذ احتلال شرقي القدس عام 1967 أقر مجلس الأمن الدولي عدة مبادئ تحكم الوضع القانوني لهذه الأراضي المحتلة عبر قرارات رفضت السياسات والممارسات الإسرائيلية المخالِفة، ومن هذه القرارات التي صوتت بريطانيا لصالحها:

 

وفيما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980 فقد جاء واضحا وحاسما ضد وجود أي تمثيل دبلوماسي أجنبي في القدس وذلك في أعقاب إقرار الكنيست قانون أساس “القدس عاصمة إسرائيل” القاضي باعتبار المدينة بشطريها عاصمة موحدة لإسرائيل، والذي شجبه المجلس وأكد على إبطاله؛ مطالبا كافة الدول الأعضاء بقبوله وضرورة سحب كافة الدول ممثليها الدبلوماسيين من القدس.

عبد الرازق أكد أيضا على ضرورة التطرق إلى إقرار الجمعية العامة في جلستها الطارئة خلال ديسمبر/كانون الأول من عام 2017 رفض كل الممارسات والإجراءات الإسرائيلية الحالية والسابقة لتغيير معالم القدس ووضعها القانوني، مطالبة كافة الدول بالامتناع عن إقامة بعثات دبلوماسية في مدينة القدس انصياعا لقرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980.

AD

لماذا ستقع بريطانيا في فخ أعمق من أي دولة أخرى في حال أقدمت على نقل سفارتها إلى القدس؟

لأن بريطانيا هي صاحبة فكرة “تدويل” القدس وكانت بداية التخطيط لفصلها عن جزئي التقسيم ضمن توصيات اللجنة الملكية البريطانية عام 1937، إذ جاء في التقرير أنه “لحفاظ اللجنة الشديد على القدس بأماكنها المقدسة” يجب أن تكون تحت ولاية واسعة “إنسانيا”.

وكُررت هذه الأفكار في “الكتاب الأبيض” البريطاني لعام 1939 وهيئة الأمم التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من الواضح، وفقا لعبد الرازق، أن قرار التقسيم لعام 1947 وتدويل القدس جاء تتويجا لقرارات وأفكار الانتداب البريطاني حول فلسطين وكجزء من مخططات الإمبراطورية البريطانية ومصالحها في الشرق الأوسط.

لماذا تُصر رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس على نقل سفارة بلادها رغم كافة العثرات القانونية الدولية وإصرار المملكة المتحدة تاريخيا على التصويت لصالح الحفاظ على الوضع القانوني للمدينة المقدسة؟

الظروف السياسية العالمية وإقدام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس أمران شجعا تراس على الإقدام على هذه الخطوة.

ويقول الباحث عبد الرازق “تريد تراس أن تتبع عنجهية المذهب الترامبي خاصة أنها وجدت بأن التعدي على الصفة القانونية للقدس مرّ وسيمر بلا ثمن بعد أن داس ترامب على كافة قرارات مجلس الأمن الصادرة حول المكانة القانونية للقدس”.

انهيار التضامن العربي بشكل كامل عنصر آخر شجع رئيسة الوزراء البريطانية على نقل سفارة بلادها إلى القدس، بالإضافة للوضع الفلسطيني الداخلي غير الفاعل باتجاه تحريك المجتمع الدولي لمنع هذه الخطوة، وفقا للباحث المقدسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى