أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

استعدادات عراقية لإحياء الذكرى الثالثة لـ”انتفاضة تشرين”

مع استمرار الانسداد السياسي في العراق وغياب بوادر الحلول للأزمات المتفاقمة، يزداد تحشيد الحراكات المدنية للاحتجاج في الذكرى الثالثة لاندلاع التظاهرات الشعبية الواسعة بمدن جنوب ووسط العراق والعاصمة بغداد، والتي انطلقت في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

وتسعى القوى المدنية والكيانات السياسية الجديدة التي يقودها ناشطون عراقيون، خلال اليومين المقبلين، لعقد اجتماعٍ موسع في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، لبحث الخطوات التصعيدية المقبلة، إضافة إلى الاستعدادات الشعبية لاستذكار التظاهرات الأكبر في تاريخ العراق الحديث، التي راح ضحيتها نحو 800 قتيل، وأكثر من 20 ألف جريح.

تحشيد لذكرى “انتفاضة تشرين”

ويستخدم الناشطون المؤيدون لتجدد الاحتجاجات مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً تطبيق “كلوب هاوس”، الذي شهد خلال الأيام الماضية تحشيداً من قبل الناشطين بهدف تجديد الحضور في الساحات والميادين، لرفض ما يصفونه “سلطة السلاح”، وحكم “الأحزاب الدينية”، وتحكّم الفصائل المسلحة بمستقبل العراقيين.

كما يريد الناشطون من خلال تظاهراتهم توجيه اللوم والنقد لحكومة مصطفى الكاظمي التي يرونها فشلت في تحقيق أي من مطالب المحتجين، وتحديداً ما يتعلق بمطالب “محاسبة قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة”، فيما يؤكد معظم قادة الاحتجاجات المعروفين في مناطق وسط وجنوب البلاد، أن المتظاهرين تمكنوا خلال الفترة الماضية من ترتيب صفوفهم وتنظيمها.

المتظاهرون تمكنوا خلال الفترة الماضية من ترتيب صفوفهم وتنظيمها

في السياق، قال الناشط البارز في محافظة بابل، ضرغام ماجد، إن “جميع المتظاهرين سيخرجون في الأول من أكتوبر، وهي خطوة عراقية وطنية تسعى إلى التغيير الجذري، ورفض الظلم والذل والفساد والتجويع والتعطيش والتخريب”.

وأضاف أن “جميع الناشطين من شمال العراق إلى جنوبه سيتوجهون إلى بغداد في الذكرى السنوية الثالثة لاحتجاجات تشرين، لإعلان حالة الرفض الشعبي الشامل للسرّاق ممن يرتدون العمائم ويقتلون العراقيين”.

وأكد ماجد على “التزام الناشطين بالسلمية وشروط التنظيم والتعاون مع القوات الأمنية، خصوصاً بعد الانتهاء من إعداد خريطة طريق صحيحة للخلاص من العصابة الأجنبية التي تحكم العراق”.

خشية من استغلال “التيار الصدري” لذكرى انتفاضة تشرين

وعلى الرغم من عدم صدور أي موقف عن “التيار الصدري” الذي يتزعمه مقتدى الصدر، بشأن المشاركة في الاحتجاجات من عدمها، إلا أن ناشطين يخشون أن يقدم الصدريون على ما يعتبرونه “ركوباً للموجة”، واستغلال تواجد المتظاهرين في ساحات بغداد في الأول من أكتوبر، لاقتحام المنطقة الخضراء مرة جديدة، وسقوط ضحايا.

لذلك، يجد متظاهرون، بينهم الناشط من بغداد علاء الحسيني، أن “استذكار تظاهرات تشرين في السنوية الثالثة لها، لا بدّ أن يكون بعيداً عن المنطقة الخضراء”.

وأوضح أن “هناك احتمالا كبيرا بأن يحتج شباب تشرين في ساحة الفردوس بمنطقة الكرادة، وفي ساحة النسور التابعة لحي المنصور”.

وأشار الحسيني إلى أن “ذكرى احتجاجات تشرين، تمثل فعالية وطنية لا علاقة لها بالصراعات السياسية بين التيار الصدري والإطار التنسيقي (القريب من إيران)، بل هي لتثبيت مطالب لم تتحقق منذ ثلاث سنوات، وتهدف إلى تمدّن الدولة العراقية وإبعاد المسلحين عن القرار السياسي”.

يخشى ناشطون من أن يقدم الصدريون على استغلال تحركاتهم

وأكد أن “التنظيم في الذكرى الثالثة لانطلاق انتفاضة تشرين، سيكون السمة الأبرز، والتي ستجعل الأحزاب تخشى من الأيام المقبلة، لأن ثلاث سنوات كانت مهلة كافية من الشعب للأحزاب لمراجعة نفسها، ولكنها لم تحقق أي مطالب شعبية، وبالتالي فإنها باتت بلا شرعية، وهناك خطوات تصعيدية أخرى بعد انتهاء شهر أكتوبر المقبل”.

من جانبه، قال رئيس حراك “البيت العراقي” المدني، محيي الأنصاري، إنه “في الذكرى الثالثة، نعمل كقوى تغييرية جنباً إلى جنب مع قوى الاحتجاج الشعبي، لتنظيم استذكار موحد في الأول من أكتوبر المقبل”.

وأشار، إلى أن “الاجتماعات لم تنقطع منذ أكثر من شهر وهناك إجماعا وطنيا شعبيا سياسيا على ضرورة عدم انزلاق الذكرى الاحتجاجية تجاه أي من طرفي النزاع (الإطار التنسيقي والتيار الصدري) الذي أدى بالبلد إلى ما هو عليه الآن”.

وعبر الأنصاري عن مخاوفه من “استمرار أحزاب السلطة بعد 2003، في شيطنة الاحتجاج العراقي كلما سمحت لها الفرصة بذلك”، لافتاً إلى أن “الذكرى المقبلة تمرّ علينا ونحن في وضع حرج، ويحاول البعض استثمارها لضرب البعض الآخر”.

تزايد نقمة العراقيين على أحزاب السلطة

أما السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، فقد أكد، أن “العراقيين لم يلمسوا أي تغيير منذ ثلاث سنوات على الصعد كافة؛ سواء بما يتعلق بمطالب الخدمات وتحسين ظروف المعيشة، أو تلك التي ترتبط بالأوضاع السياسية والأمنية، ومنها حصر السلاح بيد الدولة والكشف عن قتلة الناشطين والمتظاهرين والصحافيين”.

وتابع “لا بل إن الوضع زاد سوءاً بسبب استمرار المسلحين بالتمكن من الدولة العراقية، وبالتالي، فإن تجدد الاحتجاجات هو مسألة طبيعية”، مشيراً إلى أن “الأحزاب تواصل استفزاز الشعب العراقي من خلال التمسك بنهج المحاصصة الطائفية والقومية”.

رائد فهمي: الأحزاب تواصل استفزاز الشعب العراقي من خلال التمسك بنهج المحاصصة الطائفية والقومية

واعتبر فهمي أن “هذا الاستهتار بإرادة الشعب وقتل الأصوات الوطنية، لن تجني منه أحزاب السلطة غير تزايد النقمة، مع توجه المتظاهرين نحو التنظيم الذي سيكون أداة التغيير المستقبلي بوجود جبهات شعبية واعية، وكيانات سياسية ضمن قوى التغيير تهدف إلى الإصلاح المنطقي والدستوري والسلمي”. وقال إن “المحتجين سيخرجون مطلع الشهر المقبل، وفي خروجهم حالة تعجل انهيار قوى السلاح”.

وكان متظاهرون شاركوا في احتجاجات في ساحة النسور، وسط العاصمة بغداد، مطلع الشهر الحالي، قد قالوا في شعاراتهم إن المهلة للأحزاب ستنتهي بعد زيارة الأربعين التي جرت الأسبوع الماضي في كربلاء، لكن خلال اليومين الماضيين شهدت العاصمة بغداد استنفاراً أمنياً كبيراً في الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء.

وقال المحتجون في بيان سابق: “طالبناكم بأبسط المطالب فلم تستجيبوا. انتفضنا عليكم فقتلتمونا. رفضنا حكمكم فلم تزدادوا إلا طغياناً وفساداً، والعراق من سيئ إلى أسوأ بسببكم، والكل يعلم أنكم تمسكون بالسلطة من كل جوانبها”.

واندلعت التظاهرات العراقية في 1 أكتوبر 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.

وشهدت التظاهرات عمليات عنف غير مسبوقة، لا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ”الطرف الثالث”، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين. وأدت أعمال العنف إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 27 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة بهذه الأعمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى