أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

احتجاجات مهسا أميني تمتد إلى 20 مدينة إيرانية وسط اشتباكات مع الشرطة

تمددت الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني ليلة الثلاثاء-الأربعاء إلى مدن أخرى، وسط مشاهد كرّ وفرّ واشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة والتدخل السريع، واتهامات رسمية لسفارات أجنبية بـ”إثارة الشغب” في البلاد، وحديث رسمي عن اعتقال رعايا أجانب، فضلاً عن وجود أنباء غير رسمية عن قتلى ومصابين جدد.

وتوفيت الشابة مهسا أميني الجمعة في المستشفى بعد أيام من إيقافها من قبل شرطة الآداب بتهمة عدم التقيد بقواعد الحجاب.

وشهدت 20 مدينة إيرانية الليلة الماضية تجمعات احتجاجية، وفق وكالة “إرنا” الرسمية، لكن الأخيرة قلّلت من أهمية أعداد المشاركين في هذه التجمعات، مشيرة إلى أنها راوحت بين 100 إلى 400 شخص، حسب قولها.

واتهمت “إرنا” من سمّتهم “المندسين” بين المحتجين بممارسة “سلوك تخريبي” و”إثارة الشغب” ومهاجمة الممتلكات العامة والخاصة، مشيرة إلى احتجاجات في أربع نقاط وسط طهران، وقالت إن المحتجين “أغقلوا معابر وسط المدينة وأحرقوا مستوعبات النفايات ورموا الحجارة تجاه قوات الشرطة”.

كذلك شهدت، أمس الثلاثاء، عدة جامعات في طهران ومحافظات أخرى، تجمعات احتجاجية غاضبة على وفاة الشابة مهسا أميني، التي تؤكد الشرطة أنها توفيت بسبب “نوبة قلبية”، لكن المحتجين يشككون في هذه الرواية، متهمين الشرطة بضربها والتسبب بوفاتها.

وفيما تمددت الاحتجاجات الثلاثاء إلى المزيد من المدن، فإنها تراجعت في محافظة كردستان التي كانت معقل الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، إذ كانت الفتاة مهسا أميني تعود إلى مدينة سقز بالمحافظة نفسها قبل أن تزور طهران الثلاثاء بالأسبوع الماضي برفقة عائلتها للسياحة وزيارة الأقارب.

وفي الأثناء، أفادت منظمة “هنجاو” الحقوقية خارج إيران، بـ”مقتل محتج من مدينة أرومية (مركز محافظة أذربيجان الغربية) يدعى فرجاد درويشي بنيران قوات الأمن”. وكانت المنظمة قد أشارت أمس إلى مقتل 3 محتجين آخرين في محافظة كردستان بنيران القوات الإيرانية.

وأكد رئيس محافظ كردستان، إسماعيل زارعي كوشا، مقتل هؤلاء الأشخاص، لكنه نفى أن تكون القوات الإيرانية قد قتلتهم، متهماً مجموعات وصفها بأنها “إرهابية” بقتلهم، ومحذراً من “اصطناع القتلى”.

والمقاطع المصورة المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، تظهر مواجهات بين المحتجين وقوات الشرطة والأمن وحالات كرّ وفرّ بينهم، وتعنيف محتجين ومحتجات، فضلاً عن استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين. كذلك شوهد استخدام الأسلحة، وسُمع إطلاق نار في بعض التجمعات، وتتحدث أنباء غير مؤكدة على شبكات التواصل عن مقتل محتجين في طهران وكرمان، لكن السلطات لم تؤكدها أو تنفها بعد، ولم ترد بعد أنباء بشأن ذلك على الوكالات ووسائل الإعلام الإيرانية.

إلى ذلك، قال رئيس محافظة طهران، محسن منصوري، إن تقارير الأجهزة الإيرانية المعنية “تظهر بوضوح مؤشرات على تدخل بعض السفارات والأجهزة الأجنبية (الاستخباراتية) في القضايا الأخيرة في طهران”، مضيفاً أنه “خلال الاعتقالات في تجمعات طهران الليلة الماضية اعتُقِل رعايا من ثلاث دول”.

تفاعل دولي مستمر

وعلى الصعيد ذاته، ما زالت قضية مهسا أميني تتفاعل خارج إيران بموازاة تفاعلها داخلها، ليصدر المزيد من التعليقات والتصريحات من الدول، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية. وفي المقابل، ووجهت هذه الردود برفض واستنكار إيراني.

ووصل الاحتجاج الدولي إلى أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أشار الرئيس التشيلي غابريل بوريك في كلمته بالجمعية أمس، إلى هذا الحادث، داعياً إلى “إنهاء العنف ضد النساء”.

وعلّقت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك على هامش اجتماعات الجمعية العامة على وفاة مهسا أميني، داعية الحكومة الإيرانية إلى احترام الاحتجاجات التي قالت إن المحتجين يتظاهرون دفاعاً عن حقوق الإنسان.

كذلك، خرجت المزيد من التصريحات من الإدارة الأميركية، حيث قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في مؤتمر صحافي، إن “هذا الحادث يظهر قمع ووحشية نظام أن تفقد إمرأة روحها لأجل حقوقها الأساسية. لا نستغرب نزول المواطنين إلى الشارع للاحتجاج على أن هذا الوضع الذي يعيشيون فيه لا يليق بهم”.

إلى ذلك، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تصريحات إعلامية إنه خلال لقائه نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، الثلاثاء، تحدث عن حقوق النساء في إيران، مضيفاً: “قلت بشكل صريح إننا ندافع عن حقوق الإنسان، ولا سيما حقوق النساء”.

وفي السياق، نقلت وكالة “فارس” الإيرانية، عن مسؤول الشؤون السياسية بمكتب الرئاسة الإيرانية، محمد جمشيدي إن لقاء ماكرون مع رئيسي كان من المقرر أن يستغرق 45 دقيقة، لكنه طال إلى 90 دقيقة، قائلاً إن الرئيس الفرنسي “أطلق جملة عامة حول حقوق النساء من دون ذكر اسم إيران”.

وأشار إلى أن الرئيس الإيراني رد على هذا الجزء من تصريحات ماكرون بدعوته إلى زيارة إيران للتعرف إلى ما قال إنه “الحقائق بشأن تقدم حققته النساء بعد الثورة”. وأضاف رئيسي أن “قضايا إيران تخص الإيرانيين وحدهم، والاتحاد الأوروبي إذا أراد أن يصدر بياناً حول النساء، فعليه أن يصدره حول عنف الشرطة ضد النساء في أميركا والغرب”.

في الأثناء، رد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على المواقف ضد بلاده بشأن وفاة الفتاة مهسا أميني بإدانة هذه المواقف، داعياً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولاً أخرى لم يسمِّها إلى “تجنب الانتهازية واستخدام مصلحي لمقولة حقوق الإنسان”، ومضيفاً أن هذه الدول “سجلها طويل في إثارة الحروب والعنف في أنحاء العالم ولا تتمتع بشرعية لوعظ الآخرين بشأن حقوق الإنسان”.

وكانت “شرطة الأخلاق” في العاصمة الإيرانية طهران قد اعتقلت، الثلاثاء الماضي، مهسا أميني التي كانت في زيارة لطهران للسياحة برفقة أسرتها، آتية من محافظة كردستان، أمّا السبب فحجابها “غير المناسب” وفق رواية الشرطة. لكن بعد ساعتَين من اقتيادها إلى مركز شرطة نُقلت الشابة إلى مستشفى في حالة غيبوبة، قبل أن تتوفّى مساء الجمعة الماضي.

وأعلنت الشرطة الإيرانية أنّ الغيبوبة نتجت من إصابة أميني بـ”نوبة قلبية مفاجئة” خلال “جلسة إرشاد”، لكنّ أسرتها ونشطاء ومدوّنين يشكّكون في الرواية الرسمية، وسط اتهامات للشرطة بتعذيبها وتعنيفها.

وتحوّلت وفاة مهسا أميني في هذه الظروف إلى قضيّة رأي عام في إيران، وحاولت السلطات احتواء غضب الشارع، من خلال إطلاق تصريحات وطمأنات بإجراء تحقيقات “عادلة وعاجلة” بشأن حادثة وفاتها، فأجرى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، اتصالاً بأسرتها، مطمئناً إياها إلى متابعة الموضوع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى