أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

إنها وصمة عار من العيار الثقيل!

د. أحمد فياض محاميد

في هذا المقال أود أن أناقش ظاهرة مُقلقة تتسرب في كل مجتمعاتنا في انحاء العلم العربي، ألا وهي تهجين اللغة العربية. اللغة تُعرف بأنها: الأسمنت الذي يربط أبناء الشعب الواحد ويميزهم عن باقي الشعوب، وجميع شعوب العالم تعتز بلغاتها.

ومن المؤسف أنه قد بدأت تتسلل إلى مجتمعاتنا العربية ظاهرة مشؤومة، اعتبرها بمثابة وصمة عار من العيار الثقيل تشوه حضارتنا وقوميتنا ولغتنا الجميلة والتي نجدها ونراها في اليافطات على المحلات التجارية والتي هي في معظم الأحياء تُعرف نفسها بلغات غير عربية، وكأنه فخر لأولئك التُجار ان يتباهوا ويعتزوا باللغات الأجنبية متناسين فضل لغتنا العربية على حضارة العالم، مما يُشير على أنهم انصهروا وذابوا في حضارات الغير وتنازلوا عن حضارتهم المجيدة، التي وضعت الحجر الأساس لجميع العلوم الحديثة. ما يميز اللغة العربية عن باقي لغات العالم أنها سُميت بلغة الضاد لأنّ حرف الضاد هو الذي خصت به اللغة العربية والعرب دون سائر الأمم، الأمر الذي يثير الاستغراب والدهشة من استخدام تلك العبارات الأجنبية، رغم ان جميع زائري تلك المحلات التجارية هم عرب ولغتهم عربية. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تُكتب هذه اليافطات في اللغات الأجنبية؟! ألا يعتبر ذلك تملقًا وخنوعًا وتنازلًا عن الهوية؟ جميع شعوب العالم تعتز بلُغاتها التي تعبر عن الهوية برغم من أن تاريخ لغاتها يعود فقط إلى بضع مئات السنين بينما لغتنا العربية تاريخها يعود لآلاف السنين. معظمنا يجول في مدن وبلدان مختلفة في أنحاء العالم، استحلفكم بالله: هل شاهدتم يافطة واحدة مكتوبة باللغة العربية في مدينة غربية؟ بالرغم من أن العديد من تلك المدن زوارها وسائحوها من العرب.

هذه اليافطات المهجنة تتنافى مع حضارتنا وتراثنا وإرثنا وليس ذلك فحسب، بل مع قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ). اللعة العربية أفصح اللغات وأغناها وأوسعها واكثرها تأدية للمعاني. وهل يوجد مكانة، وشرف أعظم من ذلك؟ لغتنا من أرقى اللغات على مرّ العصور وأبلغها وأكرمها. ووردت العديد من الآيات القرآنية في كتاب الله تعالى عن مكانتها وفضلها، ومنها ما يلي: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)، (قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)، (وكذلك أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)، (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)، (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).

من هنا أنزل أشرف الكُتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل والملائكة وفي اشرف بقاع الأرض. والسؤال الذي يفرض نفسه: إذا كان الخالق سبحانه وتعالى أكرم لغة القرآن، اللغة الغربيةّ وجعلها لغة أهل الجنة؟ من نحن المخلوقين الضعفاء الذين لا نساوي شيئًا في هذا الكون لنتجاهلها ونعتز ونتفاخر في لغات لم يكرمها الخالق؟!

إنه عيب وعار علينا أن نعتز بلغات فُتات معظمها وليدة ومن مشتقات اللغة الآتشيه، التي تُعتبر اليوم في أعداد الموتى، بينما لغتنا اللغة العربية منذ آلاف السنين. وليس هذا فقط، بل وتعتبر السقف الأول لجميع العلوم، ولو دخلنا إلى إرثها لوجدنا كل علوم اليوم جذورها تمتد إلى اللغة العربية.

بعد ما تناولت أهمية اللغة الغربية في القرآن الكريم وانعكاساتها على حضارات العالم، لا بد لي ان أتطرق إلى أبعاد تهميشها على الأجيال الصاعدة فيما بعد وخاصة الجوانب النفسية للفرد في تصور الذات. من الواضح بأن ثقافات الشعوب تنتقل لبعضها البعض عبر الأجيال، وعندما ينشأ الفرد في ثقافة غير قادرة وعاجزة عن تعريف نفسها بلغتها، من الممكن أن يؤثر ذلك سلبًا على تصور الذات لنفسه، أي أنه أقل من غير العديم الثقة بنفسه، وبهذا نكون قد ارتكبنا ابشع واشنع خطوة لهدم شخصيات اجيالنا. هل لهذا نسعى؟! لا يوجد أي داع لاستعمال العبارات والأسماء الأجنبية، لغتنا العربية أجمل ومليئة بالعبارات الرقيقة والعميقة والرائعة واكثر. لذلك هيا بنا نعود إلى جذورنا ونعتز بلغة القرآن ونُعيد معا للغتنا الجميلة مجدها عزها.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى