لقاء مؤثر يجمع للحظات بين الأسيرين الشيخ رائد صلاح والدكتور حكمت نعامنه في سجن “شيكما” بعسقلان
طه اغبارية
نادى الدكتور حكمت نعامنه بصوت مرتفع: “شيخ رائد” فجاء الرد من إحدى زنازين العزل الانفرادي “الدكتور حكمت!!… أبو محمد” وكان المجيب هو شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح.
هكذا بدأ اللقاء المباشر للحظات، الثلاثاء الماضي (16/1/2018) بين الأسيرين الدكتور حكمت نعامنة من مدينة عرابة، والشيخ رائد صلاح من مدينة أم الفحم.
وسجنت المؤسسة الإسرائيلية، الرجلين، بسبب نصرتهما لقضية القدس والمسجد الأقصى المبارك، ونشاطهما في إطار المشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني، وقد لا يعلم السجّان الاسرائيلي أهمية اللحظة التي تجمع بين أسيرين وعاشقين للأقصى، فظلمه أسقط من حساباته المعاني الإنسانية التي تتجلى في مثل هذا اللقاء ولو كان لثوان معدودة.
ويقضي نعامنه محكومية من 23 شهرا بسجن “كتسيعوت” في الملف المعروف إعلاميا بـ “عشاق الأقصى”، في حين يحاكم الشيخ رائد صلاح بمزاعم التحريض على الإرهاب، وفق المؤسسة الإسرائيلية، ويقبع في سجن “شيكما” بمدينة عسقلان.
وفي تفاصيل اللقاء المؤثر، علمت صحيفة “المدينة” أن الدكتور حكمت نعامنه وصل الثلاثاء قبل الماضي، إلى سجن “شيكما” لإجراء فحوصات طبية، وتم وضعه في غرفة للانتظار، رفض المبيت فيها، لأنها غير نظيفة، لا سيما بعد يوم شاق بسبب تنقله عبر “البوسطة”.
وأصر نعامنه على نقله إلى غرفة أخرى للمبيت فيها إلى حين عرضه على الفحص الطبي في اليوم التالي، وعلم أنه يتواجد في سجن “شيكما” وكان مطلعا من وسائل الاعلام أن الشيخ رائد نقل إلى “شيكما”، وحين قام السجّانون بنقله إلى غرفة أخرى وأثناء سيره في الممر، عرف انه في منطقة العزل الانفرادي للأسرى، فبدأ بالنداء “شيخ رائد، شيخ رائد”، ولم يتأخر الرد من إحدى الغرف كثيرا وكان على الشكل التالي “دكتور حكمت.. أبو محمد”، ثم رأى الدكتور حكمت يدا تخرج من خلف قضبان إحدى الزنزانات، فأمسك بها مصافحا بحرارة والتقى الوجهان، فإذا هو الشيخ رائد صلاح، وقد أمسك بيد حكمت وحاول الإبقاء عليها أكبر وقت ممكن، وتبادلا النظرات والابتسامات للحظات معدودة، إلا أن السجّان طلب منه الاستمرار بالمشي.
هذا وعلمت “المدينة” أن الدكتور حكمت نعامنه بات ليلته تلك في غرفة مجاورة لغرفة الشيخ رائد صلاح، ولعل شيخ الأقصى بعد الإفراج عنه، يكتب عن هذا اللقاء والحديث الذي دار بينه وبين “عاشق الأقصى” حكمت نعامنه.
يشار إلى أن الشيخ رائد صلاح يخضع للعزل الانفرادي في سجن “شيكما” بمدينة عسقلان (أشكلون)، بعدما تم نقله من سجن “رامون” في صحراء النقب، حيث تعرض هناك لعزل وظروف اعتقال مسيئة، ووضع في غرفة هي أشبه بمرحاض ومزودة بكاميرات تجسس تقيد حركته ولا تحترم خصوصياته، ما استنفر طاقم الدفاع لتقديم التماس ضد ظروف اعتقاله والمطالبة بنقله من السجن إلى سجن آخر قريب من مسقط رأسه في أم الفحم.
واعتقل الشيخ رائد صلاح منتصف آب/ اغسطس من العام المنصرم، من منزله في أم الفحم، وذلك بعد حملة تحريض اسرائيلية استهدفته خلال أحداث الأقصى الأخيرة منتصف تموز/ يوليو 2017، وتتهمه المؤسسة الإسرائيلية بالتحريض على الإرهاب وتأييد منظمة محظورة، هي الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا.
وفيما يخص “عاشق الأقصى” الدكتور حكمت نعامنه، فقد أقرت “مركزية” الناصرة في أواخر أيار/ مايو من العام المنصرم، تسوية بين طاقم الدفاع عن نعامنه والنيابة العامة، وفق لائحة اتهام معدّلة توافق عليها الطرفان، وقضت بالسجن الفعلي على نعامنه 23 شهرا، مع احتساب المدة التي قضاها في السجن منذ اعتقاله أواخر تشرين أول/ اكتوبر 2016، ما يعني تبقي نحو 9 أشهر من محكوميته التي يقضيها في سجن “كتسيعوت” بمنطقة النقب.
واتهم الدكتور حكمت بإقامة نشاطات مناهضة للمؤسسة الإسرائيلية في المسجد الأقصى ومن بينها تمويل الحافلات التي تقل المصلين من الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى المبارك.
وعقّب نعامنه، حينها على قرار سجنه بالقول: “أتقدم بالفخر والاعتزاز إلى أهلنا في الداخل الفلسطيني الذين يساندونا في قضية عشاق الأقصى، وموقفي من الحكم الصادر من المحكمة المركزية الأحد بتاريخ 28/5 بالظلم دون أدنى شك، ومنذ اعتقالنا بالزنازين لم يتغير موقفي في ان هذا الاعتقال، هو اعتقال سياسي وتصفية حسابات مع العاملين من اجل الأقصى وخاصة أولئك الذين انتموا للحركة الإسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح حفظه الله، قبل حظرها من قبل المؤسسة الإسرائيلية”.