أخبار رئيسيةأخبار عاجلةمحلياتومضات

في حفل إشهار كتاب الشيخ كمال خطيب “نبش الذاكرة..”.. أكاديميون: الكتاب سردية مهمة جدا في رواية الداخل الفلسطيني والمشروع الإسلامي

موطني 48/ عبد الرحمن أشراف، طه اغبارية

نُظّمت أول من أمس الجمعة في قرية كَفر كنا، أمسية حاشدة لمناسبة إشهار كتاب الشيخ كمال خطيب- رئيس لجنة الحريات المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا في الداخل الفلسطيني- “نبش الذاكرة – سيرة داعية ومسيرة دعوة”. وقدّم نخبة من الأكاديميين قراءات في الكتاب الذي اعتبروه وثيقة تاريخية في غاية الأهمية في السردية الذاتية والرواية الفلسطينية لا سيّما فيما يخص المشروع الإسلامي في الداخل الفلسطيني.

استهلت الأمسية بتلاوة عطرة من القرآن الكريم تلاها الحاج فتحي عيسى “أبو عمار”، وأدار منصة حفل الاشهار الإعلامي حامد اغبارية، لافتا إلى أنّ الكتاب عنوان الحفل من أهم الكتب التي وضعها الشيخ كمال خطيب وهي 27 كتابا تمحورت حول مقالات كتبها في الصحافة المحلية.

دور خطيب بتقوية الوعي الديني بكفر كنا

السيد عز الدين أمارة رئيس المجلس المحلي في كَفر كنا، استهل فقرات الأمسية مرحبا بالحضور، وقال “باسمي وباسم أعضاء المجلس والموظفين نهنئ الشيخ كمال خطيب على هذا الكتاب، الذي فيه حفظ لتاريخ شعبنا ويشكل وثيقة مهمة في كافة المجالات”.

وأضاف إنه استوقفته في الكتاب محطة الحديث عن قرية كفر كنا وتميزها بالوحدة بين جميع أبنائها وطوائفها، مشيرا إلى أن الشيخ كمال خطيب لعب دورا كبيرا في نشر الوعي الديني بين أهالي كفر كنا إلى جانب دوره الكبير في مشروع الصحوة الإسلامية في الداخل. وقدّم أمارة درعا تقديرية للشيخ كمال خطيب باسم المجلس المحلي.

التيار الإسلامي والمراجعات الصريحة

كانت المداخلة الأولى حول قراءته للكتاب، للدكتور مهند مصطفى- المحاضر الجامعي ومدير مركز مدى الكرمل- معتبرا أن الكتاب “يضاف إلى مجموعة من الكتب صدرت في السنوات الأخيرة منها كتاب الشيخ رائد صلاح “إضاءات على ميلاد الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا” وهي تشكّل فسيفساء من الاحداث والسرديات عن رواية التيار الإسلامي في الداخل”.

وقدّم مهند مصطفى ملاحظتين لما أسماه “عتبة النص”: الأولى اختيار خطيب كلمة “داعية” بدل كلمة سياسي أو ناشط اجتماعي.. ما يوحي بإعادة الاعتبار لمكانة الداعية في المجتمع بشموليتها لكل، والملاحظة الثانية- بحسب مصطفى- أنّ من أعطى الإيحاء للشيخ كمال لكتابة مذكراته، كانت ابنتاه صفا ومروة، ما يبرز دور المرأة في العمل السياسي والاجتماعي.

وفي الحديث عن متن الكتاب، قال إنّه يمكن قراءته من عدة جوانب، فيمكن ان يراها البعض كمذكرات شخصية، أو مذكرات مبعثرة وقصصا فردية، مستدركا “ولكن من يريد أن يقرأ الكتاب في السياق السياسي والحالة الفلسطينية الراهنة فعليه أن يقرأه قراءة اجتماعية وسياسية وبهذا المعنى فأن الكتاب هو محاولة لتأريخ الحركة الإسلامية من منظور شخصي، وهو جزء من بناء سردية التيار الإسلامي في الداخل”.

وأوضح أن “الكتاب من الناحية العلمية هو محاولة لبناء سردية تاريخية حيث حاول الشيخ كمال بناء رواية تاريخية من خلال موقعه كشخصية مؤثرة، لافتا إلى أنه في ذلك يكمن التحدي، فهناك من يكتب من أجل توثيق أحداث الماضي وحفظها من الضياع فهذه سردية لها وظائف محددة، حفظ التاريخ والشخصيات وتوثيق الاحداث. أنا لا اقرأ الكتاب هكذا، وإنما بقراءة ثانية للسردية التاريخية، وهي محاولة رواية الحاضر من خلال أحداث تاريخية، بمعنى يستعين بالماضي بأحداثه ووقائعه من أجل أن يسرد الحاضر بهدف التأثير في الحاضر والخطاب السياسي للحالة الفلسطينية الراهنة والتيار الإسلامي بشكل خاص”.

ويرى مهند مصطفى أن همّ الحاضر- بحسب قراءته للكتاب- يتعلق بما يحدث في الحقل الإسلامي في الداخل الفلسطيني، وهو يمرّ بتحديات فكرية وسياسية وحتى دينية، وعليه فالكتاب هو محاولة حثيثة لا يمكن فصلها عن كتابات ومدوّنات الشيخ رائد صلاح والهادفة إلى صياغة سردية التيار الإسلامي في الداخل ووضعها في متناول الناس.

وأكمل “الوظيفة السياسية لهذه السردية التاريخية عن التيار الإسلامي التي اشتغل فيها الكتاب، هدفت إلى حفظها من التشوه والتجزئة ومحاولة إعادة استملاك هذه السردية من جديد ووضع تجربة العمل الإسلامي بين يدي الناس هذا إلى جانب حفظ التيار الإسلامي في ظل القيود.

وتابع مهند مصطفى “وهناك جانب واقعنا الفلسطيني عموما، الذي يعيش أصعب لحظاته التاريخية وهناك محاولات لتفكيك المشروع الوطني الفلسطيني وتقليصه، وهنا يكون الكتاب محاولة لصياغة سردية للداخل الفلسطيني عموما”.

ووفق مدير “مدى الكرمل” فإن كتاب الشيخ كمال خطيب، يمكن أن يكون محل اشتغال وبحث لثلاثة علوم: التاريخية والسياسية والاجتماعية، لأنه تحدث عن التحولات في الحياة الاجتماعية للداخل من خلال المذكرات الشخصية لخطيب، كما يمكن استنباط الحالة السياسية للمجتمع الفلسطيني في السنوات الماضية إلى جانب التأريخ لمحطات مهمة في حياة المجتمع العربي في الداخل.

وختم الدكتور مهند مصطفى قراءته للكتاب بالقول: “لم يقم أي تيار سياسي في الداخل الفلسطيني بإجراء مراجعات تاريخية صريحة ومباشرة وناقدة كما فعل التيار الإسلامي من خلال كتابات الشيخ كمال والشيخ رائد وهذا الأمر يحسب لهذا التيار وهو جزء من قوته، فالمراجعات تقوّي الإرث الفكري للتيار الإسلامي”.

دور المشروع الإسلامي في حيز المدينة الفلسطينية

ثمّ كانت مداخلة الدكتور منصور النصاصرة أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بئر السبع (بن غوريون)، وقال إن أهمية الكتاب تكمن في أنه عملا طويلا وإرثا للعمل الإسلامي في الداخل.

وأضاف “سأحاول وضع الكتاب في السياق الشامل والعام للمشروع الإسلامي في هذه البلاد، ومحاولة قراءته في ظل الوضع الراهن في القدس والاقصى والشيخ جراح والمدن الساحلية”.

الدكتور منصور نصاصرة

الكتاب وفقا للنصاصرة، مشروع في السردية الفلسطينية وارشفة الذاكرة الفلسطينية في انتاج علمي مهم جدا، وهو رواية فلسطينية توثّق محطات مهمة في سيرورة الحركة الإسلامية وارتباطها بالعالم العربي والإسلامي.

وزاد “الكتاب وثيقة أرشيفية فلسطينية عن العمل الإسلامي، وأنا ادعو لأرشفة رواية العمل الإسلامي في هذه البلاد في المرحلة القادمة”.

وقال إن قراءته للكتاب مربوطة كذلك في حيز المدينة الفلسطينية: المدن الساحلية (حيفا، يافا، اللد، الرملة) ومدينة القدس وعملية التشبيك التي عملت على تأكيدها الحركة الإسلامية من خلال مشاريعها الضخمة في هذا الحيز المدني الفلسطيني، لافتا “وبصفتي شاهدا على الأحداث أؤكد أن العمل الإسلامي ترك إرثا كبيرا جدا في المدن الساحلية والقدس، وبعد حظر الحركة الإسلامية نحن بحاجة إلى استمرار هذا النهج والنموذج من العمل المؤسساتي المنظم في هذه المدن”.

وأكمل النصاصرة “المشروع الإسلامي قام بتمكين أهل القدس والشيخ جراح والشيخ رائد تحدث دائما عن الخطر الذي يتهدد الشيخ جراح وكان له بصمات ميدانية في هذا الأمر. مشاريع العمل الإسلامي مكنت العمل المقدسي ووصلت بهموم القدس والأقصى إلى العالمية”.

حظر الحركة الإسلامية- بحسب النصاصرة- لم يأت من فراغ وإنما ارتبط بمشروع “المجتمع العصامي” الذي أطلقته، وهو ما أثار قلق المؤسسة الإسرائيلية وحتى جهات خارجية لا سيّما بعد أن دخلت الحركة الإسلامية بمشروعها العصامي إلى الحيز المقدسي كلاعب سياسي أساسي بعد وفاة المرحوم فيصل الحسيني وغياب القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير عن القدس.

وأشار إلى أن الشيخ كمال خطيب تناول في الكتاب مسألة الانقسام الذي وقع عام 19969 وتحوّل الحركة الإسلامية الجنوبية إلى حركة برلمانية، مقدّرا أن هذا التحول في العمل الإسلامي بالداخل هو جزء من التحول في العمل الإسلامي بالعالم العربي ومحاولة بعض الحركات الإسلامية في العالم العربي العيش في واقع مركب جدا، موضحا في هذا الخصوص أن ” أن نموذج الحركة الإسلامية الجنوبية يعيدنا الى ذاكرة الخطاب الحقوقي والاقتصادي الذي كان سائدا في الستينيات والسبعينيات والابتعاد عن الخطاب السياسي”.

كسر العديد من المسلمات

المداخلة الأكاديمية الأخيرة ضمن قراءات في كتاب الشيخ كمال، قدّمها الدكتور حسن صنع الله الباحث في العلوم السياسية والباحث في علوم بيت المقدس، وقال “لفت نظري دقة النقل في المذكرات والتواريخ والأيام وترتيب الحوادث والاحداث، وهذا مهم جدا عندما نتحدث عن التاريخ. كذلك أشكر الشيخ كمال على الجرأة التي تحدث فيها وكسر الكثير من المسلمات عند عامة الناس فيما يتعلق موضوع: المؤسس، الحركة الام وجيل التأسيس”.

الدكتور حسن صنع الله

وأضاف “لم نر إلا كتابات بالإنجليزية والعبرية غير منصفة تتحدث عن الحركة الإسلامية، وحديث الشيخ كمال عن جيل التأسيس كان في غاية الأهمية وبرأيي يجب أن تكون فيه ورقة بحثية”.

بحسب صنع الله، فإن “التأريخ للحركة الإسلامية، تنظيميا وسياسيا، والحديث عن البدايات كان مهما في الكتاب، لأنه كانت هناك محاولات لاختطاف الحركة الإسلامية، تنظيميا ومؤسساتيا. ولكن في الحقيقة هي بنيت تنظيميا من العام 97 وصاعدا أي بعد الانقسام، ولم تكن بهذا البناء الهرمي قبل ذلك”.

تسليط الضوء- وفق صنع الله- على احداث الانقسام ومفاوضات إعادة اللحمة التي جرت عام 2012، كانت من أهم الجوانب في الكتاب، وباعتقاده “فإن أحد أسباب حظر الحركة الإسلامية هو الخشية الإسرائيلية من توحيد الحركة الإسلامية بجناحيها، لأن الجهات الإسرائيلية اعتقدت انه، حتى لو فشلت مفاوضات إعادة اللحمة عام 2012 فإن هذا يعني عودة التفاوض لاحقا في هذا الجانب، فجاء الحظر عام 2015 لقطع الطريق على إمكانية أحياء مسألة إعادة اللحمة”.

خطيب: وقع ما حذرنا منه

الكلمة الختامية في الحفل كانت لصاحب الكتاب الشيخ كمال خطيب، رحّب بالحضور الحاشد، ثم توجه بالشكر لله أولا، ثمّ والده الذي- كما أشار- تحمس جدا لدراسة ابنه كمال الشريعة بعد انهاء المرحلة الثانوية رغم انه تخرج من ثانوية أهلية تبشيرية (التراسنطة)، وشكر والدته وزوجه التي “شاركت معي هذا المشوار، مشوار الدعوة الى الله”، وشكر أبناءه وبناته (تسنيم، معاذ، إباء، عاصم، محمد، صفا ومروة) الذين “بيقيني دفعوا ثمنا غير مباشر بالانشغال عنهم”. كما قال.

وأكد خطيب انه تحرى النية الخالصة لله والدقة في نقل الاحداث، مضيفا “ليس سهلا أن تتحدث عن أخوة لك كنتم شركاء الدرب وتأكلون من صحن واحد وخدمتم دين الله، ولكن ما يعزيني الآن في هذه الأيام أن الذي كنّا نحذّر منه يومها، من خطر على مستقبل المشروع الإسلامي قد وقع ووقعت الفأس بالرأس، بما يحصل الآن من ترد غير مسبوق في المشروع الإسلامي. ما يحدث الآن في حقبة الداخل غير مسبوق أبدا، وسيكتب عنه التاريخ، سيكتب كيف اصبحنا عكازا يتكئ عليها بنيت وشاكيد ولبيد وغيرهم”.

وتطرق إلى بدايات تدوينه لمذكراته خلال جائحة كورونا وبعد إلحاح شديد من ابنتيه صفا ومروة.
ولفت إلى أن فوز الكتلة الإسلامية جامعة بير زيت قبل أيام، اعادته إلى الوراء 40 عاما حين ترشح على قائمة اتحاد الطلاب في جامعة الخليل، عام 1982 اثناء دراسته في كلية الشريعة، منوّها “هناك كانت بداية صقل شخصيتي والانخراط في عمل سياسي”.

واستعاد جانبا من ذكريات الكتاب يوم كان طفلا وفتى صغيرا وبعض الحوادث الطريفة التي وقعت معه.
وقال أيضا إن “الكتاب إلى جانب كونه سيرة ذاتية لكنه سيرة مشروع اعتز أنني كنت من بُناته مع آخرين وبعدهم، تعرفت عام 1984 على أخي الشيخ رائد صلاح ثمّ في هذه الفترة كانت بداية الحركة الإسلامية كتنظيم مع التأكيد أن هناك من سبقوني قبل هذا التاريخ في بناء ما عرف حينها بالصحوة الإسلامية. هناك أخوة لا أنكر فضلهم ومنهم بل أولهم الشيخ عبد الله نمر درويش رحمه الله تعالى”.

ثم تحدث عن جوانب في الكتاب ضمن مسيرته في العمل الإسلامي واللقاءات التي جمعته مع العديد من مرشدي الاخوان المسلمين وقيادات العمل الإسلامي في العالم العربي والعالم الإسلامي، موضحا في هذا الجانب “أقول هذا لاعتز بأنني تربيت على فكر هذه الجماعة (الاخوان المسلمين)، حتى لو لم نلتق معهم تنظيميا ولم نكن في يوم من الأيام جزءا من تنظيم الاخوان، لكنها جماعة اجتهدت ان تخدم دعوة الله، واظنهم كانوا الأقرب إلى الجادة”.

وكشف عن تواصل مع دار نشر تركيا لطباعة الكتاب في الخارج باللغة العربية كما كشف عن توجه دار نشر أخرى في تركيا لطباعة الكتاب باللغة التركية.

وختم الشيخ كمال خطيب مداخلته بالقول “أنا اقل من انسب لنفسي أي فضل على دعوة الله، بل الفضل كله لله، ولهذه الدعوة والمشروع، الذي جعل من كمال الطفل أن يكرمه ربه بأن يكون جزءا من مشروع اسمه المشروع الإسلامي ويكبر ويكبر ليصبح أمل الامة كلها إن شاء الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى