أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

عندما يساوون بين الضحية والجلاد!!

ساهر غزاوي

إنّ الحديث عن اجماع كافة التيارات والحركات السياسية في الداخل الفلسطيني على عدم “عسكرة النضال” واستبدال ذلك باستخدام كافة الوسائل المشروعة والمتاحة ضمن إطار القانون الإسرائيلي لتحصيل المجموعة الأصلانية حقوقها الجماعية إلى جانب الفردية، وتقاوم الظلم والممارسات العنصرية وتدافع عن أرضها ومقدساتها وحاضرها ومستقبلها صار حديثًا مكررًا واستحضاره في كل حدث وحدث لا يأتي علينا بالجديد ولا يغير من حقيقة الواقع شيئا، ولا يخفف ولو قليلًا عن المجتمع العربي الفلسطيني ضحية التطهير العرقي والتحريض الدموي الإسرائيلي وسياسات القتل والإعدام الميداني التي يتعرض لها أبناء هذا المجتمع، خاصة في منطقة النقب.

في أعقاب الحدث “الأمني” في بئر السبع، استمعت لمقابلة لعضو كنيست عربي في إحدى الوسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة بالعربية وهو يدين بشدة الحدث “الأمني” الذي وقع في مدينة بئر السبع.. حقيقة لم تستوقفني كثيرًا إداناته المفرطة للحدث “الأمني” وما ترتب عليه، فقد سمعته تحديدا- كما سمعت غيره- وهو يتنقل بين مختلف وسائل الإعلام العبرية لينقل ادانته المفرطة ويبدي تعاطفه اللامحدود مع ضحايا هذا الحدث “الأمني”، إنما أكثر ما استوقفني حديثه وهو يساوي بين الضحية والجلاد ويحرض على بعض قيادات مجتمعنا بطرق غير مباشرة بقصد أو دون قصد، إذ يقول: “هناك خطاب تحريض في الاتجاهين خطاب لشخصيات عربية التي لا تحذر ولا تنتبه إلى الكلمات التي تستخدمها وكيف يمكن أن تؤدي تترجم إلى لغة عنف وأيضًا هناك خطاب من متحدثي العبرية عندما يتحدثون عن النقب وعن البدو يتحدثون بلغة تحريضية، بعد هذا الحادثة يجب على الجميع أن يقيم خطابه السياسي ويحذر من عباراته ومن كلماته التي قد يشتم منها تبرير العنف من أي نوع من الأنواع”.. وهكذا ساوى بين الضحية والجلاد من جهة، وحرض على بعض القيادات مجتمعنا من جهة أخرى، وهنا أخطر ما في الأمر!!

استحضار هذا الحديث والخطاب الذي يساوي بين الضحية والجلاد المتزامن مع وقوع حدث “أمني” في مدينة بئر السبع في عمليه نفذها شاب بمفرده، تدعو أكثر إلى جلد الذات والتموضع في خانة المتهمين المضطرين إلى تبرئة ساحتهم أمام الجلاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن ذلك يمنح الجلاد الإسرائيلي نفسًا كبيرًا وعميقًا ويزيد من شهيته في الإمعان في الظلم والغطرسة والملاحقات السياسية وممارسة التمييز العنصري والانتهاكات والاعتداءات على المجموعة الأصلانية وشرعنة حرمانها من حق العيش بكرامة على أرضها وفي وطنها وسلب حقوقها الجماعية.

لذلك، لا أحد يستطيع أن يُزايد على أحد في هذا الجانب تحديدًا والجميع يعلم أن لا أحد يدعو إلى “عسكرة النضال” من أجل تحصيل الحقوق والحفاظ على الأرض والمقدسات، فالجميع بلا استثناء يعمل وفقًا للوسائل المشروعة والمتاحة ضمن إطار القانون الإسرائيلي، كما ولا يحق لأحد أيّا كان أن يستغل هذا الحدث ليُسوق نفسه عبر إداناته المفرطة إلى أبعد حدود من أجل ربح سياسي حتى يبدو ذاك الطرف المفرط في الإدانة والتنديد وكأنه هو فريد عصره في فهم الواقع والتعامل معه وفقًا للظروف الخاصة التي يعيشها العرب الفلسطينيين في داخل مناطق الـ (48)، وفي المقابل الذي يلتزم الصمت ولا يدين في نفس أسلوب وخطاب ذاك الطرف يبقى في نظره ونظر الجلاد الإسرائيلي متهمًا حتى وإن ثبتت براءته من تهمة لم تثبت عليه.. وكأن أيضًا فهم الواقع لذاك الطرف أصبح مقاسه مفصلا عليه تفصيلا وعلى مقاس النهج الذي يؤمن به ويسعى لتحقيقه بأي ثمن وتحت أي ظرف كان.

على فرض أن هناك من سيتفهم هذه الإدانات المفرطة للحدث “الأمني” الذي نفذه شاب عربي في بئر السبع ووضعها في السياق الذي يريده، غير أن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان؛ لماذا أصوات الإدانات والتنديد المفرطة غابت قبل أيام عندما قتل الشهيد سند الهربد من مدينة رهط وتبين لاحقًا، وفقًا للنتائج الأولية لتشريح جثمانه، أنه استشهد جرّاء اصابته في الظهر والمؤخرة، أي أنه لم يشكل خطرًا على الشرطي الذي قتله!! وإن كنا وما زلنا نتحدث عن النقب، لنا أن نسأل أيضًا: أين اختفت هذه الأصوات عندما كُشف النقاب قبل أيام عن تشكيل مجموعة من المتطرفين اليهود مليشيات مسلحة تحت مسمى “سرية برئيل”، التي تحظى بدعم حزب “عوتصماه يهوديت” الذي يترأسه عضو الكنيست ايتمار بن غفير وبدعم من الشرطة الإسرائيلية وبلدية بئر السبع؟؟ ولماذا تختفي هذه الأصوات عندما يقتل عربي بدم بارد دون مبرر، لمجرد الشك بأن العربي “يشكل خطرًا” أو يُعتقد أنه قد سينفذ عمل ما؟؟ والأسئلة في هذا السياق أكثر من أن تُعد وتحصى!!

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى