أخبار عاجلةمقالات

صراع الغرب وروسيا في أوكرانيا فرصة للفلسطينيين

الإعلامي أحمد حازم

عندما أقدمت العصابات الصهيونية في العام 1948 على احتلال فلسطين وتهجير وتشريد شعبها، أصبحت هذه القضية ولغاية الآن القضية الرئيسية لجمعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وأصبحت بذلك القضية الأكثر تعقيدًا في العالم إن لم تكن الوحيدة التي يعجز العالم عن إيجاد حل لها بسبب الموقف الإسرائيلي ومواقف الغرب الداعم لإسرائيل التي تأسست بقرار غير عادل من الأمم المتحدة على حساب قتل وتهجير شعبنا، وهي الأمم المتحدة نفسها العاجزة الآن عن ردع هذه الدولة التي تصف نفسها بأنها “دولة اليهود” ولا يهمها كل القرارات الدولية.

ولو نظرنا إلى ما يحصل في الدولة الأوكرانية على يد المحتل الروسي، لرأينا وجود تشابه كبير: القتل والتهجير بهدف الاحتلال. ونتيجة لما يقوم به الجيش الروسي والذي تسميه روسيا بوتين “عمليات عسكرية”، فقد ترك ذلك أثرًا كبيرًا على العالم. صحيح أن الحرب تحدث في أوكرانيا لكن تأثيرها شئنا أم أبينا وصل إلى العالم وترك سلبيات ملموسة. وتمّ فرض حظر غربي على النفط الروسي على الرغم من الحاجة الاوروبية الماسة له، مما دفع بالرئيس الروسي بوتين إلى التهديد بجعل سعر برميل النفط يرتفع بصورة جنونية بما يلحق أشد الأضرار بأوروبا وبدول العالم الفقيرة ومنها دول عربية عديدة.

لكن، نظرة واحدة إلى المنطقة تكفي للاستنتاج أن دولتين تستطيعان منع ذلك، وهما السعودية وإيران الجهتان الاكثر قدرة على مجابهة هذا المصير الاسود ومنعه. هاتان الدولتان وبسبب علاقاتهما مع دول أخرى صديقة ومنتجة للنفط، تستطيعان لعب دور كبير في هذا الصدد.

السعودية لها تأثير كبير وفعال على دول الخليج العربي ولا سيما قطر صاحبة المخزون الاضخم من الغاز، وإيران النفطية تربطها علاقات مميزة بدولة فنزويلا التي تعتبر الدولة الأكثر انتاجًا للنفط والأكبر محزونًا له في العالم. وهذه الدول هي مصدر الطاقة الاساسية في العالم خارج اميركا وروسيا وتقيم علاقات جيدة مع أوروبا والصين واليابان. ولا شك في أن هاتين الدولتين السعودية وإيران تستطيعان تحويل سلاح النفط إلى سلاح سياسي أيضًا لصالح القضية الفلسطينية. وهنا يأتي الدور الفلسطيني.

المعروف أن السعودية (على الأقل نظريًا) ترفض الاندماج في قافلة المطبعين مع إسرائيل بصورة رسمية، قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، بناءً على المبادرة التي طرحتها في مؤتمر الجامعة العربية الذي انعقد في بيروت عام 2002. وإيران تتحدث دائمًا عن تأييدها لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وتدعم منظمات فلسطينية في مواجهتها لإسرائيل. إذًا نحن أمام دولتين إحداهما تدعم السلطة الفلسطينية والأخرى تدعم منظمات فلسطينية ولا سيما حماس، وبذلك تستطيع هاتان الدولتان السعودية وإيران (لو اتفقتا) فرض أجندتهما بما يخص الشأن الفلسطيني على الغرب وعلى روسيا، إذ بإمكانهما أن يستدرجا العالم الغربي وروسيا الى تقديم عروض لمصالحهما مقابل زيادة ضخ النفط والغاز، كما يمكن جعل الصين واليابان تقفان معهما في العروض هذه. ولذلك فإن هناك حاجة قوية لكل من أميركا وأوروبا من جهة وروسيا من جهة ثانية إلى السعودية وإيران معًا في المواجهة بينهم في اوكرانيا، وعلى الجانب الفلسطيني (السلطة وحماس والجهاد) العمل لاستغلال هذه الفرصة الذهبية. والكرة الآن في الملعب الفلسطيني، وعليهم أن يحسنوا الأداء السياسي.

إنها فرصة ذهبية للفلسطينيين لدفع إيران ومن معها والسعودية وشقيقاتها، لجعل قضية فلسطين ضمن برنامج المقايضة مع الغرب، طبعًا إذا كانت هناك مصداقية من الجانبين السعودي والإيراني. المقايضة على طاولة المفاوضات لو تمت، واضحة تمامًا: زيادة انتاج النفط والغاز لتعويض النقص في الطاقة الروسية بسبب العقوبات عليها مقابل تطبيق قرارات الامم المتحدة الخاصة بفلسطين وهي العودة إلى حدود 1967 وإزالة المستوطنات الصهيونية من الضفة الغربية وقطاع غزة. إذًا، من شأن التفاهم السعودي- الايراني هذا أن يفيد القضية الفلسطينية أكثر بكثير من حالة الصراع بينهما، لو أظهرا حسن نية للقضية الفلسطينية.  الأمر الآن يتطلب تحريك الدبلوماسية الفلسطينية وكذلك الدبلوماسية العربية، في هذا المجال بشكل أكثر فعالية. وهنا أستشهد بما قاله زميل لبناني صديق: (رحمك الله ياسر عرفات يا ملك الدبلوماسية في العالم وامبراطور التسويات وشاهنشاه الاحضان والقبلات).

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى