أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرئيس الأوكراني واكتشاف خداع الغرب وحلف الأطلسي

الإعلامي أحمد حازم

في شارع (الكومودور) الذي كنت أسكن فيه في العاصمة اللبنانية بيروت، والكائن في منطقة “الحمراء” المعروفة لبنانيًا وعربيًا برفاهيتها، كان يمرّ من الشارع في كثير من الأوقات شاب بسيط جدًا يدعى (سالم) كان يعاني من عدم النضوج العقلي، وكان يتجول في الشوارع لكسب عطف الناس عليه ومساعدته في قوت يومه. وذات مرة سألت سالم مازحًا: “كيف الوضع يا سالم؟ فأجابني وكأنه في كامل قواه العقلية: ما في فائدة…كلوّ عالفاضي”. وفي كل مرة يردد نفس الجملة. كان ذلك في سبعينيات القرن الماضي. واليوم ونحن نعيش الحرب الروسية الأوكرانية، أتذكر ما قاله “بسيط العقل” سالم لينطبق على قول “كبير العقل” الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي عاد أخيرًا إلى رشده، وعرف أن لا فائدة من حلف “الناتو” ولم يعد مهتمًا بالانضمام إلى الحلف، لأنه خيب آماله حسب تصريحاته لقناة إيه.بي.سي. الأمريكية.

القاسم المشترك بين الرئيس الروسي، والرئيس الأوكراني هو الاسم الأول للإثنين (فلاديمير) واللغة الروسية. والفارق الكبير بين الإثنين، هو أن فلاديمير الأوكراني، عمل طيلة حياته في التمثيل الفكاهي، ثم انتقل للسياسة صدفة، بينما فلاديمير الروسي عمل طيلة فتر شبابه كموظف في المخابرات الروسية (كي جي بي) كعميل ماهر، وانتقل بعدها إلى السياسة كمحترف متمرس. الأول لا علاقة له بالسياسة والثاني ثعلب مخادع بها.

قبل عمله في التمثيل، حصل زيلينسكي على شهادة في القانون من جامعة كييف الوطنية للاقتصاد. ثم تابع الكوميديا وأنشأ شركة الإنتاج Kvartal 95، التي تنتج الأفلام والرسوم المتحركة والبرامج التلفزيونية بما في ذلك مسلسل (خادم الشعب) الذي لعب فيه زيلينسكي دور رئيس أوكرانيا، وقد تمّ بث المسلسل من عام 2015 إلى عام 2019 وكان يحظى بشعبية كبيرة.

هذا يعني أن الرئيس الأوكراني حقق حلمه من رئيس بالتمثيل إلى رئيس فعلي، أي تطور من إنسان لا علاقة له بالسياسة العملية إلى إنسان شاء القدر أن يجعل منه سياسيًا ويرأس البلاد الأوكرانية. وبما أن الرئيس الأوكراني، لا يفهم بالسياسة ولا كيف “يسيّسون” فقد كان من السهل على ثعالب حلف الناتو استمالته وإقناعه بمخططاتهم وألاعيبهم، وقد اعتقد زيلينسكي، الرئيس الممثل، بأن الغرب “سينشل الزير من البير” وصدّق أقوالهم. وها هو اليوم يجد نفسه وبتحريض من الغرب في “ورطة” مع الدب الروسي: حرب شرسة شنها بوتين على أوكرانيا، حرب ستكون أوكرانيا الخاسرة فيها لا محالة، والغرب ينظر إليها من بعيد.

ويبدو أن الرئيس الأوكراني عاد إلى صوابه، ولم يعد يفكر بوعود الغرب له، لأنه (عرف ولو متأخرًا) أن الغرب لن يتدخل لمساعدته وأن حلف الناتو لن يكون طرفًا في هذه الحرب التي اعتقد الرئيس الأكراني بأن الناتو سيهب لمساعدته بالرجال والعتاد. لكن ما حصل هو العكس تمامًا، وهذا ما يظهر في تصريحات زيلينسكي. التي أعلن فيها مؤخرًا، أنّ بلاده لم تعد مهتمة بالانضمام إلى حلف الناتو.

تصريحات الرئيس الأوكراني فتحت الباب أمام وقف العدوان الروسي على بلاده، حيث تذرّع رئيس روسيا فلاديمير بوتين بأنه شنّ الحرب على اوكرانيا لأنها ارادت الانضمام إلى حلف الاطلسي (ناتو) بما يعنيه هذا من نشر صواريخ تحمل رؤوسًا نووية على حدود روسيا مباشرة. فتصريحات زيلينسكي إذًا، هي في حقيقة الأمر خضوع لما يريده الرئيس الروسي.

في مباحثاته مع القادة الغربيين كالرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وغيرهما، طالب بوتين بضمانات بألا يقبلا دخول الدول الاوروبية التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي الذي انهار عام 1990 الى الحلف الغربي، وطالب ايضًا بانسحاب الدول الاوروبية الشرقية التي دخلت الحلف، لكن بايدن لم يوافق على ذلك، فشنّ بوتين عدوانه على اوكرانيا.

تصريح زيلينسكي واضح كل الوضوح، وهو يحمل لهجة يأس من أميركا لأنها لم توافق على مطلبه بتشكيل غطاء جوي فوق بلاده. ويعتقد محللون سياسيون بأن زيلينسكي يريد تحميل الغرب مسؤولية ما سيحدث لأوكرانيا، لا سيما الولايات المتحدة.

وردًا على سؤال عن موقفه بخصوص الانضمام إلى الناتو، قال الرئيس الأوكراني إن حلف الناتو لا يفضل الأمور الجدلية ويتجنب المواجهة مع روسيا. ولفت إلى أن بلاده فقدت الاهتمام بمسألة انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، بعد أن أدرك أن الناتو غير مستعد لقبول أوكرانيا، لأن الحلف يخشى التناقضات والمواجهة مع روسيا، حسب تصريحاته.

هذا جزاء من يُصدّق الأمريكيين، فهل يستوعب عرب اتفاقات أبراهام وعرب الاعتراف بإسرائيل درس أوكرانيا، وأنه “ليس كل شيء يلمع ذهبًا؟ أيوجد شك في ذلك؟!.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى