أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

الحرب الروسية الأوكرانية :أين سيتردد صداها؟

الشيخ كمال خطيب

 

كورونا وأوكرانيا

لم يكد العالم يلتقط أنفاسه من تبعات وآثار كورونا التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية كجائحة يوم 11/3/2020 حتى نزلت على العالم الهواجس والخوف والقلق من آثار وتبعات اجتياح أوكرانيا يوم 24/2/2022 من قبل الدب الروسي، الجار الأقرب وحيث العلاقة التاريخية بين البلدين والشعبين.

كانت بداية ظهور فيروس كورونا من الصين وسرعان ما تحولت إلى جائحة ووباء عالمي، بينما كانت شرارة وبداية معركة أوكرانيا من روسيا. ويظلّ السؤال الذي يحيّر الجميع هل ستتوقف أطماع بوتين عند حدود أوكرانيا أم أن الأمر سيتطور وتتحول معركة أوكرانيا إلى حرب عالميه ثالثة.

من يظن أن الفترة ما بين العام 1914 بداية الحرب العالمية الأولى وبين العام 2022 بداية الحرب الروسية على أوكرانيا كانت كافية لجعل العالم أكثر أمانًا فإنه مخطئ خاصة وأن حرب عالمية ثانية مدمرة قد وقعت بين الأعوام 1939-1945.

صحيح أن شرارة الحرب العالمية الأولى كانت بمقتل ولي عهد النمسا على يد شاب صربي في العاصمة البوسنية سراييفو لكن حالة الاستقطاب بين مجموع الدول الأوروبية كانت سببًا ومقدمة لجعل الشرارة تتحول إلى لهيب وحرب قتل فيها 17 مليون وجرح فيها 20 مليون آخرين، بينما وصل عدد قتلى الحرب العالمية الثانية إلى 60 مليون قتيل، وعليه فإن التنبؤ بمستقبل الحرب الروسية الأوكرانية  في غاية الصعوبة والتعقيد وإن إمكانية التحولات في مسار المعركة يشبه إلى حد بعيد التحولات التي كانت تطرأ وما تزال على فيروس كورونا كان آخرها المتحول ماكرون، لكن تطور الأسلحة على اختلاف أنواعها البيولوجية والكيماوية والنووية إضافة إلى الأسلحة التقليدية تجعل أرقام الخسائر لا سمح الله يفوق أي تصور، فها هو العالم إذن يعيش بين هواجس جائحة كرونا وهواجس اجتياح أوكرانيا.

 

المسلمون بين مخالب أوكرانيا وأنياب روسيا

لم يتعرض المسلمون في بلد لأخطر وأسوء مما تعرضوا له في الأندلس من حروب إبادة وتنصير إلا ما كان ووقع على المسلمين في بلاد القفقاس وجبال الأورال وحوض نهر الأولغا والتي وقعت كلها تحت حكم القياصرة الروس، ثم ما أتبع ذلك من سياسات ملاحدة الثورة البلشفية الشيوعية وجرائم لينين وستالين بحق المسلمين وحربهم السافرة على العقيدة الإسلامية وتهجير المسلمين من بلادهم ونقل من نجا من القتل والذبح في قطارات تستخدم لنقل الحيوانات ألقت بهم في سيبيريا يقتلهم البرد والجوع والمرض، لكن ما وقع للمسلمين التتار من سكان شبه جزيرة القرم فإن إثمه يتقاسمه الروس والأوكرانيون الذين راحوا يتجاذبون فيما بينهم أيهم يفرض سيطرته على تلك الأرض الإسلامية.

لقد دخل أهالي القرم في الإسلام مختارين في العام 1443 أي قبل أن يفتح المسلمون القسطنطينية بعشر سنوات عام 1453. بلاد القرم التي تقع في الجهة الشمالية للبحر الأسود وتبلغ مساحتها مثل مساحة فلسطين التاريخية 27 ألف كيلو متر مربع.

كانت عاصمة بلاد القرم تسمى “أق مسجد” أي المسجد الأبيض ثم تحويلها إلى سيمروبول عندما احتلها الروس عام 1783 رغم أن إمارة موسكو في العام 1571 كانت تدفع الجزية سنويًا للسلطان “محمد كيراي” سلطان بلاد القرم.

بعد الحرب العالمية الأولى تم ضم بلاد القرم إلى الاتحاد السوفيتي، وفي العام 1940 وخلال الحرب العالمية الثانية قام الألمان بغزو بلاد القرم  واحتلها النازيون، وفي العام 1944 وبعد هزيمة الألمان قرّر السفّاح ستالين تهجير أهلها بدعوى ترحيبهم بالنازيين ومساندتهم لهم خلال الحرب، وفي العام 1954 قام الزعيم السوفييتي خروشوف بتقديم بلاد القرم هدية لأوكرانيا، وبعد العام 1990 الذي فيه تفكك الاتحاد السوفياتي بدأ أهلها المنفيين في سيبيريا بالعودة إلى وطنهم، وفي العام 2014 قام السفّاح بوتين باحتلال بلاد القرم زاعمًا أنها تعود ملكيتها لروسيا ومتهمًا الشيوعيين من قادة الاتحاد السوفياتي بالتفريط به.

إنهم إذن مسلمو القرم مرة تعتبرهم روسيا من رعاياها ومرة أخرى تعتبرهم أوكرانيا من رعاياها، مرة تنهش لحومهم وأعراضهم مخالب أوكرانيا ومرة تمزق أجسادهم انياب الدب الروسي.

 

الدب الروسي ووحيد القرن الأمريكي

دائمًا وأبدًا كان العالم يحكم من قبل قطبين عالميين يتقاسمان مناطق النفوذ، فكان الفرس يقابلهم الروم، وكان المسلمون يقابلهم الصليبيون وكان حلف شمال الأطلسي يقابله حلف وارسو “الاتحاد السوفيتي وشركاه” ومع خطورة هذه التحالفات وهذا الاستقطاب والذي أدى في أكثر من مرة إلى صراعات دموية إلا أنه كان كذلك يشكل قوة ردع من القوى والتحالفات لبعضها البعض، وكان هذا يصب في صالح بعض القوى الضعيفة التي كان يمكن أن تكون لقمة سائغة لواحدة من تلك القوى لولا أن ذلك كان يتعارض مع مصالح القطب الآخر فيتم التراجع عن ذلك المخطط.

ومع تفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1990 وانهيار المنظومة الاشتراكية وحلف وارسو حيث دوله الخمسة عشر قد أصبحت مستقلة، لا بل أن من تلك الدول من انتقلت إلى حلف شمال الأطلسي مثل رومانيا وبولندا وغيرها الأمر الذي جعل العالم يتحكم به قطب واحد هي أمريكا، وقد رأينا آثار ذلك بفرض عقد مؤتمر مدريد ثم اتفاقية أوسلو الكارثية التي كانت نكبة ثانية على الشعب الفلسطيني في انحياز سافر للمشروع الصهيوني على حساب قضية الفلسطينيين ثم غزو أفغانستان ثم غزو العراق وغيرها من حروب.

مما لا شك فيه أن قيام روسيا باجتياح أوكرانيا يعود إلى نفس الأسباب حيث بدأت أوكرانيا تعلن صراحة عن نيتها الدخول في حلف شمال الأطلسي مما يعني أن حلف الأطلسي سيصبح على أبواب روسيا وحدودها وهذا ما لا يريده بوتين الأمر الذي جعله يقدم على تلك الخطوة زيادة طبعًا على نزعته القيصرية واعتباره أن أوكرانيا جزء من التاريخ الروسي وأن الشيوعيين هم من سلخها عن روسيا وغير ذلك من أسباب عسكرية واقتصادية.

كان الشهيد سيد قطب رحمه الله قد ألّف كتابه الشهير بإسم -السلام العالمي والإسلام- والذي ألّفه في الخمسينات من القرن الماضي، وفيه يتوقع رحمه الله سقوط وانهيار الاتحاد السوفيتي لكنه بالمقابل يحذّر من انفراد أمريكا في الساحة الدولية بعد ذلك، فقال رحمه الله: “إنه ليس من مصلحتنا نحن ولا من مصلحة الإنسانية أن تتغلب الآن إحدى الكتلتين على الأخرى وتمحوها من الوجود محوًا، فنحن في دور استكمال وجودنا الطبيعي في الحياة واستنقاذ مصالحنا المغصوبة بأيدي المستعمرين. ليس من مصلحتنا أن تهزم الجبهة الشرقية هزيمة نهائية ولا من مصلحة الإنسانية كذلك، وإن وجود هذه الكتلة بهذه القوة في هذه الفترة لهو إحدى الضمانات لنا لنستخلص هذه الحقوق يومًا بعد يوم كما أنه الضمانة المؤقتة للبشرية ألا تسيطر عليها قوى الاستعمار الجائر الغاشم الظالم على أنني أعيذ البشرية أن يستبدّ بها الصلف الأمريكي السخيف الذي قد لا يقاس به الصلف البريطاني ذاته في أرض المستعمرات. إن عداوة الأمريكي للملونين عداوة بغيضة كريهة، وإن احتقار الملونين لتهون إلى جانبه تعاليم النازية، وإن صلف الرجل الأبيض في أمريكا ليفوق كل ما كانت تتصوره الهتلرية، وويل للبشرية يوم يوقعها سوء الطالع في ربقة هذا الصلف الأمريكاني بلا قوة في الأرض تخشى ويعمل لها حساب”. من كتاب السلام العالمي والإسلام صفحه 167.

لقد قامت أمريكا بمواجهة غير مباشرة في أفغانستان مع الاتحاد السوفياتي لمنع وصوله إلى المياه الدافئة على المحيط الهندي وذلك عبر السماح لتزويد المقاتلين الأفغان بالسلاح في ثمانينيات القرن الماضي مما أدى إلى هزيمة نكراء أدت إلى أهم أسباب تفكك الاتحاد السوفياتي لاحقًا عام 1990، وقام الاتحاد السوفياتي بأعمال مضادة، وكذلك روسيا لاحقًا لمواجهة القطب الأمريكي غير أن هذه الصراعات دائمًا ما تحدث في أراض وبلاد بعيدة عن أراضي القطبين وشعوبهم فلا يكونون هم وقود هذه الحروب وهذا ما حذّر منه سيد قطب رحمه الله من أن تدور رحى الحرب الكونية “العالمية” في: “أرض غير أرض الكتلتين، ستدور في تركيا وإيران والعراق وسوريا ومصر والشمال الأفريقي وفي باكستان وفي أفغانستان وفي منابع البترول الإيرانية والعربية وفي عبدان والظهران، إنها ستدمر مواردنا نحن وتدع أرضنا بلقعًا خرابًا يبابًا، وسواء علينا انتصرت هذه أم انتصرت تلك فسنخرج نحن من المعركة فتاتًا وحطامًا، سنكون نحن تلك الفئران الصغيرة لتجارب القنابل الذرية والقنابل الهيدروجينية”.

وإن تدخلات قوى الشرّ العالمية أمريكا وروسيا في هذه الأيام في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها فإن ظاهرها مساندة طرف على آخر ولكنها في الحقيقة هي تحقيق مصالح هذا القطب أو ذاك بينما الدمار والخراب والدمار بفعل أسلحتهم الجديدة يستعملونها لأول مرة على أجسادنا هي من شعوبنا وكل ذلك بسبب نذالة وتغطرس الطواغيت من عملاء هذا القطب أو ذاك.

وحتى لا نظلّ نحن المسلمين رهينة الاستقطاب لهذا الطرف أو ذاك، وحتى لا يظلّ الدب الروسي ولا وحيد القرن الأمريكي يتفرّدان بالعالم، فيقول الشهيد سيد قطب ما كان صحيحًا وثاقبًا يومها ويزداد صحة وصوابًا اليوم، حيث يقول: “إن طريق الخلاص هو أن تبرز إلى الوجود من أرض المعركة المنتظرة كتلة ثالثة تقول لهؤلاء ولهؤلاء لا، إننا لن نسمح لكم بأن تديروا المعركة على أشلائنا وحطامنا، إننا لن ندع مواردنا تخدم مطامعكم، ولن ندع أجسادنا تطهّر حقول ألغامكم، ولن نسلّمكم رقابنا كالخراف والجداء”. ومن هنا نفهم جيدًا العداء المشترك من روسيا وأمريكا للمشروع الإسلامي وسعيهم المشترك لإجهاض قيام كتلة إسلامية تجمع قوة المسلمين الاقتصادية والعسكرية. إن دعمهم للطواغيت العرب والمسلمين وإن حربهم للحركات الإسلامية ما هو إلا سعيّ منهم لمنع أو على الأقل تأخر ظهور القطب الثالث الذي يفرض حالة التوازن في ميزان القوى العالمي.

إن ما فعلته أوكرانيا أنها أرادت الانتقال من القطب الروسي إلى القطب الأمريكي، الأمر الذي أغضب الدب الروسي ليجعل هذه المرة من الشعب الأوكراني غير المسلم على غير العادة هم وقود هذه الحرب الطاحنة بين قطبين، فاستغل بوتين ضعف القطب الغربي الأمريكي ليضرب ضربته بما فعله وما يزال في أوكرانيا.

 

صدى المعركة

ليس كل ما يجري تكون قراءته وفق منطق السياسيين والعسكريين ولا المحللين أيًا كانت مهارتهم وإبداعاتهم، وليس ازدراء ولا عدم احترام للتخصص وإنما لأننا نؤمن نحن المسلمين أن في كل شيء يحدث في هذا الكون حكمة وإرادة الهية لا يعلمها البشر {كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُواْ شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيْـًٔا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} آية 216 سورة البقرة. {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} آية 19 سورة النساء.

لقد دارت حرب عالمية بين الفرس والروم قطبي ذلك الزمان، فالروم أهل كتاب والفرس كفّار يعبدون النار، لكن تلك الحرب وإن كانت بعيدة لكن صداها تردد في مكة فحزن المسلمون لهزيمة الروم وغلبة الفرس، بينما فرح كفّار قريش. ودارت الأيام وانتصر الروم وتغلّبوا على الفرس فتردد صدى المعركة في مكة بفرح المسلمين وحزن كفّار العرب {ألم*غُلِبَتِ الرُّومُ*فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ*بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ*وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} آية 1-6 سورة الروم.

وقبل هجرة النبي ﷺ بخمس سنوات دارت حرب بين الأوس والخزرج قطبي يثرب. استمر الإعداد والتجهيز لها شهرين كاملين، وظلّت طبول الحرب تقرع، وقد تحالف مع الأوس قبائل مُزينه وقبائل اليهود بني النضير وبني قريظة، بينما تشكّل حلف الخزرج من قبائل أشجع وجهينة، وقتل كثير من الناس ومن كبار رؤوس التحالفين فلم يصطلح الناس إلا على عبد الله بن أبي سلول ليكون ملكًا على يثرب يرضى به الطرفان، وكانوا يعدّون له تاج التنصيب سوى أن بعثة رسول الله ﷺ ثم هجرته إلى يثرب وإسلام أول الصحابة فيها قد أفسد عليه فرصته ومُلكه. أرأيتم لو أن تلك الحرب لم تقع وبقي في يثرب كثر من أمثال أبي سلول بما كان عليه من نفاق وكيد وعداء سيوجهونه ضد الإسلام؟! ألم تكن لله حكمة في أن يخلّص كلا التحالفين من رؤوس الشرّ التي كانت تسعى للزعامة على حساب عوام الناس؟! ألم تكن لله حكمة في جعل هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس على أسباب تافهة أن تجعل أهل يثرب يضعون أيديهم في يد كل من سيخلصهم من هذه الويلات، فكان رسول الله ﷺ قد جاء على قدر.

فإذا كانت حرب الفرس والروم يتردد صداها في مكة، وإذا كانت حرب الأوس والخزرج يوم بُعاث تمهد الطريق لقناعة الناس أن لا خلاص لهم إلا بالإسلام فما يدرينا لعل صدى حرب روسيا وأوكرانيا أن يتردد صداها هنا في الشرق الأوسط بل لعل الله يريد أن يشغل الظالمين روسيا وأمريكا ببعضهم، بينما هي أمور تجرى في مواقع أخرى ويهيأها الله سبحانه على عينه وبعيدًا عن أعينهم.

 

خربطة أوراق أم ترتيب أوراق

كثيرًا ما نقرًا وما نسمع هذه الأيام أن سياسة السفّاح الروسي بوتين الغامضة والتي راهن الكثيرون من سياسيي العالم وحتى قادة أوكرانيا أنها لن تصل إلى حد الاجتياح الحقيقي لأوكرانيا وإنما كان هدفها الضغط لابتزاز مواقف سياسية من أوكرانيا خاصة ومن الغرب عامة.

ليس أن بوتين قد اجتاح أوكرانيا فقط وإنما هو على استعداد على ما يبدو لمواجهة مباشرة مع الغرب، فكثيرًا ما نسمع من يقول: إن هذه الحرب خربطت “خلطت” الأوراق في العالم، وإن التحالفات السياسية والعسكرية بين الدول راحت تظهر وأن مواقف بعض الدول التي كانت غامضة فإنها اضطرت لتوضيحها حرصًا على مصالحها.

أما أنا فأرى أن ما يحصل هو ليس خربطة وخلط أوراق، وإنما هو إعادة ترتيب أوراق الكون والنظام العالمي لكن ليس بالمفهوم الروسي ولا الأمريكي.

وإذا كان الكاتب الكندي “وليام غاي كار” قد وصف قادة العالم أنهم مثل حجارة رقعة الشطرنج تتحكم بهم وتنقلهم وفق مصالحها منظمات سرية عالمية، وقد ألّف كتابه الشهير -أحجار على رقعة الشطرنج- فإنني أقول أن بوتين وبايدن وماكرون وزيلينسكي والسيسي وبشار وابن سلمان وابن زايد ونفتالي بينت وغيرهم، إن كل هؤلاء إنما هم بعض من قدر الله يحركه ويوجهه كيف يشاء سبحانه لحكمة هو يريدها ولقضاء هو قضاه.

فإذا كان القرن التاسع عشر هو قرن الرأسمالية والقرن العشرين هو قرن الشيوعية، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام بإذن الله كما قال شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي. وإذا كان القرن التاسع عشر هو قرن المسيحية والقرن العشرين هو قرن اليهودية وإقامة الكيان الصهيوني في إسرائيل على حساب نكبة شعب فلسطين، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام واقامة دولة الخلافة الإسلامية العالمية الراشدة.

لذلك فلسنا خائفين ولا قلقين

لأنك الله لا خوف ولا قلق

ولا غروب ولا ليل ولا شفق

لأنك الله قلبي كله أمل

لأنك الله روحي ملؤها الألق

إذًا هي ليست خربطة أوراق وإنما هي إعادة ترتيب أوراق كونية وإن غدًا لناظره قريب.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.

 

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى